الشيخ اليعقوبي ... الخطاب الديني لا يكون مؤثراً الا اذا حرك كل العوالم المكونة لشخصية الإنسان
الشيخ اليعقوبي ... الخطاب الديني لا يكون مؤثراً الا اذا حرك كل العوالم المكونة لشخصية الإنسان
استقبل المرجع الديني سماحة آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دامت تأييداته ) مساء الخميس 26/شوال/1425 وفداً من مثقفي البصرة الرساليين بينهم حوالي عشرين طبيباً بعد ان القى ممثل الوفد كلمة تعرّض فيها لتخبط عدد كبير من الناس بسبب عملهم برأيهم وعدم الالتزام بخط المرجعية الرشيدة واستشهد خلالها بكلمات شريفة لأمير المؤمنين(ع) يتعجب فيها من مثل هؤلاء الناس حيث اصبح كل واحد منهم إمام نفسه حسب تعبير الإمام (ع) وبعد انتهائه قدم الاخوة الأطباء ملفاً يتضمن عشرات الأسئلة التي تتعلق بمهنتهم الجليلة وطلبوا من سماحة الشيخ أن يضع لهم دليلاً شرعياً لعملهم في ضوء إجابته على هذه الأسئلة لخلو المكتبة السلامية من مثله وبعد أن وعدهم سماحة الشيخ خيراً بمقدار ما يلطف الله تبارك وتعالى به بدء حديثه من هذه النقطة فقال توجد عدة كتيبات وكراريس تناولت مثل هذا الموضوع أيحدها لسيدنا الأستاذ الشهيد الصدر الثاني(قده) إلا إنكم تبحثون عن نمطاً آخر من الإجابة تعودتموه منا لا يقتصر على الإجابة الفقهية فقط وإنما يعطي للمسألة أبعادها الأخلاقية والاجتماعية والعلمية وهي طريقة قرآنية لمعالجة قضايا وهموم وتطلعات البشرية فانه لم يكتفِ ببيان الأحكام الشرعية وإلا لما احتاج إلى أزيد من خمسمائة صفحة وكانت تكفيه عدة صفحات لذكرها إلا إن الله تبارك وتعالى خالق الإنسان يعلم إن هذا المقدار من البيان غير كاف لتحريكه نحو الامتثال و إنما لابد من إثارة الحوافز والدوافع في جميع عوالم و أبعاد الإنسان الجسد والنفس والعقل والروح فالإنسان ليس هذا الكيان المادي المحسوس و انم هو كيان واسع لذا قيل فيه أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوىالعالم الاكبر
وان ذلك الطبيب الغربي على حق حين سمى كتابه (الانسان ذلك المجهول)
والذي انطلق منه الدكتور( خالص جلبي ) ليكتب رسالة الدكتوراه في الطب بعنوان (الطب محراب الأيمان ) في جزئين ، صدر في بداية السبعينات من القرن الماضي حينما كانت حركة الربط بين العلم والدين في قمة نشاطها فصدرت كتب (العلم يدعو إلى الأيمان) (التكامل في الإسلام) (الله يتجلى في عصر العلم) وغيرها وبعد أن استعرض سماحة الشيخ أسباب نمو هذه الحركة عاد إلى أصل الحديث قائلاً إننا إذا أردنا تحقيق السعادة للإنسان فلا بد أن نلبي حاجة كل هذه العوالم فان السعادة إنما تتحقق بتحقق ما يلائم ، والإنسان ليس جسداً فقط حتى تتحقق سعادته بتوفير المتع واللذائذ الحسية كالطعام والجنس والمأوى المريح فأن كثيراً من أمم الغرب تجد لها حياة مترفة ومملوءة بالمتع ومع ذلك هم أكثر الناس انتحاراً لأن أرواحهم وقلوبهم خاوية لم تجد ما يصلحها ولا تتحقق السعادة إلا بتوفير الأجواء الملائمة لجميع مكونات الإنسان .
ثم انتقل سماحة الشيخ الى الحديث عن المسؤولية الكبيرة الملقاة على البناء البصرة التي لا تتحمل مسؤولية نفسها فقط وإن كانت ليست بالقليلة لأن البصرة تمتلك عناصر و مقومات دولة قوية وثرية وهي ـ إضافة الى ذلك ـ تتحمل مسؤولية الإرتقاء بمستوى المحافظات الأخرى فكرياً ودينياً وإقتصادياً ثم أشار سماحة الشيخ (دامت تأييداته) بإختصار الى هذه المسؤولية .
ثم نبّه سماحته الى ضرورة تفعيل دور خطب أمير المؤمنين الموجودة في نهج البلاغة في تربية الأمة وتوعيتها من خلال الندوات والمحاضرات والمنبر الحسيني فإن فيها حياة القلوب والعقول وأبدى أسفه لإبتعاد مدرسة الخطابة الحسينية عن نهج البلاغة عكس ماكان عليه السلف الصالح حيث كانت خطب الإمام (ع) مادة أساسية لمجالسهم وكانوا يحفظون عدداً وفيراً منها واستشهد سماحته بما نقله جده لأبيه الشيخ محمد علي اليعقوبي في كتابه البابليات عن الشيخ مهدي وهو جده لأمه أنه كان يحفظ ثلاثة أرباع نهج البلاغة .