خطاب المرحلة (687){ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} إرتباط فساد الحياة وصلاحها بأفعال الناس

| |عدد القراءات : 31
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (الروم:41)

إرتباط فساد الحياة وصلاحها بأفعال الناس([1])

قال الله تبارك وتعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم: 41).

{ظَهَرَ} بمعنى بان واتَضّح أو كثر وشاع - كما في المفردات([2])- بعد أن لم يكن موجوداً أو كان خفياً مستوراً غير بادٍ للعيان كالأشياء الموجودة في باطن الأرض ثم تخرج إلى ظهرها أي سطحها.

ويمكن أن يكون بمعنى تغلَّبَ وتسلَّطَ وتَمكّن كما في قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} (التوبة:8), واشتق منه لفظ المظاهرة التي تعني المعاونة كقوله تعالى: {وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} (الممتحنة: 9).

{الْفَسَادُ} خروج الشيء عن حدّ الاعتدال قليلاً كان الخروج عنه أو كثيراً، ويضادُّه الصلاح، واستعملا كمعنيين متقابلين في القرآن الكريم، ويعبِّر الفساد عن حالة من الاختلال في نظام الشيء وتركيبه، والخروج عن خطّ سيره نحو الهدف المقصود الموجب للسعادة والحياة الطيبة مما يسبب آثاراً سيئة ويحرم الناس من المنافع المتوقعة.

والاختلال قد يقع في النظام الكوني الخارجي كما في قوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (المؤمنون:71), كما يمكن ان يقع في الأفعال {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (البقرة: 11)، {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} (الفجر: 11– 12).

{فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} كناية عن شمول الفساد جميع انحاء الأرض كما نقول ملأ الخافقين، أو انه مراد حقيقة بأن الفساد ملأ البر والبحر فعلاً على كلا المستويين: الواقع الكوني وأفعال الإنسان، فمن الأول تلوث البيئة والاحتباس الحراري والحرائق والاعصارات وانتشار الأوبئة الفتاكة والأمراض الخبيثة والأزمات الاقتصادية والتصّحر ونقص المياه والمجاعة والزلازل والفيضانات وانبعاث الغازات التي تدمر طبقة الأوزون وغيرها، ومن الثاني أي فساد الأفعال: الشرك والالحاد والقتل والزنا والسرقة والربا وشرب الخمر والخيانة والظلم والعدوان والتعصب والحقد والبغضاء والقطيعة والحروب العبثية واسلحة الدمار الشامل وزواج المثليّين وغيرها مما تشهده الأرض من فظائع وجرائم كبرى.

وما يشهده البحر كالذي يحصل على شواطئها من فسق وفجور، وان سفناً كانت ترسو على سواحل الخليج تحمل العاهرات والخمور ويقصدها السكان المسلمون!! لممارسة الرذيلة، ومن فساد البحر ما يحصل في باطنها من تفجيرات نووية وقتل للكائنات الحية فيها، واساطيل تجوب البحار مسلّحة بأحدث التكنولوجيا العسكرية لإرعاب الشعوب ومحاصرتها واخضاعها لسلطة المستكبرين، ومن أمثلة فساد البحر أنَّ تمردَّ الإنسان على قوانين حفظ البيئة قد سبّب قلة الأمطار وهو يضر حياة الكائنات الحية في البحار كما يضرها على اليابسة، روى القمي في تفسيره عن الإمام الصادق (A) قوله: (حياة دواب البحر بالمطر فاذا كفّ المطر ظهر الفساد في البر والبحر وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي)([3]). ونقل بعض الاعلام المعاصرين عمّن يقطنون ساحل البحر قولهم: (إن فائدة الغيث للبحر أكثر من فائدته للصحراء)([4]).

ولابد أن نفهم من الفساد مساحاته المتعددة العقائدية والسياسية والاقتصادية والأمنية والأخلاقية والفكرية والاجتماعية.

وأعظم فساد هو انحراف العقيدة عن خط التوحيد إلى الشرك والكفر والإلحاد لأنه سبب كل انحراف وفساد {إِنَّ الـشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13).

وقد طبّق الإمام الباقر (A) الآية الكريمة في صحيحة محمد بن مسلم([5]) على حادثة السقيفة حيث أقصي أمير المؤمنين (A) من مقام خلافة رسول الله (J) وولاية أمر الأمة.

وقد ازدادت سرعة انحطاط الناس وتسافلهم في السنين الأخيرة بشكل لم يخطر على بال أحد، حتى سنّوا القوانين لترويج المثلية والتحول الجنسي حتى للأطفال من دون اذن والديهم وحمايتهم باسم الحرية واظهروهم وكأنهم ضحايا للعنف، ويعاقب من ينتقدهم، ولا أدري لماذا الحرية مكفولة لمن يروِّج للفساد ولا تكفل لمن يعبِّر عن رأيه برفض الفساد؟! ويقول شخص مقيم في السويد بأنني لا أستطيع أن أمنع ولدي أو بنتي من مصادقة المثليّين لأنه إذا نقل ذلك عني ببراءة الأطفال فان الأب سيسجن سنة إلى ست سنوات.

فهذا الجزء من الآية يخبر عن اتساع هذه الحالة من الفساد وانتشارها في عموم الكرة الأرضية براً وبحراً، وامتلاكها زمام الأمور حتى عاد المؤمنون قلة مستضعفين، ورجع الإسلام غريباً كما بدأ غريباً([6]) حتى عند المتسمّين به، فلو أردت أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى تطبيق أحكام الشريعة فان فعلك يكون مستهجناً، إلى أن يملأ الله تعالى الأرض قسطاً وعدلاً على يد المهدي (A) الموعود بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

والملفت ان القرآن الكريم استعمل نفس لفظ {ظَهَرَ} للتعبير عن حالة انتصار الإيمان وغلبته وهيمنته على جميع الأنظمة والايديولوجيات الأخرى قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (التوبة: 33- الفتح:28- الصف:9).

{بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} ثم تُرجع الآية في هذا الجزء منها سبب وقوع هذا الفساد والاختلال إلى فعل الناس أنفسهم فهم الذين يجرّون إلى أنفسهم هذه الكوارث بحماقتهم وجهلهم وغرورهم واتباعهم للشهوات وانصياعهم لشياطين الجن والإنس، وليس سبب هذه الكوارث غضب الطبيعة ونحو ذلك مما يجري على ألسنتهم.

واذا عُرِف السبب فلابد أن يتركز العلاج على ازالته ولا يكفي معالجة نتائجه وآثاره، كالطبيب الحاذق الذي لا يكتفي بعلاج مظاهر المرض كالصداع وعدم الشهية وانما يجري الفحوصات والتحليلات لتشخيص المرض ومعالجته، لكن الغرب الأحمق الغارق في الشهوات لا يسير وفق منطق العقل، فقد ابتلوا مؤخراً بمرض خطير سمّوه جدري القردة واعترفوا بأن سببه زواج المثليين، وأن انتشاره الواسع هذه الأيام حصل بعد مهرجان موسع للمثليّين أقيم في بريطانيا قبل شهرين تقريباً وحضره ثمانون ألفاً، وبدلاً من نبذ المثلية والاعتراف بخطورتها دعوا الناس إلى التلقيح ضد جدري القردة!!!

وهكذا يتسبب هؤلاء الحمقى في تعريض البشرية لكوارث غير مسبوقة لأنهم أحدثوا فساداً غير مسبوق، وهو معنى ورد في حديث عن الإمام الرضا (A) قال: (كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون)([7]).

وهذا الجزء من الآية ينبّه إلى حقيقة مهمة وهي ان ما يتعرض له الانسان من بلاءات هو بسبب الإنسان نفسه كفرد أو كجزء من المجتمع يصيبه ما يصيبهم، وهي حقيقة كرّرها القرآن الكريم كقوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (النساء: 79), وقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى: 30), وقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل: 112), وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأنفال: 53).

وأشارت إليها أحاديث كثيرة كقول النبي (J) (ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله عنه أكثر)([8]), وقول الإمام الصادق (A): (من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال)([9]).

وفي ذلك تنبيه وتحذير ودعوة صادقة لترك المعاصي حتى يجنّبوا أنفسهم الويلات، ولكي لا يقعوا في ما وقعت فيه الأمم السابقة، وقد أوضحتُ هذه الملازمة بين صلاح الإنسان وصلاح الكون حوله وفسادهما في كلمات عديدة([10]).

وهذا يصحّح فكرة سائدة لدى عامة الناس تنسِبُ هذه البلاءات إلى الله تعالى فإذا وقع له حادث سير قال هذا ابتلاء من الله واذا مرض بسبب عدم مراعاته الوصايا الصحية اعتبره ابتلاء من الله تعالى وهكذا وهي فكرة خطيرة لأنها تؤدي إلى الاعتراض على الله تبارك وتعالى أو سوء الظن به سبحانه أو الشك في وجوده أو النفور من الإيمان {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (الصافات: 159), ومن أهم ما يتذرع به الملحدون هو نسبة الشرور إلى الخالق، وقد تبيّن الآن أنها من فعل الإنسان مباشرة أو غير مباشرة، حيث تُسبّب بعض الذنوب الضرر لكل الناس بل المخلوقات عموماً كما في قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (النحل: 61), وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: 25).

نعم إنما ينسب الفعل إلى قضاء الله في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة باعتبار أنه تبارك وتعالى وضع هذه القوانين الكونية المؤثرة في حياة الإنسان، لكنه تعالى وضعها لمصلحة العباد وهم الذين يسيئون استخدامها، كقانون الجاذبية فأنه ضروري لاستقرار الحياة ولولاها لما أمكن وضع حجر على حجر ولا سارت قدم على الأرض كالذي تراه عند روادّ الفضاء، ولكن الإنسان اذا رمى نفسه من شاهق وتهشمت عظامه ومات بفعل الجاذبية فان الذنب ليس ذنب القانون وإنما سوء فعل الإنسان، فعلينا تجنّب كل ما ينفّر الناس عن الخالق العظيم ومنها هذا الاعتقاد بأن ما يصيب الإنسان من مصائب هو من فعل الله سبحانه وتعالى عما يصفون.

ويظهر من الآية الكريمة ان الناس ما داموا يمارسون المعاصي سراً ولا يجهرون بها فان البلاء يكون محدوداً وقد يقتصر عليهم، لكنهم اذا أظهروا الفساد وجاهروا بالمعصية فأن البلاء سيكون عظيماً وعاماً، وهذا المعنى ورد في الروايات الشريفة ففي الحديث الشريف عن النبي (J) قال: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون - وهو وصف عام للجوائح والاوبئة العامة مثل فايروس كورونا - والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)([11]), وعنه (J) قال: (إن المعصية اذا عمل بها العبد سرّاً لم تضرّ الا عاملها، واذا عمل بها علانية ولم يغيَّر عليه أضرّت بالعامة)([12]).

{لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} هذا الظهور للفساد في البر والبحر لا يتدخل الله سبحانه لمنعه كليّاً ولا يعطّل السُنن والقوانين الجارية في الكون, لأن الله تعالى جعل الإنسان حرّاً مختاراً لما يفعل حتى يتحمل مسؤولية أفعاله ويستحق على أساسها الثواب او العقاب، فيدعهم يذوقون بعض ما عملوا وليس كل الذي عملوا, لأن الدنيا ليست دار جزاء وإنما الجزاء في الآخرة {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7–8), ولأن الله تعالى يعفو عن كثير كما في آية الشورى المتقدمة، ولولا هذا العفو وتسخير الملائكة لحماية البشر من شرورهم {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (الرعد:11)([13]), لكان سكان الأرض في كارثة حقيقية ولانعدمت الحياة على الأرض من أفعال الحمقى الذين يقودون العالم وما يملكونه من أسلحة دمار شامل بحسب الإحصاءات المرعبة التي تنشرها المجلات والكتب المتخصصة.

وتكون الإذاقة لنفس عملهم عندما يظهر لهم بصورته الحقيقية السيئة حيث يتحول إلى ألم ما توهموه لذة، وإلى شرّ ما ظنّوه خيراً، أو ليذيقهم وبال العواقب الوخيمة لبعض أفعالهم ليس انتقاماً منهم, لأن الله تعالى غني عن العالمين لا تضره معصية العباد ولا تزيده طاعتهم شيئاً، وهو سبحانه يحب عباده ويريد لهم الخير والرحمة {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (الأنعام: 12), وفي الحديث القدسي (الخلق عيالي فأحبهم إليّ ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم)([14]), فهل رأيت ربّ عائلة عاقل يريد الشر بعائلته؟ وإنما يذيقهم.

{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، فالغرض من إذاقتهم بعض ما عملوا هو تربيتهم وإصلاحهم من خلال إلفات نظرهم وتنبيههم من غفلتهم التي لو استمروا عليها فانها تورثهم الحسرة والندامة، قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (السجدة: 21).

ونستنبط من الآية الكريمة عدّة مسؤوليات:

منها: أنَّ على المؤمنين الدعاة إلى الله تبارك وتعالى توعية الناس جميعاً إلى أن ما يحلّ بهم من كوارث ونكبات وآلام وشرور هو نتيجة طبيعية لأفعالهم فاذا أرادوا التخلّص منها فليصلحوا أنفسهم وليغيروا نظمهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المخالفة لسنن الله تعالى وقوانينه.

ومنها: أنَّ على المؤمنين أيضاً أن يجهدوا أنفسهم في جلب السعادة والخير للناس وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم في أي موقع كانوا وبالطريقة التي يستطيعونها حتى يصدّق الناس بأن الالتزام بالدين يحقق لهم ذلك، روى في الكافي بسنده عن الإمام الكاظم (A) في تفسير قوله تعالى: {وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (الروم: 19), قوله(A): (ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله رجالاً فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولإقامةُ الحدِّ لله أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحاً)([15]).

 



([1]) الخطبة الأولى لصلاة العيد المبارك عام 1443هـ- الموافق 10/7/2022م.

([2]) المفردات في غريب القرآن- الراغب الأصفهاني: 541.

([3]) تفسير القمي: 2/160.

([4]) تفسير الأمثل- مكارم الشيرازي: 10/180.

([5]) الكافي: 8/58/ح19، تفسير القمي: 2/160.

([6]) مضمون حديث شريف عن أخبار آخر الزمان ورد فيه قال رسول الله (J): (الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) إكمال الدين: 1/308.

([7]) الكافي: 2/275/ح29.

([8]) بحار الأنوار: 81/194/ح52.

([9]) الأمالي للطوسي: 701/ح1498, وأحاديث كثيرة غيرها في ميزان الحكمة: 3/ 369-390.

([10]) راجع ص143, خطاب رقم: 680, من هذا الكتاب, وخطاب المرحلة: 1/394.

([11]) ميزان الحكمة: 7/97, عن الترغيب والترهيب: 2/568/ح3.

([12]) بحار الأنوار: 100/ 74 ح 15

([13]) أنظر: خطاب المرحلة: 9/171- وفي تفسير (من نور القرآن): 1/85, لشرح هذه الفكرة من خلال تفسير قوله تعالى {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ}.

([14]) الكافي: 2/199/ح10.

([15]) الكافي: 7/174/ح2.