سبل السلام (رسالة عملية تبين الهم من أحكام الشريعة)/ ح22

| |عدد القراءات : 1680
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

سبل السلام (رسالة عملية تبين الهم من أحكام الشريعة)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الفصل الثالث: تعذّر الساتر الشرعي

 

 

 

اذا لم يجد المصلي لباسا يلبسه في الصلاة، فان وجد ساتراً غيره كالحشيش وورق الشجر والطين وغيرها تَسَتَّرَ به، وصلى صلاة المختار قائماً وراكعاً وساجداً وان لم يجد ذلك أيضاً، فإن أمن الناظر المميز صلى قائما مومياً إلى الركوع والسجود والأحوط له ان يضع يديه على سوأته، والأحوط له الجمع بين صلاة المختار والإيماء. وإن لم يأمن الناظر المميز صلى جالسا مومياً إلى الركوع والسجود، والأحوط له أن يجعل ايماء السجود اخفض من ايماء الركوع. وإذا أمكنه الركوع والسجود بمقدار لا تبدو عورته ولو مع رفع ما يسجد عليه، فهو أحوط وأولى.

 

(مسألة 652) إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس، فأن إضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه، مع تأخير صلاته إلى اخر الوقت أو اليأس من تغير الحال. وان لم يضطر صلى عارياً في الأربعة الأولى بنفس الشرط وأما النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً. وفي المغصوب إذا كان هو الغاصب دون غيره.

 

(مسألة 653) الأحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل وجوده في آخر الوقت. وإذا يئس وصلى في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر أو صلى كذلك رجاء. فإن استمر العذر إلى آخر الوقت صحت صلاته، وان لم يستمر لم تصح، وعليه تكرار الصلاة، ومع الإهمال القضاء.

 

(مسألة 654) إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا ان احدهما مغصوب أو حرير أو ذهب، والآخر مما تصح الصلاة فيه. لا تجوز الصلاة في واحد منهما، بل يصلي عارياً مع اخذ ما سبق بنظر الاعتبار وان علم ان احدهما من غير المأكول والآخر من المأكول أو ان احدهما نجس والآخر طاهر، صلى في كل منها صلاة.

 

 

 

المقصد الرابع: مكان المصلي

 

(مسألة 655) لا تجوز الصلاة فريضةً أو نافلةً، في مكانٍ يكون أحد المساجد السبعة فيه مغصوبا عينا، أو منفعةً، أو لتعلق حق موجبٍ لعدم جواز التصرف فيه، ولا فرق في ذلك بين العالم بالغصب والجاهل به على الأظهر. نعم، إذا كان معتقدا عدم الغصب، أو كان ناسيا له، ولم يكن هو الغاصب صحَّت صلاته، وكذلك تصحُّ صلاة من كان مضطرَّاً أو مكرهاً على التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق.

 

(مسألة 656) الأظهر صحَّة الصلاة في المكان الَّذي يحرم المكث فيه لضررٍ على النفس، أو البدن، لحرٍ أو بردٍ أو نحو ذلك، وكذلك المكان الَّذي فيه لعب قمارٍ أو نحوه.

 

(مسألة 657) الأظهر صحَّة الصلاة فيما إذا وقعت تحت سقفٍ مغصوبٍ أو خيمةٍ مغصوبةٍ أو فضاءٍ مغصوب ٍبل في أرضٍ مغصوبةٍ، ولكن بشرط أن يكون سجوده بتمام أعضائه السبعة على الأرض المباحة، كما إذا وقف المصلي على منتهى الأرض المغصوبة ونوى الصلاة فيها، وكبَّر وقرأ وركع، وحين أراد أن يسجد تقدَّم بضع خطواتٍ فدخل في الأرض المباحة وسجد عليها، وكانت أعضاء سجوده السبعة كلها على الأرض المباحة، فإنَّ صلاته صحيحة; لأنَّ بطلان الصلاة وفسادها، بسبب غصب المكان، يدور مدار مكان المصلَّي حال سجوده بأعضائه السبعة فإن كان مغصوبا بطلت صلاته، وإلاَّ فهي صحيحةٌ، سواءً كان مكانه حال القراءة أو الركوع أو التكبير مباحاً، أم كان مغصوبا، ونقصد بالمكان ما يضع المصلي جسمه وثقله عليه، دون الفضاء والسقف والحائط والجدار وغير ذلك.

 

(مسألة 658) إذا اعتقد غصب المكان فصلى فيه، وتوفر لديه قصد القربة، صحت صلاته إن انكشف الخلاف.

 

(مسألة 659) لا يجوز لاحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن الشركاء، سواء كانت داراً أو بستاناً أو محلاً تجارياً أو غيره.

 

(مسألة 660) لا تجوز الصلاة في الأرض المجهول المالك إلا بإذن الحاكم الشرعي.

 

(مسألة 661) إذا سبق واحد إلى مكان في المسجد فغصبه منه غاصب فصلى فيه، ففي صحة صلاته إشكال.

 

(مسألة 662) إذا صلى على سقف مباح معتمد على ارض مغصوبة، فالظاهر الصحة، وان كان الأحوط أكيداً الاجتناب لو كان هو الغاصب.

 

(مسألة 663) إنَّما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة، ولو لخصوص زيدٍ المصلي، وإلاَّ فالصلاة صحيحةٌ. كما لو لم يكن منع من المالك لغير الغاصب أن يصلّي في المغصوب.

 

(مسألة 664) المراد من اذن المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات، اعم من الاذن الفعلية، بأن كان المالك ملتفتا إلى الصلاة مثلاً، وأذِنَ بها، والاذن التقديرية، بل يعلم من حاله انه لو التفت إلى التصرف لاَذِنَ فيه، فيجوز الصلاة في ملك غيره مع غفلته، اذا علم من حاله انه لو التفت لاذن. وقد سبق في الكلام عن اللباس ما يوضح ذلك.

 

 

 

(مسألة 665) تعلم الاذن في الصلاة أمّا بالقول. كأن يقول: صل في بيتي أو بالفعل، كأن يفرش له سجادة إلى القبلة. أو بشاهد الحال كما في المضائف المفتوحة الأبواب ونحوها. وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة ولا غيرها من التصرفات. ولذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض والوضوء بلا اذن، ولو تقديرية. ولا سيما إذا توقف ذلك على تغيير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر أو طي فراش أو نحوهما مما يثقل على صاحب المجلس. ومثله في الأشكال البصاق على الجدران أو الأرض المرصوفة. وكذلك الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين _مثلاً_ ولم يكن هو منهم. أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها مثل الغطاء الذي يكون على الحوض المعمول في وسط الدار أو على درج السطح أو السرداب، أو فتح بعض الغرف والدخول فيها. والحاصل انه لابد من إحراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف وكميته، وموضع الجلوس ومقداره. ومجرد فتح باب المجلس لا يدل على الرضا بكل تصرف يشاء الداخل.

 

(مسألة 666) ما يقال بأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا، تدور صحته حول إحراز الرضا أو الكراهة. ومع الشك كان للغير الأخذ بظاهر الإذن. وان احتمل كونه كارها قلباً.

 

(مسألة 667) الحمامات المفتوحة والخانات، لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها إلا بالإذن. فلا يصح الوضوء من مائها والصلاة فيها الا باذن المالك أو وكيله أو وليه. ومجرد فتح أبوابها لا يدل على الاذن في ذلك. وليست هي كالمضائف المسبّلة للانتفاع بها.

 

(مسألة 668) تجوز الصلاة في الأراضي الشاسعة المتَّسعة، والوضوء من مائها والغسل فيها والشرب منها، ممَّا جرت عليه عادة الناس مع عدم المنع والإنكار من أصحاب الأراضي والمياه، وإن كان فيهم الصغير أو المجنون، وكذلك الأراضي غير المحجَّرة، كالبساتين الَّتي لا سور لها ولا حجاب، فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها مع عدم المنع والإنكار من أصحابها. غير ان استعمال الماء اوسع من ذلك على الأظهر ان كان من قبيل النهر أو العين. فيجوز التصرف فيها حتى مع نهي المالك فضلا عن كراهته، فان الاذن الشرعي فيها موجود، كما سيأتي لدى الكلام عن الشركة العامة.

 

صلاة الرجل والمرأة متحاذيين

 

(مسألة 669) الأحوط عدم تقدم المرأة على الرجل في الصلاة او محاذاتهما مع الاختيار بل يتقدم الرجل في مسجده ولو شبر على الأقل على مسجد المرأة، والأحوط استحباباً أن يتقدم موقفه على مسجدها ولو يسيراً أو يكون بينهما حائل أو مسافة عشرة اذرع بذراع اليد، ولا فرق في ذلك بين المحارم وغيرهم، والزوج والزوجة وغيرهما والبالغين وغيرهم من الأطفال المميزين. نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم والمحاذاة فإذا كان أحدهما في موضع عال دون الآخر، على وجه لا يصدق التقدم والمحاذاة فلا بأس، والمنع هذا مختص بحال الاختيار وأما في حال الاضطرار فلا منع وكذا عند الزحام بمكة المكرمة.

 

 (مسألة 670) لا يجوز التقدم في الصلاة على قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك أو إساءة الأدب عرفا. ولا بأس به مع البعد المفرط أو الحاجب المانع الرافع لسوء الأدب. ولا يكفي فيه الضرائح المقدسة، ولا ما يحيط بها من غطاء ونحوه. وفي إلحاق المساواة بالتقدم إشكال، أظهره كون بطلان الصلاة منوطا بالهتك وسوء الأدب.

 

(مسألة 671) تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية الكريمة جواز الأكل فيها بلا اذن مع عدم النهي أو العلم بالكراهة المشددة، وهم الأب والأم والأخ والعم والخال والعمة والخالة ومن ملك الشخص مفتاح بيته أي صار تحت تصرفه، والصديق. وأما مع النهي أو العلم بالكراهة المشار إليها فلا يجوز.

 

(مسألة 672) إذا دخل المكان المغصوب جهلا أو نسيانا بتخيل الإذن، ثُمَّ التفت وعلم بعدم الإذن من المالك بالدخول فيه وأنـَّه كان في خطأ، فإن كان ذلك في سعة الوقت لا يجوز التشاغل بالصلاة فيه ويجب قطعها إن اشتغل بها، وإن كان ذلك في ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادرا إليه سالكاً أقرب الطرق، مراعيا للاستقبال بقدر الإمكان ويومئ للسجود ويركع، إلاَّ أن يستلزم ركوعه تصرفا زائدا فيومئ له حينئذٍ، وتصح صلاته ولا يجب عليه القضاء، والمراد بالضيق أن لا يتمكَّن من إدراك ركعةٍ في الوقت على تقدير تأخير الصلاة إلى ما بعد الخروج.

 

(مسألة 673) لا تعتبر الطهارة في مكان المصلي إلا مع تعدي النجاسة غير المعفو عنها إلى الثوب أو البدن. نعم تعتبر الطهارة في خصوص مسجد الجبهة ولا عفو عن شيء من النجاسة فيه، كما لا عفو عنه مع الجفاف مادام متنجساً.

 

 فروع في محل السجود

 

(مسألة 674) يعتبر في مسجد الجبهة مضافا إلى ما تقدم من الطهارة، ان يكون من الأرض أو نباتها، أو من القرطاس إذا لم يحرز ان صناعته من مواد لا يجوز السجود عليها، كالمواد الكيمياوية والملابس والقطن ونحوها.

 

(مسألة 675) الأفضل ان يكون محل السجود من التربة الحسينية على مشرفها أفضل الصلاة والتحية، فقد ورد فيها فضل عظيم، وبعدها التربة الرضوية وبعدها تربة اي من المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.

 

(مسألة 676) لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن، كالذهب والفضة وغيرهما ولا ما خرج عن اسم النبات كالرماد والفحم، وكذا لا يجوز السجود على الخزف والزجاج والآجر والجص والنورة بعد طبخها على الأحوط وجوبا. نعم، يجوز السجود عليها قبل الطبخ.

 

(مسألة 677) يعتبر في جواز السجود على النبات ان لا يكون مأكولا. كالحنطة والشعير والبقول والفواكه، ونحوها من المأكول. ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل أو احتيج في اكلها إلى عمل من الطبخ ونحوه، نعم يجوز السجود على ما لا يؤكل عادة من قشورها ونواها وعلى ما يختص بالحيوانات من غذاء كالتبن والقصيل والجت. وما يستعمل في التدخين دون الأكل كالتتن والترياك وفي جواز السجود على ما تستعمل منه السوائل دون الجوامد كالقهوة والشاي إشكال، أحوطه الترك. وكذا الإشكال فيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك، لما فيه من حسن الطعم المستوجب لإقبال النفس على أكله. ومثاله عقاقير الأدوية كورد لسان الثور وعنب الثعلب والخوبة ونحوها مما له طعم وذوق حسن، والأحوط في كل ذلك عدم الجواز، وأما ما ليس كذلك فالظاهر الجواز فيه وان استعمل للتداوي به. وكذا ما يؤكل عند الضرورة والمخمصة أو عند بعض الناس نادراً.

 

(مسألة 678) ما يستعمله البعض من النبات للمص والمضغ من دون بلع اشكال، وكذا ما يجعل سعوطاً. أحوطه المنع من السجود عليه.

 

(مسألة 679) يختص المنع من السجود بما يؤكل من النبات. دون أجزائها التي لا تؤكل. فما يؤكل ثمره يجوز السجود على ورقه وما يؤكل ورقه يجوز السجود على ساقه، وما يؤكل ورده يجوز السجود على جذره وهكذا. وكذا ما يؤكل لبه يجوز السجود على قشره ونواه إذا كان مما لا يؤكل عادة كقشر الجوز وأما ما يؤكل أحياناً كقشر الخيار و التفاح والباذنجان وغيرها، فلا يجوز.