واصحبوهم سبعاً

| |عدد القراءات : 1535
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

واصحبوهم سبعاً(1)


من الأخطاء في تربية الأبناء حصول حواجز من الحياء أو الخوف أو الجهل أو عدم التوافق والانسجام بين الوالدين والأبناء تمنعهم من الانفتاح بصراحة وشفافية على الأبوين في حل مشاكلهم الخاصة والإجابة على تساؤلاتهم واستفهاماتهم، خصوصاً في مرحلة المراهقة التي يشهد فيها الصبي والصبية تغيّرات جسمية ونفسية يحتاج إلى الاستفهام عنها ومعرفة التصرف الصحيح إزاءها، فإذا كان الفتى والفتاة لا يستطيعان مفاتحة الوالدين بذلك، فان كلاً منهما سيلجأ إلى أقرانه وسيأخذ منه ويتأثّر به، وهو –أي ذلك المستشار من أقرانهم- مثلهم وربما أقل منهم، بل الغالب فيه أن يكون متمرداً مشاكساً كذاباً يدعو إلى مخالفة الأخلاق و الدين والتقاليد الاجتماعية، لأن من يتصف بالتمرد والعناد والمشاكسة تكون عنده مبادرة وإقدام وبطولات زائفة يصنعها من نسج خياله، فيصوّر نفسه بطل العلاقات الغرامية مع الجنس الآخر، والرافض لما عليه الكبار، والقادر على كسر طوق التقاليد ونحوها، وهذه ونحوها تميل إليها نفوس المراهقين والمراهقات فيلتفون حوله ويأخذون منه ويقودهم نحو الفساد والانحراف والعياذ بالله منه.

وهذه المقدمة توضّح أهمية التفات الوالدين الى أن يكونا صديقين لأولادهما منسجمين مع تفكيرهم ولا يشعرونهم بالفوارق بينهم –مع مراعاة الآداب طبعاً- وينزلان إلى مستوى اهتماماته وتوجهاته لينفتح عليهما بكل شيء ولا يلتجأ إلى أقرانه السيئين، وفي أحسن الأحوال هم جهلة وقاصرون مثله.

فيقوم الأبوان تارة بابتداء ولدهما بتعليمه وإرشاده وإلفات نظره إلى بعض الأمور، وأحياناً بالاستماع إلى أسئلته واستفهاماته والإجابة عليها بما يناسبه، ومن هنا وردت الوصايا عن المعصومين عليهم السلام في تربية الأولاد ومنها (اتركوهم سبعاً، وأدّبوهم سبعاً، واصحبوهم سبعاً) فان التعليم والتأديب ينبغي أن يقترن بمصاحبة الصبي والصبية واتخاذهما صديقين وصاحبين لإلغاء الحواجز النفسية، وأن يصحبوهم معهم إلى الأماكن والتجمعات واللقاءات والزيارات التي تعزّز تلك التربية والتأديب والتعليم، وتمارس تلك الأفكار على ضوء تطبيقات عملية ومشاهدات.

 وقد لا يكون الوالدان بهذا المستوى  من المعرفة والوعي والقدرة على إدارة العملية التربوية، فيكون من واجب الأخوة والأخوات الرساليين الواعين إحتضان مثل هؤلاء الصبية – ذكوراً وإناثاً- في مدارس أخلاقية تربوية دينية يغذونهم فيها بما ينفعهم ويصلحهم ويقوّم مسيرتهم، وليكون هؤلاء المعلمون هم البديل الذي يتوجه إليه الفتى والفتاة في حلّ مشاكله والإجابة عن المتغيرات والاستفهامات التي تعرض له. وهذا شكل من أشكال كفالة أيتام آل محمد (صلى الله عليه وآله) الذي ورد فيه أنه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في درجته .

وهنا ألفت نظر أحبّتي الفتيان إلى النعمة العظيمة التي توفرت لهم بوجود هؤلاء المعلمين والمدّرسين الذين تدفعهم رحمتهم وشفقتهم وشعورهم بالمسؤولية تجاه الله تبارك وتعالى وإمامهم صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ومجتمعهم إلى تحمّل هذا العناء ومواصلة هذا العمل المبارك، فالتزموا بما يقولون لكم ويوجهونكم ولا تخفوا عنهم شيئاً فإن أكثركم في عمر مقارب للبلوغ وهذا يعني حاجتكم إلى معرفة الكثير عن أنفسكم وما يحصل لكم من متغيرات والأحكام الشرعية التي لم تكونوا تعرفونها وستجدون بركة هذه المصاحبة وستتذكرون طول عمركم حلاوة هذه الأيام وتأثيرها الفعّال في تنشئتكم نشأة صالحة بإذن الله تعالى. وانصح الإباء والامهات بدعم مثل هذه المدارس ونشرها  وتشجيع أبنائهم على الحضور فيها.

إن كثيراً من الأخلاق والأعمال الصالحة والسنن التي يلتزم بها المتدينون لم نقرأها في كتاب أو نتعلمها في مدرسة وإنما أخذناها بمصاحبتنا للكبار الصالحين واعتدنا عليها وصارت جزءاً من حياتنا، ولو ترك أحد هو ونفسه ليحاول تحصيلها من الكتب لأفنى العمر قبل أن يتعرف عليها، وأقول كل ذلك عن تجربة مررت بها في طفولتي حيث استفدت كثيراً من صحبة والدي وأخي الكبير (رحمهما الله تعالى) وغيرهما من الصالحين.  



(([1] من حديث سماحة الشيخ مع حشد من طلبة المتوسطات  الذين انضمّوا إلى مدارس وحلقات دينية وأخلاقية وأساتذتهم في ناحية النصر/ الناصرية يوم الثلاثاء 17/ج2/1431 المصادف 1/6/2010.