خطاب المرحلة (191)... على أعتاب البلوغ

| |عدد القراءات : 1296
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

 على أعتاب البلوغ([1])

 لما أُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الملأ الأعلى رأى فيما رأى ملكاً من الملائكة عظيم الخلقة فتعجب منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله عن وظيفته وقدراته. فقال الملك: إنني أستطيع أن أحسب قطرات المطر النازلة وعدد حبات الرمل وكل شيء. فسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هل يعجزك حساب شيء؟ فقال، نعم، إنني أعجز عن حساب حسنات من يرفع صوته بالصلاة على النبي وآله في جمع الناس. لأن فيها إعزازاً للمؤمنين وتأييداً للدين وأهله وتدخل الرعب على المنافقين وتذلهم وتحبط مؤامراتهم لذلك كانت تقض مضاجع الطواغيت واعتقلت المؤمنين بسببها.

   أيها الأحبة:

          قبل أن تبلغوا سن التشريف لم يكن سجل التكليف بالأعمال قد فُتح لكم وبالتالي فإن مثل هذا الأجر العظيم كان يكتب لوالديكم ولمن علمكم وتعطون انتم منازل على براءتكم ونقائكم وطيب فطرتكم من دون هذا التنافس الشريف في نيل الدرجات الرفيعة، أما الآن وبعد أن دخلتم سن التشريف وأمثاله يُسجل لكم وترفعون به رؤوسكم يوم القيامة وتتفوقون به على غيركم ممن لم يناله هذا التوفيق الإلهي العظيم.

          لذا فنحن بدلنا تسميته من سن التكليف إلى سن التشريف لأن الإنسان يتشرف عند بلوغه بحمل الأمانة الإلهية وخلافة الله تبارك وتعالى في أرضه، وأضرب لكم مثالاً لتقريب الفكرة: لو أن أحد أقربائكم أو جيرانكم عمل وليمة فإنه يدعو الأب ولا يدعو الأطفال دعوة مستقلة وإنما يأتون تبعاً لآبائهم أما بعد أن يبلغوا فتُوجه لهم دعوات مستقلة عن آبائهم فيشعرون حينئذ بزهو الرجولة والشخصية المعنوية الكاملة. فالإنسان بعد بلوغه يكون مدعواً بشكل مستقل إلى موائد الكريم الرحيم رب العزة حيث يغدق عليهم ربهم بما لا عين رأت ولا إذن سمعت.

          ومن نعم الله عليكم احتضانكم في هذه المرحلة من العمر من قبل أيدي أمينة تنصحكم فهم آباء لكم بعد آبائكم وأمهاتكم، وأن التربية والعلم الذي تتلقونه في الصغر يبقى راسخاً ومتجذراً في شخصيتكم كما قيل (التعلم في الصغر كالنقش في الحجر) لثباته، وأمامكم فرص عظيمة لعمل الخير كالبر بالوالدين وصلة أرحامكم ومساعدة الضعفاء والمحتاجين ودفع الأذى عن طريق المسلمين ونقل ما تتعلمونه من أحكام وأخلاق وآداب إلى أقرانكم الذين لم تسنح الفرصة لهم ليحضوا بهذه الأجواء الشريفة.



([1])  بدأ فضيلة الشيخ سامي المسعودي إمام جمعة وحسينية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في حي الإعلام ببغداد وبمباركة المرجعية الرشيدة مشروعاً لاحتضان الأطفال الذين قاربوا سن البلوغ بالتربية والتعليم ثم الاحتفال ببلوغهم سن التكليف وأن يعلنوا تقليدهم ويؤدوا أول صلاة مفروضة مع المرجعية مباشرة، وبحضور حوالي مائة من هؤلاء الصبيان تحدث سماحة الشيخ (دام ظله الشريف) بلغة مناسبة وذكر فيها شيئاً من طفولته، وهذا تقرير بتصرف لبعض ما جاء فيها. وكان تأريخ اللقاء 10/ صفر/1429 المصادف 18/2/2008.