سبل السلام رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة
أحكام النكاح
تحل المرأة على الرجل بسبب عقد النكاح، وهو على قسمين: دائم ومنقطع. والعقد الدائم هو: (عقد لا تتعين فيه مدة الزواج وكانت دائمية) أي أنّ العقد يقتضي الدوام بنفسه ما لم ينقض، وتسمى الزوجة بـ (الدائمة). والعقد غير الدائم هو: (ما تتعين فيه المدة)، كساعة أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل، وتسمى الزوجة بـ (المتعة والمنقطعة).
أحكام العقد
(مسالة 200): يشترط في النكاح - دواماً أو متعة - الإيجاب والقبول، فلا يكفي مجرد التراضي والرغبة والميل النفسي. ويجوز للزوجين أو لأحدهما توكيل الغير في إجراء الصيغة كما يجوز لهما المباشرة.
(مسألة 201): لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلاً، بل يجوز توكيل المرأة في إجراء العقد.
(مسألة 202): لا يجوز لهما المقاربة، ولا النظر إلى ما لا يحل لغير الزوجين، ما لم يحصل لهما اليقين بإجراء الوكيل عقد النكاح ولا يكفي الظن، نعم لو أخبر الوكيل بذلك كفى إذا كان ممن يوثق بقوله.
(مسألة 203): يجب على الوكيل الالتزام بما حدّدهُ له الموكل من تفاصيل العقد، ولو تعدّاها بطل، فلو وكلت المرأة شخصاً في أن يعقدها لرجل متعة مدة عشرة أيام مثلاً ولم تعين العشرة، جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء، وإن علم أنها قصدت عشرة أيام خاصة لم يجز عقدها لأيام أخر.
(مسألة 204): يجوز أن يكون شخص واحد وكيلاً عن الطرفين، كما يجوز أن يكون الرجل وكيلاً عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواماً أو متعة، والأحوط - استحباباً - أن لا يتولى الزوج كلا طرفي العقد.
صيغة العقد الدائم
(مسألة 205): إذا باشر الزوجان العقد الدائم فقالت المرأة: (زوجتك نفسي على الصداق المعلوم)، وقال الزوج من دون فصل: (قبلت التزويج)، صح العقد، ولو وكلا غيرهما وكان اسم الزوج (أحمد) واسم الزوجة (فاطمة) مثلاً فقال وكيل الزوجة: (زوجت موكلك أحمد
موكلتي فاطمة أو زوجت موكلتي - فاطمة - موكلك - أحمد - على الصداق المعلوم)، وقال وكيل الزوج من دون فصل: (قبلت التزويج لموكلي - أحمد - على الصداق المعلوم)، صح العقد. والأحوط تطابق الإيجاب والقبول مثلاً لو قالت المرأة: (زوجتك)، يجب أن يقول الزوج: (قبلت التزويج)، على الأحوط.
صيغة العقد غير الدائم
(مسألة 206): إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة والمهر، فقالت المرأة: (زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم)، وقال الرجل من دون فصل: (قبلت التزويج)، صح العقد. ولو وكلا غيرهما فقال وكيل الزوجة: (زوجت موكلك موكلتي أو زوجت موكلتي موكلك في المدة المعلومة على المهر المعلوم)، وقال وكيل الرجل من دون فصل: (قبلت التزويج لموكلي هكذا)، صح أيضاً.
شرائط العقد
(مسألة 207): يشترط في عقد الزواج أمور:
(1) العربية مع التمكن منها، ولو بالتوكيل على الأحوط. نعم مع عدم التمكن منها ولو بالتوكيل يكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج.
(2) قصد الإنشاء في إجراء الصيغة، بمعنى أن يقصد الزوجان أو وكيلهما تحقق الزواج بلفظي الإيجاب والقبول، فتقصد الزوجة بقولها: (زوجتك نفسي)، صيرورتها زوجة له. كما أن الزوج يقصد بقوله: (قبلت)، قبول زوجيتها له، وهكذا الوكيلان، فإذا قصدا الإخبار مثلاً عن حالة سابقة لم يصحّ العقد.
(4،3) البلوغ والعقل في العاقد المجري للصيغة على الأحوط سواء أكان العاقد عاقداً لنفسه أم لغيره.
(5) تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو الوصف أو الإشارة، فلو قال: (زوجتك إحدى بناتي)، بطل، وكذا لو قال (زوجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين).
(6) رضا الزوجين واقعاً، فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح، كما إنه إذا علمت كراهتها واقعاً وإن تظاهرت بالرضا بطل، إلا أن تجيز بعده.
(مسألة 208): إذا لحن في الصيغة، وكان مغيراً للمعنى المقصود لم يكف والأحوط إعادته.
(مسألة 209): إذا كان مجري الصيغة جاهلاً بالعربية، فإن أجراها على الوجه الصحيح، وكان عارفاً بمعنى الكلمات وقاصداً لتحقق المعنى صح العقد والا بطل.
(مسألة 210): العقد الواقع فضولياً -أي من دون إذن المعني بالعقد- إذا تعقب بالإجازة صح، سواء أكان فضولياً من الطرفين، أم كان فضولياً من أحدهما.
(مسألة 211): لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا العقد صح، وكذلك الحال في إكراه أحدهما، والأولى إعادة العقد في كلتا الصورتين.
(مسألة 212): الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل الصغير والصغيرة والمتصل جنونه بالبلوغ، فلو زوجهم الولي لم يكن لهم خيار في الفسخ بعد البلوغ أو الإفاقة إذا لم تكن فيه مفسدة لهم بأن كان الاختيار مناسباً لهما شرعاً وعرفاً، ومع المفسدة كان العقد فضولياً فلا يصح إلا مع الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة، وإذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية فالعقد وإن كان صحيحاً الا أن في لزومه عليهما إشكالاً، فإذا فسخ أحدهما أو كلاهما العقد بعد البلوغ والرشد فالإحتياط بالطلاق أو العقد الجديد لا يترك.
(مسألة 213): يشترط في صحة عقد البالغة الرشيدة البكر أن تستأذن أباها أو الجد من طرف الأب في تزويجها على الأحوط، ولا تشترط إجازة الام والأخ وغيرهما من الأقارب، نعم إذا كانت المرأة مستقلة في شؤونها عن أبيها بحيث لا يكون مسؤولاً عنها إجتماعياً واقتصادياً فهذا الشرط يكون احتياطياً، وللأب حينئذ نقض العقد إذا وجد فيه مفسدة لبنته.
(مسألة 214): يصح تزويج البالغة الرشيدة البكر من غير استيذان من أبيها أو جدها إذا تعقب بالإجازة من أحدهما.
(مسألة 215) تسقط ولاية الأب والجد إذا أصرا على حرمان البنت من تزويجها بالكفؤ شرعاً وعقلاً لمصلحة تخصّهما كالاستفادة من راتبها الشهري أو لإجبارها على تنفيذ أمرٍ ما ونحوها.
(مسألة 216): لا يعتبر إذن الأب والجد إذا كانت البنت ثيباً وكذلك إذا كانت بكراً ولم تتمكن من استيذانهما لغيابهما أو لتخليهما عن أمر زواجها، أو لأنهما غير مؤهلين، أو نحو ذلك مع حاجتها الى التزويج.
(مسألة 217): لو زوج الأب أو الجد صغيراً، فإن كان له مال حين العقد كان المهر عليه، وإلا كان المهر على من زوجه.
(مسألة 218) المقصود بالبكر- هنا في مسألة ولاية الأب والجد للأب- من لم يدخل بها زوجها، فمن تزوجت ومات عنها زوجها أو طلقها قبل أن يدخل بها فهي بكر، وكذا من ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة أو حمل شيء ثقيل ونحوها، وأما إن افتضت بالزنا أو بالوطء شبهة فهي بمنزلة البكر، وأما من دخل بها زوجها فهي ثيِّب وإن لم يفتض بكارتها.
العيوب الموجبة لخيار الفسخ
(مسألة 219): اذا علم الزوج بعد العقد بوجود أحد العيوب السبعة الآتية في الزوجة حين العقد كان له الفسخ من دون طلاق:
(1) الجنون.
(2) الجذام.
(3) البرص.
(4) العمى.
(5) الإقعاد، ومنه العرج البين.
(6) الافضاء، وهو اتحاد مخرج البول أو الغائط مع مخرج الحيض.
(7) العفل، وهو لحم ينبت في الرحم يمنع من الوطء.
(مسألة 220): يجوز للزوجة فسخ العقد إذا كان الزوج مجنوناً أو مجبوباً (أي مقطوع الذكر بحيث لم يبق منه شيء يدخله) أو مصاباً بالعنن (وهو المرض المانع من انتشار العضو ليتمكن من الإيلاج)، غير أن الجنون يختلف عن الأمرين الأخيرين في أن جنون الزوج يسوغ للمرأة الفسخ، سواء أكان سابقاً على العقد والزوجة لا تعلم به أم كان حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء معاً. و أما العنن فلا يجوز به الفسخ إذا حدث بعد الوطء. وكذلك الجب - بعد الوطء - وإن كان الأولى حينئذٍ للزوج أن يطلقها إذا فسخت أو يعقد عليها بعد العلم إن رضيت باستمرار العلاقة الزوجية.
(مسألة 221): يجوز للمرأة أن تفسخ العقد إذا كان الرجل خصياً، والخصاء هو (سل الأنثيين –أي إخراجهما- وفي معناه الوجاء وهو رصهما بحيث يبطل عملهما)، وتفسخ به المرأة مع سبقه على العقد والتدليس عليها، ومع عدم التدليس لا يترك الإحتياط.
(مسألة 222): لا يجوز للمرأة أن تفسخ العقد لعنن الرجل الا بعد رفع أمرها الى الحاكم الشرعي فيؤجل الزوج بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ، وإلا كان لها الفسخ. فإن شاءت فسخت وكان لها نصف المهر.
(مسألة 223): إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان الفسخ بعد الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة كما في الطلاق وإن كان الفسخ قبله لم تستحق شيئاً ولا عُدة عليها. هذا إذا لم يكن تدليس، وأما مع التدليس (المتحقق بتوصيف المرأة للرجل عند إرادة الزواج بالسلامة من العيب مع العلم به أو بالسكوت عن بيان العيب ممن عليه البيان مع إقدام الزوج بارتكاز السلامة منه) فإن كان المدلس نفس المرأة لم تستحق المهر إذا اختار الرجل الفسخ وإن اختار البقاء فعليه تمامَ المهر لها، وإن كان المدلس غير الزوجة فالمهر المسمى يستقر على الزوج بالدخول ولكن يحق له بعد دفعه إليها أن يرجع به على المدلس.
وإذا فسخت المرأة بعيب الرجل استحقت تمامَ المهر إن كان بعد الدخول وإن كان قبله لم تستحق شيئاً إلاّ في العنن فإنها تستحق عليه فيه نصف المهر المسمّى.
(مسألة 224): يثبت في النكاح خيار التدليس –في غير العيوب التي مرت أنه يثبت بسببها خيار العيب- عند التستر على عيب في أحد الزوجين (سواء كان نقصاً عن الخلقة الأصلية كالعور ونحوه أو زيادة عليها كاللحية للمرأة) أو الإيهام بوجود صفة الكمال لا وجود لها كالشرف والنسب والجمالِ والبكارة ونحوها.
فلو خطب إمرأة وطلب زواجها على أنه من بني فلان فتزوجته المرأة على ذلك فبان أنه من غيرهم كان لها خيار التدليس فإن فسخت فلها المهر إذا كان بعد الدخول وإن كان قبله فلا شيء لها، وإنما يتحقق التدليس الموجب للخيار فيما إذا كان عدم العيب أو وجود صفة الكمال مذكوراً في العقد بنحو الاشتراط او التوصيف ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب أو إراءته متصفاً بها قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثم إيقاع العقد مبنياً عليه، ولا يتحقق بمجرد سكوت الزوجة ووليها مثلاً مع اعتقاد الزوج عدم العيب أو وجود صفة الكمال.
(مسألة 225): إذا تزوج امرأة معتقداً إنها بكر فبانت ثيباً لم يكن له الفسخ، نعم ينقص من المهر المسمى بنسبة مقدار ما به التفاوت بين مهر البكر ومهر الثيب.
هذا إذا لم تكن البكارة شرطاً في العقد أو بني العقد عليها، ولو كانت كذلك فله الفسخ ولا مهر لها قبل الدخول، أما بعده فكذلك إن كانت هي المدلّسة، وإن كان غيرها استحقت المهر ورجع به الزوج على المدلِّس.
أسباب التحريم
(مسألة 226): يحرم التزويج من جهة النسب بالأم وإن علت أي أم الأم وأم الأب وما بعدهما، وبالبنت وإن نزلت أي بنت الابن وبنت البنت ومن دونهما، وبالأخت وببنات الأخ والأخت وإن نزلن وبالعمات وبالخالات وإن علون، كعمات الأب والأم وهكذا.
(مسألة 227): تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف الأب أو الأم، فلا يجوز تزويجهن، وإن كانت الزوجة لم يدخل
بها، وكذلك تحرم بنت الزوجة المدخول بها، سواء أكانت بنتها بلا واسطة أو مع واسطة، أو مع وسائط، وسواء أكانت موجودة - حال العقد - أم ولدت بعد طلاقها وتزويجها برجل آخر، ولا تحرم بنت الزوجة ما لم يدخل بأمها، نعم لا يجوز نكاحها ما دامت أمها باقية على الزوجية على الأحوط.
(مسألة 228): يحرم التزوج بمن تزوج بها الأب أو أحد الأجداد، كما يحرم التزويج بمن تزوجها الابن، أو أحد الأحفاد أو الأسباط وهذه الحرمة تتحقق بمجرد العقد وإن لم يتم الدخول.
(مسألة 229): يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما حرمت عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها، ولا فرق في ذلك بين العقد الدائم والمنقطع.
(مسألة 230): إذا طلق زوجته - رجعياً - لم يجز له نكاح أختها في عدتها، نعم إذا كان الطلاق بائناً صح ذلك، وإذا تزوج بامرأة بعقد منقطع فانتهت المدة أو أبرأها لم يجز له التزويج بأختها في عدتها على الأحوط.
(مسألة 231): إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوج ببنت أخيها أو ببنت أختها إلا بإذنها، ولو عقد بدون إذنها توقفت صحته على إجازتها فإن أجازته صح، وإلا بطل وإن علمت بالتزويج فسكتت ثم أجازته صح أيضاً.
(مسألة 232): لو زنى بخالته قبل أن يعقد بنتها حرمت عليه البنت، وكذلك الحال في بنت العمة على الأحوط، ولو زنى بالعمة أو
الخالة بعد العقد على البنت والدخول بها لم تحرم عليه، وكذلك فيما إذا كان الزنا بعد العقد وقبل الدخول على الأظهر.
(مسألة 233): لو زنى بامرأة غير ما في المسألة السابقةلة أ فالأولى أن لا يتزوج بنتها، ولو كان قد عقد عليها - سواء أدخل بها أم لم يدخل بها - ثم زنى بأمها لم تحرم عليه بلا إشكال.