استفتاء / احكام التلقيح الصناعي

| |عدد القراءات : 205
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

استفتاء / احكام التلقيح الصناعي

 

السلام عليكم شيخنا الجليل ورحمة الله وبركاته:

 نحن مجموعة من أطباء وطبيبات العقم نرفع استفتاءنا هذا إلى سماحتكم راجين فيه اجابتنا بما أفاض الله عليكم من علوم مدرسة اهل البيت عليهم السلام.

 تردنا عدد من حالات العقم عند الازواج بسب حالات مرضية او تشوهات خلقية فهل يجوز لنا إجراء عملية التلقيح الصناعي بإحدى الطرق المعروفة التي تناسب حالة العقم المشخصة؟

افتونا جزاكم الله عنا خير جزاء المحسنين

 

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحمد الله تعالى على ما الهم من العلوم وأبدع في صنع العقول التي لا تتوقف عن التفكير في إيجاد الحلول لمشاكل البشرية وإزالة معاناتها وله الحمد على وجود قاعدة واسعة من الملتزمين بدينهم الذين لا يقدمون على فعل وإن كانوا محتاجين اليه الا بعد ان يستفتوا العلماء لتكون أفعالهم مطابقة للشريعة.

وفي جواب المسألة نقول: يُنظر إلى مسالة التلقيح الصناعي أي تحصيل النطفة المخصّبة من بويضة المرأة وحيمن الرجل بغير الاتصال الجنسي المتعارف من جهتين:

الأولى: ما تستلزمه هذه العملية من أفعال كالأطلاع على العورة والاستمناء باليد ولمس الجسد من المخالف في الجنس ونحو ذلك وهذه كلها محرمة في الحالة الطبيعية وإنما تباح اذا سببت حالة العقم عذراً شرعياً لارتكاب هذه الأفعال كوقوع الزوجين أو أحدهما بسببه في ضرر أو مرض أو حرج نفسي أو اجتماعي لا يُتحمّل عادة، وبدون العذر المبيح شرعاً لا يجوز للزوجين الاقدام على هذه العملية وعليهما الصبر والرضا بما قُدِّر لهما وسيجزيهما الله تعالى أجور الصابرين (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر:10) ، واذا تطلّبت العملية طرفاً ثالثاً غير الزوجين ــ كرجل أجنبي تؤخذ الحيامن منه أو امرأة أجنبية تؤخذ البويضة منها أو يستأجر رحمها ــ فلابد من توفّر المسوِّغ فيها لارتكاب المحرّم، وهو لا يتوفر عادة.  

الثانية: حكم نفس عملية التلقيح وما يترتب من آثار على المتولِّد منها

وتوجد هنا عدة صور بحسب طريقة التلقيح داخلياً أو خارجياً وبحسب العلاقة بين طرفي العملية هل هما زوجان أم لا وبحسب الرحم الذي سيحتضن البيضة الملقحة هل هو لنفس الزوجة أم غيرها وسنشير الى هذه الصور وحكم كل منها، وهي عمومها على نوعين:

النوع الأول: اجراء العملية بين الزوجين وهنا عدة صور:

1-   أن يؤخذ ماء الزوج ويحقن في مهبل الزوجة ويتم التلقيح والحمل عندها والعملية جائزة والولد ولدهما ويتوارثون.

2-   تلقيح حيمن الزوج وبويضة الزوجة خارج الرحم في انبوبة او وعاء ثم تزرع البويضة المخصَّبة (النطفة) في رحم الزوجة حتى يكتمل نمو الجنين، وهي عملية جائزة والولد ولدهما.

3-   نفس الصورة السابقة لكن الجنين يبقى في الرحم الصناعي القابلة لنمو الجنين الى ان يكتمل ويجري نفس الحكم السابق فيها.

4-   تلقيح بويضة الزوجة بحيمن الزوج خارجياً وزرع النطفة في رحم الزوجة الأخرى بإذنها والعملية جائزة وينسب الولد الى أبيه اما الأم فهي عندنا الزوجة صاحبة البويضة اما التي حملت به وولدته فهي كالأم الرضاعية حكماً، وعند السيد الخوئي والشهيد الصدر الثاني (قدس الله سرهما) تكون الأم هي المرأة الأخرى التي حملت به وولدته.

5-   تلقيح بويضة الزوجة بحيمن الزوج خارج الرحم وزرع النطفة المخصَّبة في رحم امرأة اجنبية مستأجرة كانت أم متبرعة وهي عملية جائزة والولد شرعي يلحق بالزوج أما الأم ففيها قولان كالصورة السابقة، مع ملاحظة ما ذكرناه من وجود المسوِّغ الشرعي عند المرأة الأجنبية، وان لا تكون غير متزوجة واذا كانت متزوجة فلابد ان يكون حملها بإذن زوجها لأن العملية تلزمه باجتناب جماعها.

النوع الثاني التلقيح بين غير الزوجين وفيه عدة صور نذكرها بنفس التسلل السابق:

 

6-   تلقيح الزوجة بماء الرجل الأجنبي بحقنة في رحمها ونمو الجنين في رحم الزوجة والأحوط وجوباً الامتناع عنها لعدم جواز دخول ماء الأجنبي في رحم المرأة، ولو وقعت هذه الحالة فعلى الزوج تجنب جماع زوجته في الطهر الذي ينوي فيه اجراء العملية وكذا بعد اجرائها الى ان يستبين الحمل حتى لا تختلط المياه، ويكون الولد ابناً للأجنبي صاحب الماء وليس للزوج ، وأمه المرأة التي لُقّحت وحملت به ويرثهما لأنه ليس ابن زنا حتى يحرم من الميراث.

واذا قيل بجواز العملية فلابد أن يكون بإذن الزوج لأن فيها حرماناً من حقه في الاستمتاع الجنسي.

7-   التلقيح بين ماء الزوج وبويضة امرأة أجنبية خارج الرحم ثم تزرع النطفة في رحم الزوجة والاحتياط هنا باجتنابها لا يصل الى الوجوبي لكننا نحتاط لزوماً بعدم القيام بمثل هذه العملية ولو أجريت فالولد للزوج صاحب الماء، اما الأم فهي عندنا المرأة الأجنبية صاحبة البويضة، اما عند السيد الخوئي والشهيد الصدر الثاني (قدس الله سرهما) فهي الزوجة التي زُرعت في رحمها البيضة المخصبة وحملت الجنين وولدته.

8-   تلقيح بيضة المرأة غير المتزوجة بماء الرجل خارجاً وزرع اللقيحة في رحم نفس المرأة صاحبة البويضة والاجتناب هنا مبني على الاحتياط لجريان سيرة المتشرعة على عدم حمل المرأة من غير زواج.

9-   حقن البيضة المأخوذة من المرأة الأجنبية في رحم الزوجة وتلقيحها بماء الزوج بالاتصال الجنسي الطبيعي بين الزوجين والعملية جائزة اذا عُدَّت البيضة جزءً من جسم الزوجة بعد زرعها فيه وان بقيت محتفظة بالصفات الوراثية للمرأة صاحبة المبيض التي افرزته، وان لم يساعد العرف واعتبرها جزءً من المرأة المانحة كانت الحالة من تلقيح ماء الرجل وبويضة الأجنبية خارجاً أي خارج رحم المرأة صاحبة البويضة حيث جرت في رحم الزوجة، جرى فيها حكم الصورة السابقة من تلقيح ماء الرجل وبويضة الأجنبية خارجاً.

10-                     حقن المرأة غير المتزوجة داخلياً بماء الرجل الأجنبي وهي عملية محرمة.

 

وقد بحثتُ هذه المسائل مع ما يترتب عليها من آثار بحثاً استدلالياً مفصلاً في محاضرات القيت على فضلاء الحوزة العلمية في النجف الاشرف وستصدر بكتاب عنوانه (فقه التلقيح الصناعي ان شاء الله تعالى).

 

ملاحظة: في موارد الاحتياط الوجوبي أو اللزومي في هذه المسألة يستطيع المكلف الرجوع إلى أحد المراجع ممن يقع في دائرة محتملي الأعلمية الجائز تقليدهم.

 

 

محمد اليعقوبي

14/رجب/1441

9/3/2020