خطاب المرحلة (6)... جهاز الستلايت أول هدية بعد سقوط النظام

| |عدد القراءات : 1784
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

جهاز الستلايت أول هدية بعد سقوط النظام([1])

 بسم الله الرحمن الرحيم

 من المعلوم أن جهاز (الستلايت) بذاته هو آلة يمكن الاستفادة منها في الخير ويمكن استعمالها في الشر كنشر الرذيلة والفساد فالمشكلة في كيفية استخدام هذه الآلة التي هي كالتلفزيون والأقراص الليزرية وغيرها، فإذا أمكن الاقتصار على النافع المحلل كالاطلاع على الأحداث العالمية ومتابعة البرامج الثقافية والعلمية والدينية فهو خير، ولا يمكن إنكار أن الوسائل المرئية هي من أهم وسائل الإعلام وتأثيرها في الجماهير بكل الأعمار والمستويات ملحوظ جداً.

          وان استعمل –والعياذ بالله - في متابعة الأفلام الخليعة والأغاني الماجنة فهو شر، وقد نُقل أن بعض دول العالم تخصص محطات بث لهذا الغرض موجهة إلى العالم الإسلامي وغيره، وهي في غاية الانحطاط الأخلاقي والهمجية الحيوانية، بحيث انه حتى الدول الغربية كألمانيا اشتكت من هذا التدمير الاجتماعي  والأخلاقي والنفسي الذي تعمل على إيجاده الصهيونية العالمية وأدواتها.

          وقد صدرت ضمن حركتنا في الإصلاح الاجتماعي عدة كتب ونشرات من تأليف ومشاركة عدد من الإخوة  والأخوات لبيان هذه الآثار السلبية ككتاب (الأفلام والمسلسلات: مشكله وعلاج) وكتاب (أحذر في بيتك شيطان) ونشرات مختصرة وسأقتبس منها هنا ما هو مناسب، وأحيل بقية التفاصيل إليها.

           فمن تلك الآثار السلبية للأفلام والمسلسلات والأغاني المنافية للدين والعفة والأخلاق  مما تعرضه الوسائل الإعلامية المرئية ومنها جهاز الستلايت.

1ـ الآثار الجنسية: دأب الإسلام على تهذيب هذه الغريزة للحد من الشهوة، ففرض الحجاب، وغض البصر للرجل والمرأة، والتفريق في المضاجع بين الإخوة والأخوات، فماذا يصنع التلفزيون؟!! إنهم أرادوا جعل مناظر الفسوق مألوفة لدينا، بل هي مقتضى عرفنا، فإن أخف المناظر خلاعة مذيعة بأبهى حلة وأزهى مكياج وأعمق خضوع في القول. والقضية الأساسية في كل فلم أو مسلسل هو (الحب)، حتى أن المشاهد صار يستشعر النقص في الفلم إن طرح الحب فيه كـأمر ثانوي، وبالغوا في هذا الجانب حتى لجئوا إلى تشويه التأريخ الإسلامي في المسلسلات من خلال قصة الحب للشخصية الإسلامية كما في مسلسل (بلال الحبشي) ومسلسل (عمر بن عبد العزيز)، كل ذلك لجعل قضية الحب من أبجديات حياة الإنسان، أما عن المجون فحدّث ولا حرج فالعري صورة طبيعية في كل يوم بل ضرورية، والقبلات والمداعبات أيسر ما تقدمه الشاشة وصورة الجنس مشهد عادي أدركه حتى الأطفال الصغار.

إذن استطيع أن أقول (إن من أهداف التلفزيون جعل ممارسة الفحش أمراً طبيعياً كما هو الحال في الدول التي يطلق عليها متقدمة) انظر وتأمل كلام الماسونية (يجب أن نخلق الجيل الذي لا يخجل من كشف عورته) كما في المشاهد الخليعة التي تعرض، وخاصة في المسلسلات المدبلجة لتحفيز شبابنا وبناتنا على مثل هذا وتهوينه في نظرهم.

وغريزة الجنس من أشد الغرائز ضغطاً على الإنسان فقد يأكل الإنسان وجبة من الطعام فتشبعه إلى وقت معين، ولكن غريزة الجنس لا تنطفئ طالما وجد ما يثيرها ويهيجها، فلو انتشرت أسباب الإثارة الجنسية سعى المرء إلى تلبية هذه الرغبة الملحة فيبقى هم المرء وتفكيره محصوراً في هذا الجانب لهذا تجد ضعف المستوى الدراسي لكثير من الشباب بسبب ضغط الغريزة الجنسية، وهناك علاقة بين مستوى الذكاء والانحراف الجنسي فكلما زاد أحدهما قل الآخر [وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ] (يوسف:33).

2ـ إباحة المحرمات: التلفزيون يعرض لنا يومياً أنواع المحرمات التي يلتقطها الذهن وترسخ فيه فمن السفور إلى العلاقات المحرمة إلى شرب الخمر والغناء وغيرها، لقد جعل الله تعالى التقوى معيار التفضيل [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ] (الحجرات:13)، وللأفلام والمسلسلات كلمات ومعايير متعددة في التفضيل إلا التقوى فمرة يكون المال وأخرى الجمال وثالثة الشهادة الراقية أو الوظيفة الممتازة… وبذلك تقتل التقوى و تحل محلها الأباطيل، ورد في كلام لوزير يهودي بريطاني: (يجب أن نسحب بساط الإسلام من المسلمين ونمزق القرآن بهدوء) فليتأمل أولو الأبصار.

 وتجد أن الذي يستقطب مشاعر الناس في الأفلام ويصبح القدوة والمثل الأعلى بكل بساطة تجده شخصا فاسقاً، آخر ما يعكسه في سلوكه هو تعاليم الدين، بل يزني ويشرب الخمر ولكنه قد يحارب عصابة لصوص أو فساد اقتصادي.هذا القدوة سيقلده الكثيرون في سلوكه وقيمه، فأي فائدة في انتصاره للحق وهو يسير إليه في طريق معوج ضال.

3ـ التربية اللا إسلامية: إن أول ما يقوم به التلفزيون هو طمس الحياء الناتج من تكرار مشاهد المناظر الخليعة وعلاقات الحب والغرام المحرمة، وما أعمق قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من لا حياء له لا إيمان له)، وتُصوِّر كثير من الأفلام والمسلسلات أردأ صور العلاقات العائلية، والشيء الطبيعي أنها تعتمد على نظريات الغربيين في التربية، وغالباً ما تحتوى أفضل صورة على كثير من الجفاء والعقوق وقطيعة الرحم..

وبذلك يستجيب المراهقون لما يشاهدون وتعجبهم الصورة الرديئة بما تحمل من شموخ وتكبر وحصول على كثير من المكاسب وبهذا تعلمهم معنى العقوق والصراع مع أقرب الناس من أجل دراهم معدودات، فالتلفزيون يرسم حياة لا علاقة لها بالإسلام يطبعها في قلوب الأجيال عن طريق الأكل والشرب والمشي والتعامل السيئ مع الناس والبغض والانتقام.

4ـ تحويل الدين إلى تراث والتربية إلى ملل: إن هذا الجهاز موجه بطريقة شيطانية تنفذ إلى أعماق الجيل الغافل فتملئ قلبه بالأوساخ والسموم، والخطة المتبعة هي إقصاء الدين عن مسرح الحياة وذلك بتحويله إلى تراث لا صلة له بالواقع والطريقة المتبعة هي كما يلي:

أـ حصر الفترة الدينية في مدة قصيرة لا تساوي شيئاً أمام أي فترة أخرى.

ب ـ الأحاديث النبوية منتقاة لغرض خاص هو توجيه الرأي العام توجيهاً خاصاً يتناسب والأزمة المعاصرة.

جـ ـ الأفلام الدينية لا تعرض إلا في مناسبات معينة وهي تحوي تشويه الحقائق أكثر من أي شيء آخر كما أنها مكررة لا تتغير منذ سنين حتى ملها المشاهد.

د ـ البرامج الدينية أو التربوية تكون عادة رديئة الإخراج بحيث لا تستخدم التقنيات لتشجيع المشاهد على المتابعة، وعادة تعرض في ساعات مهملة من اليوم على عكس البرامج الهدامة، فتكون متطورة إخراجاً وتقديماً وتعرض في ساعات تجمع العائلة إلى شاشة التلفزيون.

هـ ـ الإكثار من البرامج المنوعة التي تكون الأغنية عصبها الحي بحيث تحاصر السامع من حيث يريد أو لا يريد، قال الرسول الأعظم
(صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تستمعوا للمعازف والغناء فإنها تنبت في القلب النفاق كما ينبت الماء البقل).

5ـ الشعور بالحقارة: بقطع الصلة بين الجيل ودينه وتأريخه وقيمه، فالأفلام والمسلسلات توضح لنا التطور العلمي والتقدم الحضاري الهائل في الغرب، وتصور لنا أن نظرتهم للحياة هي الحق وان ما سواهم الباطل، وكل حركة تصدر منهم لا بد أن تعبر عن روح العصر المتقدمة.

إن خططهم نجحت إلى الدرجة التي جعلت من أبنائنا يخجلون حتى من عزاء الحسين (عليه السلام) مثلاً أو زيارة قبور المعصومين (عليهم السلام) وغيرها كثير، بينما هم يتبجحون بأفعالهم المشينة واللاعقلانية.

6ـ منع التكامل لأفراد المجتمع: لأن الفرد عندئذ يقضي الوقت كله أو أغلبه في مشاهدة الأفلام والمسلسلات، ويبقى الوقت الباقي لديه في ضرورات حياته وأسرته ولا يبقى له وقت آخر ليقضيه في تكامله العلمي والعقلي والديني والروحي، وبهذا يخطط الغرب الكافر أن يكون الجهل والتدني هو الصفة العامة في العالم كله ليكونوا لقمة سائغة له ولأطماعه وأرباحه ولكبريائه.

7ـ تأييد للاستكبار والظلم: وأنها تأييد بخلاف المصلحة العامة وأن الاستكبار إنما يبذُر بيننا هذه الأمور لأجل إبعاد الناس عن المصالح العامة وعن واقعهم وعن مشاكلهم وترك الاحتجاج والمناقشة وخاصة التغافل عن البلاء الوارد علينا من جانب الغرب نفسه.

8ـ لهو ولغو: الإسلام يرفض وسائل اللهو ويحرم الكثير منها؛ لأنها تشغل القلب وتهدر الوقت الذي هو رأس مال الإنسان وقيمته، فبهذا الوقت يكتسب الصديقون والصالحون منازلهم في الجنان، قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (يا بن آدم إنما أنت أيامك).

فانظروا أيها المؤمنون كم تهدر الأفلام والمسلسلات من الوقت وكم حرمنا من صلاة الفجر بسبب السهر على فلم السهرة، فأي كارثة اشد من هذه، وينبغي التفريق هنا بين اللهو المرفوض والتسلية والترويح عن النفس الذي هو أمر عقلائي وضروري للنفس لكي تستعيد نشاطها..

9ـ شغل القلب: القلب يتشبع بما يوضع فيه والأفلام والمسلسلات منهاج مرسوم ومخطط يشغل القلب عن كل أمر مهم، فبدل أن يخشع ويبكي من خشية الله يرتجف ويتحرك لمشهد فلم أو مسلسل، ويبقى مشغولاً به لساعات من الزمن، ومن المؤسف أن ترى المؤمن يذرف الدموع لان بطل المسلسل أو الفلم قد مات، أو يحترق لما يصيبه أو يصيب البطلة من الأذى والضرر، ولا تخرج من عينيه دمعة واحدة ألماً وأسفا على ما يصيب الإسلام والمسلمين من مخاطر وكوارث، فتحولت عواطفنا بعيدة عن الله تعالى.

10ـ التأثر بالآراء والفلسفات المنحرفة: فتوحي للمشاهد أن القيم الأخلاقية والأعمال الصالحة لا جدوى منها وهي مجرد حبر على الورق، ومن ثم تحشر بعض الآراء الفاسدة على ألسنة الممثلين الذين تعطيهم مكانة مرموقة كالطبيب أو العالم أو السياسي، وترسل هذه الأفكار إلى المشاهد فيتقبلها ويتعبد بها دون أن يعرف ما هو مصدرها أو لا يشعر بمدى خطرها على عقيدته.

11ـ تكريس الأنانية عند الإنسان: فيبتعد عن هموم مجتمعه ومشاكله وتعمل على طمس الروح الجماعية ويتولد شعور داخلي لدى المتلقي بأنه مسؤول عن نفسه فقط ويصبح شعاره بمرور الوقت (آني شَعْليّه).

12ـ إضعاف الغيرة: حرص الإسلام على تنمية الغيرة فمنها ينبع الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، وهذا عكس ما يريده الغرب لنا فعن طريق عرض هذه الأفلام والمسلسلات ومشاهدتها من قبل رب الأسرة وزوجته وأولاده تضعف الغيرة على العرض، وان من لا يغار على أهله لا يغار على جاره ومجتمعه حتماً، عن الصادق (عليه السلام) (إن الله غيور يحب كل غيور ومن غيرته حرّم الفواحش ظاهرها وباطنها) وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (أرغمَ الله انف من لا يغار من المؤمنين).

وها أنت ترى مع الأسف الكثير من الرجال تخرج امرأته وبناته شبه عاريات وقد لطخن وجوههن بالمساحيق وهو معهنَّ وعيون الآخرين تلاحقهن وتتلصص على مفاتنهن وكأن الأمر لا يعنيه !!!!!

13ـ تلويث النسل الإنساني: وذلك بتكثير أعداد المواليد غير الشرعيين والذين لا يرتبطون بأسرة، فسيكون هؤلاء ثورة وبركاناً يحطم كيان المجتمع من جهة حقده على المجتمع حيث لم يترب بالجو المشحون بالعواطف فيحس بظلم المجتمع له، ومن جهة أخرى لأنه لم يتربَ على أي قيم أو أخلاق.

والمعروف أن الصهاينة تشجع على هذا الأمر وتمهد له الأرضية من خلال عرض الأفلام التي تصور أن زنى المرأة غلطة بسيطة وطبيعية ويمكن إصلاحها، وأن اجتماع المرأة مع رجل أو أكثر في مكان واحد وبلا رابطة تجمعهم أمر طبيعي جداً، وكل هذا لتهوين هذه الأمور في نفوس الناس واستصغارها بالرغم من خطورتها وبشاعتها.

14ـ تفكيك العلاقات الأسرية: حيث يؤدي انتشار الفساد والفاحشة إلى فقدان الثقة وسوء الظن والاختلاف داخل الأسرة، تفريقاً للمجتمع بتدمير نواته الأولى، فكيف لا يكون ذلك وكل أفراد الأسرة يشاهدون كل يوم هذه المشاهد الخطيرة التي تعبر عن خيانة المرأة لزوجها وكذب البنت على أبيها وأخيها وعلاقاتها غير الشريفة مع شباب الجيران وزملائها، مما يؤدي إلى انطباع هذه الصور والمشاهد في أنفسهم، وبمرور الوقت يقيس على أساسها علاقته مع أفراد أسرته.

والغريب ما نجده من بعض الآباء أنه يهدد ابنته بالذبح عندما يسمع أن لها علاقة مع شاب وقد يصل الأمر إلى ذبحها فعلاً، ألا يعلم هذا الأب الجاهل أنه هو السبب الرئيسي في انحراف ابنته، بسماحه لها بمشاهدة برامج التلفزيون من أفلام وأغاني وغيرها والتي بمرور الوقت تنمو هذا المشاهد بداخلها فتؤدي بها إلى هذا الانحراف، فالمسؤول الأول هو الأب وما يبدر من الأولاد ما هو إلا بسبب تقصيره وتهاونه في تربيتهم التربية الصحيحة، فبادروا معاشر الآباء برفع كل ما يؤدي إلى انحراف أولادكم فأنتم مسؤولون أمام الله تعالى عن كل ما يتعرض له أبناؤكم من ضغوط واتقوا الله لعلكم تفلحون.

15ـ تنمية روح العنف والعدوانية: والهدف منها هو إثارة الغضب (الذي هو مفتاح الشرور ورأس الآثام وداعية الأخطار)، وتنمية روح المقاتلة من أجل الأنا أو التسلط أو السرقة أو من أجل قيم مزيفة وهابطة أو لمجرد اعتبار الغضب والعنف والقسوة من مظاهر الرجولة، والملاحظ أن الأفلام التي تتخذ العنف كمادة أساسية لموضوعها أن أساس السرد أسطوري لا واقع له، فالبطل برشاشة واحدة يقتل جيشاً بأكمله ويسقط الطائرات وغيرها من القصص الأسطورية التي تنمي في الذهن الإنساني روح الاعتقاد بالأسطورة وتوجيهه الوجهة الخيالية لإبعاده عن كل تفكير واقعي سليم، والبعض اخذ يرسم حياته على أساسها فما أن يجلس قوم حتى يكلمهم ببطولاته الزائفة التي لا واقع لها، وحتى أفلام الكارتون مبنى على أساس العنف والصراع والأسطورة فتجد الأطفال بعد مشاهدته يتقاتلون فيما بينهم وكأنهم أعداء.

16ـ ابتذال المرأة: وذلك من خلال تعرية المرأة من كل القيم الأخلاقية السامية كالعفة والحياء وتدنيس طهارتها بغية الاستفادة الجنسية منها بأقصى حد لإشباع رغباتهم الفاسدة والمنحرفة منها.

17ـ غسل الدماغ: فالهدف الأول والأخير للإعلام هو خلق جيل بعيد عن الإسلام يحمل فلسفة وروح وتأريخ أعداء الدين فيصبح جزءاً من قطيع تتحول لغته ولهجته.. حب.. مسلسلة الموسم، وتنطبع على لسانه أغنية الموسم.

عن الصادق (عليه السلام) (أدّبني أبي بثلاث: من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن لا يقيد ألفاظه يندم، ومن يدخل مداخل السوء يُتَّهَم).

ومن المضحك المبكي أنك ترى في كل فترة بروز اسم تقدمه الشاشة يصبح حديث الصغار والكبار في الشوارع والبيوت دون أن يفكر أحد أن هذه الشخصية قد اقتحمت حياتهم لتشغلهم عن مشاكل مجتمعهم، فكم من إحساس بالثورة على المعاصي والمفاسد امتصه لهوٌ بمسلسلة أو فلم فهل من تفريغ وتسيير للعقل أكبر من هذا.

          إن من أهم أسباب تفكيك الأسرة وعدم الترابط بينهم هو الانشداد إلى هذه الأجهزة بدلا من أن يجتمعوا وينشد بعضهم إلى بعض، إضافة إلى ما يشاهدونه من انهيار اجتماعي من خلال المسلسلات فيتركز عندهم عدم الثقة بالنفس ولا بالآخرين، فلا بد من الحذر والحيطة خصوصاً وأن بلدنا أصبح مفتوحاً لكل غزو فكري وأخلاقي واجتماعي، فإذا لم نحصّن مجتمعنا بالوعي والإيمان فإن الانهيار والسقوط متحقق، والعياذ بالله؛ لأن أدوات الفساد قوية ومثيرة وتبهر الإنسان إلا من عصم الله.

          وقد نقلت بعض الأخبار أن (1000) حالة طلاق تحصل في الكويت البلد المسلم كل كذا مدة بسبب جهاز الستلايت وذلك من عدة وجوه:

1ـ إنه يفكك العلاقة الأسرية ويجعل الجميع مرتبطين بهذا الجهاز بدلاً من أن يرتبطوا ببعض فتضعف العلاقة بينهم حتى تذوب وتنتهي.

2ـ إنه يدفع الرجل وكذا المرأة إلى ممارسة الفاحشة بما يثير عندهم من الشذوذ الجنسي مما يجعل الطرف الآخر يشمئز من الاستمرار معه.

3ـ إنه يجعل الرجل لا يكتفي بزوجته ويزدري بها بعد أن يطلع على وجوه وأجساد جذابة فاتنة فينبذ زوجته وكذا العكس، وهو أثر خطير يحصل من كل نظرة إلى الجنس الآخر سواء عبر الصورة في الجرائد والمجلات أو في التلفزيون أو في الشارع؛ لذا شدد الشرع المقدس في وجوب غض البصر من الجنسين وهذا الأثر الخطير يحصل أيضاً من انتشار الصورة الخلاعية في كل شيء حولنا.

4ـ إن ما يعرض في هذه الأجهزة يعتمد زرع الشك في قلب كلا الزوجين لكثرة ما يعرضه من الخيانة الزوجية، حتى يخيَّل للمشاهد أنه لا يوجد طرف نظيف وعفيف في الحياة الزوجية، فإذا حصل الشك فسيفسّر كل طرف تصرف الطرف الآخر على أنه ناشئ من هذه النظرة فإذا عنف زوجته لأمرٍ ما أو أعرض عنها أو لم يلبّ طلباً فذاك من وجهة نظرها لأنه لم يعد يحبها وارتبط بغيرهاً وتبدأ المشاكل بالتضاعف.

إن الشيطان الأكبر جاء بنفسه إلى هنا بعد أن رأى أن شياطينه فشلوا في استئصال عناصر القوة في الأمة الإسلامية وهي العقيدة والأخلاق والعلم والغيرة والتضحية من أجل الدين، وهي أسلحة الدمار الشامل التي جاؤوا لينتزعوها لأنها القوة الحقيقية عند الأمة وبها سينتصر الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) عليهم، فنحن أمام تحدي خطير لأنه يعني إما بقاء الأمة أو فناءها ولا أعني فناءها المادي فإنه ليس ذا قيمة، وما قيمة الإنسان إذا كان بلا روح ولا قيم ولا إيمان [إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً] (الفرقان:44).

إن الغرب حينما يتمسك بأدوات اللهو والعبث ويحاول إشباع نهمته الجنسية فلأنهم:

1ـ فارغون من الوازع الديني والأخلاقي ومن الاعتقاد بالآخرة ولسان حالهم [مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ] (الجاثية:24)، أما نحن فقد خاطبنا الله تعالى: [وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ] (النساء:104) من جنة ونعيم مقيم خالدين فيها.

2ـ إن فلسفتهم المادية تبتني على التمتع أقصى ما يمكن بالدنيا وإطلاق العنان للنفس الأمارة بالسوء لتفعل كل ما تشتهيه، ولا يمتنعون عما فيه لذة أو متعة ولسان حالهم (إننا خُلِقنا لنلهوا ولنتمتع)، ولذا تشاهد اجتماعاتهم الصاخبة في ملاعب الرياضة ودور الفن والملاهي وغيرها وكلما ملت نفوسهم شيئا منها ابتكروا غيره.

3ـ إنهم يفكرون بالأرباح التي يحصلون عليها بهذه الأعمال، ومنها وسائل اللهو والمجون، وهم يحرصون على أن يصل إليهم الدينار والدولار بأي شكل وان كان فيه دمار غيرهم، بل حتى لو كان بطرق غير شرعية بمقاييسهم وعصابات المافيا شاهد على ذلك.

4ـ إلهاء شعوبهم عن مشاكلهم ومظالمهم لتلافي المظاهرات والاحتجاجات بتكثير الملاهي والسينمات ووسائل الفاحشة وأنواع الرياضة واللعب.

فهل نحن فارغون مثلهم وهل أننا نعتقد كما يعتقدون، وهل أننا تجردنا من الأهداف الحقيقية حتى نكون مثلهم وننساق وراء خططهم الخبيثة، وإذا كان الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يقول عن التلفزيون بأنه (سيف مشهور في وجهي) فماذا سيقول عن جهاز الستلايت الذي يفتح فرصاً أوسع للفساد والانحراف.

فاحذروا يا أولي الألباب واخشوا غضب الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فإن الشقاء في حرماننا من لطفه ورعايته، وأكرر ضرورة العودة إلى الكتابين المنشورين اللذين ذكرتهما للاطلاع على تفاصيل هذه الكلمات التي ذكرتها.

    وما هو الحل:

يبدأ الحل بتوعية الأمة إلى هذه المخاطر والآثار السلبية على النفس وعلى الكيان الاجتماعي عموماً، والتي تسرق أول ما تسرق الدين والشرف والكرامة وتجعل صاحبها عبداً ذليلاّ طائعاً لغير الله تعالى فقد ورد في الحديث الشريف (من أصغى إلى ناطق فقد عبده) فإن كان ينطق عن الرحمن فقد عبد الرحمن  وان كان ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان، فلينظر الإنسان وليتأمل في الجهة التي يوصلها إليه هذا المعروض بهذا الجهاز.

والخطوة الأخرى في العلاج هي توفير البدائل المفيدة كالمسلسلات الدينية والبرامج الثقافية والعلمية والمسابقات النافعة، ويمكن تقليل فترة استعمال الجهاز إلى أقل قدر ممكن فلا يؤذن بفتحه في أوقات الصلاة ولا في المناسبات الدينية ولا الليالي الشريفة، والاهتمام بالجلسات العائلية للاطلاع على تفاصيل حياتها، والإكثار من زيارة المؤمنين، والحضور في المساجد والمشاركة في الشعائر الدينية، والحث على قراءة الكتب والمجلات النافعة، وإعطاء جزء من الوقت للكسب والعمل وغيرها مما ذكر في المنشورات المتقدمة.



(1) من أوائل الخطابات التي ألقاها سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بعد سقوط (صدام) مباشرة حيث كانت أول هدية قدمها الاحتلال للشعب العراقي هي مليون جهاز ستلايت لإفساده وقد لخص الخطاب من عدة كتب ألفت تحت إشراف سماحة الشيخ منها (احذر في بيتك شيطان) و(الأفلام والمسلسلات مشكلة وعلاج) وقد طبعت.