خطبتي صلاة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ

| |عدد القراءات : 2653
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 بسم الله الرحمن الرحيم

كيف نفهم استغفار الأئمة (عليهم السلام) من الذنوب([1])

           ورد في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة: (ثم إني يا إلهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أخطأت أنا الذي هممت، أنا الذي جهلت..) إلى أن يقول (عليه السلام): (إلهي أمرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك).

          ومثل هذا الاعتراف بالذنب بين يدي الله تبارك وتعالى تكرر كثيراً في أدعيتهم ومناجاتهم (سلام الله عليهم) كقول الإمام السجاد (عليه السلام) في دعاء أبي حمزة: (أنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ولم أراقبك في الملأ أنا صاحب الدواهي العظمى أنا الذي على سيده اجترا، أنا الذي عصيت جبار السما، أنا الذي أعطيت على معاصي الدليل الرُشى، أنا الذي حين بُشرت بها خرجت إليها أسعى، أنا الذي أمهلتني فما ارعويت وسترت عليَّ فما استحييت وعملت بالمعاصي فتعديت).

          وهنا يُثار سؤال أو إشكال من جهة المنافاة ظاهراً بين ما نعتقده من عصمة الأئمة (عليهم السلام) وعدم صدور الذنب والمعصية منهم وبين الإقرار والاعتراف الوارد في هذه الأدعية والمناجاة.

          ويقال في الجواب أحياناً أنهم إنما يتحدثون بلسان الناس الآخرين لأنهم (عليهم السلام) في مقام التعليم للناس فيلقنونهم ما يقولون عندما يقفون بين يدي الله تبارك وتعالى، كما علّم الله تعالى عباده في سورة الحمد ما يقولون عندما يقفون بين يدي الله تبارك وتعالى في الصلاة وغيرها.

          وهذا الجواب قد يناسب صدور بعض تلك الأدعية لكنه لا يفسّرها كلها، لأن الإمام (عليه السلام) يعبر فيها فعلاً عن وجدانه وعن مشاعره تجاه الخالق العظيم. ويروى هذا الجواب عن ابن طاووس، فقد قال الأربلي في كشف الغمة: ((كنت أرى الدعاء الذي كان يقوله أبو الحسن موسى (عليه السلام) في سجدة الشكر وهو (ربِّ عصيتك بلساني ولو شئت وعزّتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئتَ وعزتك لأكمهتني .. وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمتَ بها عليّ لم يكن هذا جزاك مني) فكنت أفكر في معناه وأقول كيف يتنزل على ما تعتقده الشيعة من القول بالعصمة وما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه)).

          فاجتمع بالسيد علي بن طاووس (قدس الله روحه) وسأله عن ذلك فقال: ((إن الوزير مؤيد الدين العلقمي رحمه الله سألني عنه فقلت كان يقول هذا ليعلم الناس، ثم إني فكرت بعد ذلك فقلت هذا كان يقوله في سجدته في الليل وليس عنده من يعلّمه)).

          ((ومات السيد ابن طاووس رحمه الله فهداني الله إلى معناه ووفقني على فحواه فكان الوقوف عليه والعلم به وكشف حجابه بعد السنين المتطاولة والأحوال المحرمة والأدوار المكررة من كرامات الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ومعجزاته ولتصح نسبه العصمة إليه عليه السلام وتصدق على آبائه وأبنائه البررة الكرام وتزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.

          وتقريره أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى وقلوبهم مملوءة به وخواطرهم متعلقة بالملأ الأعلى وهم أبداً في المراقبة كما قال عليه السلام اعبد الله كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك.

          فهم أبداً متوجهون إليه ومقبلون بكلهم عليه فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنباً واعتقدوه خطيئة واستغفروا منه.

          ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد وأكل وشرب ونكح وهو يعلم أنه بمرأى من سيده ومسمع لكان ملوماً عند الناس ومقصراً فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه فما ظنك بسيد السادات وملك الأملاك. وإلى هذا أشار عليه السلام أنه ليران على قلبي وأني لأستغفر بالنهار سبعين مرة ولفظه السبعين إنما هي لعد الاستغفار لا إلى الرين وقوله حسنات الأبرار سيئات المقربين))([2]).

          ثم قال: ((ونزيده إيضاحاً من لفظه ليكون أبلغ من التأويل ويظهر من قوله (عليه السلام): (وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لأعقمتني) أعقمتني والعقيم الذي لا يولد له والذي يولد من السفاح لا يكون ولداً فقد بان بهذا أنه كان يعد اشتغاله في وقت ما بما هو ضرورة للأبدان معصية يستغفر الله منها وعلى هذا فقس البواقي وكلما يرد عليك من أمثالها)).

          وقد ذكر العلامة المجلسي (قدس سره) هذا الوجه ووجوهاً أخرى لفهم صدور هذه الأقوال منهم (عليهم السلام)، قال (قدس سره): ((فأما ما يوهم خلاف ذلك –أي عصمتهم (عليهم السلام)- من الأخبار والأدعية وهي مؤولة بوجوه:-

1- ((أن ترك المستحب وفعل المكروه قد يسمى ذنباً وعصياناً بل ارتكاب بعض المباحات أيضا بالنسبة إلى رفعة شأنهم وجلالتهم ربما عبروا عنه بالذنب لانحطاط ذلك عن سائر أحوالهم كما مرت الإشارة إليه في كلام الأربلي رحمه الله.

2- إنهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي أُمروا بها من معاشرة الخلق وتكميلهم وهدايتهم ورجوعهم عنها إلى مقام القرب والوصال ومناجاة ذي لجلال ربما وجدوا أنفسهم لانحطاط تلك الأحوال عن هذه المرتبة العظمى مقصرين، فيتضرعون لذلك وإن كان بأمره تعالى، كما أن أحداً من ملوك الدنيا إذا بعث واحداً من مقربي حضرته إلى خدمة من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور والوصال فهو بعد رجوعه يبكي ويتضرع وينسب نفسه إلى الجرم والتقصير لحرمانه عن هذا المقام الخطير.

3- إن كمالاتهم وعلومهم وفضائلهم لما كانت من فضله تعالى، ولولا ذلك لأمكن أن يصدر منهم أنواع المعاصي، فإذا نظروا إلى أنفسهم وإلى تلك الحال أقروا بفضل ربهم وعجز نفسهم بهذه العبارات الموهمة لصدور السيئات فمفادها أني أذنبت لولا توفيقك، وأخطأت لولا هدايتك)).

          أقول: هذا المعنى ذكره الأئمة (عليهم السلام) في أدعيتهم كما في دعاء الصباح عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إلهي إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق؟ وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى؟ وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان).

4- ((إنهم لما كانوا في مقام الترقي في الكمالات والصعود على مدارج الترقيات في كل آن من الآنات في معرفة الرب تعالى وما يتبعها من السعادات فإذا نظروا إلى معرفتهم السابقة وعملهم معها اعترفوا بالتقصير وتابوا منه، ويمكن أن ينزل عليه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وإني لاستغفر الله في كل يوم سبعين مرة) )).

          أقول: هذا معنى مجرَّب في حياتنا فالعالم أو الباحث الذي ينضجّ علمه ويتعمق ويتسع تدريجياً عندما يراجع ما كتبه وما قدّمه قبل سنين فإنه يخجل منه ويعترف بالتقصير إزاءه وربما يطلب إتلافه وتغييبه مع أنه كان يمثل قدراته في ذلك الوقت وكان مقتنعاً به، إلا أنه لما ترقّى صار يراه موجباً للخجل والاعتذار.

          أما كونهم (صلوات الله عليهم أجمعين) في ارتقاء وزيادة حتى بعد وفاتهم فهذا ما نطقت به الروايات لذا ورد الحث على الدعاء لهم بطلب الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود والصلاة عليهم، وورد في ذلك قول الإمام الصادق (عليه السلام): (لولا أنّا نزداد لأنفدنا)([3]).

5- إنهم عليهم السلام لما كانوا في غاية المعرفة لمعبودهم فكل ما أتوا به من الأعمال بغاية جهدهم ثم نظروا إلى قصورها عن أن يليق بجناب ربهم عدوا طاعاتهم من المعاصي واستغفروا منها كما يستغفر المذنب العاصي.

          ومن ذاق من كأس المحبة جرعة شائقة لا يأبى عن قبول تلك الوجوه الرائقة، والعارف المحب الكامل إذا نظر إلى غير محبوبه أو توجه إلى غير مطلوبه يرى نفسه من أعظم الخاطئين، رزقنا الله الوصول إلى درجات المحبين))([4]).

          وهذا المعنى عرفي أيضاً فإن من حلّ به ضيف عالي الشأن وقدّم له غاية جهده إلا أنه يواصل اعتذاره عن التقصير؛ لأنه يرى أن ما قدّمه وإن كان كل ما يستطيع تقديمه إلا أنه بلحاظ مقام ذلك الضيف يرى كل ما قدّمه موجباً للخجل والاعتذار.

          ونضيف وجوهاً أخرى إلى ما ذكره (قدس سره) مع المحافظة على الترتيب.

6- إنهم (عليهم السلام) يستغفرون من الذنوب التي تحسب عليهم بما اجترح أتباعهم، وهذا معنى أخلاقي جرت عليه السيرة العقلائية، فإن المرجع يتحمل أوزار أتباعه إذا أساؤوا، والأب يعتبر نفسه مسؤولاً عما جناه ابنه، والمدير لمؤسسةٍ ما يعتبر نفسه مسؤولاً عن تقصير أحد موظفيه، أو خيانتهم، فيقدم الاعتذار ويتحمّل التبعة وقد يستقيل من موقعه، فالمعصومون (عليهم السلام) يستغفرون الله تعالى من التبعات التي لحقتهم بسبب سوء تصرفات أتباعهم بل هم آباء لهذه الأمة بنص الحديث النبوي الشريف: (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة) ووردت في بعض الروايات كما في تفسير القمي بسنده عن عمر بن يزيد قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله عز وجل في كتابه [لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ] قال (عليه السلام): ما كان له ذنب ولا همَّ بذنب ولكن الله حمّله ذنوب شيعته ثم غفرها له)([5]).

          لذا وردت الوصايا عن المعصومين (عليهم السلام) لشيعتهم: (كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً).

7- إنهم (عليهم السلام) يعتبرون أنفسهم مذنبين ومقصّرين ما دام يوجد فرد في هذه الدنيا لم يتكامل ولم يحقق العبودية الكاملة في حياته؛ لأن هذا يعني أنهم (عليهم السلام) لم يحققوا هدفهم ولم تنجح وظيفتهم بشكل كامل وهي بسط التوحيد الخالص في الأرض، فكيف إذا كانت أكثر البشرية ضالة [وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ] (يوسف: 103)، وهذا النقص في تحقيق الغرض وإن كان بسبب خارج عنهم لأنه في المتلقي أي في قابلية القابل وليس في فاعلية الفاعل كما يعبّرون، إلا أنهم (عليهم السلام) على أي حال يشعرون بالذنب والتقصير وحرقة القلب لعدم اكتمال أهداف رسالتهم، ويطلبون من الله تعالى العفو والصفح ولذا وردت تطمينات من الله تبارك وتعالى لنبيه وعفو عن مسؤولية هذه النتائج المؤسفة، وتطييب لقلبه (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال تعالى: [فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ([6]) نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً] (الكهف:6) وقال تعالى: [لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ] (الشعراء:3).

8- في ضوء الحديث المروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لم يُعبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلاً حتى يجتمع فيه عشر خصال) إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (والعاشرة وما العاشرة: لا يرى أحداً إلا قال: هو خير مني وأتقى، إنما الناس رجلان فرجلٌ هو خير منه وأتقى، وآخر هو شر منه وأدنى، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرٌّ منه وأدنى قال: عسى خير هذا باطن وشره ظاهر، وعسى أن يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده، وساد أهل زمانه)([7]).

          أقول: عقول المعصومين (عليهم السلام) هي أكمل العقول فهذا التواضع وهذا الشعور بأنه أقل الخلق أمام الله تعالى في أعلى درجاته عندهم (عليهم السلام)؛ لأنهم لا ينظرون إلى أنفسهم ولا يتّكلون على أعمالهم مهما عظمت وخلصت ولا يأمنون مكر الله تعالى وهم يتلون خطاب الله لجدهم المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد الخلق: [وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (الزمر:65) ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو عصيت لهويت).

          والحكاية المروية عن كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام): (إن الله سبحانه أوحى إلى موسى عليه السلام: إذا جئت للمناجاة فاصحب معك من تكون خيراً منه، فجعل موسى لا يعترض (يعرض) أحداً إلا وهو لا يجسر (يجتري) أن يقول: إني خير منه، فنزل عن الناس وشرع في أصناف الحيوانات حتى مر بكلب أجرب فقال: أصحب هذا فجعل في عنقه حبلا ثم جرّ به فلما كان في بعض الطريق شمر الكلب من الحبل وأرسله، فلما جاء إلى مناجاة الرب سبحانه قال: يا موسى أين ما أمرتك به؟ قال: يا رب لم أجده فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لو أتيتني بأحد لمحوتك من ديوان النبوة)([8]).

9- إن استغفار المعصومين (عليهم السلام) إنما هو من وجود مقتضيات الذنب والمعصية فيهم وإن كانت عندهم الملكة القدسية الرادعة عن توظيفها إلا في طاعة الله تبارك وتعالى، فتعتبر الشهوة الجنسية شراً بمعنى من المعاني، وكذا الغضب لأنها مناشئ الذنوب، ففي الخصال بسنده عن هشام بن الحكم في تفسير عصمة الإمام قال: ((إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص والحسد والغضب والشهوة فهذه منتفية عنه))([9]).

          فالأئمة يستغفرون من وجود هذه المقتضيات للذنوب عندهم وإن كانوا بلطف الله تبارك وتعالى لا يستعملونها إلا في ما يرضي الله تبارك وتعالى كما في معاني الأخبار بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (المعصوم وهو الممتنع بالله من جميع محارم الله وقد قال تبارك وتعالى: [وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] (آل عمران:101) )([10]).

10- إن الله تعالى يقول: [وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا] (إبراهيم:34) فإذا كان الإنسان عاجزاً عن معرفة نعم الله وعدّها فكيف يتسنى له شكرها فهو عن أداء الشكر أعجز وفي ذلك ورد في دعاء للإمام السجاد (عليه السلام): (ونعماؤك كثيرة قصُر فهمي عن إدراكها فضلاً عن استقصائها، فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر، فكلما قلت لك الحمد وجبَ عليَّ لذلك أن أقول لك الحمد)([11]).

          فإذا ضممنا إلى ذلك مقدمة أخرى مأخوذة من وصية الإمام الكاظم (عليه السلام) المشهورة لهشام بن الحكم وفيها (يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها)([12]) ينتج وجه جديد لفهم الذنوب وهو العجز عن أداء شكر النعم، ويكون الشعور بالذنب أكبر كلما كانت النعم أكثر، ولذا يشعر الأئمة المعصومون (عليهم السلام) أنهم أكثر الخلق ذنوباً كقوله (عليه السلام): (وما في الورى شخص جنا كجنايتي) لأنهم حُبوا بأعظم النعم فقد أعطاهم الله تعالى منزلة يغبطهم عليها الأولون والآخرون وخلق الكون لأجلهم.

 

أيها الأحبة:

          حينما نذكر هذه الوجوه التي هي صحيحة وقد يناسب بعضها بعض الموارد وبعضها موارد غيرها، فإنما نريد تحصيل عدة أمور:-

1- دفع هذا الإشكال والدفاع عن عقيدتنا في عصمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) التي هي ثابتة بأدلة قطعية تفوق الحصر والاستقصاء.

2- أن نتعرف على طبيعة العلاقة مع الله تبارك وتعالى من خلال التأسّي بما كان يقوم به المعصومون (عليهم السلام).

3- أن نستشعر المسؤولية تجاه أفعالنا بل أفعال كل من يمكن أن تُحسب تصرفاته علينا، وتزداد سعة التبعة بسعة دائرة المسؤولية، فلا بد أن نكون مراقبين متابعين محاسبين حازمين والله المستعان.

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

لزوم التحاق النخب بالحوزات العلمية([13])

 

          يشكو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أمته يوم القيامة لهجرهم كتاب الله تعالى، قال تعالى: [وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً] (الفرقان:30)، وورد مثله في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبارٌ لا يُقرأ فيه)([14])، والهجران الذي يشكو منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس فقط من ترك قراءته وتلاوته، بل الأخطر من ذلك هو هجران العمل به، قال الإمام الباقر (عليه السلام) وهو يذكر أنواع قرّاء القرآن: (ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده وأقامه إقامة القدح([15])، فلا كثّر الله هؤلاء من حملة القرآن).

          وليس فقط القرآن ككل يشكو بل تشكو كل آية من آياته التي لم يُعمل بمضمونها، فتشكو آية [قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى] (الشورى:23) من الذين تتبعوا عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت كل حجر ومدر قتلاً وسجناً وتعذيباً وتشريداً أو أقصوهم عن مقامهم الذي يستحقونه.

          وتشكو آية [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ] (المائدة: 67) من الذين انقلبوا على الأعقاب ولم يعملوا بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأئمة من بعده.

          وتشكو آية [وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (البقرة:179) من الذين عطلوا هذا الحكم ولم يوقّعوا على إعدام الإرهابيين القتلة رغم ثبوت الجرائم الفظيعة عليهم بحجة معاهدات حقوق الإنسان ونحوها. وهكذا بقية الآيات الشريفة.

          ونحن اليوم بين يدي شكوى آية كريمة وهي قوله تعالى: [فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ] (التوبة:122).

          ففي الآية دعوة لنخب من الأمة لكي ينفروا لطلب العلم والتفقه في الدين ثم التحرك بهذا العلم والفقه إلى سائر الناس ليرشدوهم ويعلموهم ويأخذوا بأيديهم إلى ما فيه صلاحهم، ففي الآية تكليفان الأول لعموم الأمة، والثاني للنخبة الذين التحقوا بمعاهد العلم والحوزوات الدينية ليؤدوا الرسالة التي تحملوها، والتقصير متحقق بكلا الاتجاهين، وسنتحدث هنا عن التكليف الأول وهو حث الأمة على التفقه في الدين؛ لأن الثاني نوجهه إلى الحوزة العلمية.

          وإنما قلت للنخب من الأمة لأنه ليس الكل مؤهلين لهذه الوظيفة الإلهية وهذا التشريف المبارك، كالآية الأخرى في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: [وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ] (آل عمران:104) ثم شرحت الرواية صفات هذه الجماعة المكلفة بهذه الوظيفة([16]).

          إن هذا الحث الإلهي [فَلَوْلاَ نَفَرَ] مصداق لقوله: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ] (الأنفال:24) والتفقه في الدين هو الذي يحيي العقول ويطهر القلوب ويهذب النفوس ويسمو بالروح، فلا يسع الأمة إلا الاستجابة لهذه الدعوة.

          وتحدد الآية النسبة المعقولة لعدد النافرين إلى الحوزات العلمية للتفقه في الدين بطائفة من كل فرقة والطائفة في اللغة أقلها ثلاثة، ومعدل الفرقة ثلاثة آلاف، فالنسبة المعقولة هي واحد من كل ألف، وأن لا يقتصر الانضمام إلى الحوزة العلمية على فئة أو شريحة أو مدينة أو أسرة بل المطلوب أن تنفر طائفة من كل فرقة من المسلمين سواء أكانت الفرقة عشيرة أو أهل مدينة أو ريف أو حي سكني ونحوها.

          وما زالت الأمة بعيدة كل البعد عن تحقيق الاستجابة لهذه الدعوة على صعيد شعبنا في العراق فكيف إذا لاحظنا مسؤوليتها عن حركة الإسلام في العالم كله لأن النجف الأشرف والعراق عاصمة الإسلام ومنطلق الدعوة العالمية لدولة الحق والعدل.

          ألسنا جميعاً ندعوا بما علمنا به الإمام المهدي (عليه السلام) في زمان الغيبة أن ندعوا: (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة) وفيه (وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك) فكيف نكون من طالبي هذه الدولة الكريمة والممهدين لها والدعاة إلى طاعة الله تعالى والقادة إلى سبيله من دون التفقه في الدين وتحصيل العلوم الدينية الشريفة.

          وتتحدث الآية عن تكليف موجه للنخب من الأمة ليتفقهوا في الدين وهو غير تكليف عموم الأمة بمعرفة أساسيات دينها، حيث تحفل كتب الحديث بالروايات التي تلزم الناس بالتفقه في الدين، والحد الأدنى منه الذي لا يعذر فيه أحد هو التفقه في العقائد والأحكام الابتلائية كأحكام الطهارة والصلاة والصوم والخمس ونحوها، والأحكام المختصة بالعمل الذي يعمل فيه كالتاجر في تجارته، والمعلم في مدرسته والطبيب في مستشفاه والسياسي عند ممارسة عمله المليء بالمزالق والمرديات وهكذا.

          في الكافي بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (عليكم بالتفقه في  دين الله ولا تكونوا أعراباً فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة، ولم يزكِّ له عملاً).

          وعنه (عليه السلام) قال: (لوددت أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا).

          وروي أنه (قال له رجل: جُعلتُ فداك رجل عرف هذا الأمر –إمامتهم (عليهم السلام)- لزم بيته ولم يتعرف إلى أحدٍ من إخوانه، قال: فقال: كيف يتفقه هذا في دينه؟).

          وسُئل الإمام الكاظم (عليه السلام) (هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه؟ فقال: لا)([17]).

          وروى الإمام الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أُفٍّ لرجل لا يُفرِّغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه)([18]).

          وعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (تذاكر العلم دراسةٌ والدراسة صلاةٌ حسنةٌ).

          وورد في لزوم تفقه التاجر في أعمال السوق قول الإمام الصادق (عليه السلام): (من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات)([19]) وبحسب مناسبة الحكم والموضوع يُعلم أن الوجوب متوجه لكل شخص لكي يتفقه في عمله.

          فهذا هو النحو من التفقه الذي يشمل بوجوبه كل الناس وله مستويان، عام: أي في المسائل الابتلائية التي يشترك فيها كل الناس كالطهارة والصلاة والصوم والخمس، وخاص: أي بخصوص مسؤولياته كعمله أو إدارة أسرته كالعلاقة مع الوالدين أو الزوجة أو الأبناء وتربيتهم وهكذا.

          ومن نعم الله تعالى على أهل هذا الزمان وجود منافذ كثيرة لهذه المعرفة كالمحاضرات الدينية في المساجد وخطب الجمعة والمجالس الحسينية والكتب والنشرات وما تعرضه الفضائيات الدينية من برامج نافعة.

          أما النحو الآخر من التفقه وهو الالتحاق بالحوزات العلمية لتحصيل علوم أهل البيت (عليهم السلام) في العقائد والأخلاق وأحكام الشريعة ثم إيصالها إلى عموم الناس لهدايتهم فهو تكليف نخب من الأمة.

          وقد ذكرنا أن العدد الذي يريده الله تبارك وتعالى لم يتحقق بعد ولا زالت الحاجة على أشدها لالتحاق النخب المخلصة الواعية المثقفة العارفة بأمور زمانها بالحوزة العلمية، حتى لو قلنا أنه وجوب كفائي كما قيل فإنه لا يسقط حتى يتحقق الواجب وإلا يأثم الجميع وقد اتضح أن العدد لم يتحقق، فهل نفر من المحافظة التي سكانها مليونان ألفان لطلب العلم؟ إذن لا زالت المسافة بعيدة لنخرج من عهدة هذا التكليف.

          ولقد اتخذنا هنا عدة خطوات لتوسيع هذه الفرصة أمام الجميع فنشرنا فروع جامعة الصدر الدينية في لمحافظات حتى تجاوزت عشرين فرعاً، فمن لم يتيسر له الإقامة في النجف للدراسة نقلنا حوزة النجف إليه ووفرنا المتطلبات التي تُيَسِّر الدرس والتحصيل، مع تشجيع المؤهلين لمواصلة الدراسة في النجف الأشرف، كما تتوفر الأقراص المدمجة التي تضم دروس أساتذة متخصصين لجميع مراحل الدراسة ولكل مفرداتها، وهذا أسلوب آخر ميسّر لتحصيل العلوم الدينية والارتقاء فيها.

          وينبغي الالتفات إلى أن سلوك هذا الطريق لا يتيسر لكل أحد إلا بلطف خاص من الله تعالى، وليس كل أحد يوفق إليه ويوفق فيه، فألحّوا في الدعاء والطلب من الله تعالى وأصلحوا أنفسكم وأخلصوا نياتكم كي يختاركم الله تعالى لحمل هذه الأمانة الإلهية العظيمة، لما ورد من الفضل العظيم والدرجة الرفيعة لحملة العلم، وأنقل لكم رواية واحدة تغنيكم عن الباقي وهي كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

          ففي رواية صحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة  وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به، وإنه يستغفر لطالب العلم مَنْ في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر)([20]).

          وأنقل لكم رواية في منزلة أحد حملة علوم أهل البيت (عليهم السلام) ورواة أحاديثهم لتكونوا كلكم مثله وفي منزلته ولا يكلفكم ذلك شيئاً كما كلفهم في ذلك الزمان، ففي رواية صحيحة أن الإمام الصادق (عليه السلام) لما بلغه وفاة بكير بن أعين قال: (أما والله لقد أنزله الله بين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما) وعن عبيد بن زرارة بن أعين قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فذكر بكير بن أعين فقال: رحم الله بكيراً، وقد فعل، فنظرت إليه وكنت يومئذٍ حديث السن، فقال: إني أقول إن شاء الله)([21]).

          إن مسؤوليتنا لا تقف عند حدود تلقّي العلوم المتعارفة في الحوزة العلمية والتي تختص بالأحكام الشرعية وما يرتبط بها، مع أن المطلوب في الآية الشريفة هو التفقه في الدين كل الدين([22]) كالعقائد وتفسير القرآن والمعرفة بالله تعالى وتهذيب النفس بالأخلاق الفاضلة وسيرة المعصومين (عليهم السلام) وكل ما يتصل بالدين من علوم ومعارف وما نحتاجه في حركة الإسلام العالمية ونشره وإقناع البشرية به والدفاع عنه ورد الشبهات ومواجهة الفتن والحوار مع الأديان والحضارات والأيديولوجيات الأخرى، وهذا باب واسع ينكشف منه بوضوح الجهل والتقصير اللذان يكتنفان الأمة بكل طبقاتها.

          إن أيسر شيء اليوم وأبخس الأشياء ثمناً هو الكتاب ووسائل التثقيف والتعلم والاطلاع، فلا عذر لأي أحد في عدم التفقه في الدين، في حين كان أحدهم في الأزمنة السابقة يدفع حياته ثمناً للحصول على كتاب ديني وكانوا يتبعون مختلف أساليب التمويه والتستر للوصول إلى المعلومة.

          إن للمسلمين أن يفخروا بأن دينهم سبق المجتمع البشري بقرون في الاهتمام بالعلم والعلماء وتفضيلهم ولزوم طلب العلم وإلزام العلماء بتعليم الأمة وإرشادها مما يعرف اليوم بالتعليم الإلزامي ومكافحة الأمية.

          إن وظائف المرجعية والحوزة العلمية المرتبطة بالمرجعية ليست علمية فقط بل هي مسؤولة عن قيادة الأمة والدفاع عن كيانها وهويتها وتحقيق مصالحها وحل مشاكلها ورفع الحيف والظلم عنها مضافاً إلى الدور العالمي في إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ونشر الإسلام وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وهذا يتطلب قاعدة واسعة من العاملين الرساليين المخلصين، ولذا قلنا بعدم الاستغناء بوسائل تحصيل العلوم الدينية عن الالتحاق بالحوزات العلمية.

          وهذا كله يكشف عن فظاعة التقصير في تطبيق هذه الآية الشريفة ويدعونا إلى يقظة وحركة نحو رفد الحوزات العلمية بالكفاءات المخلصة الواعية ونشر الكتاب الديني وتحبيب مطالعته إلى الناس والله الموفق.

 

 



([1]) الخطبة الأولى لصلاة عيد الأضحى السعيد لعام 1432 الموافق 7/11/2011م.

([2]) كشف الغمة في معرفة الأئمة: 3/47-48.

([3]) أصول الكافي: ج1، كتاب الحجة، باب: لو أن الأئمة يزدادون لنفد ما عندهم.

([4]) بحار الأنوار: 25/210.

([5]) تفسير القمي: 2/290 وأوردها عنه العلامة المجلسي في البحار: 17/89 ح19.

([6]) باخع: أي قاتل.

([7]) الخصال للشيخ الصدوق (رضوان الله عليه): 2/433 أبواب العشرة، ح17.

([8]) عدة الداعي لابن فهد الحلي: 204

([9]) الخصال: 1/215 أبواب الأربعة، ح36.

([10]) معاني الأخبار: 132 باب 64، ح2.

([11]) مفاتيح الجنان: 198 مناجاة الشاكرين.

([12]) تحف العقول: 383-402.

([13]) الخطبة الثانية لصلاة عيد الأضحى المبارك سنة 1432.

([14]) الخصال: 1/142 باب الثلاثة، ح163.

([15]) القِدْح هو السهم، وكان العرب يستقسمون بالأزلام باستعمال القِداح، وقال الطريحي في المجمع (كأنه الذي يستقسم ويلعب به –يعني القرآن في الحديث أعلاه- كما يستقسم بالقداح، والله العالم) ولعل استعمال الإمام (عليه السلام) للتشبيه من باب أن السهم يوضع بالمقلوب في جفير السهام. وربما يكون اللفظ (القَدَح) وهو الإناء الكبير قال الطريحي: (وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله (لا تجعلوني كقَدَح الراكب) يعني لا تؤخروني في الذكر، لأن الراكب يعلق قدحه في آخر رحله عند فراغه من رحاله ويجعله خلفه) مجمع البحرين: 3/462، وجميع المعاني المحتملة مقبولة في وصف شأن الناس مع القرآن.

([16]) راجع وسائل الشيعة: كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي، باب 2.

([17]) هذه الأحاديث في الكافي: ج1، كتاب فضل العلم، باب 1.

([18]) هذا الحديث والذي يليه في أصول الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، باب سؤال العام وتذاكره، ح5، 9.

([19]) وسائل الشيعة: كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، باب 1، ح4.

([20]) أصول الكافي: ج1، كتاب فضل العلم، باب ثواب العالم والمتعلم.

([21]) الروايتان أوردهما الكشي في رجاله ونقلهما السيد الخوئي (قدس سره) في معجم رجال الحديث: 3/353.

([22]) شرحنا معنى مفردة (الفقه) بحسب المصطلح القرآني في كتاب (شكوى القرآن).