منتخب سبل السلام

| |عدد القراءات : 2081
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

منتخب سبل السلام

(أحكام النذر)

( مسألة 492 ) : النذر هو (ان يجعل الشخص لله على ذمته فعل شيء أو تركه).

( مسألة 493 ) : لا ينعقد النذر بمجرد النية بل لابد فيه من الصيغة ويعتبر في صيغة النذر اشتمالها على لفظ (لله) أو ما يشابهه من اسمائه المختصة به ، فلو قال الناذر مثلاً (لله عليَّ أن آتي بنافلة الليل) أو قال (للرحمان عليّ أن اتصدق بمائة دينار) صح النذر ، وله أن يؤدي هذا المعنى بأية لغة اُخرى غير العربية ، ولو اقتصر على قوله (علي كذا) لم ينعقد النذر وان نوى في نفسه معنى (لله) ، ولو قال (نذرت لله أن اصوم) أو (لله عليّ نذر صوم) ففي انعقاده اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.

( مسألة 494 ) : يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عن التصرف في متعلق النذر ، فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزاً ، وكذلك نذر المجنون ـ ولو كان ادوارياً ـ حال جنونه ، والمكره ، والسكران ، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد أو الاختيار ، والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من امواله ، والسفيه سواء تعلق نذره بمال خارجي أو بمال في ذمته.

( مسألة 495 ) : يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدوراً للناذر حين العمل ، فلا يصح نذر الحج ماشياً ممن ليس له قدرة على ذلك ، وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحاً شرعاً حين العمل كأن ينذر فعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه ، وأما المباح فإن قصد به معنى راجحاً كما لو نذر أكل الطعام قاصداً به التقوّي على العبادة مثلاً انعقد نذره وإلاّ لم ينعقد ، كما ينحل فيما إذا زال رجحانه لبعض الطوارئ كما لو نذر ترك التدخين لتتحسن صحته ويقوى على خدمة الدين ثم ضرّه تركه.

( مسألة 496 ) : لا يصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها فيما ينافي حقه في الاستمتاع منها ، وفي صحة نذرها في مالها من دون اذنه ـ في غير الحج والزكاة والصدقة وبرّ والديها وصلة رحمها ـ اشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه ، ويصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فيه أم لا ، ولكن إذا نهاه أحد الأبوين عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه راجحاً في حقه انحل نذره ولم يلزمه الوفاء به ، كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي إليه على هذا النحو.

( مسألة 497 ) : إذا نذر المكلف الاتيان بالصلاة في مكان بنحو كان منذوره تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة ، فإن كان في المكان جهة رجحان بصورة أولية ـ كالمسجد ـ أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر كما إذا كان المكان أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر صح النذر وإلاّ لم ينعقد وكان لغواً.

( مسألة 498 ) : إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء ، فلو أتى بالفعل ـ قبله أو بعده ـ لم يعتبر وفاءً ، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه ، أو أن يصوم اول كل شهر ، ثم تصدق قبل شفائه ، أو صام قبل اول الشهر أو بعده لم يتحقق الوفاء بنذره.

( مسألة 499 ) : إذا نذر صوماً ولم يحدده من ناحية الكمية كفاه صوم يوم واحد ، وإذا نذر صلاة من دون تحديد كيفيتها أو كميتها كفته صلاة واحدة تامة حتى لو كانت ركعة واحدة كالوتر، وإذا نذر صدقة ولم يحددها نوعاً وكماً اجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة ، وإذا نذر التقرب إلى الله بشيء ـ على وجه عام ـ كان له أن يأتي بأيّ عمل قربي ، كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل ، ونحو ذلك من طاعات وقربات.

( مسألة 500 ) : إذا نذر صوم يوم معين لم يجز له السفر في ذلك اليوم اختياراً من غير ضرورة، نعم يجوز له ذلك إذا وجد مرجّح شرعي أو عقلائي أو شخصي فيفطر ويقضيه ولا كفارة عليه ، وإذا لم يسافر فإن صادف في ذلك اليوم أحد موجبات الافطار كمرض أو حيض أو نفاس أو اتفق احد العيدين فيه أفطر وقضاه ، أما إذا أفطر فيه ـ دون موجب ـ عمداً فعليه القضاء والكفارة ، وهي كفارة حنث النذر الآتي بيانها.

( مسألة 501 ) : إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في ذلك الزمان فقط ، وإذا نذر تركه مطلقاً أي قاصداً الالتزام بتركه في جميع الأزمنة لزمه تركه مدة حياته ، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامداً أثم ولزمته الكفارة وقد بطل نذره ولا إثم ولا كفارة عليه فيما أتى به خطأ أو غفلة أو نسياناً أو اكراهاً أو اضطراراً ، ولا يبطل بذلك نذره فيجب الترك بعد ارتفاع العذر.

( مسألة 502 ) : إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به ولكن بعد تحقق موضوعه ، لم يخرج ذلك المقدار من أصل التركه ، والاحوط وجوباً لكبار الورثة اخراجه من حصصهم والتصدق به من قبله.

( مسألة 503 ) : إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على غيره ، وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر لم يلزمه شيء وكذلك إذا نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معيناً فإنه لا يكفيه أن يزور غيره وإذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شيء عليه.

( مسألة 504 ) : من نذر زيارة أحد الأئمة (ع) لا يجب عليه الغسل لها ولا اداء صلاتها الا إذا كان ذلك مقصوداً له في نذره والتزامه.

( مسألة 505 ) : المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة إذا لم يقصد الناذر له مصرفاً معيناً يصرف في مصالحه ، فينفق منه على عمارته أو انارته ، أو لشراء فراش له أو لاداء أُجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك من شؤون المشهد ، فان لم يتسير صرفه فيما ذكر واشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرف في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارئ آخر.

( مسألة 506 ) : المال المنذور لشخص صاحب المشهد ـ من دون أن يقصد الناذر له مصرفاً معيناً ـ يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له كأن ينفق على زواره الفقراء أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره ونحو ذلك.

( مسألة 507 ) : لو نذر التصدق بشاة معينة ـ مثلاً ـ فنمت نمواً متصلاً كالسمن كان النماء تابعاً لها في اختصاصها بالجهة المنذورة لها ، وإذا نمت نمواً منفصلاً كما إذا أولدت شاة اخرى أو حصل فيها لبن فالنماء للناذر إلاّ إذا كان قاصداً للتعميم حين إنشاء النذر.

( مسألة 508 ) : إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم مسافره فتبين برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شيء.

( مسألة 509 ) : إذا نذر الأب أو الأم تزويج بنتهما من هاشمي أو من غيره في أوان زواجها لم يكن لذلك النذر أثر بالنسبة إليها وعدّ كأن لم يكن.

 

( احكام اليمين )

( مسألة 510 ) : اليمين على ثلاثة أنواع:

 1 ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للأخبار عن تحقق أمرٍ أو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال ، والايمان من هذا النوع أما صادقة وأما كاذبة ، والايمان الصادقة ليست محرمة ولكنها مكروهة بحد ذاتها ، فيكره للمكلف أن يحلف على شيء صدقاً أو ان يحلف على صدق كلامه ، وأما الايمان الكاذبة فهي محرمة ، بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ، ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين ، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه ، ولكن اذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالأحوط وجوباً ان يورّي في كلامه ، بان يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسألة عن مكانه وأين هو؟ يقول ( ما رأيته ) فيما إذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد انه لم يره منذ دقائق مثلاً وهذا النوع من اليمين   ليس من قسم الانشاء فليس هو المقصود بالكفّارة عند المخالفة، وإنما هو من قسم الأخبار فيقبل الصدق والكذب كما قدّمنا.

 2 ـ ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على انجاح المقصود ويسمى بـ ( يمين المناشدة ) كقول السائل: ( اسألك بالله ان تعطيني ديناراً ) . واليمين من هذا النوع لا يترتب عليها شيء من اثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح مسؤوله.

 3 ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من ايقاع امر أو تركه في المستقبل ويسمى ( يمين العقد ) كقوله ( والله لا صومنّ غداً ) أو ( والله لاتركن التدخين ) .

 وهذا اليمين هي التي تنعقد عند اجتماع الشروط الآتية ويجب الوفاء بها وتترتب على حنثها الكفارة وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، وفي حال العجز عن هذه الامور يجب صيام ثلاثة ايام متواليات.

 واليمين من هذا النوع هي الموضوع للمسائل الآتية.

( مسألة 511 ) : يعتبر في إنعقاد اليمين ان يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين ، نظير ما تقدم في النذر.

( مسألة 512 ) : لا تنعقد اليمين الا باللفظ أو ما هو بمثابتة كالاشارة من الأخرس ، وتكفي أيضاً الكتابة من العاجز عن التكلم بَلْ لا يترك الاحتياط في الكتابة من غيره.

( مسألة 513 ) : لا تنعقد اليمين الا اذا كان المحلوف به هو الذات الالهية سواء بذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة (الله) وما يلحقه كلفظ (الرحمن) ،أو بذكر وصفه أو فعله المختص به الذي لا يشاركه فيه غيره (مقلب القلوب والابصار) و(الذي فلق الحبة وبرأ النسمة) ، أو بذكر وصفه أو فعله الذي يغلبُ إطلاقه عليه بنحو ينصرف اليه تعالى وإن شاركه فيها غيره بل يكفي ذكرُ فعله أو وصفه الذي لا ينصرف اليه في حد نفسه ولكن ينصرف إليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.

 واذا كان المحلوف به بعض الصفات الإلهية أو ما يلحق بها كما لو قال ( وحق الله ، أو بجلال الله أو بعظمة الله) لم تنعقد اليمين إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.

( مسألة 514 ) : لا يحرم الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وسائر النفوس المقدسة والقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الامكنة المحترمة ولكن لاتنعقد اليمين بالحلف بها ، ولا يترتب على مخالفتها إثم ولا كفارة.

( مسألة 515 ) : يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدوراً في ظرف الوفاء بها ، فلو كان مقدوراً حين اليمين ثم عجز عنه المكلف ـ لا لتعجيز نفسه ـ فان كان معذوراً في تأخيره ولو لاعتقاد قدرته عليه لاحقاً انحلت يمينه وإلاّ أثم ووجبت عليه الكفارة ، ويلحق بالعجز فيما ذكر الضرر الزائد على ما يقتضيه طبيعة ذلك الفعل أو الترك والحرج الشديد الذي لا يتحمل عادة ، فانه تنحل اليمين بهما.

( مسألة 516 ) : تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها راجحاً شرعاً كفعل الواجب والمستحب وترك الحرام والمكروه ، وتنعقد أيضاً اذا كان متعلقها راجحاً بحسب الاغراض العقلائية الدنيوية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية للحالف بشرط ان لا يكون تركه راجحاً شرعاً.

 وكما لا تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها مرجوحاً كذلك تنحل فيما اذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحاً ، كما لو حلف على ترك التدخين أبداً ثم ضرّه تركه بعد حين فانه تنحل يمينه حينئذٍ ، ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها.

( مسألة 517 ) : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد ، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج ، ولا يعتبر في إنعقاد يمينهما اذن الوالد والزوج فلو حلف الولد أو الزوجة ولم يطلعا على حلفهما أو لم يمنعا مع علمهما به صح حلفهما ووجب الوفاء به.

( مسألة 518 ) : إذا ترك المكلف الوفاء بيمينه نسياناً أو اضطراراً أو اكراهاً أو عن جهل يعذر فيه لم تجب عليه الكفارة ، مثلاً اذا حلف الوسواسي على عدم الاعتناء بالوسواس ، كما اذا حلف ان يشتغل بالصلاة فوراً ، ثم منعه وسواسه عن ذلك فلا شيء عليه اذا كان الوسواس بالغاً إلى درجة يسلبه الاختيار والا لزمته الكفارة.

 

 ( احكام العهد )

( مسألة 519 ) : لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج إلى الصيغة ، فلا يجب العمل بالعهد القلبي وان كان ذلك احوط استحباباً ، وصيغة العهد ان يقول ( عاهدت الله ، أو عليّ عهد الله أن أفعل كذا أو اترك كذا ) .

( مسألة 520 ) : يعتبر في منشئ العهد ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في النذر واليمين.

( مسألة 521 ) : لا يعتبر في متعلق العهد ان يكون راجحاً شرعاً كما مرّ اعتباره في متعلق النذر ، بل يكفي ان لا يكون مرجوحاً شرعاً مع كونه راجحاً بحسب الأغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية مثل ما مرّ في متعلق اليمين.

( مسألة 522 ) : اذا انشأ العهد مطلقاً أي غير مُعلِّق على تحقق امرٍ وجب الوفاء به على أي حال ، واذا انشاه معلقاً على قضاء حاجته مثلاً كما لو قال (عليّ عهد الله أن أصوم يوماً اذا برئ مريضي) وجب عليه الوفاء به اذا قضيت حاجته.

ومتى خالف المكلف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.