القبس /10 (رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ) سورة آل عمران:38- الحث على تكثير النسل

| |عدد القراءات : 71
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 (رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ)

موضوع القبس: الحث على تكثير النسل

استحباب تكثير النسل:

قال الله تبارك وتعالى {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} (آل عمران: 38).

{هُنَالِكَ} مرتبطة بالآيات التي سبقتها عن الصديّقة مريم ونشأتها وتفّرغها لعبادة ربها {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمران: 37).

وعند ذلك هاجت في قلب النبي الكريم زكريا (عليه السلام) رغبة جامحة لتحصيل ولد صالح كريم ولم يكن ذلك ممكناً بالاسباب الطبيعية لانه كان قد بلغ من الكبر عتيا ووهن عظمه وضعفت قوته وأمراته عاقر فتوجه بالطلب الى الله تعالى لانقطاع الأسباب المرجوة الا منه تبارك وتعالى.

وتوجّه (عليه السلام) بنداء { رَبِّ}  أي اطلب منك بصفتك ربي الذي توليّت تربيتي والعناية به وإكرامي حتى انعمت عليَّ بمقام النبّوة فسأله ان يهبه ذرية طيبة.

{مِنْ لَدُنْكَ} أي بالرحمة اللدنية الخاصة الخارقة للعادة لانعدام الوسائل الطبيعية وكان واثقاً بقدرة الله تعالى مطمئناً الى رحمته فاستجاب له ربّه {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:39).

روى الشيخ الصدوق عن الريان بن شبيب قال: (دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرم فقال: يا ابن شبيب أصائم أنت؟ قلت:لا، فقال: ان هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا (عليه السلام) ربه عز وجل فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا {وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّـرُكَ بِيَحْيَى} فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب الله له كما استجاب الله لزكريا)([1])

ومما تفيده الآية الكريمة الحث على طلب الذرية الصالحة الطيبة والسعي لتحصيلها وعدم فقدان الامل بالله تبارك وتعالى، وهو امر فطري ينبع عن غريزة قوية للانجاب لان الولد امتداد لوجود الانسان وبقاء لذكره وحفظ لانجازاته التي حققها في حياته {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (مريم: 5-6) مع مافيه من الانس والسعادة والبهجة، قال تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46) فاذا انضمت هذه الدوافع الفطرية والغريزية الى حث الشريعة المقدسة على الزواج وتحصيل الولد وتكثير النسل وجعلته من المستحبات الاكيدة التي تدخل السرور على قلب رسول الله (2)،كانت مبررات كافية للدعوة الى تكثير النسل.

وتوجد أحاديث كثيرة للحثّ عليه، كرواية الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (2): تزوّجوا فإنّي مكاثرٌ بكم الأمم غداً في القيامة حتّى أن السقط ليجئ محبنطئا([2]), على باب الجنة فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي الجنة قبلي)([3]).

وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (ميراث الله مـن عبـده المؤمـن الـولد الصالح يستغفر له)([4]).

وروي عن بكر بن صالح قال: (كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام): أني اجتنبت طلب الولد منذ خمس سنين وذلك أن أهلي كرهت ذلك وقالت: إنّه يشتد عليّ تربيتهم لقلّة الشئ فما ترى؟ فكتب (عليه السلام) إليّ: اطلب "الولد" فإن الله عز وجل يرزقهم)([5]).

وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن أولاد المسلمين موسومون عند الله شافع ومشفع، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كانت لهم الحسنات، فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات)([6]).

وفي حديث عن الرضا (عليه السلام) (اما علمت أن الولدان تحت العرش يستغفرون لآبائهم، يحضنهم ابراهيم وتربّيهم سارة في جبل من مسك وعنبر وزعفران)([7]).

الوجه في تفسير كثرة الزوجات عند المعصومين (عليهم السلام):

ولعل هذا أحد الوجوه التي تُفسّر اقدام المعصومين(عليهم السلام) على تكثير الزوجات حتّى بلغت عند النبي (2) تسعاً([8]), وعند أمير المؤمنين (عليه السلام) ثمان([9])، وإنّما سُمّيت الزهراء (B) بالكوثر لأنّ الله تعالى أكثر ذريّة رسول الله (2) منها، واستشهدت وهي في الثامنة عشرة من عمرها([10]), ولها الحسن والحسين والعقيلة زينب (عليهم السلام) وأسقطت المحسن.

فالإمام الكاظم (عليه السلام) جرى على سنّة أجداده الطاهرين وهو أولى الناس بهم.

ويضاف إلى هذا الوجه العام وجه خاص وهو وجود عدة شواهد تشير إلى خطة استراتيجية وضعها الأئمة المعصومون (D) وساروا عليها تستهدف تكثير نسل آل أبي طالب بعد واقعة كربلاء, ردّاً على سياسة الاستئصال والاجتثاث التي اتّبعها معهم أعداءهم تحت شعار (لا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية) بحيث خلت بيوت بأكملها من الرجال كدور عقيل بن أبي طالب والعباس بن أمير المؤمنين وأخوته الذين استشهدوا جميعاً في كربلاء.

سُئل الإمام السجاد (عليه السلام) عن سبب حنوّه الزائد على آل عقيل فقال (عليه السلام) (إنّي اذكر يومهم مع أبي عبد الله (عليه السلام) فأرقّ لهم)([11]), ولما قدّم له المختار أموالاً كثيرة بنى بها دور عقيل التي هدّمها الأمويّون([12]).

منهجية الإمام الكاظم (عليه السلام) في تكثير النسل:

فكان للإمام السجاد (عليه السلام) خمسة عشر ولداً بين ذكر وأنثى([13]), وتولّى (عليه السلام) تربية الولد الوحيد الذي تركه عمّه العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام), وهو عبيدالله, وزوّجه بنته خديجة وجمع له معها ثلاث حرائر من بنات الأشراف يقصد بذلك تنمية نسل عمّه العبّاس([14]).

وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يقبل هدايا هارون العباسي ويقول: (والله لولا إني أرى من أزوّجه بها من عزّاب بني أبي طالب لئلاّ ينقطع نسله ما قبلتُها أبداً)([15]).

هذه شواهد على السياسة الممنهجة أو الإستراتجية التي خطط لها الإمام الكاظم (عليه السلام) ليحبط مشروع الأعداء في إنهاء هذا البيت الطاهر وأثمرت خطوات الإمام الكاظم (عليه السلام) عن هذا العدد الهائل من السادة الأشراف, وفيهم الكثير من مراجع الدين والعلماء والقادة والمفكّرين والصلحاء وأعلام الأمّة.

مبررات تكثير النسل لشيعة أهل البيت (عليهم السلام):

إنّ شيعة أهل البيت (عليهم السلام) مدعوّون لبذل الوسع في تكثير النسل لعدّة مبررات منها:

1-          الأخذ بسنة رسول الله (2) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) وتلبية رغبتهم التي نقلتها الأحاديث الشريفة المتقدمة.

2-          إنّ فيها استجابة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال:24).

وفي الذريّة حياة مستمرة للإنسان حتّى يوم القيامة قال الشيخ الصدوق في الفقيه: (روي أنّ من  مات بلا خلف فكأنّ لم يكن بين الناس، ومن مات وله خلف فكأنّه لم يمت)([16]).

3-          الذرية مصدر لكثير من الطاعات للوالدين حتى بعد موتهم كحديث السقط الذي تقدم في الروايات الشريفة، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في المرض يصيب الصبي، قال(عليه السلام): (إنّه كفّارة لوالديه)([17])، ويلخص النبي (2) بعض هذه الطاعات بقوله (إنّ ولد أحدكم إذا مات أُجر فيه، وإن بقي بعده استغفر له بعد موته)([18]), والحديث النبوي المشهور (إذا مات المرء انقطع عمله إلاّ من ثلاث)([19]), أحدها ولد صالح يدعو ويستغفر له.

وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الله ليرحم الرجل لشدة حبّه لولده)([20]), وروى الإمام الصادق (عليه السلام) قال (قال رسول الله (2): مرّ عيسى بن مريم (عليه السلام) بقبر يعذّب صاحبه، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يُعذّب، فقال: يا ربّ مررت بهذا القبر عام أوّل وهو يعذّب، ومررت به العام فإذا هو ليس يُعذّب، فأوحى الله إليه أنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً، وآوى يتيماً فلهذا غفرت له بما عمل ابنه)([21]).

4-          إن اتباع أهل البيت (D) هم الجماعة الخيّرة الطيّبة التي اختارها الله تعالى لتحتضن ولاية أهل البيت (D) وتحافظ على الإسلام الأصيل فتكثيرهم اعزاز للدين والولاية وتثبيت لقيم الخير والإنسانية في هذه الأرض فالخير منهم مأمول والشر منهم مأمون، فهم كالشجرة الطيبة المثمرة التي تكون هي أولى بالتكثير.

5-          إن في تكثير الشيعة نصرة للإمام الموعود (عجل الله فرجه) وتقوية لأركانه وتمهيداً لظهوره المبارك، تطبيقاً لقوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (الأنفال:60), وأعظم قوة نعدّها لنصرة الإمام (عجل الله فرجه) هي هذا النسل المبارك, لأنّ الموارد البشرية هي أعظم الموارد التي تحرص الدول على تحصيلها فاستكثروا منه ما استطعتم.

6-          إنّ الشيعة في المنطقة مستهدفون بحرب إبادة واجتثاث كما تشهد به الوقائع الجارية خصوصاً عندنا في العراق وقد فقدنا خلال العقود الأربعة الماضية أكثر من مليون ونصف المليون من الرجال الذين تزهو بهم الحياة في حروب عبثية وإعدامات ومقابر جماعية في عهد النظام المقبـور ثـمّ فـي المفخّـخات والتفجيـرات وأنواع آلات القتل والتدمير.

بأي عدد من الذرية يتحقق تكثير النسل؟

وفي ضوء المعطيات المتقدمة لا يسع اتباع أهل البيت (D) السائرين على نهجهم من الرجال والنساء إلاّ أن يبذلوا وسعهم في تحقيق هذه الغاية الشريفة والرغبة الأكيدة للمعصومين (D)، ومهما قيل من مبرّرات للإكتفاء بواحد أو اثنين من الأبناء فإنّها لا تصمد أمام هذه المعطيات، إلاّ أن يكون السبب خارجاً عن الإختيار, كما لو جرى القضاء الإلهي بذلك، قال تعالى: {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً} (الشورى:50), أو حصلت موانع صحيّة قاهرة ونحوها.

والسؤال الآن: هو بأي عدد من الذرية يتحقّق معنى تكثير النسل؟ والجواب: إنّه يتحقق بأربعة على الأقل، لأنّ الزوجين إذا أنجبا اثنين -ذكوراً او اناثاً- فإنّهما لم يزيدا شيئاً فإن اثنين ولدا اثنين.

ثمّ هما يحتاجان إلى واحد آخر لتعويض حالات النقص في المجتمع لأنّ كثيراً يموتون في عمر الطفولة أو الصبى أو الشباب قبل الزواج بالموت الطبيعي أو الحوادث كالتفجيرات وحوادث السير أو في الحروب ونحوها، أو يتزوّجون ولكن لا ينجبون أو ينجبون دون العدد، فيحصل نقص في المعدّل يسدّه انجاب الثالث، ويتحقق التكثير بالرابع، وكلما زاد على ذلك كان أفضل وأقرّ لعين رسول الله (2).

الغرب وتقليل النسل:

لقد حاولت حكومات الغرب إقناع الشعوب بتحديد النسل وتقليله لكنهم أصيبوا بكارثة حيث بدأ عدد السكّان ينخفض وارتفع عدد المسنين في المجتمع، والجدل الآن دائر عندهم عن كيفية معالجة هذه المشكلة.

واتّبعوا سياسة (التعقيم) في بلاد المسلمين قبل عقدين أو أكثر وفق آليات معيّنة كشفت عنها بعض الوثائق السريّة المسرّبة وحدّدوا مـدداً معيّنة حتى يثمر مشروعهم الشيطاني.

 وسارت على هذا المنهج بعض الدول الإسلامية - كالجمهورية الإسلامية في إيران- حيث تبنّت الحكومة([22]), في نهاية الثمانينات سياسة تقليل الإنجاب لمنع الانفجار السكّاني - كما قيل- الذي أعتبر السبب في ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض مستويات التعليم ونوعية المعيشة - بحسب التقرير- حيث أن معدل النمو تجاوز الذروة بما يقدر بـ (3,2 %) بعد انتصار الثورة الإسلامية وتشجيع الإمام الخميني الراحل (قده) على كثرة الإنجاب لبناء جيش الـ(20) مليون مسلم.

لكن بعد عشرين عاماً أظهرت الإحصاءات أن معدل عدد الأطفال المولودين لكل امرأة يصل إلى (1,6) أي أقل من(2,1) الذي يُعتبر الحد الأدنى المطلوب في الدول الصناعية لتجنب الانخفاض في عدد السكان، لذا تحرّكت القيادات الإيرانية منذ العام الماضي للتشجيع على الإنجاب من جديد.

المباركة في تكثير النسل:

ونحن نعتقد أنّ تكثير النسل ليس السبب في تلك المشاكل التي أشار اليها التقرير, لأنّه عملية مباركة مثمرة تعود بالازدهار على الفرد والمجتمع، وأنّ أقوى الموارد التي تمتلكها الدول هي الموارد البشرية، خذ الصين مثلاً فإنّ سكّانها تجاوز المليار ومئتي مليون، واقتصادها في نمو مضطرد أقلق الدول الصناعية الكبرى.

والغريب أن الزوجين يبذلان كل ما عندهما من أجل تحصيل الولد، وقد يسافران إلى دول بعيدة لتحقيق ذلك، لكن من يرزقهما الله تعالى الولد يتوقفان عن إنجاب المزيد مراعاة لأوضاع معيّنة، كالوضع الاقتصادي والمعيشي، وقد تقدم في الرواية عن الإمام الكاظم (عليه السلام) عدم الإصغاء لمثل هذه المبرّرات، وقال تعالى: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} (النور:32).

والوارد في الروايات عكس ذلك, فإن الرجل يُرزق إذا تزوج وأنجب، عن الإمام الصادق (عليه السلام) (الرزق مع النساء والعيال)([23])، فتكثير الإنجاب أحد أسباب الرزق للفرد والازدهار للدولة، وتقليل الإنجاب لأجل تخفيف الأعباء الاقتصادية وغيرها تفكير خاطئ لدى الدولة والفرد على حد سواء.

منع الانجاب كقتل الإنسان:

إن المنع من الإنجاب سواء كان بالطرق الطبيعية أو بالعلاجات بلا مسوِّغ معقول ومقبول يتطابق بالنتيجة مع قتل الإنسان الموجود, فكلاهما يحرم الأمة من هذا الوجود الذي جعله الله تعالى خليفته في أرضه قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} (الإسراء:31), (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (الأنعام:151).

إهمال تربية الأطفال قتل معنوي بحقهم:

ولا نغفـل أيضاً عن قتل معنوي آخر من خلال إهمال تربية الأطفال تربية صالحة فيصبحوا أفراداً سيئين منحرفين وربما يتحولون إلى مجرمين ويجلبون الشر للمجتمع، ومن أمثلة القتل المعنوي أيضاً, الهجرة إلى الغرب وعموم بلاد الكفر وتعريض الأبناء لتلك الضغوط والمغريات والشهوات فيبتعدون عن الدين ويلتحقون بالمجتمعات الضالة فهذا كله قتل معنوي للإنسان على خلاف ما أراده الله تعالى ورسوله.

تعليمات الأئمة(عليهم السلام) لتكثير النسل:

ولأجل تحقيق الإنجاب لمن ليس عنده ذرية ولتكثير النسل فقد علَّم الأئمة (D) شيعتهم أعمالاً لعلّها تكون سبباً لرزقهم بالأولاد منها:

1-          رفع الصوت بالآذان في المنزل، روى هشام بن ابراهيم صاحب الإمام الرضا(عليه السلام) (أنه شكى إلى أبي الحسن (عليه السلام) سقمه, وأنه لا يولد له, فأمره أن يرفع صوته بالآذان في منزله، فقال: ففعلت، فأذهب الله عني سقمي وكثر ولدي)([24]).

2-          الاستغفار، ففي الكافي شكا الابرش الكليني إلى أبي جعفر- الباقر- (عليه السلام) أنه لا يولد له وقال له علمني شيئاً، فقال له: استغفر الله في كل يوم (أو) في كل ليلة مائة مرة, فإن الله عز وجل يقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً 10 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} (نوح:12)([25]), وفـي روايـة أخرى (فإن نسيته فاقضه).

3-          الدعاء، سواء بالنصوص المذكورة في القرآن الكريم أو كتب الأدعية لطلب الولد كقوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} (آل عمران:38), وقوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (الفرقان:74), وقوله تعالى: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} (الأنبياء:89), أو تدعو بأي شيء يعبّر عمّا في قلبك.

4-          التوسّل بالمعصومين (عليهم السلام) وتوجد حكايات موثوقة كثيرة لمؤمنين توسّلوا إلى الله تعالى بالزهراء (B) أو بالحسين (عليه السلام) أو بالإمام الرضا (عليه السلام) فتحقّق مرادهم فيما طلبوا.

هذا درس نستفيده من حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) أحببنا بيانه, لأن فيه إدخالاً للسرور على النبي وآله الأطهار (عليهم السلام)، ولأنه يدلّنا على تكليف مهم موجّهٍ إلينا فاعتبروا يا أولي الأبصار.



([1]) عيون أخبار الرضا(عليه السلام):ج2/ 268

([2]) قال أبو عبيدة: المحبنطي - بغير همز - المتغضب المستبطئ للشئ، والمحبنطئ - بالهمز - العظيم البطن المنتفخ. قال: ومنه قيل لعظيم البطن: "حبنطأ" ويقال: السقط والسقط. وقال أبو عبيدة: يقال: سقط وسقط وسقط. معاني الأخبار- الشيخ الصدوق: 291.

([3]) من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق: 3/383.

([4]) من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق: 3/481.

([5]) الكافي- الشيخ الكليني: 6/3.

([6]) الكافي- الشيخ الكليني: 6/3.

([7]) الكافي- الشيخ الكليني: 5/334.- الطبقات الكبرى- ابن سعد: 3/19.

([8]) وقيل اكثر من ذلك. راجع: زوجات النبي (صلى الله عليه واله) سعيد أيوب.- أزواج النبي وبناته- الشيخ نجاح الطائي.

([9]) وقيل اكثر من ذلك. راجع: الطبقات الكبرى- ابن سعد: 3/19.- موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ- الريشهري: 1/108.

([10]) تاج المواليد (المجموعة) الشيخ الطبرسي: 22.

([11]) كامل الزيارات- ابن قولويه: 107.

([12]) سيرة أهل البيت (^)- الشيخ القرشي: 15/ 201.

([13]) الإرشاد- الشيخ المفيد: 2/155.

([14]) بطل العلقمي- للشيخ المظفّر: 3/ 369.

([15]) وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي: 17/ 216/ح11.

([16]) من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق: 3/481.

([17]) من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق: 3/482.

([18]) من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق: 3/483.

([19]) بحار الأنوار- المجلسي: 2/23- صحيح ابن حبان- ابن حبان: 7/286.

([20]) ثواب الأعمال- الشيخ الصدوق: 201.

([21]) وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي: 21/359/ح5.

([22]) المعلومات من تقرير نُشر على المواقع الالكترونية بتاريخ: 22/4/2013م.

([23]) الكافي- الشيخ الكليني: 5/330.

([24]) الكافي- الشيخ الكليني: 3/308.

([25]) الكافي- الشيخ الكليني: 6/8.