جواب المعترضين على القانون الجعفري

| |عدد القراءات : 2024
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

جواب المعترضين على القانون الجعفري (1)

نقلت وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين أخبار تجمع لعشرات من النسوة في بغداد بمناسبة يوم المرأة العالمي للاعتراض على تمرير مجلس الوزراء قانون الأحوال الشخصية الجعفري إلى البرلمان، ومن قبل تصدى للاعتراض أيضا بعض السياسيين ورجال الدين .

ونحن نرحب بالنقد البناء والحوار والنصح لان ذلك يساعد على إنضاج القانون وسدّ ما يمكن ان يقع من الثغرات وإصلاح ما يمكن أن يوجد من أخطاء، فلا أحد منّا يدّعي العصمة من الخطأ والغفلة والنسيان، وهو أدب تعلّمناه من أئمتنا (عليهم السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (امخضوا الرأي مخض السقاء، ينتج سديد الآراء) (غرر الحكم/ رقم2569)، وقال (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) من وصية له بعد أن ذكر أنه نظر في تجارب الأولين والآخرين وقلّب أمورهم (فاستخلصت لك من كل أمر نخيله، وتوخيت لك جميله).[2]

وهذا ما قام به وزير العدل قبل تقديمه القانون بأكثر من عام حيث عرضه على مراجع الدين والعلماء والقانونيين واستفاد من توجيهاتهم وملاحظاتهم.

فلو كان هؤلاء المعترضون مخلصين في عملهم وصادقين في نواياهم لقاموا بتقويم القانون خلال مناقشاته في أروقة البرلمان لأنه سيعرض على اللجان المختصة ويقرأ مواده واحدة واحدة قراءة أولى ثم يقرأ قراءة ثانية قبل التصويت عليه، وأن البرلمان يضم كل مكونات الشعب العراقي وطوائفه وأديانه وأعراقه وسوف يقول كل واحد رأيه بكل حرية، أما مجلس الوزراء فهو نافذة لتمرير القوانين إلى البرلمان.

فالفرصة إذن مفتوحة  على مصراعيها أمام الجميع للقبول والرفض، فإذن لماذا هذا الصخب والضجيج الذي تثيره عدد من الفضائيات والمؤسسات التي تغرّر بالنسوة وترفع شعارات استفزازية مثل (لا لبيع الجواري) و (المرأة ليست سلعة للاستمتاع) ونحو ذلك و أوهموهنّ أن القانون يصادر حقوق المرأة ويعيدها إلى أزمنة التخلف ويجعلها سلعة بيد الرجل ونحو ذلك من الشعارات التي تجافي الحقيقة لأن الإسلام قدّم أرقى قانون لتكريم المرأة وصون شرفها وكرامتها وكثرت الوصايا في النصوص الشرعية بإكرام المرأة وحسن معاشرتها (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء/19) (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم/21) (ما أكرمهن إلاّ كريم وما أهانهنّ إلا لئيم) (اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم) (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).

وعلى العكس مما يدعي هؤلاء فإنهم هم الذين يمتهنون المرأة ويحوّلون جسدها إلى سلعة رخيصة في دعاياتهم وإعلاناتهم، لذا لم نستغرب هذه المواقف منهم لأنّ بعض رموز هذه الحملة طالبنَ منذ الأيام الأولى للتغيير عام 2003 بإباحة زواج المثليين والشذوذ الجنسي وتعدّد الأزواج للمرأة الواحدة واتخاذ العشيق والخدين خارج رباط الزوجية ونحو ذلك، ويتباكون على تزويج البنات بعمر مبكّر بعد البلوغ ويريدون أن يتأخّر الزواج إلى ما بعد الثلاثين لتقضي سنين صباها وشبابها في أحضان الرجال الأجانب والإحصائيات في الغرب تؤكد عدم وجود فتاة باكر عند التزويج بها، لأنّ اعرافهم تقضي أنّه من المعيب أن تبلغ الفتاة وهي غير مرتبطة بعشيق.

فهم إذن يتخفّون ببعض الشعارات ليمرّروا أجنداتهم الشيطانية في إيصال المجتمع إلى حالة من الانفلات والانحلال والانغماس في الرذائل والشهوات لذلك جرّدوا المرأة من لباس الحياء والشرف وأقحموها في كلّ ميدان لإشباع شهواتهم الحيوانية فتارة باسم الفن وأخرى باسم الرياضة وثالثة باسم مسابقات الأزياء وملكات الجمال وفي إعلانات كل المنتجات حتى الرخيصة منها، وعندما يقضون وطرهم منها يرمونها على قارعة الطريق لتتسوّل أو تمتهن البغاء ثمّ تنتحر لأنّها لا تجد فرصة للحياة الكريمة. فمن الطبيعي أن يقفوا في وجه كلّ من يريد وضع ضوابط أخلاقية واجتماعية وشرعية وعندهم عقد نفسية متأصّلة تجاه كل ما يمت إلى الدين بصلة، وقد كانوا يريدون للمجتمع العراقي أن يقع في هذا الانحطاط والعودة إلى الجاهلية الأولى لولا يقظة هذا الشعب –رجالاً ونساءاً- وتمسكه بدينه وجهود علمائه العاملين وأبنائه المخلصين وتردي الوضع الأمني الذي دعا كثيراً منهم إلى الرجوع من حيث أتوا (يَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال/30).

إن طبيعة المعترضات والمؤسسات التي تقف خلفهم وتكوينهم الثقافي والأخلاقي يكشف أنّ ما زعموه من خوف الطائفية والتخندق المذهبي خُدعة، إذ لم نجد القائم بالإعتراض من الطائفة الأخرى بل من رافضي الدين والالتزام الديني ودعاة الإنحلال والإباحية، مما يكشف عن الوجه الحقيقي لطبيعة المعركة، بل ليعلم هؤلاء أنّ إجبار الأغلبية على العمل بالقانون المخالف لعقيدتهم هو الذي يخلق الطائفية ويهدّد وحدة النسيج الاجتماعي لشعورهم بالظلم والاضطهاد والحرمان من الحقوق، وتجربة دول الخليج (بما فيها السعودية وقطر) ماثلة أمامنا حيث أعطت هذا الحق لمواطنيها من الشيعة فاحتوتهم.

لقد ركّزوا في ضجيجهم على مسألة تزويج البنت بعمر صغير واعتراضهم يكشف عن جهلهم أيضاً بالقوانين الوضعية المعمول بها في العراق، فإنّ قانون الأحوال الشخصية النافذ المرقّم 188 لسنة 1959 المعدّل وان اشترط إكمال الثامنة عشرة لإجراء عقد الزواج (الفقرة/1 من المادة السابعة) إلاّ أنّه أجازه لمن أكمل الخامسة عشرة بموافقة وليّه وإذن القاضي في التعديل رقم 21 لسنة 1978 مراعياً ((الأوضاع الاجتماعية حيث يكثر الزواج في سنّ مبكرة ومتوخّياً تقليل حالات الزواج التي تقع خارج المحكمة)) ثم أجاز قرار ما كان يُعرف بمجلس قيادة الثورة المرقّم 697 لسنة 1978 قبل الخامسة عشر إذا ظهرت علامات البلوغ لمصالح ذكرها ككونها يتيمة لا عائل لها، أو أنها تعرّضت للإغتصاب ليطلب عقد زواجها على مغتصبها وفق أحكام المادة 398 من قانون العقوبات متذرّعين بمنع وقوع الاعتداء على البنت أو الفاعل، مع أنّ الفقه الجعفري لا يبيح الزواج (بمعنى ممارسة الجنس) إلاّ بعد البلوغ الذي له علاماته السيكولوجية والفسيولوجية ويختلف في الإناث بحسب ظروف عديدة ذاتية وبيئية ولكن الشرع المقدّس حكم بأنّه لا بلوغ قبل إكمال التاسعة فشرط التزويج هو البلوغ أمّا العمر الذي تبلغ به الأنثى فهو بعد إكمال التاسعة حتماً لكنّه غير محدّد وقد يستمر إلى الثالثة عشرة مضافاً إلى اشتراط إذن ولي أمرها بالتزويج وهو أولى من يراعي مصلحتها، فما هو وجه اعتراضهم إلاّ سوء الفهم إذا أردنا أن نحملهم على الصحة، ثمّ أليس التزويج في سنٍّ مبكر فيه فوائد عديدة[3] كتحصين البنت من الانحراف وإشعارها بكرامتها وأنها أصبحت فرداً كاملاً في المجتمع؟ فالمعترضون يريدون سحق كرامتها وإبقاءها سلعة مبتذلة بيد الرجال وتضييع زهرة شبابها بالفسق والفجور والعلاقات غير المشروعة.

ولنفترض أنّ مادة أو مادتين في القانون الجعفري تحتاج إلى معالجة فهل يوجب هذا إلغاء كل القانون المكوّن من (256) مادة؟ أليس الدستور مثار جدل عند كل مكوّنات المجتمع والجميع لديهم اعتراضات عليه ويعتبرون الكثير من مواده سبباً لاستمرار الصراعات وأنّها كالقنابل الموقوتة التي تنفجر باستمرار وتثير معها الفتن والتناحرات، فهل هذا مسوِّغ لإلغاء الدستور كلياً؟ (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (الصافات/154).

ثم أنّ القانون لم يُكتب لهذه الحفنة من المعترضات والمعترضين حتى يُبدوا رأيهم فيه، وإنما للمتديّنين الذين يريدون أن ينظّموا أحوالهم الشخصية على طبق العقيدة التي يؤمنون بها، وكلّ مواطن مخيّر بالرجوع إلى القانون الذي يريد، فمادامت هي أحوال شخصية فمن حق كلّ أحد أن يجريها كما يشاء وليس هو قانون عقوبات أو قانون مدني ونحو ذلك من القوانين التي تنظّم الشؤون العامة للناس[4]، ولذلك فإنّ الدول المتحضرة سواء في المنطقة او العالم تعطي المجال للأقليات الدينية والطائفية أن تنظم أحوالها الشخصية وفق معتقداتها فلماذا يحرم شيعة العراق وهم أغلبية من هذا الحق؟

فإذا كان هؤلاء يعتقدون بصلاح القانون الوضعي المعمول به فليرجعوا إليه ونطالب نحن بتوفير الفرصة المماثلة لنا لننظّم أحوالنا الشخصية على طبق ما نعتقد، وهذا يُقدّم نموذجاً حضارياً للمجتمع الذي تُحترم فيه إرادة المواطنين جميعاً ويمارسون شؤونهم الخاصة بكلّ حرية كما هو شأن الأمم المتمدّنة اليوم في الغرب حيث يتيحون الفرصة للأقليات الدينية أن تعمل وفق عقائدها.

ومن هنا نجيب على من يزعم أن تشريع القانون ينافي ما ورد في الدستور من أنّ العراقيين متساوون أمام القانون، فإنّ تساويهم يعني أنهم كلهم خاضعون للقوانين السارية في البلاد وتحت طائلة المسؤولية ولا يوجد أحد فوق القانون، ولا يعني وحدة القوانين التي يعملون على طبقها، لذا فإن التفاوت في رواتب الموظفين لا ينافي تساويهم أمام القانون، ولذا لم يعترض البرلمانيون والوزراء على تميزهم عن طبقات الشعب برواتب فاحشة ولا يعتبرون ذلك منافياً لتساوي العراقيين أمام القانون!!

أما إشكالهم بأنّ القانون سيسبّب مشاكل لأنّ أحد الطرفين قد يكون جعفرياً والآخر ليس كذلك أو أنّ أحدهما يريد التحاكم إلى القانون الشرعي والآخر إلى القانون الوضعي فكيف نتصرّف؟ ونجيب بأنّ هذه تفاصيل يمكن أن تُضاف إلى القانون خلال المناقشات ولا يخلو قانون من تعديلات وتذييل وملحق وبيان ونحو ذلك، مضافاً إلى أنّ هذه المشكلة قائمة الآن فعلاً، إذ أنّ القانون الوضعي يصدر أحكاماً تخالف الشريعة كطلاق الغائب أو توريث من لا يستحق أو منح حقّ الحضانة إلى من لا يستحق وهكذا، والطرف الآخر لا يعترف بشرعية هذه الأحكام فتحصل ازدواجية ونزاعات، إنّ وجود المخالفات الشرعية في هذا القانون تدفع الكثيرين إلى تمشية أمورهم خارج المحكمة القانونية ثم يصطدمون بالمخالفات الرسمية ويضطرّ القضاة –كما اعترفوا بذلك- إلى تطبيع هذه الأمور ومنحهم الوثائق الرسمية وإغماض النظر عن بعض الشروط والتفاصيل، رضوخاً للأمر الواقع، فيأتي القانون الجعفري ليقنّن هذه التصرّفات ويجعلها ضمن الشرعية الرسمية والقانونية، وفي هذا حماية للمواطنين وحفظ لحقوقهم.

لقد مرّت ثلاثة أشهر على تقديم القانون إلى الحكومة وتعرّضه للجدل، فلماذا تعالت أصوات هذه النسوة اليوم؟ لقد تجرأنّ على مهاجمة الدين والمتدينين لأن بعض أهل العمائم التي تدعي لنفسها عناوين شريفة كبيرة هم أهون وأقلّ من أن يرتقوا إليها هم الذين وصفوا قانون جعفر الصادق (عليه السلام) المأخوذ من الرسائل العملية للفقهاء بأن فيه شطحات وأنه لا يقول به فقيه، فإذا كان من تحتّم عليهم دعواهم أن يكونوا حماة الدين والأمناء على الحلال والحرام يتجرؤون بهذا الكلام على القانون، فما تتوقع من اللادينيين ودعاة الإباحة الجنسية وفوضى الشهوات؟ فتلك العمائم هي التي فتحت باب الشر على قانون أهل البيت (عليهم السلام)، وهي التي دفعت أولئك إلى التجري والتمرد حتى وصل الأمر برئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق أن يقول عن القانون بأنه مثير للقلق ويفتت النسيج الاجتماعي العراقي.

ثم أليس القانون قد عرض على هذا المعمّم لأكثر من عام ثم زاره وزير العدل واستمع إليه وطلب منه النصح والتوجيه والترشيد فسمع منه كلمات الثناء والتأييد والدعم، فلماذا لم يقدّم قائمة بالشطحات للوزير حتى يتداركها، أليست وظيفة علماء الدين ترشيد القوانين وإصلاح أمور الناس؟ فلماذا لم يبيّن له شيئاً من ذلك، ثم يرفع عقيرته بعد أن وافق مجلس الوزراء على تمريره إلى البرلمان؟ هل كان ذلك مجاملة أم مداهنة أم نفاقاً أم ماذا؟ وهل يمكن أن نحمله بعد هذا على محمل حسن أو نحتمل أنه أراد بذلك صلاح الأمة ورفعة الدين وإعلاء كلمة الله تعالى كما يرجى من أهل المواقع الشريفة؟ أم أن وراء الأكمه ما وراءها.

قد كان ما كان ممّا لستُ أذكره            فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبرِ

وتأتي عمامة أخرى لتجعل من القانون منافياً للتمدن وأنه لا يرضى بإكراه الناس على رؤية فقهية معيّنة!! سبحان الله كيف يقلبون الحقائق، فمن الذين يُكره من؟ أليسوا هم الذين يُكرهوننا على العمل بقانون وضعي مخالف للشريعة ويجمع الفقهاء على عدم جواز التحاكم إليه؟! بينما لا نريد نحن إلاّ إعطاءنا الفرصة لنحتكم إلى القانون الشرعي وفي خصوص أحوالنا الشخصية وليعمل بالقانون المدني من يشاء، فنحن نطالب بإعطاء حرية الاختيار للناس وهم الذين يريدون إكراهنا على قانون يخالف الدين الحنيف.

أما المدنية والتحضر فإن الإسلام هو الذي وهبها للبشرية ورفع مستواها بما قدّم لها من قوانين ونظم وسلوكيات وعقائد وأخلاق، وقدّم أرقى نموذج حضاري لا زالت أوربا إلى اليوم تعترف بأنها مدينة لحضارة الإسلام بازدهارها اليوم، فكيف يأتي هؤلاء المحسوبون على رجال الدين ويرون أن قوانين الإسلام تنافي المدنية.

فهنيئاً لهذه العمائم اصطفافها مع أهل الفسق والفجور وتشجعيهم أعداء الدين على مهاجمته والانتقاص منه وتشويه صورته و (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (الفجر/14)، وحينما يجمع الله تعالى البشر للحساب يوم القيامة (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (الإسراء/71) سيرى بعض الناس إمامه على هيئة ثعلب ماكر أو ذئب أو خنزير أو قرد أو وزغ أو حمار يحمل أسفاراً ولا يستفيد منها ونحو ذلك بحسب حقائق أفعالهم التي كانوا يقومون بها.

ثم التحقت بهم بعض الكتل السياسية التي تدّعي التشيع وقربها من المرجعية ودفاعها عنها، وإذا بها تهاجم قانون الإمام الصادق (عليه السلام) لحسابات سياسية دنيوية ولمناغمة أمريكا ودول الغرب حتى تمكّنهم من المواقع القيادية في البلد (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) (الأحزاب/37) (فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) (المائدة/3) (فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ) (التوبة/13).

أمام هذه الهجمة التي تستهدف الدين وتريد إلغائه من حياة الناس لابد من موقف لنصرة الدين وقادته العظام (صلوات الله عليهم أجمعين) وفضح خدع الماكرين والمنافقين، ولكلٍّ دوره في هذه الوقفة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) (الصف/14) وأخصّ بالذكر الأخوات المؤمنات الرساليات (كأفراد وكمؤسسات ومدارس دينية ومنظمات مجتمع مدني) فليستثمرن المناسبة الفاطمية القريبة ليقلن للعالم أن هذه الحفنة من النساء المتحللات لا يمثلن حرائر العراق ولن يتمكنَّ من خداعهن عن دينهن، واستنكار فعل كل من يريد سلب هذا الحق من المؤمنين الموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، وإن شرف المرأة وعزّتها وكرامتها لم يصنها أحد كما حفظها الإسلام، ولم تتحقق كرامة المرأة إلا في ظل شريعة الله ونبيه الكريم (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام).

إن نساء العراق شريفات عفيفات كريمات عزيزات ليست ممتهنات ومستأجرات لمؤسسات الفسق والفجور والشهوات المنفلتة التي تتاجر بحقوق المرأة من دون أن تقدّم للمرأة شيئاً ولا قدّمت حلولاً لمشكلاتها رغم مرور (11) سنة على التغيير ورغم وجود أكثر من (80) امرأة في البرلمان وتوجد وزارة باسم المرأة، ولم نر حضوراً ولا حماساً لتلك المؤسسات إلا ضد الدين في هذه المرة، وقبل مدة حينما صدرت قرارات لوضع ضوابط لفوضى انتشار الملاهي وحانات الخمور في بغداد على نحو يهدّد البنية الأخلاقية والاجتماعية والعقائدية للعائلة العراقية فسارعوا[5] إلى شارع المتنبي ليستنكروا ويطالبوا بإطلاق الحرية المنفلتة، ولا يهمهم بعد ذلك المشاكل الكبيرة التي تُعاني منها النساء بسبب الكوارث التي مرّ بها العراق، ككثرة العوانس والأرامل والمطلقات والأيتام وفقدان الكفيل والاضطرار إلى ممارسة المهن التي لا تناسبهنّ.

فإنّا لله وإنا إليه راجعون والله المستعان على ما تصفون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 


[1] ) تقرير الكلمة التي تحدث بها سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) في بحثه الشريف أمام حشد كبير من أساتذة وفضلاء الحوزة العلمية يوم الأحد 7-ج1 – 1435 الموافق 9-3-2014 .

[2] ) نهج البلاغة، قسم الرسائل، رقم 31.

[3] أجازت قوانين الولايات المتحدة الأمريكية التي يعتبرونها قمة التحدّث والحضارة الزواج من الفتيات اللاتي بعمر 13 سنة بعد موافقة الوالدين أو القاضي أو كلاهما (راجع المواقع المختصة على شبكات الانترنت) هذا في وقت لا يشكون فيه من مشكلة جنسية لوجود متنفس لهم في العلاقات غير المشروعة وإجازات بعض الولايات تزويج القاصرين دون السن القانوني فيما لو كانت الفتاة حاملاً من دون موافقة الوالدين أو المحكمة.

[4] ) علمتُ بوجود محكمة في الكرادة الشرقية تُطبّق للمسيحيين عقيدتهم في الأحوال الشخصية، والأغلبية الشيعية لا يحقّ لهم ذلك.

[5] في شهر كانون الأول/ 2010.