سُبل السلام (رسالة عملية تبيّن المهم من أحكام الشريعة بأسلوب عصري) ج3

| |عدد القراءات : 205
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

تقسيم أبواب الفقه
الفقه في اللغة يعني الفهم والمعرفة والتوصل إلى حقيقة الشيء وتفاصيله من خلال سبر أغواره لأنّ أصل معناه الشق والفتح.
والمتتبع لموارد الكلمة في القران الكريم يجد أنّ المراد منها معرفة خاصة، وهي المعرفة بالله تبارك وتعالى التي تضم منظومة كاملة من العقائد والأخلاق والأحكام، فحينما يقول تبارك وتعالى (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَالِ ِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (النساء : 78).
فإنّه يشير إلى نقص في المعرفة بالله تبارك وتعالى بأنّه هو المدبر الحقيقي للموجودات والمتصرف فيها.
وبث الله تبارك وتعالى الآيات والمواعظ والدلائل لتدل عباده عليه وحثهم على الاستفادة منها (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أو مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أو يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:65) (وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:98).
ووبخ تبارك وتعالى من لا معرفة له في عدة مواضع (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) (الإسراء:46) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف:57).
ويشهد له ما في الروايات المأثورة عن المعصومين (عليهم السلام)، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ألا أخبركم بالفقيه حقاً ؟ من لم يقنّط الناس من رحمة الله، ولم يؤمّنهم من عذاب الله، ولم يؤيّسهم من روح الله، ولم يرخّص في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره([1]).
لكن المصطلح اختص في عرف المتشرعة بالعلم بالأحكام الشرعية خاصة، وتحول الفقه من رؤية متكاملة تهذب النفس وتطهر القلب وتنظم حياة الإنسان في حركة متناغمة مع إرادة الله تبارك وتعالى إلى علم متخم بالمصطلحات والقواعد والمسائل لا تسمو بالروح، وقد ينهي طالب العلم دورة فقهية كاملة دون أن يمر بآية كريمة أو حديث شريف أو موعظة حسنة وفي ذلك خسارة كبيرة، ولذا تجده لا يحصن صاحبه من مشاعر الحسد والأنانية والمراء والجدال وحب الجاه وطلب السمعة والقدسية في قلوب الناس والتزلف إلى الحكام والمترفين.
لذا فإنّ (الفقه) بمعناه المتعارف غير كاف لتحقيق الهدف الذي من أجله حث الله تبارك وتعالى المؤمنين للنفر لطلب العلم والتفقه في الدين وهو تحقق الحذر من الله تبارك وتعالى، وهو لا يتحقق إلا بالمعرفة بالله سبحانه قال عز من قائل (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة : 122).
وبهذه المعرفة - لا بالعلم بالمصطلحات والمسائل الشرعية فقط- أصبح المؤمن الواحد يعادل عشرة من جيش الكفار (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال : 65).
وفي ضوء النقص في هذه المعرفة وضعفها عن تحريك الإنسان نحو الأهداف الحقيقية خفّف الله تبارك وتعالى التكليف عن المؤمنين (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال : 66).
وإنّما ذكرت هذه المقدمة لأمور([2]) :
1- فهم المعنى الحقيقي للفقه والفقيه في الكتاب والسنة لكي نستطيع تطبيقه بدقة على مدّعيه والتأكد من مصداقية منتحلي العنوان قبل الالتزام باتباعهم والأخذ عنهم.

2- تحريك الإنسان المسلم نحو الحقيقة الكبرى في الوجود وهي المعرفة بالله تعالى.

3- تصحيح مسار علم الفقه المتعارف وكتبه لكي يستوعب كل استحقاقات هذا العنوان الضخم.

وقد يكون أحد الأعذار لفقهائنا خصوصاً المتأخرين أنّ العلوم قد تشعّبت وتعمّقت وكثرت تفاصيلها فيكون من المفيد فصل مسائلها ومواضيعها، فأصبحت العقائد علماً مستقلاً وكذا علم الأخلاق والعرفان، واختص العلم بالأحكام الشرعية بعنوان( الفقه) وبقي على طالب الحقيقة أن يأخذ كل علم من مظانه.
وجمعاً بين الحقّين سنحاول إثراء الرسالة العملية ببعض النكات المختصرة لإلفات النظر وتحريك الساعي إلى الكمال نحو ما ينفعه ويرشده إلى الطريق بإذن الله تعالى.


 
أبواب الفقه
قسم الفقهاء أفعال المكلفين التي وردت الأحكام لتنظيمها وفق الشريعة المقدسة إلى: ما يشترط قصد القربة إلى الله تعالى في صحته والاكتفاء به كالصلاة والصوم، وإلى ما لا يشترط وإن كان قابلاً للإتيان به كذلك لتحصيل الثواب عليه، والأول هو العبادات وفق المصطلح الفقهي، أمّا الآخر فهي المعاملات بمعناها الواسع، وهي: أمّا أن تكون متقومة بطرفين كالبيع المرتبط بعرض البائع ورضا المشتري، وكالنكاح المنعقد بعرض الزوجة ورضا الزوج وهكذا، أو لاتكون كذلك، والأول وهو الثاني بحسب التسلسل العام هو العقود، والثاني أمّا أن يكون متعلقاً بفعل طرف واحد كالطلاق الذي هو إنشاء الزوج خاصة من دون مدخلية للزوجة فهي الإيقاعات وهو القسم الثالث من التسلسل العام، أو لايكون كذلك وهو الأحكام كالإرث والحدود والديات وغيرها.
وفي ضوء هذا التقسيم جعل المحقق الحلي (قدس سره) كتابه الشريف (شرائع الإسلام) في أربعة أجزاء قبل ثمانية قرون تقريباً وجرى عليه مَنْ خلفه من العلماء الصالحين.
 ولما كانت العبادات هي أشرف الأفعال لما فيها من القرب إلى الله تعالى وأشرف العبادات الصلاة لأنها عمود الدين، فقد قدموها على غيرها، ولما كانت الصلاة متوقفة على الطهارة ومشروطة بها فقد افتتحوا الكتب الفقهية بالطهارة ثم بكتاب الصلاة فبقية الكتب.

ونحن سنجري معهم في هذا الطريق الشريف، وينبغي للمسلم أن يلتفت إلى أنّ هذه التكاليف لا يراد منها الأداء الشكلي الخارجي لها فحسب وإنّما تستهدف بناء شخصيته وضمان سلامة مسيرته في الحياة والفوز بالسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة وتحقيق الطهارة والسمو له، قال تعالى عن ذبح الهدي في الحج (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج : 37) وقال تعالى عن علة دفع الحقوق الشرعية: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة : 103).
وسئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن كيفية التعرف على أنّ الصلاة مقبولة أو لا، فجعل الإمام (عليه السلام) معياراً لذلك وهي قدرتها على نهي صاحبها عن الانحراف في السلوك وخبث النوايا، فجعل نسبة قبولها بمقدار نجاحها في تحقيق هذا الهــــدف مســـتنداً إلــى قوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت : 45).
كتاب الطهارة
 الطهارة قسمان:

الأول: الطهارة المعنوية وهي تطهير قلب الإنسان من الغل والحسد والحقد والأنانية ونحوها من الرذائل وتهذيب النفس من اتِّباع الهوى والتعلق بالدنيا ونسيان الآخرة والغفلة عن الله تبارك وتعالى وهو الطريق الأكمل للوصول إلى الله تبارك وتعالى وقد تكفّلت كتب الأخلاق والمعرفة الإلهية بيان الفضائل والرذائل وكيفية تحلية النفس بالأولى وتخليتها عن الثانية.
الثاني: الطهارة الظاهرية وهي قد تكون من:
 الخبث وهي النجاسات التي تصيب الجسد وغيره كالبول والدم ونحوها ولرفع أثرها كيفيات خاصة.

أو من الحدث وهي فعاليات حياتية وفسلجية يقوم بها الإنسان وتصدر منه وهي على قسمين:
1- الحدث الأصغر وهو ما يوجب الوضوء أو بديله التيمم عند التعذر وتشمل النوم وخروج البول والغائط.

2- الحدث الأكبر وهو ما يوجب الغسل أو بديله وتشمل الجنابة وهي ممارسة الفعاليات الجنسية والحيض وغيرها.

وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً بإذن الله تعالى.
ولما كان الماء هو العنصر الرئيسي في رفع الخبث والحدث قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) (الفرقان : 48)، أي طاهراً ومطهراً إذا فهمناه بمعنى اسم الفاعل، وقال تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) (الأنفال : 11).
لذا بدأ الفقهاء حديثهم عنه في المبحث الأول من كتاب الطهارة ثم اتبعوه بمقاصد أخرى لبيان سائر التفاصيل.


 
المبحث الأول : أقسام المياه وأحكامها
وفيه فصول
!+
في أقسام المياه
ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين:
الأول: ماء مطلق، وهو الماء الطبيعي المتعارف الموجود في الأنهار والبحار وأنابيب إسالة الماء وغير ذلك.
الثاني: ماء مضاف، كماء الرمان وماء الورد وإنّما يطلق عليه لفظ الماء مجازاً لأنّه ليس ماءً حقيقة لذا فإنّه لا يذكر إلا مع المضاف إليه.
 
الفصل الاول
في الماء المطلق
 الماء المطلق أمّا لا مادة له، أي ليس متصلاً بمصدر ومعين يعوض المقدار المأخوذ منه باستمرار، أو له مادة فمثلاً وعاء فيه كمية من الماء فتارة تجري عليه حنفية الإسالة بحيث تعوض كل ما يؤخذ منه أو بئر يستقى منه الماء فيعود إلى مستواه الطبيعي أو عين نابعة من الأرض فهذا متصل بمادة.

والأول - أي غير المتصل بمادة- قد يكون قليلاً أي لا يبلغ مقداراً محدداً شرعاً يسمى الكُرّ فيسمى (الماء القليل)، وقد يكون كثيراً أي يبلغ هذا المقدار فيسمى (الماء الكثير)، ولكل واحد منهما أحكامه.
وبغض النظر عن هذا التقسيم فإنّ الماء قد يكون جارياً فتترتب عليه بعض الأحكام التي تاتي مع تعريف الجريان بإذن الله تعالى ويسمى (الماء الجاري) ويسمى الماء المتصل بمادة، والماء الكثير وإن لم يتصل بمادة، والماء الجاري بـ (الماء المعتصم) وغيرها بـ (الماء غير المعتصم).
 
1- الماء القليل:

 وهو ما لم يبلغ مقداره الكر وليس متصلاً بمادة فإنّه ينفعل - أي يتنجس- ويتأثر كله بملاقاة ولو جانب منه للنجاسة، سواء كانت عين النجاسة أو المتنجس المباشر بها، أي ما يسمى بالمتنجس الأول.

(مسألة 36) : يطهر الماء المتنجس القليل باتصاله بماء معتصم كفتح حنفية الإسالة عليه مثلاً أو بوصله بخزان ماء يحتوي على كرٍّ فأكثر، كما يطهر بتقاطر ماء المطر بمقدار معتد به وليس بقطرات بسيطة.

 (مسألة 37) : الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر والأغسال المستحبة طاهر ومطهر من الحدث والخبث، والمستعمل في رفع الحدث الأكبر- مع طهارة بدن المغتسل- طاهر ومطهر من الخبث، والأفضل عدم استعماله في رفع الحدث - بنوعيه - مرة أخرى بجمعه في إناء مثلاً عند الاغتسال به ثم إعادة استعماله مرة أخرى إذا تمكن من ماء آخر، وإذا فعل ذلك مع التمكن من غيره فالأحوط استحباباً ضم الطهور من الحدث بالماء الآخر، واذا لم يكن عنده ماء غيره تطهر به من الحدث والاحوط استحباباً ضم وظيفة فاقد الماء اليه بحسب نوع الحدث بنية رجاء المطلوبية

أمّا المستعمل منه في رفع الخبث فهو نجس إذا لاقى عين النجاسة والصبة الأولى بعد زوالها.
 
2- الماء الجاري:

 وله مصاديق عديدة كالماء النازل من الميزاب نتيجة هطول الأمطار على السطح وكالنابع من العيون ثم يجري على الأرض وكالماء المتدفق من حنفيات الإسالة ويسيل على الأرض، وهذا كله معتصم لأنّه متصل بمادة فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، وإنّما الكلام في الماء القليل الجاري سواء كان منصبّاً من الأعلى إلى الأسفل كالمتدفق من الإبريق أو كان من الأسفل إلى الأعلى كالماء الخارج من الفوارة أو النافورة، وعلى كلا التقديرين فإذا لاقى النجاسة فإنّ محل الملاقاة فقط يتنجس دون العمود المتصل، أي ينطبق حكم الماء القليل على الجزء الملامس لعين النجاسة فقط.

(مسألة 38) : الجريان حالة يحكم بها العرف ويشترط فيها مستوى من سرعة الجريان والكمية

(مسألة 39) : ماء الحنفية والدوش من الجاري ما دام متصلاً فإن تقطع كان من القليل.

 
3- الماء الكثير:

 وهو ما بلغ مقداره الكُر وله تحديدان شرعاً:

الأول: بحسب الحجم أو المساحة بحسب تعبيرهم وذكرت له عدة مقادير بحسب الأشبار تتراوح بين (27) شبراً مكعباً و() شبراً مكعباً فإذا فرض أنّ طول الشبر المتعارف حالياً يتراوح بين (21 و23) سنتمتراً نتجت عندنا حجوم متباينة بشدة تتراوح بين (250) لترا ًحيث اللتر يساوي (1000) سنتمترٍ مكعب و(522) لتراً
الثاني: بحسب الوزن ويتراوح بين (377) كغم و(400) كغم.
وحيث أنّ كثافة الماء الصافي هي (1) كغم لكل لتر فيمكن تحويل مقدار الكر بحسب الحجم إلى ما يساويه بحسب الوزن.
والمختار أنّ وزن الكر هو (377) كغم أو لتر، ويحسن الاحتياط بالرقم الآخر وهو (400) كغم أو لتر.
ويمكن إحراز ذلك بدقّة بأن يكون حجم الخزان (377) لتراً بغض النظر عن شكله واطواله، اما الحجم المذكور في الروايات كـ ()شبراً مكعباً أو (36) شبراً مكعباً فهو لاحراز تحقق هذا المقدار وليس من الضروري الوصول اليه. ويكفي تحقق (36) شبراً مكعباً بطول للشبر يساوي (22) سنتمتراً بأن تذرع أضلاعه وعمقه بالأشبار ثم يستخرج الحجم وفق القواعد الحسابية المعروفة للأشكال الهندسية كالمكعب والاسطوانة وغيرها.
(مسألة 40) اذا اتصل اكثر من خزان وكان مجموعهما كراً كفى في تحقق الكرّية في أحدهما ما دام الاتصال قائماً.

(مسألة 41) : الماء الكثير لا ينفعل بملاقاة النجاسة فضلاً عن المتنجس بها إلا إذا تغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها.

(مسألة 42) : ينقسم التغير في أحد الأوصاف الثلاثة إلى حسي وتقديري، والتغير الحسي هو التغير الذي يظهر إلى الحس ولا إشكال في كونه منجساً للماء عند حصوله.

أمّا التغير التقديري فهو افتراضي لا يظهر للحواس وهو على أقسام :
أولاً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون النجاسة الملاقية للماء فاقدة للصفات المؤثرة فيه بأحد الأوصاف الثلاثة وفي مثله لا إشكال في طهارة الماء الكثير.
ثانياً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون الماء حاصلاً على مانع ذاتي عن تغيره بالصفة، كما إذا كان مسخناً إلى درجة حرارية عالية وفرض أنّ مثل هذه الحالة تعصمه من التأثر بأوصاف النجاسة وفي مثله يبقى الماء طاهراً أيضاً.
ثالثاً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون الماء متصفاً بصفة تمنع ظهور التأثر بأوصاف النجس مع وجود هذا التأثر حقيقة، كما لو وقعت قطرات حبر أحمر في الماء من دون خروجه عن عنوان الماء المطلق طبعاً ثم تلاها وقوع قطرات دم بحيث أنّه لولا حمرة الحبر لظهر تغير الماء بحمرة الدم بوضوح وفي مثله يحكم بنجاسة الماء.

(مسألة 43) : إذا تغير الماء بغير اللون والطعم والرائحة كما لو تغيرت كثافته مثلاً فإنّه لا يتنجس.




(1) وسائل الشيعة : 4/829.

(2) توجد تفاصيل أكثر في كتاب (شكوى القرآن) ص92 وما بعدها وبحث (دليل سلوك المؤمن) في كتاب (الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) كما أعرفه)