خطوات على طريق انضاج عمل مؤسسات المجتمع المدني

| |عدد القراءات : 2112
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

خطوات على طريق انضاج عمل مؤسسات المجتمع المدني(*)

 

 

لقد تجاوزتم بفضل الله تبارك وتعالى عدة مراحل من العمل و هي مرحلة تأسيس منظمات المجتمع المدني التي تكفلت تغطية نشاطات و احتياجات متنوعة ثم مرحلة التلاقي و التعارف بينكم لتبادل الخبرات ثم مرحلة المركزية و التجميع في الهيئة المركزية لمنظمات المجتمع المدني (همم) لتنظيم العمل و توزيع الأدوار و تنويع المهام و الان تستطيعون التقدم بعدة اتجاهات :

 

الأول: إصدار كراس يعرف بطبيعة عمل مؤسسات المجتمع المدني و الأدوار التي يؤديها في حياة الامة و شرح معنى المجتمع المدني و ازالة الشبهة التي يصورها اذناب الغرب حين يجعلون المجتمع المدني مقابل المجتمع الديني فيسالون في استبياناتهم (هل تريدون مجتمعا مدنيا ام دينيا) و هذا ربما له وجه بالنسبة لهم للدور السيء الذي مارسته الكنسية للعصور الوسطى حيث وقفت حائلا دون تقدم البشرية اما الاسلام فانه كان عاملا مهما في النهضة الحضارية التي شهدتها الامة و تحولت في ظرف سنين من حالة بدائية ممزقة مختلفة الى دولة تقود العالم و نضجت بسرعة و أخذت تبني مؤسسات المجتمع المدني و دولة القانون كبيت المال و ديوان القضاء و المظالم و ديوان الجند و دار الخلافة و بيت الحكمة و غيرها.

 

و لكي يتعرف الناس على طبيعة عمل هذه المؤسسات و أهدافها لابد من تدوين كل ذلك حتى يقتنعوا بدعمها و الانضمام اليها و المساهمة في انجاح عملها و يمكن تلخيص الأهداف بما يلي:-

 

1- تغطية ساحات العمل و الأنشطة المطلوبة كلها فان انشغال الجميع بالنشاط السياسي يترك فراغا في النواحي الأخرى التي لا تقل أهمية في حياة المجتمع كالأنشطة الثقافية و الاجتماعية و الدينية و الاقتصادية و الرياضية و غيرها

 

2- توفير الفرص لأكبر عدد من الراغبين في العمل الاجتماعي و خدمة الناس قربة إلى الله تبارك و تعالى وهذا فرق الرسالي عن غيره فان الأول لا يكتفي بهداية نفسه و يقف عند هذا الحد و إنما يسعى لهداية اكبر عدد من الناس و خلق فرص الطاعة لهم لان تشكيلات العمل السياسي كالأحزاب و الحركات لا تستوعب كل الذين لديهم الهمة و الحماس للعمل فالاقتصار على هذا اللون من العمل يوجب تزاحما و تدافعا و تقاطعا فلتخفيف هذا الاحتقان نوجد منافذ أخرى من العمل مع الاحتفاظ بالحقوق السياسية لهؤلاء العاملين كحق الترشيح في الانتخابات او المناصب و نحوها وقد شرحنا تفصيله في خطاب المرحلة (103)

 

3- اننا قلنا في خطاب المرحلة (65) ان مما ينتظره الامام من شيعته نضج قابليتهم في انشاء دولة المؤسسات و القانون القائمة على اسس حضارية فأي خطوة في هذا المجال تندرج في التمهيد للظهور المبارك و سيقيم الامام دولة تبهر البشر بعظمة مؤسساتها و تجعلهم يذعنون له كما سجد سحرة فرعون لما القى كليم الله موسى عصاه و راحت تلقف ما يأفكون

 

4- ممارسة دور الرقابة على عمل المؤسسات الرسمية جميعا بعد ان تخلت الجهات المختصة بهذا المجال عن ممارسة دورها في حسابات المصالح و المحاصصات و التوافقات السياسية

 

5- في ضوء ما تقوم به هذه المؤسسات من نشاط واسع و تفصيلي فستكون مصنعا منجبا للكفاءات التي يجرب اخلاصها و حماسها و حسن ادارتها للامور و سيؤهلها لشغل الوظائف المناسبة

 

6- ان الاحزاب السياسية قد فقدت مصداقيتها و ثقة الناس بها بسبب سوء تصرفاتها و اهتمامها بمصالحها دون مصالح الشعب الذي يتطلع الى الجهات النظيفة الصادقة في القول و العمل و حينئذ ستكون هذه المؤسسات جهة موثوقة لدى الشعب لترشيح الشخصيات القادرة على نفع البلد و الشعب.

 

ان هذه الاهداف التي تحدد مسار العمل و طبيعته وبرامجه و أي غفلة عنها يوجب انحرافا في المسيرة لذلك اكد القران الكريم و المعصومون عليهم السلام على اهمية ذكر الله و انه من افضل الاعمال لان الله تعالى هو الهدف و المقصد و غاية المطلوب فذكره يعني التذكر المستمر للهدف الذي نعمل من اجله ولا نحيد عنه

 

الثاني:- ان تعمل الهيئة المركزية على تنظيم هيكلية ادارتها و عملها فتجعل لها مكتبا تنفيذيا لمتابعة القضايا التي تضطلع بها مؤسساتها لدى دوائر الدولة و وزاراتها كوزارة العمل لتسجيل العوائل المتعففة في شبكة الرعاية الاجتماعية و ديوان الوقف للمساعدة في تزويج الشباب و وزارة الهجرة و المهجرين لمساعدة العوائل المهجرة و سائر الوزارات لايجاد فرص عمل لابناء العوائل المتعففة و المحتاجة و ذوي الشهداء و السجناء و المضطهدين و المهجرين و غيرهم وان تنشيء (همم) مكتبا تنظيميا لاعداد كشف بالمؤسسات التابعة لها و نوع نشاطها و دائرة عملها لكي توزع الادوار بينها بدقة و حتى نحدد مناطق الفراغ لتملاها بالمنظمات المطلوبة و اذا وجدت اكثر من مؤسسة تعمل باتجاه واحد في مكان واحد فتحول عمل احداها على الاخرى و تفرغها لنشاط من نوع اخر وهكذا كما توجد حاجة لقسم الإحصاء الذي ينظم قاعدة بيانات للأفراد الذين يحملون مؤهلات لشغل الوظائف كمقدمة للسعي إلى توظيفهم وهكذا.

 

كما انكم بحاجة الى مركز او لجنة للبحوث والدراسات و تشخيص الظواهر المرتبطة بعملكم كمشكلة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج و ازدياد عدد الارامل و الايتام لتحليل الاسباب و وضع البرامج الكفيلة لمعالجتها وقد نقل ان عدد الارامل في سن الزواج قاربت المليون او زادت و بعضهن لا يليق بها وصف الارملة لان عمرها لم يبلغ العشرين و هذه مشكلة خطيرة تنذر بشر مستطير على المجتمع لولا بقية من دين و اخلاق و اعراف اجتماعية فلابد من المسارعة الى معالجتها قبل استفحال خطرها بحملة توعوية اولا باتجاه قبول تعدد الزوجات باعتباره حلا شريفا يحل مشكلة النساء قبل الرجال و تشجيع مشاريع الاستثمار لبناء وحدات سكنية باقساط مريحة طويلة الامد و تسجل باسم الارملة و تلغى بعض الاقساط بالانجاب و نحوها من الحلول الميسرة بلطف الله تبارك وتعالى

 

و هذا يتطلب اجراء استبيانات متواصلة تغطي كل هموم و آلام و قضايا الامة و ان يستقبل موقعكم على شبكة الاتصالات و مقركم على الارض كل المقترحات و المظالم و الشكاوى ولا احتاج الى تذكيركم بان من اعظم القربات الى الله تبارك وتعالى الاحسان الى الناس و ادخال السرور عليهم و قضاء حوائجهم و تخفيف الامهم و التفريج عن كربهم و اشرنا الى شيء من ذلك في كتاب شكوى الامام في موضوع (عناصر شخصية المسلم في المأثور عن اهل البيت عليهم السلام)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*) تقرير مختصر للكلمة التي تفضل بها سماحة الشيخ اليعقوبي لدى اجتماعه بمسؤول المنظمات المنضوية تحت عنوان الهيئة المركزية لمنظمات المجتمع المدني _(همم) يوم الاربعاء 16/شوال/1427 المصادف 8/11/2006. وحضر اللقاء اعضاء مكتب الفضلاء في بغداد.