خطاب المرحلة (137)... مسؤولية المرجعية عن المتصدين لإدارة الدولة

| |عدد القراءات : 1247
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ےمسؤولية المرجعية عن المتصدين لإدارة الدولة([1])

 تُحمِّل القواعد المؤمنة –التي أطاعت أوامر المرجعية الرشيدة و توجهت إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحيها إلى البرلمان و من ثم الحكومة رغم تهديدات الإرهاب- مسؤولية الفشل على المرجعية نفسها.

و بغض النظر عما قلناه سابقا من أن الإدلاء بالصوت في صناديق الاقتراع هو حق قبل أن يكون واجبا ألزمت به المرجعية، و الحق يستوفى و أن غلت التضحيات إذا كان مقدسا كحق اختيار من يدير شؤون الأمة ويرعى مصالحها.

و بغض النظر عما قلناه أن المرجعية قد تحرّت المصلحة الشاملة للشعب حينما قالت كلمتها وحاولت هداية الأمة إلى ما فيه صلاحها و [مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيل] (التوبة:91) .

و لسنا بصدد بيان أسباب الفشل في أن يكونوا بالمستوى الذي نطمح إليه وكم منها يرجع إلى التقصير الذي يُسألون عنه، وكم منه يرجع إلى القصور الذي يعذرون فيه.

لكنني أريد أن أشير إلى أن كثيرا من المشاريع الإصلاحية للأنبياء و الرسل و الأئمة و العلماء و القادة إنما تفشل في بلوغ المراد بسبب القيادة الوسطية التي تدير مفاصل المشروع و تتعامل ميدانيا مع الجمهور، و لنأخذ مثالا من حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الحلقة القريبة منه و التي تصدَّت لقيادة المشروع الإسلامي من بعده رغم أنها واكبت مسيرته الطويلة خلال عشرين عاماً و تعرف أنه مسدد من الله تعالى [وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى] (النجم:4) لما دنت منه الوفاة و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) (ائتوني بدواة لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا من بعده أبداً) قال أحدهم (إن الرجل ليهجر) و اختلفوا عنده حتى زجرهم و أمرهم بالخروج من داره لأنهم علموا أن كتابه (صلى الله عليه وآله وسلم) يخالف مصالحهم و يحبط مخططاتهم .

و أما توبيخ أمير المؤمنين لأصحابه الذين ملأوا قلبه قيحا فقد ملا بطون الكتب، وهي عين المشكلة التي يواجهها الإمام المنتظر في غيبته الطويلة فانه ينتظر وجود (313) رجلا يقود بهم مشروعه العالمي العظيم ولم يجدهم إلى الآن.

فالحالة التي تشكو منها الجماهير طبيعية وتاريخية و أن كانت سيئة في نفسها، وما دمنا ممهدين للظهور الميمون فعلينا أن نعمل لبناء هذه الحلقة الوسطية القادرة على إنجاح المشروع الإلهي، وأريد أن الفت نظر كثير من المعترضين إلى أن أي واحد منهم لو تصدى إلى موقع المسؤولية لما كان أفضل من صاحبه بدليل أن تغييرات كثيرة تجري و وجوها تتبدل ولم يتحسن الحال و ربما ساء في كثير من الحالات .

فعلى الجماهير أن تعي- كجزء من الحل- أن هذه المشكلة متأصلة و مهما بذلنا من جهد فإننا لا نستطيع استئصالها، و أتذكر إنني قلت للسيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) في أوائل تصديه للمرجعية بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991 أن أخطاء موروثة للمرجعية أوجبت نفور الناس فما هو تخطيطك لتجنبها ؟ قال (اعلم أن الأخطاء المحسوبة على المرجعية على قسمين : فبعضها هي مسؤولة عنها و يمكن إصلاحها وأخرى لا يمكن إصلاحها) .

و لكنني أكرر مسؤوليتي عن متابعة المتصدين و مواصلة نصحهم و توجيههم وتصحيح مسيرتهم، ولكنني لا أدعي العصمة لنفسي و لست فوق أن أخطئ، كما إنني لا أتوقع التطبيق الكامل لكل ما أقول قصورا أو تقصيراً، وهذه حالة لدى الجميع بمن فيهم المعترضون على المرجعية -.

وأُقِّربُ لهم الفكرة بمثال- فإنهم كلهم مكلفون من قبل الله تعالى على لسان نبيه العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم)  و الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) بتعاليم وأحكام فما هي نسبة تطبيقهم لها؟ رغم أن المسؤولية أمام الله تبارك وتعالى ونبيه و الأئمة الطاهرين أعظم من المسؤولية أمام المرجعية!

ولذا قلت قبل قليل أن المشكلة متأصلة، فليخفف المؤمنون من شعورهم بالاحتقان و الامتعاض و الاعتراض (فإن الشكوك و الظنون لواقح الفتن ، ومكدرة لصفو المنائح و المنن)([2]). وقد ورد في بعض الوجوه لتفسير قوله تعالى [لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ] (الفتح:2) إنها الأخطاء التي تحسب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بجريرة أصحابه كفعلة خالد بن الوليد في بني جذيمة.



 ([1]) من كلمة لسماحة الشيخ (دام ظله) مع وفد من مدينة الشعلة في بغداد وآخر من مدينة الناصرية ليلة الخميس 10 شوال 1427هـ المصادف 2/11/2006.

([2]) من أدعية الصحيفة السجادية.