واقع الشباب ومسؤولية النهوض به

| |عدد القراءات : 346
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 

واقع الشباب ومسؤولية النهوض به (1)

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

 الحمد لله كما يستحق حمداً كثيراً وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطاهرين.

 الشباب محل عناية كل القادة والمصلحين والمربين وعلى رأسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روي عنه (اوصيكم بالشباب خيراً فانهم ارقُّ افئدة) وهذه العناية الخاصة لانهم قلب الأمة الذي تتدفق منهم الحياة في جسدها فتجد عندهم الحماس والحيوية والاندفاع والصدق والاخلاص والشجاعة، وهم طاقة عظيمة إن احسنت القيادة توجيهها وتوظيفها في اتجاه الخير كانوا ثروة هائلة في جميع ميادين الحياة لذا جعلت الحكومات وزارة خاصة ترعى شؤونهم، ولكن هذه الوزارة كانت في بلدنا خلال العقود الماضية عديمة الفاعلية واضمحلت انشطة الشباب وابداعاتهم التي كانت تنميها مراكز الشباب ومديرية الرعاية العلمية إلى حدود منتصف السبعينات وتراجع المستوى العلمي للطلبة بشكل مرعب ومثير للقلق على مستقبل هذا البلد واعتقد ان القصور ليس فيهم لان الشباب العراقي مشهود لهم بالذكاء والتفوق والقابلية على الابداع وإنما التقصير من الجهات المسؤولة في توفير وسائل واسباب الرقي العلمي وظروفه وعلى العكس فقد سيقوا إلى حروب وصراعات وفتن داخلية وخارجية لا هدف من ورائها الا اتباع الشهوات والمطامع النفسية الدنيئة فخسرنا خلال عقدين اكثر من مليون شاب ماتوا بلا فائدة كان يمكن للحياة ان تزدهر بهم ولو كانوا بيننا الآن ونفترض ان كلا منهم ينجب اربعة من الابناء لازدادت امتنا خمسة ملايين إنسان ليساهم في بناء المجتمع هذا غير اربعة ملايين من الطاقات الكفوءة والعاملة الذين تركوا البلاد للنجاة بانفسهم أو لتوفير لقمة العيش. اما التدني في الثقافي والاجتماعي والاقتصادي فقد بلغ حد الكارثة.

 

 وكانت للمرأة الحصة الاوفر من الحرمان والاضطهاد والضياع والظلم والكبت فنشأت مشاكل حقيقية في المجتمع كان يمكن ان تفتك بالامة وتندثر لكنها بقيت محافظة على هويتها بفضل الله تعالى وببركة بقيةٍ من اخلاق ودين ورجال مخلصين مسكت بالمجتمع وحفظته من البوار.

 

هذه اشارة بسيطة للتركة الثقيلة التي ورثناها فكيف ننهض بها ونعيد هذه الشريحة الحبيبة إلى موقعها المناسب من جسد الامة خصوصاً ونحن نتطلع إلى مستقبل زاهر لبلدنا ؟ إننا بحاجة ان ننهض كرجل واحد ونلتقي ونتشاور ونتبادل الآراء، وما مؤتمركم المبارك هذا الا خطوة على هذا الطريق وهي خطوة مباركة حقاً تدل على وعي القائمين على هذا القطاع الحيوي المهم وصدقهم واخلاصهم في تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم ومن حين علمي بالنية لعقد المؤتمر فقد حرصت على المشاركة فيه من خلال وفد يضم كفاءات متنوعة.

 

إن اول عمل نقوم به هو اعطاء الفرصة لكل المخلصين وذوي النظر في ان يقدمّوا رؤيتهم لمشاكل الشباب وتقييم واقعهم ومن ثم التفكير في وضع آليات الحلول وتنفيذها من دون كلل أو ملل أو تقصير وإن هذا المؤتمر الكريم فرصة حقيقية لتبادل الافكار.

 

وارجو ان تنبثق عن المؤتمر لجان متخصصة بحسب تصنيف المشاكل فهناك مشاكل اخلاقية واجتماعية واقتصادية وعلمية وسياسية وغيرها والتي اشير إلى بعض عناوينها باختصار:

 

أولاً: المشاكل الاخلاقية ومنها:

 

1- الانبهار بالغرب وتقليده في الملبس وقصّة الشعر ولبس القلادة والسوار ونحوها.

 

2- عدم الالتزام بالاداب العامة كالخروج بـ(الشورت) في الشوارع العامة والتخنث بالنسبة للرجال ولبس الملابس الخليعة للنساء.

 

3- ضياع الهوية العربية الاسلامية ومسخ شخصيتها الاصيلة وانهيار القيم.

 

4- الانحلال الخلقي وانتشار الفساد والانحراف وعمل المعاصي.

 

وتعالج مثل هذه المشاكل بحملات التوعية والارشاد والتوجيه من خلال النشرات والمحاضرات وإقامة الندوات وسائر البرامج الاصلاحية المناسبة ويتصدى لها علماء الدين والمثقفون والمربّون والاساتذة.

 

ثانياً: المشاكل الاقتصادية:

 

1- قلة فرص العمل والتصاعد الفظيع لنسبة العاطلين عن العمل.

 

2- عدم وجود خطة مركزية لدى الوزارات المعنية لتوظيف خريجي الجامعات والمعاهد.

 

3- افتقار اكثر ابناء المجتمع لابسط رأس مال يمكنه به تشغيل أي مشروع للكسب.

 

4- ركود عجلة الاقتصاد والصناعة الوطنية واضمحلال الكثير من مشاريع العمل بسبب منافسة البضائع المستوردة وعدم دعم الدولة لمشاريع القطاع الخاص باستيراد المواد الاولية ونحوها مما حدَّد انماط العمل وحصرها في صيغ معينة.

 

وتعالج بـ :

 

1- انشاء صناديق تسليف للشباب الراغبين في فتح مشاريع للعمل بعد الاقتناع بجدوى المشروع وأخذ الضمانات عليه.

 

2- تأسيس شركات مساهمة أو بنوك مختلطة لاستيعاب رؤوس الاموال البسيطة المتوفرة لدى المواطنيين والتي لا تفي لوحدها بشيء الا ان انضمامها إلى بعضها يجعل لها قدرة على المنافسة.

 

3- انشاء لجنة توزيع مركزي تشترك فيها عدة وزارات لتعيين حملة الشهادات.

 

4- تشجيع الصناعة الوطنية وتوفير فرص انجاحها ودعمها.

 

ثالثاً: المشاكل العلمية والثقافية:

 

1- تدني مستوى الطلبة في جميع مستويات الدراسة ولم يعد الطالب بمستوى المرحلة التي هو فيها وانتشار الغش في الامتحانات.

 

2- عزوف الصبيان والشباب عن الالتحاق بالمدارس والجامعات تحت ذرائع شتى كعدم الفائدة في الشهادات ونحوها.

 

3- عدم وجود مراكز للرعاية العلمية وتنمية الكفاءات وتطوير المهارات والتدريب على وسائل التقنية الحديثة.

 

4- ظاهرة التسطيح الفكري وانهماك الشباب في القضايا القشرية كامضاء الساعات الكثيرة في مشاهدة برامج التلفزيون والرياضة والتسكع في الشوارع والالعاب الفارغة.

 

وتعالج بـ :

 

1- القيام بحملات توعية لأهمية العلم والمعرفة ودورهما في تقدم الامم وازدهارها وتذكيرهم بسيادة امتنا للعالم كله حين اهتمت بالعلم والاخلاق والثقافة واسست اعظم حضارة في تاريخ الانسانية.

 

2- الاعتناء بالمدارس وتعيين الادارات من ذوي الكفاءات والاخلاق، وتزويدها بوسائل التعليم المتقدمة.

 

3- إصلاح حال الجامعات وكليات التربية والاداب وغيرها التي تجهّز المجتمع بالمدرسين ولا بد ان يكونوا عارفين بعظمة مسؤوليتهم.

 

4- فتح مراكز للرعاية العلمية وتعليم الشباب كيفية التعامل مع التطور العلمي والتكنولوجي المتصاعد في عالم اليوم.

 

 رابعاً: المشاكل الاجتماعية:

 

1- التفكك الاسري والمشاكل العائلية وكثرة حالات الطلاق.

 

2- انتشار تجارة المخدرات وتناولها والشذوذ الجنسي ووسائل تدمير المجتمع.

 

3- كثرة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور وغيرها مما ذكرت في كتابي (الزواج والمشكلة الجنسية).

 

هذه مجرد اشارات لبعض ما تعانيه هذه الشريحة المهمة وما يمكن ان تكون حلولاً ومعالجات لها وقد تناولتها بتفاصيل اكثر في عدة كتب مثل (الحوزة وقضايا الشباب)، (فقه الجامعات)، (شباب في مقبرة الجنس)، (كونوا احراراً)، (الزواج والمشكلة الجنسية)، (المشاكل العائلية : اسباب وعلاج) و(خطاب المرحلة) وغيرها.

 

ادعو الله تبارك وتعالى ان يسدد خطى مؤتمركم وان يكون حجر الاساس لنهضة شاملة مباركة لاعادة حقوق هذه الشريحة والمسح على جروحها وتخفيف آلامها واعادة البسمة اليها.

 

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)(التوبة: من الآية105)

 

 

 

محمد اليعقوبي

 

النجف الأشرف - 13 رجب 1425 - 30/8/2004