(من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته) - معرفة قيمة النفس سبب لاجتناب المعاصي

| |عدد القراءات : 2759
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

 (من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته)[1]

معرفة قيمة النفس سبب لاجتناب المعاصي[2]

يعلّمنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه الكلمة القصيرة طريقة للتخلص من الوقوع في المعاصي، لأن سبب ارتكاب الذنوب مع معرفة خطرها في الدنيا وعقوبتها في الآخرة هو اتباع الشهوات، فالشهوة الجنسية تدفعه إلى النظرة المحرّمة والعلاقة غير المشروعة بكل مستوياتها، والشهوة الغضبية تدفعه إلى الظلم والعدوان على الآخرين، وشهوة المال تدفعه إلى الكسب غير المشروع والاستيلاء على أموال الآخرين، والانانية تدعوه الى انتقاص الآخرين وغيبتهم والتكبّر وحب الجاه والسمعة ونحو ذلك، وفي هذا المعنى كلمة قصيرة أخرى لأمير المؤمنين (عليه السلام)  قال (من كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه)[3]  .

وعلاج هذا الاندفاع وراء الشهوات لا يكون باستئصالها وازالتها لأنها غرائز أودّعها الله تعالى في الانسان لتؤدي غرضاً ايجابياً مثمراً، فالشهوة الجنسية لحثه على الزواج والانجاب حتى تتكاثر البشرية وتنمو وبدون هذا الدافع القوي لا يسعى الشخص الى تحمل مسؤوليات الزواج والاسرة واعبائها، واودعت الشهوة الغضبية ليدافع عن المقدسات ويواجه من ينتهك الحرمات ونحو ذلك.

فالعلاج إذن في ضبط هذه الشهوات وجعلها تحت السيطرة لتتحرك نحو الهدف الإيجابي فقط وتؤدي غرضها المنشود، وفي هذه الكلمة القصيرة لأمير المؤمنين (عليه السلام) يلفت نظرنا إلى ما يساعدنا على عملية الضبط هذه من خلال التفات الانسان إلى أهمية نفسه وقيمتها الكبرى فانها نفخة الهية في جسد الانسان (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي) (الحجر:29) لينال بها الجنان والحياة الكريمة في ظل رحمة الله تعالى ولا يقبل لها ثمناً غير هذا فانه بذلك يحفظ قيمتها وكرامتها، اما من يتبع شهواته ويرتكب الذنوب والمعاصي فانه يهينها ويحتقرها ويهدر قيمتها الثمينة، ويكتسب بها النيران بدل الجنان ويضيّع عليه هذا الرأسمال العظيم، ولا اعتقد أن عاقلاً يقبل بأن يجلب بماله على نفسه الجحيم بدل الفوز بالنعيم.

علماً بأن التجربة لا تتكرر ومن يموت لا يرجع الى الحياة مرة أخرى ليصحح اخطاءه ، وهذا المعنى ورد في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) قال (اتقوا الله وانظروا لأنفسكم، فإن أحقّ من نظر اليها أنتم، لو كان لاحدكم نفسان فقدم احداهما وجرّب بها استقبل التوبة بالأخرى ولكنها نفس واحدة اذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة)[4]  .

وفي الرواية الأخرى تكملة (فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم).

فلا تغرنكم بعض الدعوات الخادعة باسم الحرية أو المجتمع المدني أو حقوق المرأة ونحو ذلك والتي تهدف الى تحويل الانسان إلى عبد للشهوات والغرائز فان فيها امتهاناً لكرامة الانسان وحط قيمته وربما يسعون الى سن قوانين لشرعنة ذلك كبعض المواد التي تضمنها قانون العنف الأسري المقدَّم إلى البرلمان.



[1] - نهج البلاغة : الحكم ، الحكمة ٤٤٦

[2] - من حديث سماحة المرجع الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من الطلبة والشباب الذين قضوا أيام المعايشة مع الحوزة العلمية في النجف الأشرف يوم الثلاثاء 2/ صفر / 1441 الموافق 1/10/2019

[3] - نهج البلاغة : الحكم ، الحكمة ٢٢٠

[4] - وسائل الشيعة: 15/53 أبواب جهاد العدو، باب 13 ح 10