انتصار العراقيين على داعش.. الدلالات والاستحقاقات

| |عدد القراءات : 623
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

انتصار العراقيين على داعش.. الدلالات والاستحقاقات

هنّأ سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) الشعب العراقي بكل مكوّناته والقوات المسلحة بكل تشكيلاتها بالانتصار الحاسم على قوى الشر والعدوان والإرهاب والتكفير التي شكّلت رأس الحربة لمؤامرة دولية كبرى تستهدف تخريب حضارة العراق وتمزيق نسيجه الاجتماعي وخلق بؤر الفساد والفتن على أراضيه واتخاذ مواقع تنطلق منها يد الغدر لطعن كل شريف غيور على حرمات الدين والوطن وكل مطالب بالاستقلال والانعتاق من هيمنة الأجانب.

 وقال سماحته : ان العراقيين دافعوا عن القيم الإنسانية النبيلة وقدموا دماءا زكية من آلاف الشهداء والجرحى وخّلفوا عددا كبيرا من الارامل والايتام والمصابين مع ما سببته الحرب من الخراب والدمار وبعثوا مما يملكون في قوافل لم تتوقف من الدعم اللوجستي، فعلى جميع أحرار العالم الوقوف الى جانب العراق ومد يد العون المادي والمعنوي لتضميد جراحه ولكي يأخذ دوره الحضاري والريادي.

جاء ذلك خلال لقاءات متعددة بمكتبه في النجف الاشرف، كان أحدها مع جمع كبير من مشايخ عموم العشائر النافذة في جنوب العراق ومقرها في محافظة ذي قار، وفي لقاء اخر مع جمع ووجهاء وشيوخ عشائر من النجف الاشرف ونخب اجتماعية وثقافية.

وأكد سماحته ان هذا النصر ما كان ليتحقق لولا لطف الله تعالى وتأييده (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آل عمران: 126 (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) الأنفال: 17 وقد اعزنا الله تعالى بنصره بعد أن علم الاخلاص والتفاني والتلاحم التام بين المرجعية الدينية وطبقات الشعب خصوصا أبناء العشائر الكريمة الأصلاء، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (حَتَّى إِذَا رَأَى اَللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ اَلصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى اَلْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ وَاَلاِحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ اَلْبَلاَءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ اَلْعِزَّ مَكَانَ اَلذُّلِّ وَاَلْأَمْنَ مَكَانَ اَلْخَوْفِ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَأَئِمَّةً أَعْلاَماً وَقَدْ بَلَغَتِ اَلْكَرَامَةُ مِنَ اَللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ اَلآْمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ) / نهج البلاغة 169.

ولذا يجب المحافظة على أسباب النصر وعدم السماح لمن يريد أن يخلق الفجوة بين الشعب وقيادته المخلصة الواعية ويستغل بعض الثغرات ليخترق هذا البناء المتماسك، فان الامة لم تستطع الاستمرار في الحياة والوجود والاحتفاظ بهويتها الأصيلة الا باتباع العلماء العاملين المخلصين المضحّين عبر التاريخ.

وحذّر سماحته من الاكتفاء بتحقيق النصر العسكري فإنه أحد أوجه الصراع فعلى الجميع اخذ الحيطة والحذر وتعزيز هذا الانتصار بالجهد الأمني والاستخباري وتنقية الفكر والثقافة من جذور الفساد والانحراف والضلال والتوقف عن الصراعات الأنانية والفئوية والتحريض وإشاعة الكراهية وإيجاد الوئام والمودّة كما أمر الله تعالى، ومكافحة الفساد والتوظيف الأمثل لثروات الشعب والابتعاد عن سياسات المحاور والتبعية، وحصر السلاح بيد الدولة وسيادة القانون على الجميع على حد سواء، وغير ذلك من الإصلاحات والإجراءات الضرورية.

وربط سماحته بين قرار الرئيس الأمريكي الأخير بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وفشل هذه المؤامرة الكبرى فكان هذا القرار فتنتهم الجديدة التي يريدون أشغال المنطقة بها واشعالها، وعلى صعيده الشخصي أراد التقوّي بأصحاب النفوذ في الولايات المتحدة لحماية نفسه من الفضائح الكبيرة التي طالت الذين حوله والمقربين منه وأحاطت به شخصيا.

ودعا سماحته الحكومة العراقية وكل مؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص الى إنصاف الشعب العراقي ومجازاته على هذا الاحسان العظيم(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن : 60 بالقرارات والإجراءات التي تعينه على الصعوبات وتوفّر له الحياة الكريمة، وذكر لذلك مثالاً خصخصة الكهرباء فانه قرار محاط بالكثير من الغموض وعدم الشفافية، فالمواطن لم يعترض على جباية أجور الكهرباء وترشيد الاستهلاك وتقنينه وتحسين منظومة الكهرباء وزيادة انتاجها ويرى في ذلك مصلحة وطنية عليا لكنه يريد من يطمئنه على ان هذه الاجراءات لا تضر بالمواطن العادي، فليخرج شخص مسؤول في الوزارة ويتعهد للمواطن بأن الدار العادية التي فيها جهاز تبريد واحد او اثنان وسخان كهربائي وثلاجة ومجمدة والانارة العادية بسعر يتناسب مع إمكانية المواطن ذي الدخل المحدود -مثلاً- بجعل الثلاثة آلاف او أربعة آلاف وحدة الأولى بسعر لا يتجاوز خمسة وعشرين الف دينار شهرياً ونحو ذلك من التطمينات، بدل الاتهامات المتبادلة والأرقام المتضاربة وتصفية الحسابات بين الجهات المتصارعة.

وهكذا يجب بذل الوسع في رعاية عوائل الشهداء ومعالجة المصابين والنظر في حاجات المواطنين الأخرى من الخدمات كالصحة والتعليم والسكن وتشجيع القطاع الخاص ودعم الصناعة والزراعة المحليتين وإيجاد فرص العمل، ويمكن توفير الغطاء المالي للتعيينات الجديدة من تقليل الرواتب العالية والامتيازات الممنوحة لذوي الدرجات الخاصة وحواشيهم التي ارهقت الميزانية بمليارات الدولارات.

 

وعلينا أن نتذكر دائما اننا بمحضر الله تبارك وتعالى وأننا مساءلون أمامه (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) الصافات: 24 فلابد من العمل المخلص الدؤوب (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة: 105