خطاب المرحلة (47)...ماذا يعني استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين

| |عدد القراءات : 1144
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ماذا يعني استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين(1)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 [وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ: إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ] (الصافات : 171-173)

 

  هذه السنة الإلهية حقيقة ثابتة لكن الطواغيت والمستكبرين يغفلون عنها لأن حب الدنيا والإخلاد إلى الأرض أعمى بصائرهم [لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ] (الأعراف: 179) فيقعون في نفس الخطأ ولم يستفيدوا من الدروس الكثيرة التي حفل بها التاريخ، ويظنون أنهم حين يرتكبون جرائمهم يثنون المؤمنين المجاهدين عن المضي في طريق ذات الشوكة، ولا يعلمون أن هؤلاء الصفوة أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يقول بكل عزيمة وصدق: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه)، وأن كرامة المؤمن من الله الشهادة و(أن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه).

وإن هذه الدماء الزكية حينما تسقط إلى الأرض فإنها تثمر أبطالاً ومجاهدين، وإنها أعظم السبل لتربية الأمة على التضحية والفداء، وإنهم حين قتلوا المرحوم الشهيد الشيخ أحمد ياسين فجر هذا اليوم فإنما جعلوا منه مدرسة خالدة ترفد الأمة بمشاريع الاستشهاد كما كان حال حياته (طيب الله ثراه). 

وقد اختاره الله تبارك وتعالى لدار كرامته وحباه بالشهادة تكريماً له وتتويجاً لجهاده وليركس الكافرين أكثر ويتحقق عليهم عذاب الله تبارك وتعالى، وهذا هو الصراع الأزلي بين الحق والباطل وهذه هي مستحقاته ومقتضياته فلكل شيء ثمن يعظم بعظمته، وأي شيء أثمن من ديمومة شجرة الإسلام المباركة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

ومن بركات هذه الدماء الشريفة أنها تفضح أعداء الله تعالى الذين يتشدقون بحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية العليا وهم يقتلون شيخاً كبيراً مقعداً مبتلى بالأمراض العديدة وقد خرج لتوه من المسجد بعد أن أدى صلاة الفجر ويتبجحون بهذه الجريمة النكراء ويتبادلون التهاني على هذا الانجاز.

ومن بركات هذه الدماء أنها توحد الأمة وتشعرها بلذة وقوف الأمة صفاً واحداً وقوتها وعزتها.

ومن بركات هذه الدماء أنها تزيد من وعي الأمة وبصيرتها وتريها أن عدوها لا يفرق بين سني وشيعي ولا بين العراق وفلسطين، فقتلت بالأمس الشهداء السعداء السيد الصدر الأول والثاني والسيد محمد باقر الحكيم، واليوم تقتل المرحوم الشيخ أحمد ياسين، فالحرب ليست ضد حركة حماس أو فلسطين أو العراق أو أي بلد آخر، بل المعركة ضد الإسلام الواعي المتحرك الذي يريد الحرية الحقيقية من استعباد الطواغيت وسلطان النفس الأمارة بالسوء.

فسلام الله عليك أيها الشيخ الشهيد يوم ولدت ويوم ربيت الأبطال في مدرستك ويوم قضيت سنين في السجون والتعذيب ويوم صمدت وأبيت الاستسلام ويوم استشهدت صابراً محتسباً مظلوماً وارفع التعازي بل التهاني لذوي الفقيد الشهيد ولأبطال حركة حماس ولكل السائرين على طريق الحق والخلود [وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ] (محمد: 35).

 

محمد اليعقوبي / النجف الأشرف

30 محرم 1425 - 22/3/



(1) بيان صدر في استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين في غزة فجر 30 محرم 1425 الموافق 22/3/2004، حينما وجّهت له إحدى الطائرات صاروخاً وهو على مقعده المتحرك يغادر المسجد بعد صلاة الفجر.