المستوى الديـنـي

| |عدد القراءات : 6993
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

من عطاء المرجعية الرشيدة

 

المستوى الديـنـي



انطلق سماحة الشيخ بعد استشهاد السيد الصدر الثاني (قد) للاستمرار بمشروع استاذه العظيم في نشر حالة التدين وايصال امور الدين واحكامه وتعاليمه الى كل ابناء المجتمع، فتطرق سماحته من خلال كتاباته ومحاضراته الى العديد من الامور التي غابت عن اذهان المجتمع رغم اهميتها، وعالج الكثيرمن القضايا والمشاكل التي تعصف بالمجتمع على المستوى الاخلاقي والفكري مستخدما ً الاساليب والاليات المتعددة ، فكانت له الكثير من الاعمال والمشاريع اهمها :

1 -
اثارته لموضوع القرآن الكريم ودعوته الناس للعودة الى كتاب الله والعمل بتعاليمه والاستنارة بنوره المبارك حتى لا يكونوا ممن يشكوهم القرآن يوم القيامة، فقد القى سماحته (دام ظله) مجموعة من المحاضرات على طلبة الحوزة العلمية في عهد النظام البائد في خصوص هذا الموضوع وطبعت بمجموعها في كتاب قيم وثمين عنوانه (شكوى القرأن) والذي عرض فيه هذه الشكوى وحاجة المجتمع الى ان يعود القران الى حياتهم فكرا ً وعملا ً، واوضح دواعي الاهتمام بالقرآن والتي منها انه العلاج الناجح لامراض البشرية النفسية والاجتماعية والروحية، وانه مما لا يستغني عنه طالب الكمال والسعادة الابدية.
وهو رسالة الحبيب المطلق، والانسان لا يمل من اعادة قراءة رسالة حبيبه، وان في قراءة القران وتدبر اياته الثواب العظيم والاجر الجزيل وانه حيا ً خالدا ً لكل زمان ومكان ويستفاد منه الحلول الدائمية المستمرة للمواقف المتجددة، وما احوجنا اليوم الى هذه الحلول المباركة في المواقف العصيبة التي نمر بها، كذلك فان فيه اسرار من مختلف العلوم والمعارف، ولا يسعنا في هذه العجالة ان نذكر المزيد مما ورد في هذا الكتاب الثمين فانه موجود لمن اراد الاستزادة.

2-
اهتمامه الكبير بتفعيل دور المساجد في حياة المسلمين والاستفادة من الخدمات الجليلة التي يقدمها المسجد للامة، حيث وجه سماحته المسلمين الى ضرورة احياء المساجد وتفعيل دورها لكي لا تشكوهم يوم القيامة وذلك من خلال مجموعة المحاضرات التي القاها في هذا الخصوص وترجمها بكتاب (شكوى المسجد) الذي بين فيه مكانة المسجد في حياة المسلمين الاوائل وكيف انه كان مقر القيادة والتبليغ ومنطلق الجيوش في عصر صدر الاسلام ثم اشار الى جملة من الفوائد الفردية المترتبة على حضور الناس في المساجد في الجوانب الاخلاقية والروحية والتربوية والعلمية.
وكذلك اشار الى الفوائد الاجتماعية التي تعود على الامة كتقوية الاواصر الاخوية والترابط الاجتماعي بين المسلمين واداء فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واطلاعهم على القضايا المعاصرة المهمة في حياتهم وسهولة اتصالهم بالحوزة العلمية، واوضح فيه دور المجتمع وتكليفه في اعمار المساجد بالحضور فيه والتفاعل معه في تحقيق الفوائد المترتبة.
وحث على بناء وتكثير المساجد وعلى السعي اليها وعدم هجرها، ثم بين سماحته دور الحوزة العلمية في احياء المساجد وكيف يمكن ان يكون المسجد الاداة الرابطة الفعالة بين الحوزة والمجتمع، ودور امام الجماعة في المجتمع ومسؤولياته في المسجد، الى غير ذلك من الامور المتعلقة بالمسجد.
ولعل ما نشاهده من افول لدور المسجد في حياة الامة في وقتنا الحالي دليل على اهمية ما طرحه سماحته (دام ظله) بهذا الصدد.

3-
اهتمامه بقضية الامام المهدي (عج) والتمهيد لظهوره الميمون لما يعتقده سماحته من قرب الظهور المبارك بعد تحقق الكثير من علاماته وتوفر بعض شروطه، فنجد سماحته يحث المجتمع والحوزة على اثارة قضية الامام المهدي (عج) والدفاع عنها وتثبيتها وبيان التكليف تجاهها واكثار ذكره والتوسل به واستدرار الطافه.
كما انه رد الكثير من الشبهات الموجهة لقضية الامام (عج) والتي من شأنها ابعاد الناس وعنه وتنفيرهم منه (عج) كما اوضح وبين الامور التي يشكو منها الامام شيعته وبين واجبات الامة لتلافي وتجاوز تلك الامور بحيث يرتقي المجتمع الى المستوى المطلوب المؤهل لنصرة الامام (عج).
وهو مستمر ببيان التكليف الفردي والاجتماعي تجاه الامام وقضيته في كل الاوقات، ويظهر هذا الاهتمام الكبير بقضية الامام (عج) جليا ً في كتاب (شكوى الامام ) وكتاب (نحن والغرب) وبيان (ما الذي ينتظره الامام من شيعته) وبيان (نحن بحاجة الى مشاريع اعمار كما نحن بحاجة الى مشاريع استشهاد) .

4-
احياءه للفقه الاجتماعي الذي يتضمن التكاليف المتوجهة الى المجتمع بما هو مركب ومترابط الاجزاء، حيث يعتبر سماحته ان الفقه الاجتماعي ضرورة حضارية للمجتمع الاسلامي لا سيما وهو يخوض صراع حضاري مع الغرب، أي انه صراع بين مجتمعات وليس بين افراد ، فيرى ان من الضروري ان يعرف المجتمع المسلم ما هو تكليفه العام في هذا الصراع.
وقد بين سماحته الاسس العامة للفقه الاجتماعي في احدى محاضراته والتي طبعت في كتاب (نحن والغرب)، حيث طرح سماحته الاغراض التي دعته الى تفعيل هذا الموضوع والتي منها ان اهتمام الشريعة بالمصلحة العامة اكثر من المصلحة الشخصية بحيث يضحي بالثانية عند معارضتها للاولى كحفظ النظام وولاية الفقيه، والغرض الاخر هو ان الحضارات التي تتصارع معها الحضارة الاسلامية لها ثقافتها وافكارها ونظرياتها والتي يجب ان تعامل وتواجه بنظريات وليس بمسائل متفرقة وفردية، فان الفقه الاجتماعي يساعد على تأسيس نظريات اسلامية في الاجتماع والاقتصاد والسياسة والتي سوف يكون لها الدور البارز في مجابهة نظريات الغرب الكافر.
والغرض الاخر هو حل المشاكل التي تواجه المجتمع والتي لا يمكن حلها باصدار فتوى الحرمة بل لا بد من وضع نظرية متكاملة للحل تستند الى الشريعة المقدسة وتعالج المشكلة من جميع جوانبها كمشاكل الانحراف الجنسي والفساد الاخلاقي والمعاملات المصرفية المخالفة للشريعة.
كما يرى سماحته ان الفقه الاجتماعي يثري البشرية بعطاء لا حدود له لانه يستند الى شريعة صادرة من اللامتناهي وقابلة للاستمرار على الحياة واستيعاب كل الوقائع، وقد كان لهذا التوجه الاجتماعي لدى سماحته اثر في كتاباته الفقهية فاصدر العشرات منها على شكل مجموعة فتاوى متوجهة الى شريحة اجتماعية معينة، ومن هذه الكتب (فقه الموظفين) و(فقه العمال) و(فقه المزارعين) و(فقه الشرطة) و(فقه الجامعات) و(فقه المصورين) (الفقه وصالونات الحلاقة) و( فقه تجار العتيق) و(قيادة السيارات: احكام واداب) و(فقه المرآة المسلمة) و(فقه الصيادين) و(فقه العائلة) و(فقه التعامل بالدولار) وغيرها من الكتب بهذا الاتجاه.


5 -
تشخيصه للظواهر السلبية المنتشرة في اوساط المجتمع وتنبيهه اياهم الى ضرورة محاربتها والتخلي عنها من خلال اصداره الفتاوى المناسبة لهذه الظواهر ومن خلال وضعه للنظريات الميدانية لاجتنابها، حيث يرى سماحته (دام ظله) ان اصدار الفتوى ليس كافيا ً بل لا بد من تحليل المشكلة وايجاد العلاج الميداني باستقراء الشريعة الاسلامية ووضع منهج عملي للقضاء على هذه الظواهر.
فمثلا ً ظاهرة الفساد الاخلاقي والمشاكل الجنسية، فانه لم يكتف باصدار فتوى التحريم للاعمال المخالفة للشريعة المقدسة بل بادر الى علاج عملي للقضاء عليها عندما طرح موضوع تزويج الشباب فنراه يحثهم ويشجعهم على هذا الموضوع من خلال المحاضرات الاسلامية التي كان يلقيها ويطرح الاسباب والمشاكل الحائلة دون انجاز هذا المشروع ويعطيهم الحلول العملية بحيث ناقش الموضوع بكامل تفاصيله وجزئياته ، بالاضافة الى دعوته الى تأسيس مشاريع خيرية اقتصادية لدعم مشروع تزويج الشباب كالسلف ومساعدة الحوزة العلمية، وانشاء محال لنجارة غرف النوم وبيعها بالتقسيط وباسعار زهيدة الى غيرها من الامور، وهذه ظاهرة واحدة على سبيل المثال لا الحصر ذكرناها من عدد من الظواهر السلبية التي عالجها وناقشها سماحته ونجد الكثير منها مطروحة في العديد من محاضراته وكتيباته ( سلسلة ظواهر اجتماعية منحرفة) و( سلسلة نحو مجتمع نظيف) و (الفقه الاجتماعي بين السائل والمجيب) و ( موعظة وارشاد في فصل الصيف) و(الحوزة وقضايا الشباب).

6 -
كشفه للعديد من مخططات الغرب وتحليله لاعمالهم وتصريحاتهم وايضاحه لاساليبهم الخداعة وبيانه تكليف المجتمع لاحباط هذه المخططات ولاجل الحذر من اعمالهم العدوانية اللئيمة، فقد بدأ سماحته قبل عدة شهور من الحرب الامريكية على العراق بشرح ابعاد الهجمة الشرسة لامريكا وحلفاءها على المجتمع الاسلامي عموما ً والمجتمع العراقي خصوصا ً كونه يحتضن الامام صاحب الامر (عج) عند ظهوره المبارك، وبين الاساليب الخداعة والعناوين المضللة والمموهة التي يستطيعون بها تمرير مخططاتهم وتحشيد اكبر عدد من المؤيدين لها، كما نبه المجتمع المسلم على موضوع صراع الحضارات الذي يتبناه ساسة الغرب والذي اعلنوه في منتصف التسعينيات والذي كان له الاثر الكبير في تبدل السياسة الامريكية بحيث اصبحوا هم المهاجمين لمن يعارض حضارتهم وثقافتهم وسياستهم، في طريقهم لتغيير العالم بحيث يصبح باجمعه خاضعا ً لهم وسائرا ً على نهجهم في جميع ميادين الحياة وهذا ما يسمى حاليا ً بالعولمة.
لذا شمر سماحة الشيخ (دام ظله) عن ساعديه وبدأ بتحليل افكارهم واعمالهم وبيان اهدافهم الدنيئة حتى يكون المسلمون على بينة من امرهم، وبين موقعهم من هذا الصراع ودورهم الذي يجب ان يؤدوه حيث تضاعفت المسؤولية عليه في ظل هذا الصراع كما حدد المحاور التي يجب على كل من الحوزة والمجتمع ان يكرسوا لها جهدهم، وكتابه (نحن والغرب) يحوي في طياته تفاصيل كثيرة وشواهد عديدة تبين هذا الموضوع بشكل تفصيلي.
واستمر سماحته بهذا المشروع بعد سقوط اللانظام وما زال يحذر من اساليب الغرب ويبين الكثير من الاعيبهم ومكائدهم ويوصله الى المجتمع المسلم ويوضح لهم دورهم في صد ورد هذه المخططات، واكثرها مذكور في سلسلة بيانات سماحة الشيخ (دام ظله) بعد سقوط النظام المطبوعة في كتاب (خطاب المرحلة) بأجزاءه المتعددة وكراس (الاستماع الى الاخبار في اوقات الازمات) وكتاب (ملامح من تاريخ وخطاب القيادة الدينية في العراق الجديد).

7 -
تأسيسه لمشروع اذاعة البلاد والتي تهدف الى ايصال صوت اهل البيت والصوت الحوزوي الاصيل الى كل مكان وفي داخل كل بيت كما يهدف الى ايصال فتاوى المرجعية الدينية وبياناتها وتحركاتها واعمالها ليكونوا على صلة دائمة ومستمرة بالحوزة الشريفة ولو تحدثنا عن المواضيع التي تطرحها هذه الاذاعة من خلال برامجها المتنوعة لطال بنا المقام ولكن المهم هو انها شاملة تقريبا ً لكل ما يحتاجه الفرد والمجتمع المسلم من علوم الفقه والعقائد والتاريخ والنحو والتفسير والاخلاق والوعي الحركي الاجتماعي والسياسة والاقتصاد والثقافة العامة وباقي حقول العلم والمعرفة بحيث اصبحت الاذاعة المفضلة للكثير من ابناء مجتمعنا.

8 -
تركيزه على ضرورة فهم الادوار المختلفة للائمة المعصومين باختلاف الظروف واستيعاب تلك الادوار للاستفادة منها في معرفة التكليف الاسلامي للفرد والمجتمع في وقتنا الحاضر حيث يقول سماحته (( المصدر الذي ننطلق منه لمعرفة تكليفنا ودورنا وعملنا هي سيرة المعصومين لانهم اعدال الكتاب وصنوه )) ويقول ((ان سيرة اهل البيت لم تترك حالة او واقعة او موقفا ً الا وتجد في سيرتهم حكمه ورأي الشريعة حتى ورد عنهم انه ما من واقعة الا ولله فيها حكم )).
لذلك ومن اجل هذا الهدف السامي باشر سماحته بعد سقوط النظام البعثي مباشرة بإلقاء محاضرات تركز على هذا الجانب عنوانها ((دور الائمة في الحياة الاسلامية )) وطبعت في كتاب يحمل نفس العنوان والذي هو بالاصل بحث مختصر للسيد الشهيد الصدر الاول (قد) , قام سماحته بتوسيعه وذكر الشواهد عليه واستقراء المفردات التفصيلية من حياة الائمة .
فكان كتابه هذا قراءة تحليلية لسيرة الائمة لاستنباط الادوار المتنوعة لهم والتي تنتظم ضمن اهداف محددة وهذا الكتاب مما لا يستغني عنه القادة ليعرفوا كيف يتصرفون في المواقف وما هي مسؤولياتهم ووظائفهم وكذلك يستفاد منه المربون والعلماء والفقهاء والرساليون , فيقول سماحته معلقا ً على الكتاب (( لقد لمست بركاته في حياتي ولازلت انهل منه واجد في طياته كل ما احتاج له ولم تصبني حيرة او تردد برغم المشاكل المعقدة التي تعيشها الامة الاسلامية والاضطراب الذي يعاني منه العراق في ظل الاحتلال المتغطرس وتخريب المنافقين والمرتزقة وحماقات الجهلة والنزقين )).
فكان سماحته ينهل من هذه الادوار والمواقف في جميع الظروف والاحوال ويبني تصرفاته وردود افعاله عليها لذا نجد ان مواقف سماحته كانت مواقف حكيمة وواعية وناظرة للمصلحة العامة ومصلحة الاسلام فكانت هذه المواقف مقبولة لدى اغلب الاطراف الموجودة في الساحة، كما وقد صدرت له بيانات وكتب تحث على الاستفادة من ادوار النبي والائمة في وقتنا الحالي منها كتاب (الاسوة الحسنة للقادة والمصلحين) وبيان (ماذا نستفيد من حياة الامام السجاد) وبيان (صور من نشاط الامام الصادق ).

9 -
تأكيده الشديد على حضور صلاة الجمعة التي احياها في العراق استاذه السيد الشهيد الصدر الثاني (قد)، فنرى ان سماحته (دام ظله) قد اهتم بهذه الشعيرة المقدسة اهتماما ً بالغا ً عن طريق حثه المتواصل لابناء المجتمع على ضرورة الحضور اسبوعيا ً لصلاة الجمعة لما فيها من الفوائد الدنيوية والثواب الاخروي والاتصال بالحوزة والتفاعل الاجتماعي وتوثيق روابط الوحدة بين ابناء المجتمع والذي نحن احوج ما نكون اليه في الوقت الحالي.
ولان منبر الجمعة يمثل لسان الحوزة الناطق والذي عن طريقه تصل توجيهات المرجعية المباركة واوامرها الرشيدة، حتى ان سماحته لا يستقبل زواره في برانيه يوم الجمعة خلافا ً لباقي الايام لانه يريد من الجميع ان يكونوا حاضرين في المساجد لاداء صلوات الجمعة، كما انه يشرف على تعيين الخطباء ويوجههم ويقيم خطاباتهم التي لازالت قائمة في جامع الرحمن ببغداد وبعض المحافظات.
كما انه افتى بوجوب صلاة الجمعة وجوبا ً عينيا ً على كل مسلم الا من كان لديه عذر، بعد ان خاض في هذه المسألة رحلة في البحث الفقهي الاستدلالي المطبوع في كتاب (الفريضة المعطلة) فاستدل بان صلاة الجمعة واجبة وجوبا ً عينيا ً ، كما ان سماحته (دام ظله) كان من اوائل المبادرين الى اقامة صلاه الجمعة عندما اقامها في الكاظمية بعد اسبوعين من سقوط الطاغية، ولكن اسبابا ً حالت دون اقامته للصلاة بنفسه فيما بعد لا نريد الخوض فيها، فالمهم انه كان ولايزال يؤكد من خلال كتاباته وبياناته ومحاضراته التي يلقيها على الوفود الزائرة على ضرورة المحافظة على هذه الشعيرة المقدسة .

10 -
تأكيده على ضرورة اقامة وادامة الشعائر الحسينية وان لا تفوتنا فرصة او مناسبة دينية الا واقمنا فيها تلك الشعائر لما يراه سماحته (دام ظله) من دورها الرئيسي في مواجهة الهجمة الغربية الشرسة على امتنا الاسلامية، كذلك فانه يريد ان تكون تلك الشعائر واعية بحيث ترسخ اهداف الحسين ومبادئه في اذهان المجتمع لاسيما المسيرات الراجلة الى كربلاء المقدسة.
فيرى سماحته (دام ظله) ان هذه المسيرات ظاهرة حضارية يمكن ان توصل صوت اهل البيت الى كل انحاء العالم ويمكن للامة بواسطتها التعبير عن مطالبها واستنقاذ حقوقها حتى ان الشعوب في الوقت الحاضر بدأت تستفيد من تلك المسيرات في تحررها من المحتلين ومن الانظمة الدكتاتورية المستبدة، فبواسطة هذه المسيرات اسقط السيد الخميني (قد) نظام الشاه، وبها حرر غاندي الهند من الاحتلال البريطاني، وبها تمكن شعب جنوب لبنان من طرد اسرائيل واستعادة اراضيهم المحتلة.
كما انه (دام ظله) يؤكد على ضرورة الرقي بمستوى خطابة المنبر الحسيني بما يلائم تحديات المرحلة الراهنة بحيث يمتزج الوعي بالعاطفة فتتكامل اسباب التأثير في المجتمع الذي يجب ان يواجه هذه التحديات بايمان وصبر وعزيمة مستمدة من سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين ، كما ان سماحته شخص العديد من الامور والظواهر غير الصحيحة التي ترافق مجالس العزاء الرجالية والنسوية واعطى التوجيهات المناسبة لتجاوز تلك الظواهر والتخلص من اثارها السلبية.
كما نبه (دام ظله) الخطباء والمؤسسين للمجالس والقائمين على احياء الشعائر والمشاركين فيها الى العديد من الامور الفقهية والاخلاقية التي تجعل تلك المجالس والشعائر اكثر ثوابا ً واكثر فائدة ً وعطاءا ً واكثر تأثيرا ً في النفوس والمجتمع، كما انه رد على العديد من الشبهات المثارة حول الشعائر الحسينية، راجع كتاب (ظواهر اجتماعية منحرفة / 2 ) وكتاب (نصائح ووصايا الى الخطباء).

11 -
دفاعه عن الاسلام عموما ً والتشيع خصوصا ً فاذا ما سمع تصريحا ً او رأيا ً يتعارض وروح الشريعة الاسلامية او يهدف الى ابعاد الناس عن هذه الشريعة او يهدف الى الاساءة اليها او لمذهب اهل البيت او المرجعية الدينية فانه لا يتوانى عن الرد المباشر او ابداء النصيحة لهؤلاء لرد كيدهم وانقاذ الناس وتحذيرهم من افكارهم المضللة.
والمواقف في هذا الصدد عديدة منها رسالته الى وزير التربية في عهد الحكم البعثي بعد ان اصدرت الوزارة قرارا ً بمنع ارتداء الحجاب في صور البطاقة المدرسية لغرض اداء الامتحانات الوزارية، ولم يخشَ ما قد يحصل له من جراء هذا الاعتراض.
وكذلك انتقاداته الشديدة لتلفزيون الشباب الذي كان يشرف عليه ابن الطاغية الملعون بسبب ما كان يعرضه من امور مخالفة للشريعة ومخلة بالاخلاق وملهية للناس عن عبادتهم ورده للكثير من الشبهات التي وجهت للمرآة وتصديه للافكار التي يروجها دعاة الفكر العلماني الذين يهدفون الى فصل الدين عن السياسة وابعاد علماء الدين عن العملية السياسية حتى يسهل عليهم تمرير مخططاتهم بالاضافة الى ردوده المتعددة على اولئك الذين يشوهون سمعة المرجعية الدينية ويهدفون الى فصلها عن الجماهير من خلال بياناته ومحاضراته العديدة، بالاضافة الى العديد من المواقف العظيمة التي لا مجال لذكرها في هذا المختصر والتي يمكن مراجعتها في اصداراته وبياناته لاسيما (سلسلة خطاب المرحلة)، وهذه الردود والمواقف انما تكشف عن غيرته ودفاعه عن الدين واستعداده للتضحية وتحمل الاذى في سبيل دينه ومذهبه.

12 -
الانفتاح الواسع على القواعد الجماهيرية ومخاطبتهم بصورة مباشرة أي انه اوجد مرجعية منفتحة معطاءة للجماهير في جميع الاوقات والظروف, وهو بذلك يسير بسيرة استاذه الشهيد الصدر الثاني (قد) الذي جسد تلك المرجعية المنفتحة على ارض الواقع وبصورة منقطعة النظير لازالت ايامها راسخة في ذاكرة الجماهير المؤمنة.
فنرى سماحة الشيخ دؤوب العمل من اجل خدمة الجماهير التي تنتظر منه في كل يوم شيء جديد , فرغم قصر الفترة التي تصدى فيها سماحته (دام ظله) للمرجعية الا انه اصدر العشرات من الكتب في شتى المواضيع ( وقد ذكرنا في طيات موضوعنا عدد منها)، والجدير بالذكر ان اغلب هذه الكتب صدرت في زمن الطاغية مما يدل على شجاعته واستمراره على نهج استاذه في مشروع الحوزة الناطقة، والقى العشرات من المحاضرات في الاخلاق والعقائد والوعي الاجتماعي والسياسي والتي طبع بعضها في كتب (من وحي الغدير ) و (من وحي المناسبات) و( نحن والغرب)، واصدر رسالته العملية الموسومة (سبل السلام) على شكل حلقات في نشرة الصادقين .
كما اصدر سماحته (دام ظله) ما يزيد على المئة والعشرين من البيانات حول مختلف القضايا والاوضاع التي حصلت في الساحة العراقية بالاضافة الى توجيهه العديد من الكلمات (اكثر من 300 كلمة سُجل اغلبها في اقراص ليزرية) الى الوفود الزائرة لسماحته في معظم ايام الاسبوع والتي تمثل مختلف الشرائح الاجتماعية، وله المئات من الاستفتاءات التي اجاب عليها في شتى المواضيع واغلب هذه الاسفتاءات صدرت في زمن الطاغية وقد جُمع قسم منها وطبع في كتاب (الفقه الاجتماعي بين السائل والمجيب).
كما وجه العديد من الاوامر والتوجيهات الى الجماهير المؤمنة كتنظيم التظاهرات واقامة صلوات الجمعة الموحدة واقامة الشعائر المنظمة والزيارات ومواكب طلبة الجامعات ووجه العديد من الرسائل الى مختلف الشخصيات والكيانات لاغراض النصح والارشاد والتذكير والرد، وله الكثير من الابحاث والمؤلفات في شتى المواضيع الاسلامية والتي اغنت بدورها المكتبة الاسلامية.

13-
الدعوة العالمية للاسلام والتصدي لمصالح الاسلام العليا والتواصل مع العالم الخارجي ، فلم يكتف سماحته (دام ظله) بالتصدي لامور المسلمين في داخل العراق فقط بل كان همه اكبر من ذلك فتصدى الى مصالح الاسلام العليا في خارج العراق وتحرك للدفاع عن الاسلام وعن مقدساته ورد الكثير من الشبهات الموجهة اليه ووجه العديد من النداءات والنصائح التي تهدف الى تقوية دعائم الاسلام ونشره الى بقاع العالم.
وحمل هموم المسلمين في الخارج وهم يتعرضون الى تحديات كبيرة ومخاطر عظيمة من قتل وتشريد وحرمان وضغوطات وسلب حقوق، ويتجلى هذا العمل في العديد من المواقف العظيمة لسماحته في هذا الاتجاه نذكر فيما يلي بعضا ً منها وباختصار:
أ - رسالته الى رئيس الجمهورية الفرنسية جاك شيراك بعد ان منعت فرنسا ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات واوضح له ان هذا القرار الصادر من حكومته مخالف لكل الشرائع الدينية، ومخالف للقوانين الديمقراطية التي يتبنونها في بلدانهم .
ب - رده على الرسالة التي بعثها اليه احمد الكاتب الذي شكك فيها بموضوع ضرب الزهراء و قتلها على يد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وشكك كذلك بوجود الامام المهدي (عج)، فاجاب سماحته (دام ظله) على هذين الاشكالين في رسالة الرد .
ج - رسالته الى مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي عقد في طهران برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية للفترة بين 15 – 17 ربيع الاول عام 1426 ،حيث اغتنم سماحته (دام ظله) هذه الفرصة ليعبر من خلال رسالته عن هموم الشعب العراقي وما يعيشه من تحديات عقب سقوط الطاغية وتواجد قوات الاحتلال وعبر عن هموم الاسلام وما يتعرض له من انتهاك مقدساته واستهداف رموزه وعبر عن فهمه للوحدة الحقيقية وذلك بان يكون الدعاة لها صادقين فيها وذلك بخلق ثقافة المحبة الاخوة واحترام الرآي الاخر والشراكة معه والتي لا يمكن تحقيقها الا بقيام صُنـ`ـاع الرأي في الامة من علماء ومفكرين وكتاب وخطباء وادباء وصحفيين واعلاميين في اشاعة هذه الاجواء الايجابية وحينئذ ستتوجه الامة كلها بهذا الاتجاه، وبين سماحته انه لا معنى للحديث عن الوحدة والمؤاخاة اذا كانت اللغة السائدة هي لغة التكفير والالغاء والاتهام والحقد .
ء ـ اصداره فتوى بتحريم التعامل بيعا ًوشراءا ً وتناولا ً بالسكائر الامريكية والبريطانية والفرنسية وذلك لانها من موارد التمويل الضخم للشركات التي تدعم الجهد المعادي للاسلام، فان هذا التعامل فيه تقوية لاعداء الاسلام واعانة لهم ودعم لاقتصادهم الذين يمولون به ترسانته العسكرية واعلامهم المضلل .
هـ - رسالته الى بابا الفاتيكان بمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح مبينا ً مكانته وعظمته في القرآن الكريم بذكر بعض الايات التي تتحدث عنه وموضحا ً معرفة المسلمين به واحترامهم اتباعه ومحبتهم اياهم لانهم اقرب الناس للمسلمين بنص القرآن, كما دعاه سماحة الشيخ (دام ظله) الى توجيه اتباعه ومريديه الى الالتزام بتعاليم السيد المسيح الذي لا يرضى بالظلم والعدوان والانحراف الذي يمارسه الكثير من قادة الدول المسيحية وقد بعث بابا الفاتيكان برسالة جوابية بتسع صفحات الى سماحة الشيخ (دام ظله).
و- مشاركته في العديد من المؤتمرات العالمية التي عقدت خارج العراق من خلال الوفود التي يبعثها سماحته ممثلة ً عنه وحاملة لافكاره وارشاداته وتوجيهاته ومن هذه المشاركات المؤتمر العالمي للاديان من اجل السلام الذي عقد في لندن ومؤتمر الوفاق للقيادات الدينية والسياسية العراقية الذي عقد في عمان  .

14-
تاسيسه لمواكب الوعي الحسيني: الخاص بطلبة الجامعات فنرى سماحته (دام ظله) يوجه نداءاته المستمرة لطلبة الجامعات واساتذتها لتنظيم مواكب حسينية تتوجه الى كربلاء المقدسة مشيا ً على الاقدام في يوم عاشوراء وفي يوم الاربعين وفي الزيارة الشعبانية، حيث يسير الطلاب بشكل منظم مرتدين زيهم الجامعي الموحد الموشح بالسواد حاملين الشعارات الواعية التي تعبر عن اهداف الثورة الحسينية المباركة، وقد اطلق عليها سماحته (مواكب الوعي).
حيث يرى ان هذه المواكب تديم الحضور الفاعل في الساحة والذي يسهم في انتزاع حقوق الامة كما تثبت الهوية الاسلامية للجامعات وتثبت انتماءها الى مدرسة اهل البيت كما انها تثبت للجميع ان الشعائر الحسينية ليست انفعالات وردود افعال عاطفية هوجاء لا معنى لها وانما هي مدرسة يستلهم منها العلماء والمفكرون وطالبوا الفضيلة والعلم كل معاني السمو والكمال لذلك اكتسبت هذه المواكب اهميتها لانها منظمة وذات اهداف محددة ولان المؤدي لها شريحة علمية ثقافية مهمة في المجتمع بل تمثل واجهته مما يجعلها اكثر تأثيرا ً في قلوب الاعداء من التجمعات غير المنظمة مهما كثر عدد افرادها.

15-
تأسيسه لمشروع الحلقات السريعة المكثفة: لتدريس العلوم الحوزوية لطلبة الجامعات خلال فترة العطلة الصيفية والتي نظمها واشرف عليها كادر من الحوزة العلمية وفق منهج معين يفي بمتطلبات سنة دراسية كاملة وفقا ً للمسار المعمول به في الحوزة العلمية وبذلك يتجاوز الطلبة مراحل الدراسة الحوزوية من دون ان تؤثر على تحصيلهم الاكاديمي حيث يدرسون فيها الفقه والاخلاق والمنطق والعقائد والتفسير وسيرة الائمة .
وهذه الحلقات تساعد في انشاء جيل يحمل افكار الاسلام في داخل الجامعات والمدارس ويهدي الاخرين اليها ويحصن نفسه وعقيدته من الانحراف المستشري في اوساط الجامعات وفوائد اخرى كثيرة.
وقد كانت الاستجابة لهذا المشروع من قبل الشباب الجامعي مثيرة للاعجاب فزهت النجف بالمئات منهم من مختلف الاختصاصات وقد بارك الله تعالى بذلك المشروع وسهل لهم محلات السكن ورواتب شهرية تغطي نفقات سفرهم واقامتهم بشكل لم تعهده الحوزة العلمية وقد تأسس هذا المشروع في زمن الطاغية واستمر بعد زواله .


16-
سَنـّه للزيارة المخصوصة الى مرقد امير المؤمنين في ذكرى استشهاد الصديقة فاطمة الزهراء في الثالث من جمادى الثانية لما يراه سماحته (دام ظله) من الفضل الكبير لها على الامة كونها دافعت بشجاعة عن المسار الصحيح لحركة الاسلام ووقفت في وجه الانحراف فكان لها الدور الكبير في تثبيت النهج المحمدي الاصيل.
فقد وجه سماحته (دام ظله) دعوة الى جميع المؤمنين الى احياء هذه السنة الشريفة لادخال السرور على قلب النبي واله ولرفع تقصير الامة تجاه فاطمة لا سيما في المناسبات الخاصة بها، وقد استجابت الامة لامر مرجعها وخرجت بمجموع منظم ضم عشرات الالاف من الزائرين توجهوا لزيارة امير المؤمنين معزية ً اياه بذكرى استشهاد بضعة رسول الله وكان مسيرهم على شكل مواكب منظمة ومهيبة تقدمها نعش رمزي للزهراء حمله السادة العلويون المرتدون الزي الحوزوي والكل يرجون شفاعة الزهراء ويأملون ان يدفع الله عنهم البلاء ببركة هذه الشعيرة المقدسة، وقد القى سماحة الشيخ في جموع الزائرين خطابه التاريخي الذي حمل عنوان ( فاطمة ميزان الحق) .