في ظلال نهج البلاغة/ للشيخ محمد جواد مغنية

| |عدد القراءات : 2384
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

    نهج البلاغة كتاب عظيم ينبغي لكل مؤمن قراءته وتدبره وقد جمع الشريف الرضي فيه من خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) ما فيه غُنية لكل طالب؛ فمن الحكمة إلى الموعظة إلى المعارف الإلهية العليا إلى السياسة والحرب والاجتماع والأخلاق .. إلى غير ذلك كثير ولم يزل مصدر عطاء وبذل إلى يومنا هذا، وربما كان ذلك بسبب ما أتيح لأمير المؤمنين (عليه السلام) من فرصة في فترة حكمه أن ينشر المعطيات الدينية على طول الحياة الإنسانية وفي مختلف النشاطات الاجتماعية من محراب الصلاة إلى مشتبك الرماح بروح واحدة ، وبسبب ما اعتمل في زمانه من صراعات متنوعة في القسوة ومتناهية في التطرف والإثارة وباسم الدين وبين رموز المجتمع الإسلامي في ذلك العصر القريب من زمن انبثاق الرسالة مما أنتج التنوع في مواضيع الخطب والكلمات التي نقلت إلينا  وهي محاطة بالأحداث والتفاصيل فتوفرت لكل كلمة منها بيئة كاملة تأخذ بخيال القارئ إلى تلك الحقبة العجيبة من التأريخ والتي رسمت ملامح الطريق إلى يوم الناس هذا، حتى أن البعض يرى أنه عليه السلام قد حقق مغازيه في كل ما فعله بما فيها الخطوات التي نعتقد أنها لم تصل إلى المرام في ذلك الزمان ولم تشف غليل الثائرين، وحتى في الخسائر والتوقفات التي نتأسف عليها كثيراً وفق تفكيرنا المحدود، ولكن حينما تكون الحكمة هي المطلوبة والحقيقة هي الغاية التي يريد الأئمة (عليهم السلام) بيانها فإن المقاييس؛ مقاييس النصر والهزيمة تختلف اختلافاً جذرياً عن المقاييس المألوفة، ولعل في مستقبل الأيام ما يكشف لنا من أسرار أمير المؤمنين الكثير الكثير؛ فقد قال (سلام الله عليه): (وَدَاعِيكُم وَدَاعَ امرِءٍٍ مُرصِدٍ للتَلاقِي، غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي ويُكشَفُ لَكُم عَن سَرائِرِي، وَتَعرفُونَني بَعدَ خُلوّ مَكانِي وَقِيامِ غَيرِي مَقامِي).

 

   بالإضافة إلى المميزات الخاصة للإمام (عليه السلام) التي جعلته جبلاً تنحدر عنه جميع المعارف الإنسانية ويستلهم منه جميع المفكرين حلول استفهامتهم على طول الزمان.

 

            إن التنوع في الخطب والتنوع في المعارف التي تطرق لها أمير المؤمنين (عليه السلام) والتنوع في الابتلاءات التي مرّ بها المجتمع بين يديه، والتنوع في الأعداء وارتباط كل هذه العناصر بالإسلام صدقاً وكذباً، كل ذلك وغيره جعل مفكري كل عصر وكل اختصاص يشعرون وكأن نهج البلاغة يتحدث عن حالهم وزمانهم ويخاطب مجتمعهم ويرون فيه حلاً لجميع مشاكلهم، فلا عجب أن تكثر الشروح والكتب المتعلقة بنهج البلاغة في كل زمان، وربما من هذا أوصى سماحة الشيخ اليعقوبي (حفظه الله تعالى) في إحياء الأذهان بدراسة الكتاب والتمعن فيه ملياً، وهو (دام ظله) يوصي اليوم بمطالعة كتاب (في ظلال نهج البلاغة) للمفكر المجاهد و(الشيخ الأحمر) -كما يلقّب-: الشيخ محمد جواد مغنية صاحب الكتابات الاجتماعية الكثيرة التي تتناغم مع أفكار الشباب الرسالي المتلهث للثقافة والنضوج الديني.

 

            وقد جمع الكاتب في هامش كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) الكثير من ثقافته الاجتماعية وأفكاره الفذة وكلماته البليغة، ولكن لا يمكننا أن نسمي هذا الكتاب ولا غيره شرحاً لنهج البلاغة وتكفلاً ببيان جميع معاني الإمام (عليه السلام) بل هو كما سمّاه المؤلف –بتواضعه- محاولة لفهم جديد، ونسميه نحن قراءة معاصرة واعية للكتاب واستلهام الحلول والمنافع والأمثال من قبل هذا المفكر الجليل، وتوطئة لمطالعته مطالعةً موضوعية تعيد قراءة الواقع المعاصر وفق الرؤية الإمامية التي كان الإمام (عليه السلام) يثقف جنوده عليها.

 

ملاحظة: الكتاب في أربع مجلدات وهو متوفّر في معرض الكتاب الدائم في جامعة الصدر الدينية في النجف الأشرف