خطاب المرحلة (54)...ملاحظات بين يدي الحكومة المؤقتة الجديدة

| |عدد القراءات : 1538
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ملاحظات بين يدي الحكومة المؤقتة الجديدة(1)

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. 

  لقد شهد العراق خلال الأسبوع الماضي حدثاً كبيراً في تاريخه وهو تعيين رئيس الجمهورية والحكومة للفترة الانتقالية للإشعار بحياة جديدة انبثقت في هذا البلد، وقد افتعلت أزمات في البلد خلال الفترة الماضية لتنشغل الأمة بها ويمرر هذا المشروع كما خطط له وقد اشتركت في حبكه عدة أطراف بعضها مؤثر وبعضها مغلوب على أمره.

إن هذا الحدث يمكن أن نلاحظ عليه عدة نقاط:

1- غياب الصورة الإسلامية عن التشكيل وعدم وضوح ما يشير إلى أن هذه حكومة تمثل بلداً سمته البارزة فعالية التيار الإسلامي فيه وتغطيته لمساحات واسعة من الشعب، ولا يتناسب الوجود الإسلامي في هذا التشكيل مع جسامة التضحيات التي تكبدها هذا التيار خلال عقود البطش الصدامي، حتى أن النساء المنّضمات إليه لا توجد فيهن واحدة ترتدي الحجاب الإسلامي لترمز إلى وجود شريحة واسعة من الملتزمات بالشريعة الإسلامية والتي تمثل أغلبية نساء هذا المجتمع.

وبعد كل هذا يقول مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إن هذا أفضل الممكن أو الموجود.

2- الترحيب العربي والإقليمي الذي حصل بهذه الحكومة رغم أن آلية تشكيلها لا تختلف عما حصل في إنشاء مجلس الحكم حينما اعترضوا عليه ولم يعترفوا به لأنه فاقد للشرعية وغير منتخب من قبل الشعب فما حدا مما بدا ؟ أم أن وراء ذلك أغراضا ونوايا غير نظيفة قد تحققت ؟

3- إن هذه الحكومة غير شرعية بالتأكيد لأنها لم تستند إلى إرادة الشعب ولكنها قادرة على أن تحظى بتأييده لاحقاً حينما يلمس منها هذا الشعب خطوات ايجابية على طريق حل مشاكله وقيادته نحو الاستقرار والبناء والأمن والازدهار، وإن تكون لهم مصداقية وجدية في وعودهم للشعب لأن وظيفتهم الأساسية هي إنهاء الاحتلال بتسلم السيادة الكاملة، والإعداد الكامل لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وتصريف أعماله خلال المرحلة الانتقالية.

ويتفرع عن ذلك عدم وجود حق لهذه الحكومة في اتخاذ قرارات ستراتيجية وتكبيل الشعب وحكومته الدستورية بعقود ومعاهدات وقوانين ملزمة لتلك الحكومة التي ينتخبها الشعب.

4- إن البلد قد عانى خلال الأشهر الأربعة عشر من عمر الاحتلال من أزمات ضخمة كلفته الكثير من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية التي ما كان ليتحملها لولا صبره وترقبه وحسن ظنه بالله تعالى، وقد أرجعنا أسباب تلك الأزمات إلى عدة أمور في بعض بياناتنا السابقة ومنها التخبط في العملية السياسية، تجاهل إرادة الشعب، عدم الجدية في إعمار البلد وتحسين وضع أهله، عدم إيجاد فرص العمل الكافية وغيرها.

   وإذا شخصنا الأسباب فلا بد من العمل بصدق وإخلاص على تلافيها وعدم تكرار الوقوع فيها فإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وقد لدغ شعبنا مرات ومرات.

إن عيون هذا الشعب المضطهد المحروم الذي يستحق كل تكريم ورعاية تترقب من الحكومة الجديدة أن تمسح بيدها على جروحه وتخفف عن آلامه وتعينه على المكاره ولا تضيف إليه هماً على همه ومصيبة على مصائبه فينعدم عنده الأمل ويدب إلى قلبه اليأس فلا يجد حلاً أمامه إلا  الانتحار.

 

 

محمد اليعقوبي

14 ربيع الثاني 1425

3 / 6 / 2004



(1) اختار مجلس الحكم حكومة مؤقتة برئاسة الدكتور أياد علاوي يوم 12 ربيع الثاني 1425 الموافق 1/6/2004 قبل موعد تسليم السلطة للعراقيين الذي حددّه قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية في الثلاثين من حزيران.