خطاب المرحلة (78)...المبادئ الثابتة في السياسة

| |عدد القراءات : 3018
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

المبادئ الثابتة في السياسة([1])

 بسم الله الرحمن الرحيم

 لا شك أن انشغالكم بالمسؤوليات العظيمة في هذه الفترة العصيبة من حياة الأمة توجب على الجميع مؤازرتكم ومساعدتكم بحسب ما نحسنه وما يرتبط بوظيفتنا، لذا رأيت من المناسب أن أقدم بين أيديكم هذه الأفكار التي تنجح عملكم بإذن الله تعالى.

اشتهر بين السياسيين قولهم (لا توجد عداوات ثابتة ولا صداقات ثابتة وإنما توجد مصالح ثابتة)، ونحن نقول توجد (مبادئ ثابتة)، والمصالح الحقيقية ليست هي التي نقررّها نحن وإنما التي تنسجم مع هذه المبادئ، وفي الحقيقة فإن الابتعاد عن هذه المبادئ هو الذي أدى بعلمائنا إلى الابتعاد عن العمل السياسي وإنشاء الأحزاب التي تعمل لإقناع الأمة بالإسلام فكراً ومنهج حياة، وإلا فإن مشروع تكوين الأحزاب والجماعات والتنظيمات ورد في القرآن الكريم [أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] (المجادلة: 22) [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ] (آل عمران: 104).

وقد أسس أمير المؤمنون (عليه السلام) أول حزب بالمعنى المتعارف وسمى أعضاءه (شرطة الخميس) وانضم إليه عيون أصحابه وعظمائهم.

فالمشكلة إذن ليست في أصل تشكيل الأحزاب ولا ممارسة العمل السياسي بل هي من صميم العمل الإسلامي، وإنما المشكلة في التطبيق الذي ينحرف عن المبادئ الثابتة للعمل والأطر العامة التي تحدده.

فما هي المبادئ التي يجب أن يراعيها الساسة؟

أولاً: سمو الهدف بأن يكون هدفه ابتغاء رضوان الله تعالى في كل جزئيات عمله فلا شيء يستحق أن يعمل من أجله إلا الله تبارك وتعالى، وما عداه فهو زخرف وسراب لأنه زائل فلا قيمة له حيث تذهب لذته وتبقى تبعته

ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ        وكــل نعـــيـــم لا محــالة زائــلُ

وحينما يعيش الإنسان هدفاً كبيراً فإنه تزداد همته وتقوى عزيمته وتذوب عنده الكثير من الأمراض المعنوية كالحسد والتنافس على شيء من الأمور الدنيوية وسيترفع عن الكثير من الأفعال التي يبتلى بها غيره، وقد وضع علماء الأخلاق امتحانات للنفس الإنسانية ليروا صدقها ونجاحها، فمثلاً لكي يختبر الإنسان إخلاصه لينظر انه لو نافسه أحد على موقع وكان الآخر أولى منه هل يتنازل عنه بكل رحابة صدر؟ وإذا قدّم أعمالا جبارة ولم يذكره أحد وإنما بقي مجهولاً معتّماً عليه لا تذكره وسائل الإعلام فهل يتأذى من ذلك؟

إن المخلص يعلم أن عمله بعين الله تبارك وتعالى فلا يضيره أن يجهله أهل الأرض عكس الذي يستهدف حب الظهور والجاه والثناء والموقع ونحوها فإنه يسعى إليها [لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] (آل عمران:188)  [قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً] (الكهف:103-104).

وتوجد عدة عوامل تساهم في تحقيق الإخلاص لله تبارك وتعالى عند الإنسان:

1- قوة القلب والشجاعة والإرادة الصلبة في اتخاذ الموقف وعدم الضعف أمام المغريات؛ لأن كثيراً ممن يطلبون غير الله ويعملون لغير الله يعلمون بعدم جدوى ذلك، إلا أنهم يضعفون أمام أهوائهم ونزواتهم ولو كانوا ذوي عزم لما خيروا بين أمرين إلا اختاروا أرضاهما لله تبارك وتعالى ومن هنا أشار القرآن الكريم إلى العزم في عدة موارد [فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ] (الأحقاف: 35) [فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً] (طـه: 115).

2- العلم والمعرفة فإن الإنسان كلما ازداد علماً ومعرفة بمصالح الأفعال -في الدنيا- كان أكثر اندفاعاً للقيام بها، وكلما كان اعرف بمفاسدها كان أكثر اجتناباً لها وكذا على صعيد الآخرة أي العلم بالثواب والعقاب، فكل من العلمين يساهم في الدفع بالاتجاه الصحيح، فمثلاً نجد أن ملايين في الغرب اجتنبوا الخمر والتدخين اقتناعاً بإضرارهما ومفاسدهما فكيف إذا انضم إليها معرفة المصير في الآخرة.

3- المستشار الناصح الذي لا يبخل بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة التي تزيد في الهدى وترد عن الردى وتسوق نحو الصلاح والسعادة، فجعل الله تبارك وتعالى أثمن هدية للأخ المؤمن هي النصيحة.

4- لطف وتوفيق من الله تبارك وتعالى وهذا حاصل ابتداء لكن الإنسان بإخلاصه يستنزل المزيد ومن مظاهر هذا اللطف قوله تعالى [وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ] (الحجرات: 7) بعكس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء اللذين يزينان المعصية [وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً] (النساء: 60) [أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ] (الجاثـية: 23) [إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ] (يوسف: 53).

وبهذه البصيرة التي يكشف بها الله لعبده حقائق الأمور يزداد المؤمنون إيماناً وتسليماً وتثبيتاً فينفر من حب الدنيا لأنه يرى حقيقتها عبارة عن جيفة تتنافس عليها الكلاب، ويرى المرأة التي تدعوا إلى المعصية على صورتها الباطنية الشوهاء فيبتعد عنها بلا تكلف كما حصل لنبي الله يوسف (عليه السلام).

ثانياً: نظافة الوسائل: فنحن نرفض ما يقال (الغاية تبرر الوسيلة) ولا نكتفي بكون الهدف نبيلاً وإنما يجب أن تكون وسيلة الوصول إلى الهدف نظيفة، ولا قيمة للنتائج التي تحقق بوسائل لا إنسانية كما يفعل السياسيون عدا من التزم بالشريعة الإلهية، ولذا كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كلما بعث أميرا أو قائداً عسكرياً أوصاه بجملة وصايا رغم أنهم كانوا من الصحابة الذين عايشوه واستمعوا إلى الوحي والتنزيل فيقول لهم (لا تقتلوا امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً ولا تقطعوا شجرة ولا تجففّوا مصدراً مائياً ولا تلقوا السم في مأكل ومشرب الخصوم ولا تجهزوا على جريح ولا تبتدأوهم بقتال واعرضوا عليهم الإسلام أولاً [وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا] (الأنفال: 61) وغيرها من الوصايا، وكان يبادر إلى معالجة أي خطأ يقع فيه قادته ويبرأ إلى الله مما يفعلون، كما تبرأ علناً من فعل أحد أمراء جيشه حينما قتل شخصاً تشهد الشهادتين فاعتقد الأمير أن إسلامه ليس حقيقياً وإنما كان خوفاً من السيف.

ثالثاً: الترفع عن حب الدنيا بكل أشكالها التي جمعتها الآية الشريفة [زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ] (آل عمران: 14) وهي مصاديق ذكرها القرآن ويمكن أن تنطبق العناوين على غيرها، ولعل أشدها فتكاً بدين الإنسان حب الجاه والموقع الذي يدفع بصاحبه إلى ارتكاب أقبح الجرائم من أجل نيله وهو أكثر المظاهر الدنيوية تشبثاً بقلب الإنسان حتى ورد في الحديث (آخر ما ينزع من قلوب الصديقين حب الجاه)، وقد نقل التأريخ جرائم كبرى بحق الإنسانية جمعاء كان دافعها هذا الداء الوبيل، لذا حذرنا الله تعالى والأنبياء والأئمة والصالحون من حب الدنيا ووصفوه بأنه رأس كل خطيئة ومنشأ كل رذيلة، وطريق معالجة هذا الداء نظرياً بالاستزادة من الموعظة والتذكير بالعاقبة والتعرف على النتائج القبيحة لمن آثر حب الدنيا [وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فإن الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى] (النازعـات:40-41)

وعلاجها عملياً بعدم الانسياق وراء بهرجة الدنيا وزخرفها مهما تجملت وأبدت محاسنها ومفاتنها، وشيئاً فشيئاً يستطيع الإنسان أن يبني نفساً قوية لا تميل إلى شيء من هذا كله، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الفزع الأكبر).

رابعاً: تذويب الأنانيات سواء كانت الشخصية أي جعل المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار أو الحزبية أو الطائفية أو العرقية أو أي شيء آخر، ولا يعني هذا أنك لا تعمل لقومك ولجماعتك فهذا مطلوب منك ولكن المرفوض هو التعصب الذي هو من سمات الجاهلية بحيث ترى شر قومك أفضل من خير الآخرين، فيستأثر المتعصب بالأمور له ولعصبته من حزب أو قبيلة أو قومية، ويقرب من ينتمي إليه وإن كان سيئاً فاسداً، ويقصي من لا ينتمي إليه وإن كان كفوءاً مخلصاً.

 وهذه الأنانية هي التي توجب التشاجر والتقاطع والتنافس غير المحمود وتؤدي إلى القتال، فلا بد أن يكون الانتماء –الذي لا يخلو منه إنسان- للحزب أو المدينة أو الطائفة أو القومية ذا دور بنّاء من دون الاعتداء على الآخرين أو غمط حقوقهم [وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ] (هود: 85).

خامساً: حب الناس والرحمة بهم والعمل من اجلهم وإفشاء العدل والسلام بينهم وإيصال حقوقهم، وهو الهدف الأسمى من بعثة الأنبياء وإنزال الشرائع السماوية [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] (الأنبياء:107) وفي عهد الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر (واستشعر قلبك الرحمة للرعية فإنهم صنفان: إما أخ  لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

وقد ضمت جوامع الحديث توصيات جمة بهذا المجال حتى جعلت هذه الأعمال الإنسانية من قضاء حوائج الناس وإدخال السرور عليهم ورد لهفتهم والتفريج عن مكروبهم والتخفيف عن آلامهم وتحقيق أمانيهم أفضل القربات إلى الله تبارك وتعالى وأكثر أجرا من العبادات الفردية كالصلاة والصوم، وفي بعض الروايات أن امرأة معروفة بالفسق والفجور دخلت الجنة في قطة عطشى سقتها ماءً.

فيجب أن يتحلى السياسي بقلب مملوء بالرحمة والعطف ويفيض بالعواطف الجياشة كما كان قلب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وقادة الإسلام العظماء، أما قاسي القلب فلا نتوقع منه خيراً للرعية فلتجعل ضمن اختبارات الساسة والقادة هذا الحس المرهف والعاطفة الجياشة، كما نقل عن بعض القادة التأريخيين أنه عاقب أحد مساعديه لأنه سحق برجله وردة، والآخر حذرّ ممن لا يحب الموسيقى لأنها تعني أن عواطفه وأحاسيسه جامدة وإن كنا لا نحتاج إلى هذه الأمثلة لأننا في غنى عنها بما ورد في سيرة نبي الإسلام (صلى الله عليه واله وسلم) والأئمة الهداة، فقد وبخ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أحد أصحابه لأنه اصطاد عصفوراً لهواً وقال له: استعد للمساءلة يوم القيامة فإن العصفور سيخاصمك ويقول يا رب سل هذا لماذا قتلني وهو غير محتاج للحمي، وغيرها كثير مما لا يسعها هذا البيان المختصر.

سادساً: الحوار والعمل المشترك مع كل من ترتبط به بقواسم مشتركة سواء أكانت دينية أو وطنية أو إنسانية فإنه ادعى لتحقيق الرفاه والسعادة وتجنب المشاكل والأخطار وحماية الأمة من الكوارث والويلات، والالتزام بهذا الأسلوب ما وجد إليه سبيلا فإنه يريح البال ويوفر الدعة والأمان والسلام للرعية ويوفر الفرصة للإعمار والبناء عكس لغة العنف والمواجهة والاحتراب.

سابعاً: الصراحة مع الأمة فقد تعود الساسة التضليل والدجل وخلط الأوراق والتعتيم على الحقيقة والتظاهر بغير ما هو الواقع، وهذا يولد انفصالاً بين القيادة والأمة وينزع الثقة منها، ويؤدي إلى تقاعس الأمة عن التفاعل مع مشاريعها وحركتها، بعكس الصراحة والشفافية فإن لها عدة ثمرات: زيادة الرابطة بين القيادة والأمة، عذر القيادة في حالة قصورها عن تحقيق كل أماني الأمة، زيادة وعي الناس السياسي، مشاركة الأمة في تحمل مسؤولية القرار، وغيرها.

وتجد هذا واضحاً في سيرة قادة الإسلام فإن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) صارح الذين خرجوا معه لاعتراض قافلة قريش أنها قد أفلتت وقد تعين عليهم خوض الحرب معهم، وصارح الحسين (عليه السلام) الخارجين معه من مكة إلى كربلاء انه ليس ذاهباً لتسلم ملك أو سلطة بل انه قادم على الموت، وغيرها من الشواهد.

وقد شهدت جماهيرنا حالة من التعتيم خلال الأشهر الثلاثة التي تلت الانتخابات([2]) فتولد لها امتعاض شديد على الذين جازفت بحياتها من أجل انتخابهم، وهذه حالة سلبية يجب على القادة تجنبها مع الاحتفاظ طبعاً بالأسرار التي لا يمكن إذاعتها.

ثامناً: أن القيمة العليا تعطى للإنسان ولحقوقه المشروعة ولا يجوز انتهاك حرمته لأي مبرر مهما كان مهماً عند أصحابه، قال تعالى [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً] (الإسراء:70)  وما أنزلت الشرائع وبعث الأنبياء إلا لتنظيم حياة هذا الإنسان وتوفير السعادة له، وعلى هذا فيجب احترام إرادة الإنسان وحقوقه، ولا يجوز سوقه كرهاً باتجاه إشباع نزوات الحاكم وأهوائه وأطماعه الجنونية، لذا اتجهت الدول المتحضرة إلى كتابة الدساتير التي تضمن حقوق الإنسان وتبين صلاحيات السلطة لتحدَّ من الطموحات غير المشروعة للحكام.

تاسعاً: المصداقية ومطابقة القول للفعل، قال تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ،كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ] (الصف: 2-3) فلا بد لكل إنسان وخصوصاً السياسي الذي يتصدى لقيادة الأمة، أن يكون صادقاً مع نفسه وصادقاً مع ربه وصادقاً مع الآخرين، وأسوأ الخيانة خيانة الأمة وأفظع الغش غش الأئمة إلى درجة يقول أمير المؤمنين بعد أربع سنوات قضاها في الكوفة رئيساً لدولة مترامية الأطراف (لو خرجت منكم بغير القطيفة التي جئتكم بها من المدينة لكنت لكم خائناً).

هذه إشارة مختصرة بمقدار ما تتسع له المناسبة وتوجد تفاصيل كثيرة لهذه النقاط في كتاب (دور الأئمة في الحياة الإسلامية) المطبوع وسلسلة محاضرات (الأسوة الحسنة في بناء الذات وإصلاح المجتمع) وهي دراسة تحليلية في أعظم وأغنى قيادة إنسانية وهي قيادة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سادة خلقة الأنبياء العظام والأئمة الهداة.

 

محمد اليعقوبي

النجف الأشرف

6 ربيع الثاني 1426

15/5/2005



([1]) تقرير الكلمة التي تحدث بها سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في اجتماع الأمانة العامة لحزب الفضيلة الإسلامي في داره يوم الجمعة 4 ربيع الثاني 1426 المصادف 13/5/2005، وحضر الاجتماع الدكتور نديم الجابري الأمين العام للحزب والأستاذ القاضي محمد عبد الساعدي نائب الأمين العام وممثلي الحزب في الجمعية الوطنية وأعضاء المكتب السياسي وأمناء الفروع في المحافظات، وقد نقح سماحة الشيخ الكلمة وبعثها برسالة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس الجمعية الوطنية ونوابهم والوزراء وأعضاء الجمعية الوطنية المنتخبين.

([2])  هي المدة التي استغرقتها تقريباً مفاوضات تشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور الجعفري.