سيد النقباء

| |عدد القراءات : 1786
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

سيد النقباء (1)

أدعوا وأسأل بارئ الأشياءِ

 

لك أن أخطّ قصائدي بدمائي

يا من لمحتك للأنام معلماً

 

درساً ينير مسالك الجهلاءِ

أقفرتَ من نفس الغرور وطالما

 

عبث الغرور بأنفس العلماءِ

وسموت أنت وقد هبطت تواضعاً

 

أن التواضع سلّم العظماءِ

فبمثلك الأخلاق تزهر يا فتى

 

فلذا دعتك بسيد النقباءِ

ما كنت أُثني عن هوىً أو نزوة

 

بل كان فرضاً في هواك ثنائي

حسبي وحسب الشعر فضلاً أنني

 

أهجو بمدحك في الورى أعدائي

فتشت في سقر العراق فلم أجد

 

إلاّك يثلج خافق البؤساءِ

يأوي إليك المعوزون فتحتفي

 

بهمُ حفاوة زاهد بكّاءِ

فيعود من قد جاء يذرف دمعة

 

فرحاً تراه بهيئة الأمراءِ

إن أنكروك وأنت سارية السنى

 

فلأنهم جهِلوا مداك النائي

وإذا الزمان تقهقرت أخلاقه

 

يختار أسياداً من البلهاءِ

ولرب مهذارٍ عرته جهالة

 

نصرته شِرذمة من الغوغاءِ

ولرب مجنون ربا خلطاؤه

 

ولرب ذي لبّ بلا خلطاءِ

إن ابن آدم خالد في زهده

 

لا بالضياع وكثرة الصفراءِ

لو لم تحز إلاّ التواضع خِصلة

 

لرفعت للإسلام ألف لواءِ

فالصدق ملعبك المسوّر بالتقى

 

والافتراء ملاعب الجبناءِ

دعهم إذا قلبوا الحقائق واصطبر

 

لا يُرتجى ورع من اللقطاءِ

قد يسكر الباغي الدنيء بإثمه

 

حتى يُفيق مُعاقرَ الصهباءِ

إن طال شيطان القريض سواي ما

 

أغراني منه النزغ كالشعراءِ

لا يقدر الشيطان مسّ متيّم

 

وقف القريض لسيد الشهداءِ

دعني أغرد ما استطعت فإنني

 

شادٍ يهيم بروضة غنّاءِ

ما هذه الأبيات فيض قريحتي

 

بل هذه الأطلال من أحشائي

إن كنتُ نجماً يُهتدى بقريضه

 

هذا لأنك في القريض سمائي

كم من صديق كنتُ أملِك لُبّه

 

فإذا عشقتك صار من خصمائي

إني رأيت الشعر عاراً بيّناً

 

إن لم يكن وقفاً على النجباءِ

ورأيت إن العمر مثل سفينة

 

والصدق كان لظهرها كالماءِ

لو كان مثلُك كلَ راعٍ في الملا

 

لتساقطت تترى قوى الفحشاءِ

طوبى لشيخ فتحّت أبوابه

 

كيما يرجّح كفة البسطاءِ

و(حديث روحٍ)([2]) في النعيم لمن ظما

 

كالسلسبيل لساكن البيداءِ

ودعابة نزلت عليك بطيبها

 

من بعل أمّ الظاميء الزهراءِ

إني لأفخر أن أكون مقلّداً

 

لك في زمان متخم من داءِ

ما مال إلاّ للزنيم وما قلى

 

إلاّ الأباة وصحبة الشرفاءِ

ولقد سكبت على القُمامة خمرتي

 

وقتلت حين سكبتها ندمائي

يأبى الكريم وان تخلّق ثوبه

 

أن يستعير ملابس الحرباءِ

وإذا تعرّى الفذّ فرط صموده

 

صار الصمود لعريه كرداءِ

من رام نيل المجد دون شروطه

 

كمن ارتجى شهداً من الرقطاءِ

لا تعجبنّ إذا الذئاب تكالبت

 

تسعى إلى جيف بغير حياءِ

نظرت لهم بغداد نظرة مذهَلٍ

 

فبكت دماء مقلة الزوراءِ

ذُبح الفقير من القفا في موطني

 

والجاني والسكّين في الخضراءِ

تالله لا يعلو ويشمخ ذو هوىً

 

ان رام بيتاً في ذرى الجوزاءِ

وإذا الوزير سرى العُضال بدينه

 

والله لا يشفيه أيّ دواءِ

تبّاً لشعر لا يزمجر غاضباً

 

حتى يقِضَّ مضاجع الرؤساءِ

وإذا نآى الفقهاء حيث نرومهم

 

ماذا إذن نجني من الفقهاءِ

والأمر بالمعروف جوهر ديننا

 

فمتى سنهدم قلعة الخبثاءِ

ومتى تُقدّ أصابع قد طالما

 

عبثت بدين الله والآلاءِ

ولرب مالٍ قد يصير وان ربا

 

مثل التراب بقبضة البخلاءِ

قسماً بصرخة ثائر في كربلا

 

وبصبر قاهرة الأسى الحوراءِ

مُرني تجدني صارماً في صارم

 

إني إليك مدى الزمان فدائي

إن كنتَ تُبصرُني بملقة حاذق

 

أفهل أحنّ لمقلة عوراءِ

هو ذا نُهاك غدا الدليل لحائرٍ

 

وغدا فؤادُك مسكن الفقراءِ

 



([1]) قصيدة ألقاها الأديب الفاضل عباس العجيلي (فرزدق الصدر) مخاطباً سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) في مجلسه العام يوم السبت 2/شعبان/1433 الموافق 23/6/2012 وقد وصفها سماحته بأنّها تفيض بالحكمة.

([2]) عنوان أحاديث وخطب سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) التي تعرضها يومياً قناة النعيم الفضائية.