ولله المثل الأعلى

| |عدد القراءات : 1591
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ولله المثل الأعلى(1)

 

 

 

يُروى أن السيد رضي الدين ابن طاووس ( قدس الله نفسه) ـ وهو من العلماء العارفين في القرن السابع الهجري ـ قال لولده يوماً ( ماذا تريد أن تصير في المستقبل ) فقال الولد الممتلئ فخراً وزهواً بأبيه الجامع للفضائل ( أريد أن أصبح السيد ابن طاووس ) فقال أبوه ( إذن سوف لا تصير كذلك، لأنني في بداية حياتي عزمت على أن أصبح  جعفر الصادق (عليه السلام) فأصبحت ابن طاووس فماذا ستكون إذا جعلت هدفك أن تكون ابن طاووس).

 

وهي حقيقة مجرّبة في أرض الواقع فإن الطالب الذي يجد ويجتهد في الدراسة حتى ينال مئة من مئة فإنه ربما يحصل على تسعين، فإذا تكاسل ولم يقرأ دروسه معوّلاً على الاكتفاء بستين أو خمسين فإنه قد لا يحصل على درجة النجاح.

 

وأنا اسمع كثيرين يتحدثون حينما يُسأل  من هو مثلُك  الأعلى الذي تطمح أن تصير مثله فإنه قد يسيء فيختار فناناً أو رياضياً  أو سياسياً ممن لا قيمة لهم في عالم السمو والكمال، وهذا خارج عن حديثنا أصلاً، وقد يختار عالماً أو مصلحاً ويحاول السير على خطاه ليلحق به، وهذا شيء جيد، لكنه إذا أراد الأكمل فعليه أن يجعل مثله وأسوته وقدوته  النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله المعصومين  (صلوات الله عليهم أجمعين) فيسعى بجد للسير على منهجهم والاهتداء بتعاليمهم والاقتداء بسنّتهم  التي تحكيها الكتب والروايات، وحينئذٍ سيكون له شأن يذكر.

 

أما المعصومون(صلوات الله عليهم) فقد جعلوا الله تبارك وتعالى مثلاً أعلى ـ بالمصطلح ـ لهم فإن له الأسماء الحسنى والصفات الإلهية هي المثل الأعلى  وأوصونا بذلك فقالوا (تخلقوا بأخلاق الله) وهذا هو الكمال الحقيقي ، فيتحرك الإنسان أولاً نحو التعرف على هذه الأسماء ودراسة مضامينها وآثارها العملية وكيفية الاتصاف بها، قال تعالى (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )(النحل/60) وقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(الروم/27) والله ولي التوفيق  وهو نعم المولى ونعم النصير.

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

 

(1) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي  مع وفد من المثقفين والشباب الرساليين من ناحية قلعة سكر في محافظة ذي قار يوم 6 / رجب / 1429 المصادف 10/7/2008.