القبس /87(وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ ...) سورة الإسراء:79- صلاة الليل وسيلة الإعداد لتحمل المسؤوليات الكبيرة ونيل المقامات الرفيعة
(وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا)
موضوع القبس:صلاة الليل وسيلة الإعداد لتحمل المسؤوليات الكبيرة ونيل المقامات الرفيعة
(وَمِنَ اللَّيْلِ) يمكن أن تكون (من) بيانية لبيان خصوصية التهجّد في الليل وعظيم بركاته، مما سنذكره لاحقاً ان شاء الله تعالى ولأنِّ النهار من شأنه النشاط والحركة فلا يحتاج العمل فيه إلى بيان فنَاسَبه قوله تعالى في آية أخرى: (قُمْ فَأَنذِرْ) (المدّثر: 2)، أما الليل فهو للنوم والسكون فالعمل فيه يحتاج إلى تنبيه لعدم قضاء الليل كله في النوم.
ويمكن أن تكون (من) تبعيضية أي بعض الليل، والتبعيض يمكن أن يستفاد من الباء ايضاً، وقد حدّدت آيات سورة المزمِّل هذا البعض، قال تعالى (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمِّل: 2-4).
(فَتَهَجَّدْ) الهجود هو النوم ومعنى تهجّد أي قاوم النوم وتكلَّف اليقظة كالتمريض الذي اشتق من المرض الا انه يعني معالجة المرض.
(نَافِلَةً لَّكَ) هبة إضافية لك وفرضاً زائداً خاصاً بك يا رسول الله (9) حيث أن قيام الليل واجب عليه خاصة([1]) ومستحب لبقية الأمة، وبتنقيح المناط قد يدلّ على وجوب صلاة الليل على ولاة أمور المسلمين.
(عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) تَرَجّى وأمل بأن يبلغ بهذا القيام في الليل المقام المحمود عند الله تعالى، ويمكن ان يراد به مقام الرسالة العظمى والولاية الكبرى أو إظهار دينه على الدين كله، أو الشفاعة الواسعة المقبولة، أو تفضيله على الخلق أجمعين، ولا داعي للاقتصار على أحدها كالشفاعة في تفسير المقام المحمود فإنها ذُكرت في الروايات من باب التطبيق.
وفيها إلفات الى إنّ الله تعالى هو الذي يمنح الشفاعة لأوليائه (أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) إكراماً لهم وإظهاراً لجلالة قدرهم، ولا يعني بأي حال أنهم أرحم من الله تعالى بعباده.
واستعمال صيغة الترجي وليس صيغة الجزم والقطع بترتب النتيجة على الفعل ليس بلحاظ مشيئة الله تعالى فإن إرادة الله إذا تعلّقت بأمر فإنما (يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يس: 82) ونتيجة حتمية وإنما بلحاظ الأمة التي يتوقع منها الاستنان بسنة رسول الله (9) فهم مخاطبون بالآية تبعاً لرسول الله (9) ولهم ما وعدت به الآية بحسب المقامات المناسبة لهم كالشفاعة في الاهل وسائر المؤمنين، فلعل عرض النتيجة بصيغة الترجّي لإحداث المزيد من الرغبة والعزم، كالذي ورد في تفسير قوله تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه: 44) لحثِّ النبي موسى وأخيه هارون (عليهما السلام) على بذل الوسع في دعوة فرعون إلى الإيمان والتوحيد، والله تعالى يعلم أن فرعون لا يتذكر ولا يخشى.
أو لإلفات النظر الى أن الجزاء الحسن من الله تعالى كرم وتفضّل وليس استحقاقاً لما يقوم به العبد من عمل صالح حتى تكون نتيجة حتمية، وليس لنا إلا الرجاء والأمل بفضل الله تعالى.
أو لبيان أن نفس الفعل لا يوجب هذه النتيجة بذاته وتلقائياً بل لا بد من انضمام كمالات أخرى كالإخلاص وإتقان العمل.
أو لإبقاء القلب متعلّقاً بالله خائفاً من التغيير والبداء ما دام في الدنيا، فهذه الحالة للقلب فيها خير كثير، قال أمير المؤمنين (A): (رُبط جنان لم يفارقه الخفقان) ([2]) وقال الإمام السجاد (A): (وإن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضاً من منع الباخلين)، أو لعله مثل قوله تعالى في شأن أهل الجنة: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود: 108) فبعد أن عرفوا الله في الجنة علموا أن التعلق به سبحانه أكثر تطميناً للقلب من التعلق بثبات عالم الآخرة، وأن التعلق بالمعطي أفضل من التعلق بالعطاء حتى وهو عطاء غير مجذوذ. ويؤيده ما روي عن الصادق (A) أنه ذكر أن المحتوم قد يغيره الله فيظهر فيه البداء فقيل له: (نخشى أن يبدو لله في المهدي، فقال: المهدي من الموعود والله لا يخلف الميعاد)، فمتعلق وعد الله مما لا يخضع للبداء الذي يخضع له كل شيء في الكون.
وقد بيّنت آيات سورة المزمِّل المتقدمة أن قيام الليل يهيئ لأداء الأدوار الكبيرة وتحمّل المسؤوليات العظيمة، وتتمتها (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل: 5-6) سنوحي إليك قولاً يحمل مسؤولية عظيمة وفيه معاني عميقة؛ (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) (الحشر: 21)، وهو ثقيل في آثاره ونتائجه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (الصف: 9)، وهو ثقيل في ما يسببه لمن يصدع به من مصاعب ومشاق (فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف: 2)، وقيل إن القول الثقيل تبليغ الأمر بخلافة أمير المؤمنين (A) من بعده، لأن الآية التي سبقتها أمرت بترتيل القرآن ويأتي بعده إلقاء القول الثقيل.
فلكي تتحمل هذه الأثقال استعن بناشئة الليل أي العبادة التي تُنشئها في الليل لأنها أصعب مراساً وأشدّ على النفس وأثبت للإيمان وأصدق في الأداء وأدْعى لحضور القلب؛ لانقطاع الشواغل، وفيها امتحان للإخلاص ففي الرواية عن الإمام الصادق (A) (يعني بقوله: وَأَقْوَمُ قِيلاً: قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عز وجل([3]) ولا يريد به غيره)([4]) لذا فإنها تكون أحسن إنتاجاً وتحقيقاً للغرض.
ان أولياء الله تعالى عرفوا ما لقيام الليل من وسيلة لنيل رضا الله تعالى فواظبوا عليه، وإن الذين بلغوا ما بلغوا من مقامات كانت علامتهم المميزة مواظبتهم على قيام الليل، لاحظ أن موسى (A) قضى أربعين يوماً وليلة في المناجاة إلا أن الله تعالى خصّ الليالي بالذكر (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً) (الأعراف: 142).
فإذا كنتم من الساعين لنيل تلك المقامات ــ وحريٌّ بكل عاقل أن يكون كذلك ــ فأَعِدُّوا أنفسكم بهذه الرياضة المعنوية لتساعدكم على نيل المقامات الحميدة والخصال الكريمة.
لذا تضمنت الوصايا التي قدّمها رسول الله (9) لأمير المؤمنين (A) وهو يُعِّده لخلافته العظمى تركيزاً على صلاة الليل، عن الإمام الصادق (A) (كان في وصية النبي (9) لعلي (A) أن قال: يا علي، أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ثم قال: اللهم أعنه.... ــ إلى أن قال ــ وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل)([5]).
ومن سننه (9) أنه كان يفرّق صلاة الليل على أجزائه ليكون في جميع وقته مستأنساً بلقاء ربه ففي التهذيب بسند صحيح عن معاوية بن وهب قال: (سمعت أبا عبد الله (A) يقول: وذكر صلاة النبي (9) قال: كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه ثم ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس، ثم قلّب بصره في السماء ثم تلا الآيات من آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )(آل عمران: 190( فما بعدها) الآيات، ثم يستن([6]) ويتطهّر، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه وسجوده على قدر ركوعه([7])، يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران، ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ويصلي الأربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ثم يستيقظ ويجلس ويتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء، ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين، ثم يخرج إلى الصلاة)([8]) ورواه الكليني في الكافي بسند صحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (A) وفيه (ثم قال: لقد كان لكم في رسول الله (9) أسوة حسنة، قلت: متى كان يقوم؟ قال: بعد ثلث الليل)([9]) وفيه قال: في حديث آخر: (بعد نصف الليل)([10]).
وقد اختصر الحديث المروي عن الإمام الحسن العسكري (A) هذه الأهمية بقوله (الوصول إلى الله تعالى سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل)([11]) أي أن الأعمال الصالحة الموصلة إلى الله تعالى لا بد أن تُتوَّج بصلاة الليل لتوصل إلى الهدف.
وهذا الحديث له دلالات عديدة منها أن الوصول إلى الله تعالى ممكن ولكنه يحتاج إلى حركة وسلوك وقطع مسافة بما يتطلب ذلك من جهد وجهاد، وأنّه يحتاج إلى مركب يمتطيه ليقطع به الطريق وهي صلاة الليل، وأن يتجرد من الاعتماد على كل شيء مما يتعلق به قلبه وراءه كالمسافر الذي يهجر وطنه وداره وأهله وماله ومنصبه وجاهه وعلاقاته وسائر تعلقاته.
ويفيد الحديث أيضاً أن الصلوات المفروضة قد لا يكفي اتخاذها وسيلة لقطع هذا السفر ولا بد من امتطاء صلاة الليل معها ليتحقق الوصول إلى الهدف بإذن الله تعالى، وإن الصلاة بشكل عام هي أداة هذا العروج إلى الله تعالى ولعل هذه المعاني منشأ الكلمة المشهورة على ألسنة العلماء (الصلاة معراج المؤمن)([12]) فهذه كلها معانٍ يمكن استفادتها بوضوح من الحديث الشريف.
ويظهر من الحديث الشريف أن السائر الى الله تبارك وتعالى يتعرض الى مخاطر كالتي يتعرض لها المسافر فلابد له من وسيلة منجية له من المهالك، وصلاة الليل هي المنجية في هذا السفر الطويل، الا أن يقربّه الله تعالى (وَاَنَّ الِراحِلَ اِلَيْكَ قَريبُ الْمَسافَةِ)([13]) مخاطر: كالتيه والمزالق الخطيرة والوحوش المفترسة وقطّاع الطرق وفقدان الزاد، وهذه المخاطر بوجودها المناسب موجودة لمن يريد السفر إلى الله تبارك وتعالى، فقطّاع الطرق هم المتلبّسون بالدين والمتظاهرون بالمعرفة الذين يضللون الناس بشبهاتهم ويبتدعون لهم أفكاراً منحرفة، وفقدان الزاد بضياع العمر من دون تقديم عمل صالح (آه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر)([14]) والوحوش المفترسة هم شياطين الجن والإنس الذين يزيّنون كل قبيح من الدنيا والشهوات ليوقعوا الإنسان في المعاصي، ويقبّحون كل حسن من الهداية والصلاح ليطفئوا في قلبه نور الإيمان، ويتحقّق التيه بعدم أخذ العلم والمعرفة من أصلهما ومعدنهما، قال أمير المؤمنين (A): (فإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق إلا بعداً من حاجته)([15]).
هذا كله من ناحية أثر صلاة الليل في تحصيل الارتقاء في سلّم الكمال، أما من ناحية الثواب فقد ورد في صلاة الليل فضلٌ عظيم ففي الرواية عن الإمام الصادق (A) في تفسير قوله تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) قال (A): (ما مِن عمل حسن يعمله العبد وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله تعالى لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده، فقال: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ، فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة: 16- 17) )([16]).
وفي حديث قدسي (إن العبد ليقوم في الليل فيميل به النعاس يميناً وشمالاً وقد وقع ذقنه على صدره فيأمر الله تعالى أبواب السماء فتفتح ثم يقول للملائكة: انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التقرب إليَّ بما لم أفترض عليه؛ راجياً مني لثلاث خصال: ذنباً أغفره له، أو توبة أجدّدها له، أو رزقاً أزيده فيه، اشهدوا ملائكتي أني قد جمعتهن له)([17]).
وروى الإمام الصادق (A) قال: (قال النبي (9) لجبرئيل (A): عظني: فقال: يا محمد، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحببْ ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، واعلم أن شرف([18]) المؤمن صلاته بالليل، وعزّه كفّه عن أعراض الناس)([19]).
وروي عن النبي (9) قوله: (الركعتان في جوف الليل أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها)([20]).
وتوجد روايات كثيرة في الآثار الدينية والدنيوية المباركة التي تترتب على أداء صلاة الليل كَسِعة الرزق وبهاء الوجه ورفع الهمّ والغمّ وإبعاد الحسد وغفران الذنوب وأنها نور في القيامة وأنس وضياء في القبر وغير ذلك، بفضل الله تعالى وكرمه.
ولأن صلاة الليل بهذه المنزلة العظيمة فإنها لا تُنال إلا بتوفيق خاص ويحرم منها مَن ليس أهلاً لها، في الرواية (جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (A) فقال: إني قد حُرمت الصلاة بالليل فقال أمير المؤمنين (A) أنت رجل قيّدتك ذنوبك)([21]).
وفي الحديث عن الإمام الصادق (A) (إني لأمقُتُ الرجل قد قرأ القرآن ثم يستيقظ من الليل فلا يقوم، حتى إذا كان الصبح قام يبادر بالصلاة)([22]).
هذا الحبّ لله تعالى وامتطاء الليل للوصول إليه سبحانه هو الذي أراده الإمام الحسين (A) حينما طلب من ابن سعد تأجيل المعركة من عصر يوم التاسع إلى صبيحة يوم عاشوراء، فقد روي أن عمر بن سعد زحف بجيشه نحو معسكر الإمام الحسين (A) عصر يوم التاسع فأرسل أخاه العباس (A) ليستعلم خبرهم فقصدهم في عشرين فارساً فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر فقال لهم العباس (A): (ما بدا لكم، وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حُكمه أو ننازلكم! قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم) ثم أتى إلى الإمام الحسين (A) بما عرض عليه عمر بن سعد قال: (ارجع إليهم: فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنا العشية، لعلّنا نصلي لربنا الليلة، وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار)، فبات الحسين (A) تلك الليلة راكعاً ساجداً باكياً مستغفراً متضرعاً، وبات أصحابه ولهم دوي كدويّ النحل)([23]).
جزاهم الله تعالى عن الإسلام وأهله خير جزاء المحسنين.
([1]) رواه الشيخ الطوسي في التهذيب: 2/ 242، ح 959 عن الإمام الصادق (A).
([2]) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
([3]) أي أنه (A) فسّر (أقوم قيلاً) بالإخلاص، فإن الرجل إذا قام في الليل وترك الراحة والرياء كان عمله خالصاً، وظهرت فيه العبودية والولاية، حتى روي من كتب الفريقين أن اختصام الملأ الأعلى في الدرجات والكفارات.. ومنها إسباغ الوضوء في السبرات.. جعلها الله مما يختصم الملأ الأعلى في ثوابها ومما فُسّر به قوله تعالى: (قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار، قلْ هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون) وهو من عين ص التي يُشتق منها كل ذكر. (راجع كتاب: عين الذِكر في سورة ص المباركة).
([4]) وسائل الشيعة: 5/269 أبواب بقية الصلوات المندوبة، باب 39 ح 5.
([5]) رواها في وسائل الشيعة عن المشايخ الثقات في أصولهم في عدة مواضع منها في كتاب الصلاة، أبواب بقية الصلوات المندوبة، باب 39 ح 1.
([6]) لعل الكلمة في الأصل (ثم يستاك)، والسواك سنّة لغيره بما سنّه هو (9) للناس من أفعاله.
([7]) قراءة الركوع هي ما يُقرأ من سور، وقول (A): (على قدر قراءة ركوعه) أي أن مدة ركوعه مساوية لمدة القراءة في كل ركعة.
([8]) وسائل الشيعة: 3/195 ح 1، التهذيب: 2/334 ح 1377.
([9]) وهذا مما يُستدل به على أن وقت صلاة الليل يبدأ قبل منتصف الليل بعد مضي ثلثه، ومما يدلّ على ذلك آيات سورة المزمَّل الماضية فان فيها (نصفه، أو زد عليه) والزيادة على النصف تعني القيام قبل منتصف الليل.
([10]) وسائل الشيعة: 3/196 ح 2، الكافي: 3/445 ح 13.
([11]) بحار الأنوار: 78/379، مسند الإمام العسكري: 379، الأنوار البهية للمحدث القمي: 161.
([12]) قال الشيخ محمد الريشهري: (( لا يخفى أن عبارة (الصلاة معراج المؤمن) مع كثرة تداولها على الألسن بحيث صارت من أشهر الكلمات في وصف الصلاة، لم نجد لها مصدراً مسنداً إلى النبي (9) أو الأئمة (عليهم السلام)، وهذا بعد أن استقصينا كلمات أصحاب الكتب في شتى العلوم ووجدناها في أكثر من ثلاثين موضعاً من عباراتهم، علماً أن كتب السنة كلها وكتب الشيعة جلها إلا ما دون في القرون الأخيرة - كروضة المتقين وبحار الأنوار للمجلسيين أعلى الله مقامهما والرواشح السماوية للمحقق الداماد قدس سره - خالية منها، فالظاهر أنها ليست برواية بل من عبارات علمائنا المتأخرين رضوان الله تعالى عليهم)) (كتاب: الصلاة في الكتاب والسنة: ١٥).
([13]) مفاتيح الجنان: دعاء أبي حمزة الثّمالي
([14]) نهج البلاغة - خطب الإمام علي (A) ج ٤ - الصفحة ١٧.
([15]) بحار الأنوار: 1/209 ح 11 عن نهج البلاغة.
([16]) بحار الأنوار: 87/140.
([17]) وسائل الشيعة: 5/272.
([18]) معنى الشريف في الدنيا هو الشخص الذي يشار إليه بالبنان وتتعلق فوائد الناس به وتأثيره على حياتهم، وأما في الآخرة فهم الذين يشفعون للناس ويستغفرون لهم، وهو ما يفعله المصلي لصلاة الليل من الاستغفار لأهله وذويه وكأنها مكافأته بعد الصلاة إذ تقرّ عينه بمغفرة الله لهم وقبول شفاعته فيهم.
([19]) وسائل الشيعة: 5/269.
([20]) علل الشرائع: 363.
([21]) وسائل الشيعة: 5/279.
([22]) بحار الأنوار:83/127 ح 79.
([23])تاريخ الطبري: 5/416، الكامل في التاريخ: 2/558، البداية والنهاية: 8/176 الإرشاد: 2/89، مناقب ابن شهراشوب: 4/98، مقتل الحسين (A) للخوارزمي: 1/251 وغيرها.