ملحق: كيفية الاستعداد للموت

| |عدد القراءات : 108
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ملحق:كيفية الاستعداد للموت

من الادعية التي يستحب تكرارها ما روي عن الامام السجاد (عليه السلام) انه كان يلهج به في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وهو قوله (اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّجافِي عَنْ دارِ الْغُرُورِ، وَالإِنابَةَ إِلى‏ دارِ الْخُلُودِ، وَالاسْتِعْدادَ لِلْمَوْتِ قَبْلَ حُلُولِ الْفَوْتِ)([1]) ففي هذا الدعاء القصير تذكير لما يجب ان يكون عليه الانسان الواعي وهو أن يكون مستعداً لملاقاة أجله متى حلَّ به لأنه يأتيه بغتة ولا يعذر بتركه، وقد وردت أحاديث كثيرة([2]) في الحث على الاستعداد للموت، منها عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال (إن العاقل ينبغي ان يحذر الموت في هذه الدار، ويُحسِن له التأهب قبل أن يصل إلى دار يتمنى فيها الموت فلا يجده) ([3]) وعنه (عليه السلام) قال (بادروا الموت الذي إن هربتم منه ادرككم، وإن اقمتم أخذكم وان نسيتموه ذكركم) ([4]).

وتشير بعض الآيات الكريمة إلى ان الاستعداد للموت وعدم كراهة لقائه علامة على صدق الايمان وحب الله تعالى، قال عز من قائل (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (الجمعة:6) وقد تقدم الكلام عنها.

ولمعرفة كيفية الاستعداد للموت اكتفي بهذه الرواية التي ذكرتها بعض كتب الاخلاق وعنوانها (الهدايا العشر) ووردت بعض فقراتها في روايات مختلفة وهي متدرجة بحسب المراحل التي يواجهها الانسان في رحلة الآخرة (جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال له:أتأذن لي أن أتمَّنى الموت؟ فقال (صلى الله عليه واله وسلم):الموت شيء لا بدّ منه، وسفر طويل ينبغي لمَن أراده أن يرفع عشر هدايا) فكأن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) صحّح القصد من السؤال لأن المؤمن لا يتمنى الموت بمعنى التمني المعروف ولا يقترح على الله تعالى فيما يختار له، ووردت أحاديث كثيرة في النهي عن تمني الموت كقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (لا تمنّو الموت، فأنه يقطع العمل، ولا يُردُّ الرجل فيستعتب) ([5]) فعليه أن يسأل عن كيفية الاستعداد للموت وماذا يهيء لرحلة الآخرة.

(فقال:وما هي؟ فقال (صلى الله عليه واله وسلم):هديّة عزرائيل - وهو ملك الموت -، وهديّة القبر، وهديّة منكر ونكير، وهديّة الميزان، وهديّة الصّراط، وهديّة مالك - وهو خازن النيران -، وهديّة رضوان - وهو خازن الجنان -، وهديّة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وهديّة جبرائيل، وهديّة الله تعالى.

أمّا هديّة عزرائيل (عليه السلام) فأربعة أشياء:إرضاء الخُصماء، وقضاء الفوائت والشّوق إلى الله تعالى، والتّمنّي للموت) فأول خطوة عليه أن يبادر إلى رد حقوق الناس المادية والمعنوية واسترضائهم، وتمني الموت يعني الاستعداد له وعدم كراهة لقاء الله تعالى.

(وهديّة القبر أربعة أشياء:ترك النّميمة، والاستبراء من البول، وقراءة القرآن - باستمرار ولا يقتصر على شهر رمضان -، وصلاة اللّيل) وتوجد أحاديث في أن الميت يتعذب في قبره بسبب النميمة وترك الاستبراء - أي الخرطات التسعة لتنقية المجرى من البول - بعد التبول.

(وهديّة منكر ونكير أربعة أشياء:صدق اللّسان، وترك الغيبة، وقول الحقّ - ولو على نفسك ولا تكتم شهادة الحق -، والتواضع لكلّ أحد) بأن تسلِّم على الجميع وتجلس حيثما تيسَّر.

(وهديّة الميزان أربعة أشياء:كظم الغيظ- إذا ازعجك شيء أو استفزك أحد-، وورع صادق، والمشي إلى الجماعات - في صلوات الجمعة والجماعة والشعائر الحسينية ونحو ذلك -، والتداعي إلى المغفرات - أي المسارعة إلى أسبابها الموجبة لها كقوله تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) (آل عمران:133).

وهديّة الصّراط أربعة أشياء:إخلاص العمل - لله تعالى من أي شائبة وترك الرياء والعجب والمنّ -، وحُسن الخُلق، وكثرة ذكر الله، واحتمال الأذى) خصوصاً من القريبين منك كالوالدين والزوجة والجار ورفيق السفر. وإن الانسان ليبلغ بحسن أخلاقه وكثرة ذكر الله تعالى درجة الصديّقين.

(وهديّة مالك أربعة أشياء:البكاء من خشية الله، وصدقة السّرّ، وترك المعاصي، وبِرّ الوالدين.

وهديّة رضوان أربعة أشياء:الصبر على المكاره، والشكر على نعم الله، وإنفاق المال في طاعته، وحفظ الأمانة.

وهديّة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) - الذي ترجو شفاعته - أربعة أشياء:محبّته، والاقتداء بسنّته - كمـــا في دعاء شهر شعبان:واعّنا على الاستنان بسنته فيه ونيل الشفاعة لديه-، ومحبّة أهل بيته وحفظ اللّسان عن الفحشاء) لأن لسانك أصبح محلاً لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فلا يليق به أن يتلفظ بسوء أو أذى أو فحش.

(وهديّة جبرائيل (عليه السلام) أربعة أشياء:قِلّة الأكل، وقِلّة النّوم، وقِلّة الكلام ومداومة الحمد.

وهديّة الله تعالى أربعة أشياء:الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، والنّصيحة للخلق، والرّحمة على كل أحد) ([6]) .

والملفت ان الهدية التي ادخرها الله تعالى لنفسه تتعلق بمخلوقاته كإصلاحهم وهدايتهم والرحمة بهم والشفقة عليهم وقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم ولم يجعلها كثرة صلاة أو صوم أو أي عبادة أخرى مما يبرز عظمة هذه الخصال عند الله تعالى وأهمية العلاقات الإنسانية النبيلة في الدين.



([1]) الصحيفة السجادية (ابطحي): 277

([2]) راجع ميزان الحكمة: 8/223

([3]) غرر الحكم: 3611

([4]) نهج البلاغة، الحكمة: 203

([5]) ميزان الحكمة: 8/ 228 عن كنز العمال: 42127

([6]) كتاب ادخال السرور على اهل القبور: للسيد حسين نجيب محمد، ص207