منتخب سبل السلام

| |عدد القراءات : 1362
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

منتخب سبل السلام

فصل

في أحكام الدعاوي

 

(مسألة 679) : المدّعي هو الذي يدّعي شيئاً على آخر ويكون ملزماً بإثباته عند العقلاء ، كأن يدّعي عليه شيئاً من مال أو حقّ أو غيرهما أو يدّعي وفاء دين أو أداء عين كان واجباً عليه ونحو ذلك. ويعتبر فيه: العقل وكذا البلوغ إلا إذا ترتّب على دعوى الصبي أثر كتوجيه التهمة إلى المدعى عليه.

وقيل : يعتبر فيه الرشد أيضاً ، ولكنّ الأظهر عدم اعتباره.

(مسألة 680) : يعتبر في سماع دعوى المدّعي أن تكون دعواه لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه ، فلا تسمع دعواه مالاً لغيره إلاّ أن يكون وليّه أو وكيله أو وصيّه، كما يعتبر في سماع الدعوى أن يكون متعلّقها أمراً سائغاً ومشروعاً ، فلا تسمع دعوى المسلم على آخر في ذمّته خمراً أو خنزيراً أو ما شاكلهما، وأيضاً يعتبر في ذلك أن يكون متعلّق دعواه ذا أثر شرعي ، فلا تسمع دعوى الهبة أو الوقف من دون تنجزهما بالقبض ونحوه.

(مسألة 681) : إذا كان المدّعي غير من له الحقّ ، كالولي أو الوصي أو الوكيل المفوّض، فإن تمكّن من إثبات مدّعاه بإقامة البيّنة فهو، وإلاّ فله إحلاف المنكر، فإن حلف سقطت الدعوى، وإن ردّ المنكر الحلف على المدّعي فإن حلف ثبت الحقّ، وإن لم يحلف سقطت الدعوى من قبله فحسب ،ولصاحب الحقّ تجديد الدعوى بعد ذلك.

(مسألة 682) : إذا كان مال شخص في يد غيره جاز له أخذه منه بدون إذنه، وأمّا إن كان ديناً في ذمّته فإن كان المدّعى عليه معترفاً بذلك وباذلاً له فلا يجوز له أخذه من ماله بدون إذنه، وكذلك الحال إذا امتنع وكان امتناعه عن حقّ، كما إذا لم يعلم بثبوت مال له في ذمّته ، فعندئذ يترافعان عند الحاكم، وأمّا إذا كان امتناعه عن ظلم ، سواء أكان معترفاً به أم جاحداً ، جاز لمن له الحقّ المقاصّة من أمواله، والظاهر أنّه لا يتوقّف على إذن الحاكم الشرعي أو وكيله وإن كان تحصيل الإذن أحوط، وأحوط منه التوصّل في أخذ حقّه إلى حكم الحاكم بالترافع عنده، وكذا تجوز المقاصّة من أمواله عوضاً عن ماله الشخصي إن لم يتمكّن من أخذه منه.

(مسألة 684) : تجوز المقاصّة من غير جنس المال الثابت في ذمّته ، ولكن مع تعديل القيمة ، فلا يجوز أخذ الزائد.

(مسألة 685) : الأظهر جواز المقاصّة من الوديعة إذا كانت من نفس الجنس على كراهة، أما إذا اختلفا فالأحوط عدم المقاصّة.

(مسألة 686) : لا يختصّ جواز المقاصّة بمباشرة من له الحقّ ، فيجوز له أن يوكّل غيره فيها، بل يجوز ذلك للولي أيضاً ، فلو كان للصغير أو المجنون مال عند آخر فجحده جاز لوليّهما المقاصّة منه، وعلى ذلك يجوز للحاكم الشرعي أن يقتصّ من أموال من يمتنع عن أداء الحقوق الشرعيّة من خمس أو زكاة .

 

فصل

في دعوى الأملاك

(مسألة 687) : لو ادّعى شخص مالاً لا يد لأحد عليه حكم به له ، فلو كان كيس بين جماعة وادّعاه واحد منهم دون الباقين قضي له.

(مسألة 688) : إذا تنازع شخصان في مال ففيه صور :

الاُولى :  أن يكون المال في يد أحدهما.

الثانية :  أن يكون في يد كليهما.

الثالثة :  أن يكون في يد ثالث.

الرابعة :  أن لا تكون عليه يد.

أمّا الصورة الاُولى: فتارةً: تكون لكلّ منهما البيّنة على أنّ المال له، واُخرى: تكون لأحدهما دون الآخر، وثالثة: لا تكون بيّنة أصلاً. فعلى الأوّل: إن كان ذو اليد منكراً لما ادّعاه الآخر حكم بأنّ المال له مع حلفه، وأمّا إذا لم يكن منكراً بل ادّعى الجهل بالحال وأنّ المال انتقل إليه من غيره بإرث أو نحوه فعندئذ يتوجّه الحلف إلى مَن كانت بيّنته أكثر عدداً ، فإذا حلف حكم بأنّ المال له وإذا تساوت البيّنتان في العدد اُقرع بينهما فمن أصابته القرعة حلف وأخذ المال. نعم ، إذا صدّق المدّعي صاحب اليد في دعواه الجهل بالحال ، ولكنّه ادّعى أنّ من انتقل منه المال إليه قد غصبه ، أو كان المال عارية عنده أو نحو ذلك ، فعندئذ إن أقام البيّنة على ذلك حكم بها له، وإلاّ فهو لذى اليد .

وعلى الثاني : فإن كانت البيّنة للمدّعي حكم بها له، وإن كانت لذي اليد حكم له مع حلفه ، وأمّا الحكم له بدون حلفه ففيه إشكال ، والأظهر العدم.

وعلى الثالث : كان على ذي اليد الحلف ، فإن حلف حكم له ، وإن نكل وردّ الحلف على المدّعي فإن حلف حكم له، وإلاّ فالمال لذي اليد.

وأمّا الصورة الثانية :  ففيها أيضاً قد تكون لكلّ منهما البيّنة ، واُخرى تكون لأحدهما دون الآخر، وثالثة لا بيّنة أصلاً.

فعلى الأوّل: إن حلف كلاهما أو لم يحلفا معاً قسّم المال بينهما بالسويّة ، وإن حلف أحدهما دون الآخر حكم بأنّ المال له.

وعلى الثاني: كان المال لمن عنده بيّنة مع يمينه ، وفي جواز الاكتفاء بالبيّنة وحدها إشكال ، والأظهر عدمه.

وعلى الثالث : حلفا ، فإن حلفا حكم بتنصيف المال بينهما ، وكذلك الحال فيما إذا لم يحلفا جميعاً ، وإن حلف أحدهما دون الآخر حكم له.

وأمّا الصورة الثالثة : فهي كالرابعة من حيث عدم كون موضوع الدعوى في يد أحدهما، والفرق أنه في هذه الصورة، إذا صدّق من بيده المال أحدهما أو كليهما وكان عادلاً فيكون شاهداً عادلاً يؤثّر في تحقق البيّنة وزيادة عددها في الموارد التي يلحظ فيها ذلك كما تقدّم، وإن لم يعترف بأنّه لهما كان حكمها حكم الصورة الرابعة بلا فرق.

وأمّا الصورة الرابعة : ففيها أيضاً قد تكون لكلّ منهما بيّنة على أنّ المال له، وأخرى تكون لأحدهما ، وثالثة لا تكون بيّنة أصلاً . فعلى الأوّل : إن حلفا جميعاً أو نكلا جميعاً كان المال بينهما نصفين ، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال للحالف.

وعلى الثاني : فالمال لمن كانت عنده البيّنة. وعلى الثالث : فإن حلف أحدهما دون الآخر فالمال له، وإن حلفا معاً كان المال بينهما نصفين، وإن لم يحلفا كذلك اُقرع بينهما.

ثمّ إنّ المراد بالبيّنة في هذه المسألة هو شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ، وأمّا شهادة رجل واحد ويمين المدّعي فهي لا تكون بيّنة وإن كانت يثبت بها الحقّ على ما تقدّم.

(مسألة 689) : إذا ادّعى شخص مالاً في يد آخر ، وهو يعترف بأنّ المال لغيره وليس له ، ارتفعت عنه المخاصمة، فعندئذ إن أقام المدّعي البيّنة على أنّ المال له حكم بها له ، ولكن بكفالة الغير على ما مرّ في الدعوى على الغائب.

(مسألة 690) : إذا ادّعى شخص مالاً على آخر وهو في يده فعلاً ، فإن أقام البيّنة على أنّه كان في يده سابقاً أو كان ملكاً له كذلك فلا أثر لها، ولا تثبت بها ملكيّته فعلاً، بل مقتضى اليد أنّ المال ملك لصاحب اليد. نعم ، للمدّعي أن يطالبه بالحلف. وإن أقام البيّنة على أنّ يد صاحب اليد على هذا المال يد أمانة له أو إجارة منه أو غصب عنه حكم بها له وسقطت اليد الفعليّة عن الاعتبار. نعم ، إذا أقام ذو اليد أيضاً البيّنة على أنّ المال له فعلاً ، حكم له مع يمينه. ولو أقرّ ذو اليد بأنّ المال كان سابقاً ملكاً للمدّعي وادّعى انتقاله إليه ببيع أو نحوه ، فإن أقام البيّنة على مدّعاه فهو، وإلاّ فالقول قول ذي اليد السابقة مع يمينه.