الموقف من احتفالات رأس السنة الميلادية

| |عدد القراءات : 65
الموقف من احتفالات رأس السنة الميلادية
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

الموقف من احتفالات رأس السنة الميلادية

 من كلمات الإمام الحسن السبط المجتبى (عليه السلام) وقد مرّ في يوم فطر بقومٍ يلعبون ويضحكون، فوقف على رؤوسهم فقال: (إنّ الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وقصّر آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من ضاحك لاعبٍ في اليوم الذي يُثابُ فيه المحسنون ويخسرُ فيه المبطلون، وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أنّ المحسن مشغولٌ بإحسانه والمسيء مشغولٌ بإساءته) ثمّ مضى (عليه السلام).

علينا أن نستحضر هذه الموعظة في كل لحظات حياتنا، لأنّها كلّها مضمار للتنافس واستباق الخيرات لنيل أفضل الدرجات عند الله تعالى وها نحن اليوم في نهاية سنة ميلادية 2011 –وفق حساباتهم- وعلى أبواب سنة جديدة 2012 بإذن الله تعالى وقد كانت السنة المنقضية مضماراً تسابق فيه الخلق فالعجب كل العجب مما يشهده العالم من شرقه إلى غربه من احتفالات صاخبة بمناسبة يسمونها رأس السنة الميلادية، وتهدر فيها المليارات من الدولارات، وتُعطّل فيها الأعمال عدة أيام في بعض الدول، وهذه خسائر إضافية، وتعرض الفعاليات المنوّعة كالألعاب النارية والرقص والغناء والحفلات الماجنة، ويشارك فيها المسلمون أيضاً من دون مراعاة لأخلاقهم وتعاليم دينهم ووصايا أئمتهم، وفي مثل هذه السنة 2012 سيكون أولها يوم استشهاد الإمام الحسن السبط المجتبى (عليه السلام).

إن الإنسان عبارة عن رصيد من السنين والأيام يقدرها الله تبارك وتعالى فكلما انقضى يوم أو مرّت سنة فانه يعني أنه فقد جزءاً منه حتى ينتهي بالموت ويصبح بلا قيمة إلا بمقدار ما قدّم لآخرته، مثل رصيد الهواتف المحمولة الذي يساوي عدداً من الدقائق فكل دقيقة من الاتصال تعني ذهاب جزء منه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) (إنما أنت عدد أيام فكل يوم يمضي عليك يمضي ببعضك فحفّض في الطلب وأجمل في المكسب) وفي غرر الحكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) (العمر أنفاس معدودة) وعنه (عليه السلام) (نفس المرء خطاه إلى قبره).

وقد تحدثنا في كلمة سابقة عن أهمية الوقت وضرورة اشغاله بما يحقق رضا الله تبارك وتعالى ويقرّبنا منه لأنه هو الثمن الوحيد الذي يستحق صرف العمر فيه.

ولأن الله تعالى يعلم إن الإنسان تعتريه الغفلة والنسيان والكسل مما يضيع عليه كثيراً من رأسماله الثمين وهو عمره ووقته، مضافاً إلى النوم الذي هو ضروري للبدن لكن كثرته مذمومة وهو من أوسع أسباب تضييع العمر فإنه يستغرق ثلث العمر أو أكثر أي عشرين سنة ممن عمره ستون سنة، لذا ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) (إن الله يبغض العبد النوّام) وفي غرر الحكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) (اربعٌ القليل منها كثير: النار والنوم والمرض والعداوة) وفيها (بئس الغريم النوم يفني قصير العمر ويفوّت كثير الأجر).

ولأهمية حياة الإنسان وعمره في اكتساب الطاعات وإنه كلما زاد عمره كثرت فرص الطاعة عنده وتحقيق السعادة قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (خير الناس من طال عمره وحسن خلقه) (سنن الترمذي/ 2330) وفي غرر الحكم لأمير المؤمنين (عليه السلام) (من سعادة المرء أن يطول عمره ويرى في أعدائه ما يسرّه)، قدّم لنا الأئمة المعصومون الأسباب المادية والمعنوية لإطالة العمر.

إن الطريق لتحقيق الاستثمار الأمثل للوقت هو في المبادرة إلى العمل وعدم التسويف والتأجيل لأن الفرص تمرّ مرّ السحاب ومن وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر (إياك والتسويف بعملك، فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غدٌ لك فكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غداً لك لم تندم على ما فرّطت في اليوم).

وكذلك في تنظيم الوقت وتوزيعه بدقة على الأولويات بعد تحديدها طبعاً فتبرمج أولاً أوقات الفرائض اليومية وما يتيسر معها من مقدماتها وتعقيباتها وتلاوة القرآن، ووقت العمل والكسب، ووقت العائلة ومسؤولياتها، ووقت المطالعة وتجديد المعنويات والتأمل والتفكير، ووقت الالتزامات الاجتماعية الأخرى وهكذا.

هذا على صعيد وظائفه الفردية، وهناك وظائف اجتماعية لعلها الأكثر إيصالاً إلى رضوان الله تبارك وتعالى كالعمل الإنساني والخدمي وقضاء حوائج الناس وإدخال السرور عليهم وكفالة الأيتام ورعاية المحتاجين والمسنين وإصلاح ذات البين بين الأفراد أو العشائر وغيرها كثير وقد شجّعنا مراراً على تأسيس منظمات المجتمع المدني لبلورة جهد جماعي يغطّي هذه الفعاليات والنشاطات.

إن لقاءنا هذا وحديثنا هو نمط مثمر لما يمكن أن تكون عليه الاحتفالات أي اننا احتفلنا أيضاً لكن بطريقتنا الخاصة كما يقال.