المستوى الاجتماعي

| |عدد القراءات : 5803
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

من عطاء المرجعية الرشيدة

المستوى الاجتماعي

كان سماحة الشيخ (دام ظله) منفتحا ً على المجتمع متواصلا ً معه متعايشا ً مع كل شرائحه حاملا ً لآلامه وآماله، فكان ابن المجتمع رغم ان موقعه هو الحوزة العلمية في النجف الاشرف فكانت عينه راصدة لكل ما يدور في المجتمع ولكل ما يتعرض له من المشاكل والمحن والتحديات، لذلك تصدى سماحته (دام ظله) لقضايا المجتمع فاسس المشاريع وعالج المشاكل واولى ابناء الامة اهتماما ً بالغا ً مؤثرا ً اياها على نفسه وراحته فكان هو المبادر للمجتمع ولم ينتظر المجتمع لكي يطرق الباب عليه، وهنا نذكر بعضا ً من اعمال سماحته في هذا المستوى :

 

1-   اهتمامه بعوائل الشهداء الذين استشهدوا في سبيل اعلاء كلمة الحق ونصرة مذهب امير المؤمنين لاسيما الكوكبة من تلامذة وانصارالسيد الشهيد الصدر الثاني (قد) الذين لم يبخلوا بأنفسهم في سبيل العمل الاسلامي الرسالي مع مرجعهم المقدس الذي قدم روحه فداءا ً لهم وللمجتمع, فساروا على دربه ونهجوا نهجه في طلب الشهادة فقد قام صدام اللعين وجلاوزته بأعدامهم بعد مقتل السيد (قد) فظلت عوائلهم مشردة في بعض الاحيان وفي السجون احيانا ً اخرى والبعض الاخر منهم كان يلاقي المحن والويلات على ايدي الزمرة البعثية بالمتابعة والمطاردة والاستجواب والتعذيب وقطع الارزاق وهدم البيوت.

لذا كانوا بأمس الحاجة الى من يعينهم ويساعدهم على امور دنياهم لاسيما وان اغلب ابناء الشهداء كانوا من الاطفال، فلم ينسهم سماحة الشيخ (دام ظله) وكان اول المبادرين الى مساعدتهم ماديا ً ومعنويا ً وكان يرسل من يتفقدهم ويسأل عن احوالهم, واحاطهم برعاية ابوية خاصة حتى وهم في داخل السجون، واستمرت رعايته لهم حتى بعد الاحداث الاخيرة.

 

2-   اهتمامه الكبير بشريحة الشباب حيث يعتبرهم امل الامة والاساس الذي ترتكز عليه في بناء مستقبلها، فكان كثيرا ً ما يهتم بهم ويستمع اليهم والى مشاكلهم ومعاناتهم في شتى مجالات الحياة ويبذل اقصى جهده في مساعدتهم وحل مشاكلهم وانجاح مشاريعهم واسداء النصيحة لهم. كما انه كثير ما يحثهم على ضرورة التحصيل العلمي الاكاديمي لانه افضل ما يمكن ان يقوم به المؤمن في عمله الاسلامي، ويحاول ان يخلق منهم جيلا ً واعيا ً قادرا ً على تحمل المسؤولية من خلال نصائحه وارشاداته بضرورة ان يرتقي الشاب الى مستوى المؤمن الرسالي الحامل لهموم امته وامالها.

لذا نجده قد كرس جزءا ً معتدا ً به من كتبه ومحاضراته وخطاباته لهذا الغرض العظيم .

 

3-   اهتمامه الكبير بالمرآة وقضاياها: فاهتم سماحته بتفعيل دور المرأة في بناء العراق الجديد كونها تمثل نصف المجتمع ان لم يكن اكثر ولا يمكن ان ينهض مجتمع نصفه معطل، فطالب سماحته بتشكيل وزارة خاصة تعنى بشؤون المرآة واعترض على ما اقره قانون ادارة الدولة من تخصيص ربع مقاعد البرلمان للمرأة وطالب بان لا تكون نسبتها محددة بل يترك الحكم لصناديق الاقتراع لتقرر الاكفأ والاصلح سواء كان رجلا ً او امرآة ومهما بلغ عدد مقاعد كل منهما، فلربما يكون استحقاقها اكثر من الربع.

وكان سماحته (دام ظله) ولا زال يدعم العمل النسوي على جميع الاصعدة لا سيما على الصعيد الحوزوي كما هو واضح في مشروع جامعة الزهراء للعلوم الاسلامية التي تنتشر فروعها في المحافظات وتتكفل بتدريس العلوم الحوزوية للنساء وفق برنامج متطور على غرار جامعة الصدر الدينية حتى وصلت بعض النسوة فيها الى مرحلة اللمعة وهي مرحلة متقدمة في الدراسة الحوزوية.

وهناك ايضا ً رابطة بنات المصطفى بفروعها المتعددة التي تمارس نشاطات واسعة، كما ان سماحته (دام ظله) يستقبل بين الحين والاخر الوفود النسوية الزائرة له ويستمع الى افكارهن ومشاكلهن وسير العمل في مؤسساتهن ويوجه لهن النصائح ويعطي المقترحات والحلول التي تسهل عملهن وترتقي به نحو الافضل بما يخدم مصلحة الاسلام.

كما انه وجه العديد من المحاضرات والبيانات وألف العديد من الكتب التي تعالج مشاكل المرأة وتشخص الظواهر السلبية والانحرافات الاجتماعية في مجتمع المرآة وتعطي التوجيهات والنصائح الاخلاقية التي من شأنها تحرير المرآة من الجاهلية المعاصرة المتمثلة بعبادة الاوثان الحديثة كالموضة والتجديد في الازياء ومواد الزينة والولع بمشاهدة التلفزيون والمسلسلات والاغاني.

كما انه لم يتوانى في الدفاع عن المرأة ضد الموجة العارمة القادمة من الغرب والتي تستهدف المرأة وتدعو الى تحريرها من الحجاب والالتزام بالاحكام الاسلامية وتحاول اثبات ظلم الاسلام للمرأة وتفضيله للرجل عليها، فتصدى سماحته لهذه الهجمات الشنيعة ورد الشبهات الخاوية واثبت زيفها ورد للمرأة كرامتها وبين احترام الاسلام وتقديسه لها واوضح الحكمة من التشريعات الالهية لحقوقها وواجباتها.

والحديث عن اهتمام سماحة الشيخ (دام ظله) بموضوع المرآة طويل ولا يسعه هذا المختصر ولكن يمكن مراجعة بعض اصدارات سماحته بهذا الاتجاه ومنها (فلسفة تشريعات المرأة) و (دور المرأة في بناء العراق الجديد) و (سلسلة خطاب المرحلة) و (فقه المرأة المسلمة) و (فقه العائلة) و (الحوزة وقضايا الشباب) و (فقه الجامعات) و (سللة نحو مجتمع نظيف) و (سلسلة ظواهر اجتماعية منحرفة) ……الخ

4-   دعمه للعمل الجماعي المؤسساتي ودعوته المتكررة الى ضرورة تظافر جهود ابناء المجتمع وتأسيس اكبر عدد من منظمات المجتمع المدني كالروابط والتجمعات والمؤسسات الثقافية والخيرية والتي تؤدي اغراضا ً واهدافا ً عديدة تصب في خدمة المجتمع المسلم وتوعيته ورقيه كما ان مجموع هذه المؤسسات يشكل سلطة خامسة تمارس دور تقويم الانحراف والاعوجاج الذي قد تقع فيه السلطات الاربعة الاخرى ( السلطة التنفيذية , السلطة التشريعية , السلطة القضائية ، الاعلام ).

لذا رأينا العديد من الشباب المؤمن الرسالي وهم يبادرون الى انشاء وتشكيل العديد من هذه المؤسسات التي تمارس انشطة عديدة ثقافية واجتماعية وخدمية واقتصادية، ولم يكن هذا العمل على مستوى الرجال فقط بل اشتركت المرأة في العمل في العديد من هذه التشكيلات ولعل ابرز التجمعات النسوية ما يعرف برابطة بنات المصطفى.

بل انه وجه الى ضرورة اجتماع هذه المؤسسات في هيئة عامة ومركزية لغرض توجيه ودعم وتقوية العمل في جميع المؤسسات ولتشكيل قوة مؤسساتية يمكنها ان تمارس ادوارا ً عظيمة لا سيما فيما يخص المطالبة بحقوق الشعب ومراقبة عمل السلطات الحكومية وقد تحقق هذا الامر في مشروع (الهيئة المركزية لمنظمات المجتمع المدني (همم))، التي ضمت عشرات المنظمات الخيرية والثقافية التي اجتمعت لتحقيق تلك الاهداف العظيمة وهي تعمل برعاية سماحة الشيخ (دام ظله) وهو يوجهها ويناقش عملها بما يرتقي بها نحو الافضل في خدمة الامة الاسلامية.

 

5-   دعمه المادي والمعنوي لكثير من الحوزات العلمية الرجالية والنسوية ومدارس تعليم القرأن ومدارس تعليم الاطفال وغيرها من المؤسسات العلمية التي تشكلت حديثا ً بعد سقوط الطاغية، حيث تضم هذه المؤسسات والمدارس عددا ً كبيرا ً من الشباب والاطفال والنساء وهذه المؤسسات مرتبطة بشكل مباشر بسماحته (دام ظله).

 

6-   استقبالة للزائرين يوميا ً والذين يأتون الى النجف الاشرف من اماكن شتى في العراق, من القادة السياسيين وقادة الاحزاب وعلماء وطلبة الحوزة والتجمعات والمؤسسات ووفود العشائر وطلاب واساتذة الجامعات وغيرها من الوفود التي تمثل مختلف شرائح المجتمع، حيث يستمع لهم برحابة صدره ويجيب على اسئلتهم واشكالاتهم ويعطي حلولا ً للمشاكل والمعوقات التي يواجهونها في عملهم.

كما انه يذكرهم بالله وضرورة لزوم امره وطاعته والتحلي بأخلاق النبي واله وأن يكونوا واعين صابرين تجاه ما يواجههم من احداث ويذكرهم بقضيتهم الكبرى وهي انتظار الامام المهدي (عج) وضرورة الاستعداد له ويبين لهم التكليف الشرعي تجاهها، وقد سُجل بعض هذه اللقاءات في سلسلة من الاقراص الليزرية التي بلغ عددها المئات.

 

7-   مساهمته الفاعلة في حل الكثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي على جميع الاصعدة من خلال مراقبته عن كثب لكل ما يحصل في الساحة العراقية واطلاعه على المشاكل الحاصلة وابداء وجهة النظر فيها واعطاء الحلول العملية لها، وهذا يتضح بشكل جلي للمتتبع لبياناته ورسائله المختلفة الى جهات عديدة من ابناء المجتمع، فكان له دور كبير في احتواء العديد من الازمات الاجتماعية وحل بعض المشاكل العشائرية في الجنوب والتقليل من عمليات السلب والنهب من خلال نصائحه وارشاداته كما انه يتتبع عملية تبديل المناهج الدراسية، وهناك العديد من المواقف الجلية لسماحته في حل مشاكل المجتمع التي لا يسع المقام لذكرها ، وهذا انما يدل على عمق انتماء سماحته (دام ظله) لوطنه ومجتمعه ورأفته وحرصه على ابناء بلده وانشاده الخير لهم.

 

8-   اهتمامه البالغ بالجامعات العراقية باعتبارها الواجهة الحضارية للمجتمع ومركز تجمع الشباب الواعي المثقف، فيوصي سماحته الطلبة بضرورة الاهتمام بالتحصيل الاكاديمي ويوصيهم بالالتزام بالاخلاق الفاضلة لان العلم وحده لايكفي ويوصيهم بضرورة ابعاد الجامعات عن التناحرات الحزبية والصراعات السياسية.

ويمكن مراجعة الرسالة التي بعثها سماحته الى رؤوساء الجامعات والتي وجه من خلالها مقترحاته الهادفة الى ترقية المستوى العلمي والاخلاقي والفكري لطلبتها كما ذكر فيها المشاكل التي يعاني منها الطلبة وابدى مقترحاته لمعالجة هذه المشاكل .

 

9-   مساهمته الفاعلة في حل ازمات البلاد لا سيما ازمة النجف فقد كان سماحته (دام ظله) من انصح الناس في التعامل مع الاحداث واكثرهم انصافا ً وابتعادا ً عن الانانية فقد كان رأيه منذ ان بدأت المواجهات في شهر صفر من عام 1425 هو العمل من اجل احتواء الموقف وحل الازمة سياسيا ً مع تفهم كامل للمطالب المعروضة.

وقد اجرى اتصالات مكثفة لتحقيق ذلك والمنع من انفلات الامور عن السيطرة وانزلاق الامة الى هاوية خطيرة لم تحسب لها وحلول كوارث لا يعلم مدى فضاعتها الا الله تبارك وتعالى خصوصا ً وان الاعداء محيطون بالامة ويتربصون بها الدوائر.

وقد اصدر سماحته ثلاث بيانات حول هذه الاحداث وطالب مجلس الحكم انذاك بتشكيل لجنة تناقش هذه القضية وتطلب من قوات الاحتلال وقف اعتداءاتها واقتحامها للمدن خصوصا ً مكاتب السيد الشهيد الصدر (قد) التي لها معنى كبير في قلوب محبيه الذين عاشوا حبه لهم وتضحيته من اجل هدايتهم وانقاذهم من عبادة الطاغوت.

وقد كان لهذه المساعي الدور الهام في اطفاء نار الازمة والحفاظ على المؤمنين الرساليين الذين ضحى العلماء في سبيل تربيتهم واعدادهم.

 

10- ايعازه الى مجموعة من المهندسين المؤمنين بتشكيل تجمع المهندسين الاسلامي وهو تجمع يضم نخبة صالحة وكفوءة ومخلصة من المهندسين ينتظمون في اطار العمل المؤسساتي ليكون لهم مصدر قوة وفاعلية في بناء المستقبل العراقي كونهم يمثلون الحجر الاساس في عملية التغيير واعادة اعمار العراق ويقع عليهم العبئ الاكبر لان شريحة المهندسين تعد من اعظم الشرائح الاجتماعية سعة ً وامتدادا ً وتأثيرا ً وهم يلعبون دورا ً كبيرا ً في قيادة الدولة ووزاراتها وخير شاهد انهم يديرون على الاقل سبع وزارات في حين ان المهن الاخرى تخصها وزارة واحدة.

وقد تحقق هذا الامر على ارض الواقع وأنشئ (تجمع المهندسين الاسلامي) في بغداد وبعض المحافظات وهو يهدف الى رعاية حقوق المهندسين والدفاع عنهم وتحشيد خبراتهم ومهاراتهم لبناء المستقبل المشرق وانضاج عمله ليتسلم الحصة الاوفر من مشاريع الاعمار وانقاذ ثروة البلد من الفاسدين الذين يسرقون اموال الشعب بشركات ومشاريع وهمية او ينفذونها بدون مراعاة الشروط والمواصفات الفنية.

ويمثل هذا التجمع ميدان رائع لخلق القيادات الصالحة الكفوءة التي من المؤمل ان تنال ثقة الجماهير وحبها واحترامها وعندها سوف لا تتردد في انتخابها لقيادة البلد، كما ان سماحته (دام ظله) يلتقي بشكل دائم بقيادات واعضاء التجمع ويرشدهم ويدفعهم نحو العمل المخلص وخدمة الصالح العام ويتابع اعمالهم ويوجههم لما فيه خيرهم ونهوضهم وتقدمهم .

 

 

11- طرحه لمشروع التعايش السلمي والوحدة الوطنية بين ابناء الشعب العراقي بعد الوضع المأساوي الذي وصلت اليه الحالة العراقية وهو بديل لمشروع المصالحة الوطنية الذي لم يحقق أي نجاح يذكر لانه لم يبنى على اسس صحيحة، فاقترح سماحته (دام ظله) البدء بمشروع حل الازمة في محافظة معينة وتهيئة اسباب النجاح لها وبالتالي تعميمه على باقي المحافظات ان نجح.

وقد اختار سماحته (دام ظله) محافظة البصرة الفيحاء كنموذج صالح لقيادة هذا المشروع وذلك لوعي اهلها ووطنيتهم المشهود لها وحرصهم على تنظيف مدينتهم من كل مظاهر العنف والتخريب والاضطراب والارباك والفساد، وقد تحرك سماحته (دام ظله) بشكل عملي لهذا المشروع وبعث وفدا ً من طلبة الحوزة العلمية وبعض الاساتذة الاكاديمين للقاء محافظ البصرة ورئيس واعضاء مجلس المحافظة والواجهات الدينية والسياسية والعشائرية في المحافظة ودعوتهم الى تبني المشروع على انه مشروعهم وقد بين سماحته انه مشروع ايجابي وهو بمثابة صدقة جارية تعود بالنفع على مؤسسيه والعاملين على نجاحه .