مقارنة بين الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والسيدة مريم إبنت عمران

| |عدد القراءات : 179
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

ملحق[1]: مقارنة بين الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والسيدة مريم إبنت عمران

          لنا ــ اتباع أهل البيت (عليهم السلام) ــ علاقة وجدانية خاصة بالصدّيقة الطاهرة مريم بنت عمران لأنها شابهت السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الكثير من الصفات مع حفظ التقدم للسيدة الزهراء (عليها السلام) في تلك الصفات.

فقد اقتبست من أنوار سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) فكانت تتلألأ نوراً في محرابها وفي الرواية عن الامام الباقر (عليه السلام) (وكانت أجمل النساء، فكانت تصلي ويضيء المحراب لنورها)[2] .

وكانت مريم محدّثة ــ وهو من أسماء السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ــ تحدّثها الملائكة كما أخبر به الله تعالى (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) (آل عمران:42) (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا) (مريم:17) وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال (انما سميت فاطمة (عليها السلام) محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادى مريم بنت عمران، فتقول يا فاطمة ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا فاطمة اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: ان مريم كانت سيدة نساء عالمها، وان الله عزوجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الاولين والآخرين)[3] .

وفي صفة التطهير فقد قال تعالى في مريم (وطهّرك) وأنزل في أهل البيت (عليهم السلام) آية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب:33).

وفي الاصطفاء والسيادة فقد جعل مريم سيدة نساء العالمين وكانت فاطمة (عليها السلام) كذلك والفرق ما ذكرته الرواية عن المفضل بن عمر قال (قلت لأبي عبدالله ــ الصادق ــ (عليه السلام) أخبرني عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين أهي سيدة نساء عالمها؟ قال: ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين)[4] ، واذا تمسكت باطلاق قوله تعالى (على نساء العالمين) فلا تختص بزمانها كما في الميزان قلنا نعم لكنه اصطفاء خاص بآيات محددة كالتي رافقت حملها وولادتها بينما اصطفاء فاطمة الزهراء (عليها السلام) مطلق وهو وجه الفرق بين الاصطفاء المتعدي ب (على) كما في مريم والاصطفاء المطلق و ((ان الاصطفاء المتعدي ب (على) يفيد معنى التقدم، وانه غير الاصطفاء المطلق الذي يفيد معنى التسليم، وعلى هذا فاصطفاؤها على نساء العالمين تقديم لها عليهن)) ، فتقديم مريم كان من بعض الجهات ((حيث لم تشمل مما تختص بها من بين النساء الا على شأنها العجيب في ولادة المسيح (عليه السلام) أن هذا هو وجه اصطفائها وتقديمها على النساء من العالمين))[5] .

وفي إنجاب المعصومين الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد اعاذهم الله تعالى من الشيطان الرجيم، ففي حديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) في حدث تزويجه بفاطمة (عليها السلام) ودعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لهما وقال (قم بسم الله وقل: على بركة الله، وما شاء الله، لا قوة الا بالله، توكّلت على الله ــ ثم جاءني حين اقعدني عندها ثم قال: اللهم إنهما أحبّ خلقك إليَّ فأحبهما، وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظاً، وإني اعيذهما وذريتهما بك من الشيطان الرجيم)[6]  .

وفي الرزق الذي يأتيها في المحراب من عند الله تعالى ففي رواية عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان في طعام وجده النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه في دار فاطمة ولم يكونوا يعرفوه من قبل إلى ان قال (وقام النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) وقال (وأنى لك هذا يا فاطمة؟) فردّت عليه ونحن نسمع قولهما فقالت (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) مستعبراً وهو يقول (الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت لأبنتي ما رأى زكريا لمريم كان اذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا فيقول: (يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[7]

ويعجبني نقل هذه الأبيات في المقارنة بين بعض حالات الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليه السلام) والصدّيقة مريم :

 

إن قِـيـلَ حَــوّا قُـلـتَ فـاطـمُ فَـخرُها
أفــهـلْ لـمـريـم والـــدٌ كـمـحـمدٍ
كـــلٌ لــهـا عـنـدَ الــولادةِ حـالـةٌ
هـــذي لـنـخلتِها الـتَـجَتْ فَـتَـساقَطَتْ
ولــدت بـعـيسى وهــي غـيرُ مـروعةٍ
وإلــى الـجدارِ وصـفحةِ الـبابِ الـتَجت
سَـقَـطت وأسـقَـطَتِ الـجـنينَ وحـولَها
هــــذا يـعـنـفـها وذاكَ يــدُعُّـهـا
وأمـامَـهـا أســـدُ الأســـودِ يـقـودُهُ
ولـسـوفَ تـأتـي فــي الـقـيامةِ فـاطمٌ
ولـتَـرفَـعَـنَّ جـنـيـنَـها وحـنـيـنَها

 

أوقـيـلَ مـريـمُ قـلـتُ فـاطـمُ أفـضلُ
أم هَــلْ لـمـريمَ مـثـلُ فـاطـمَ أشـبلُ
فـيـها عـقـولُ بـنـي الـبصائرِ تـذهَلُ
رُطَــبَـاً جَـنـياً فـهـي مـنـه تـأكُـلُ
أنَّـــى وحـارسُـها الـسّـري الأبـسـلُ
بـنـتُ الـنَّـبي فـأسـقَطَتْ مــا تَـحمِلُ
مــن كــلِّ ذي حـسـبٍ لـئـيمٍ جَـحفل
ويــردهـا هـــذا وهـــذا يــركُـلُ
بـالـحبل قـنـفذ هــل كـهـذا مـعضَلُ
تـشـكـوا إلــى ربِّ الـسـماءِ وتـعـولُ
بـشـكـايةٍ مـنـهـا الـسـماءُ تَـتَـزلزَلُ[8]

 

 



[1] - ملحق الكلمة التي نشرت في العدد السابق من الصحيفة وعنوانها (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) (مريم:16)

[2] - البرهان في تفسير القرآن: 2/33 عن تفسير العياشي:1/193

[3] - علل الشرائع:1/216 ، تفسير نور الثقلين 1/337

[4] - البرهان في تفسير القرآن: 2/216 ح 7 عن معاني الأخبار للصدوق: 107 ح 1

[5] - الميزان في تفسير القرآن:3/218

[6] - أمالي الشيخ الطوسي: 40، تفسير نور الثقلين:1/333

[7] - البرهان في تفسير القرآن:2/216 ح 8 عن آمالي الشيخ الطوسي:2/227

[8] - ديوان الشيخ محسن أبو الحب الكبير/ ص 128