خطاب المرحلة (190)... حل مشاكل العراق بيد العراقيين أنفسهم ولكن تحتاج إلـى عامل مساعد وآخر ضاغط

| |عدد القراءات : 1314
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 حل مشاكل العراق بيد العراقيين أنفسهم ولكن تحتاج إلـى عامل مساعد وآخر ضاغط

قال المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) (إن حل مشكلة العراقيين بيد العراقيين أنفسهم، وإن اعترفنا بوجود تأثير كبير للدول الإقليمية والكبرى في أحداث الساحة العراقية، إلا أن ذلك التأثير إنما هو من خلال واجهات عراقية، فالخروج من المأزق في النهاية بيد العراقيين بشرط وجود إرادة حقيقية وجادة للحل بالتسامي عن المصالح الشخصية والفئوية والسعي لتحقيق المصالح الوطنية العليا).

وأضاف سماحته لدى استقباله السيد (دي مستورا) ([1]) رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق وعدد من مستشاريه (إن هذه الإرادة الجادة لم تتحقق إلى الآن مع الأسف بسبب الأنانية وفقدان الثقة بين المكونات السياسية واذكر لكم مثالاً على ذلك هي مجالس الصحوات ومكاتب الإسناد التي كان لها الدور الكبير في مكافحة الإرهاب وبسط الأمن في مناطق كانت تحت سيطرة الإرهابيين. حيث التفت الأمريكان إلى دور العشائر ولم يكن الراتب الشهري لعنصر الصحوة يزيد على ثلاثمائة دولار وربما يمر الشهران أو الثلاثة دون أن يستلموا أي راتب وقاموا بهذا العمل الكبير، فهل يعسر على القوى المهيمنة على السلطة أن توفر لأبناء الشعب مثل هذه الفرص التي تكلف مبالغ يسيره وتجنّب البلد هذه الكوارث.

لذا فإنّ الحل يتطلّب عاملين: عامل مساعد وآخر ضاغط:

 فالعامل المساعد لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتعزيز الثقة ورفع الحواجز والوصول إلى مشروع وطني مشترك وهذا ما تقوم به بعثة الامم المتحدة وتنضمّ إليها جهود الجامعة العربية.

لكن هذا وحده لا يكفي لأن الكتل السياسية المستأثرة بالحكم والمهيمنة على السلطة تتصرّف باللامبالاة إزاء الكارثة التي يعاني منها العراق بحيث تصدّرت قضيته الاهتمام العالمي كله ولا تريد هذه الكتل أن تتقدم نحو الحل وتريد من الآخرين الانصياع والرضوخ، لذا تبرز الحاجة إلى عامل ضاغط لدفع هذه القوى نحو طاولة الحوار سعياً وراء إيجاد حل حقيقي ، ولا أعني بهذا العامل الولايات المتحدة وإنما أعني خلق أوضاع سياسية وتحالفات واصطفافات وطنية تدفع الجميع للرضوخ لقبول الحل الوطني الشامل، وهذا ممكن لولا ما يقال من معارضة الولايات المتحدة لحسابات خاصة بها لكونها مقبلة على انتخابات رئاسية، وهذا منطق غير مقبول لأن ما يعانيه الشعب العراقي يلزم الجميع ببذل الوسع لتخليصه من معاناته).

وأضاف سماحته (إنكم و كل إنسان حريص على أن يكون ناجحاً في حياته خصوصاً نحن المؤمنين بالله تبارك وتعالى من المسلمين ومسيحيين لأننا نعتقد أن الله تبارك وتعالى سيثيب الإنسان الناجح والمحسن في عمله وتوجد آية في القرآن تقول [إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً].

 إن نجاحكم في عملكم يحتاج إلى صفتين رئيسيتين وهما:

أولاً: الموضوعية والحيادية والمهنية.

وثانياً: الشجاعة والحزم في تنفيذ ما تقتضيه المهنة وأشاد سماحته بشجاعة السيد (دي مستورا) في إصراره على إمضاء الوضع القانوني للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ووضع آلية متوازنة ومنصفة لتشكيل بقية مكاتب المفوضية في المحافظات وعدم الانسياق وراء إرادة الكتل المهيمنة التي تريد تشكيل المفوضية بما يؤدي إلى بقاء استئثارها بالسلطة وإقصاء الآخرين.

وأكد سماحة الشيخ اليعقوبي على أن انتخاب مجالس المحافظات له دور كبير في تخفيف الاحتقان وتوسيع قاعدة المشاركة وعلّل ذلك بـ : (إن الحكومات المحلية لا تمثل اليوم حقيقة الخارطة السياسية والديموغرافية في المحافظات سواء في محافظات شمال العراق أو وسطه وجنوبه؛ لأن كثيراً من القوى السياسية والشرائح الاجتماعية منعت من دخول الانتخابات بفتاوى مضللة أو بسبب تهديد الإرهابيين ، فإلى متى يستمر حرمانهم من حقّهم في أن يمارسوا الدور السياسي المناسب لحجمهم ، وأنتم ترون كيف تسعى بعض الكتل لإبقاء هذا الوضع من خلال التشكيك بالمفوضية الحالية تارةً ومحاولة إعادتها إلى المربع الأول أو من خلال عرقلة تنفيذ قانون مجالس المحافظات وعدم المصادقة عليه بحجة أنه حق دستوري مخالفين بذلك التوافق الذي حصل بين الكتل السياسية لتمرير القوانين الثلاث([2]) صفقة واحدة وغض النظر عن تحفظات كل الأطراف فما معنى إثارتها من جديد ونقض القرار مما يعني تعطيله لأنه – كقانون الميزانية- لم يحصل على الأغلبية البسيطة فكيف يحصل على الأغلبية المطلقة فضلاً عن أكثر من ذلك).

وأكد سماحة الشيخ اليعقوبي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وتذليل كل الصعوبات وأن يسبقها إصلاح قانون الانتخابات وضمان سيرها بنزاهة وان يتحقق التمثيل العادل لمكونات الشعب.



([1])  كان تاريخ اللقاء في 3 ربيع الأول 1429هـ المصادف 11/3/ 2008.

([2])  قانون ميزانية عام 2008 التي يطالب الأكراد فيها بحصة 17% وقانون مجالس المحافظات وقانون العفو العام، ولم يتمكن البرلمان من  المصادقة على أي منها لوجود اعتراضات وعدم الثقة بأن تصوّت بعض الكتل للبعض الآخر في كل قانون على انفراد ،فاتفقت الكتل على التصويت عليها حزمة واحدة فمُررت في جلسة البرلمان يوم 5 صفر 1429 المصادف 13/2/2008 ولكن بعض الكتل نكثت بوعودها حيث صادق مجلس الرئاسة على قانوني موازنة عام 2008 والعفو العام يوم 19 صفر وأعاد قانون مجالس المحافظات إلى البرلمان مبدياً عدداً من التحفظات.