خطاب المرحلة (129)...البصرة رائدة الإصلاح الوطني

| |عدد القراءات : 1650
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

البصرة رائدة الإصلاح الوطني

 بعد فشل الكثير من دعوات (المصالحة الوطنية) والمشاريع التي تسعى لإخراج العراق الجريح من أزمته، رأى سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) أن نبدأ بمشروع لحل الأزمة في محافظة معينة ونهيئ أسباب نجاحها الذي إن تحقق بفضل الله تبارك وتعالى فإنه يمكن تعميمه إلى عموم العراق، وقد اختار سماحته محافظة البصرة للبدء به وبعث وفداً تألف من الفضلاء جناب الشيخ محمد الهنداوي والشيخ علي الإبراهيمي والأستاذ الدكتور السيد عبد الوهاب الحكيم للالتقاء بمحافظ البصرة ورئيس وأعضاء مجلس المحافظة والواجهات الدينية والسياسية والعشائرية في المحافظة ودعوتهم إلى تبني المشروع على أنه مشروعهم، وبعث سماحته بيد الوفد خطاباً ذكر فيه أسباب تلكؤ عملية المصالحة الوطنية ومبررات اختيار البصرة كأول ساحة لتنفيذه، ثم حثّ المسؤولين على إنجاح المشروع وتهيئة المقدمات لذلك واليكم نص الخطاب.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

البصرة رائدة الإصلاح الوطني

 

مع شكرنا لكل الجهود المخلصة والمساعي الحثيثة لإنقاذ العراق الجريح من معاناته التي يمر بها التي تدمي قلب كل غيور وشريف، إلا أن هذه الجهود لم تؤتِ النتائج المطلوبة لتعقيد الحالة، وتشابك المصالح، وتباين الإيديولوجيات وغياب الحس الوطني لدى الكثيرين، وطبيعة الاصطفافات الموجودة، وعدم صحّيّة الأجواء التي ترافق الحالة، فبدلاً من شعور الأطراف بأنهم أخوة وأبناء بلد واحد وهو العراق وركاب سفينة واحدة أن غرقت غرق الجميع وان سلمت سلم الجميع، تجدهم يتصرفون كفرقاء متخاصمين يريد كل منهم أن يقضم من مساحة الآخر اكبر ما يستطيع إلى غيرها من الأسباب التي تحتاج إلى دراسة مستقلة.

لذا فأرى من الصحيح أن نبدأ بتأسيس نموذج للتعايش السلمي والوحدة الوطنية ونشر ثقافة احترام الآخر بكل خصوصياته وحقوقه في إحدى محافظات العراق والمؤمل نجاحه بفضل الله تبارك وتعالى وبالإعداد الجيد له، ومن ثم الانطلاق به إلى سائر المحافظات الأخرى بعد أن يقنع الجميع بنجاحه.

والبصرة الفيحاء نموذج صالح لقيادة هذا المشروع لوعي أهلها ووطنيتهم المشهود لها وحرصهم على تنظيف مدينتهم من كل مظاهر العنف والتخريب والاضطراب والإرباك والفساد، ورغبتهم أن يروا مدينتهم عاصمة اقتصادية ليس للعراق فحسب بل للخليج كله، ومن بؤر الاستقطاب الاقتصادي العالمي، وهي مؤهلة لممارسة هذا الدور بما يتوفر فيها من ثروات ومنافذ مائية وبرية وطرق جوية وخزين بشري أكاديمي متخصص ومهني وخبرات متراكمة، وما يتمتع به أبناؤها من أخلاق طيبة وخصال حميدة حببتهم إلى كل العراقيين بل أبناء المنطقة والعالم.

إن كل أبناء البصرة المسلمين سنة وشيعة وغير المسلمين من كافة الطوائف والأعراق تواقون لهذا المشروع، وليس من مصلحة أحد عدم المساهمة فيه فضلاً عن معارضته، فالكل حريص على رؤية بصرة مستقرة آمنة مرفهة تتمتع في حقوقها المشروعة في ثرواتها وتستقطب كل الاستثمارات في العالم، ولا يوجد عاقل يحب استمرار حالة العنف وانفلات الأمن والجميع يذهب ضحيته، وإذا استمر الحال هكذا فإن الاحتمالات المتصورة كلها كارثية كتقسيم العراق أو إنشاء مناطق وجيوب طائفية وعرقية لا تقف الحروب والنزاعات بينها، فهل يوجد من يفضل هذا على عراق موحد قوي مزدهر يتآخى فيه أبناؤه ويعيشون بمودة ووئام.

كما أن من مصلحة قوى الاحتلال والدول الإقليمية ذلك وهي واهمة إذا ظنت أن حالة البلبلة والفوضى حتى المسيطر عليها أو البناءة([1]) كما يسمونها في العراق تخدمها، حتى وان بدا ذلك على المدى القريب فإنه عكس ذلك على المدى البعيد فلتنظر الخير لأنفسها.

حضرة السيد رئيس مجلس محافظة البصرة المحترم

حضرة السيد محافظ البصرة المحترم

حضرات السادة أعضاء مجلس محافظة البصرة الموقرين

حضرات السادة ممثلي المرجعيات والطوائف الدينية والأحزاب السياسية والكيانات الاجتماعية

حضرات السادة رؤساء العشائر ووجهاء محافظة البصرة

حضرات السادة ممثلي الدول العربية والإسلامية والأجنبية في البصرة

إنكم أولى من يحمل هذه الأمانة ويشمّر عن ساعد الجد لإنجاح هذا المشروع مستفيدين من أجواء الصفاء والنقاء والتسامح والأخوة التي يشيعها شهر رمضان المبارك.

وقد هيأت المرجعية الرشيدة الأرضية لنجاح مشروعكم، حينما حرّمت على غير الجهات الرسمية القتل وأعمال العنف حتى على مستحقه بسبب إفضائه إلى اختلال النظام الاجتماعي العام، وهو من اكبر المخاطر التي يريد الشارع المقدس دفعها وإيكال أمر محاسبتهم ومعاقبتهم إلى الجهات التنفيذية والقضائية، وهذا حكم نافذ على الجميع مهما تنوعت مرجعياتهم وطوائفهم لعدم جواز نقض حكم الحاكم الشرعي حتى لمجتهد غيره، كما أن وثيقة (إسناد القانون في البصرة) التي وقّعتها كل الأحزاب والشخصيات الفاعلة في البصرة تصلح ورقة أولية لانطلاق هذا المشروع المبارك.

أن الآمال المعقودة على مساعيكم المباركة وان كل بسمة تعود إلى شفتي مظلوم أو محروم أو مضطهد أو خائف لهي حسنة تثقل بها موازينكم وان الله لا يضيع اجر من أحسن عملاً وان كل مشروع ايجابي تؤسسونه وتعملون على إنجاحه إنما هي صدقة جارية يأتيكم أجرها بعدد من ينتفع منها

[وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ] (التوبة:105).

 

عشية النصف من شعبان لمبارك1427

الموافق 9/9/2006

 

ملاحظة: نجحت هذه المبادرة الكريمة والتي لاقت تجاوباً واسعاً من مختلف الجهات السياسية والدينية والاجتماعية إضافة لأبناء المرجعية الرشيدة، لكن أطرافاً ترى في نجاح المرجعية وأذرعها الفاعلة في المجتمع تهديداً لمصالحها، فأصبح همها إفشال عمل أبناء هذا الخط الشريف ولو كان على حساب البصرة وأهلها، فسارعوا إلى اتخاذ قرارات عملية مستغلين هيمنتهم على الحكومة المركزية فسحبوا الصلاحيات الأمنية من محافظة البصرة وشكّلوا لجنة أمنية هزيلة سمحت للعصابات المسلحة التي تخدم أجندات أجنبية بالعبث بأمن البصرة فقامت باغتيالات شملت الأطباء والأساتذة الجامعيين والنساء وعلماء الدين والكسبة، ثم فرضت الإتاوات على الناس وتدخلت في عمل مؤسسات الدولة وسيطرت على الموانئ والكمارك والنفط وغيرها من المصالح الوطنية، وإلصاق التهم وإشاعة الأكاذيب لتسقيط مرجعية سماحة الشيخ (دام ظله) وأتباعه وإحباط تقدمهم وكذبوا بقوة حتى صدّقهم كثر من الناس.



([1])  إشارة إلى مشروع (الفوضى الخلاّقة أو البنّاءة) دعت إليه وزارة الخارجية الأمريكية رايس وسعت إلى تنفيذها في العراق والمنطقة.