خطاب المرحلة (717)دليل فاطمي على إمامة علي بن أبي طالب (ع)

| |عدد القراءات : 39
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

دليل فاطمي على إمامة علي بن أبي طالب (A)([1])

كان مشروع الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (B) هو إثبات ولاية أمير المؤمنين (A) على الناس بعد رسول الله (J) والدفاع عن حقه المقدس وتثبيت الأمة على الصراط المستقيم وهو الإسلام المحمدي الأصيل ومنع انحرافها عنه.

وقد أقامت (B) أكثر من دليل لفظي وعملي على إمامة أمير المؤمنين (×)، ومنها ما نذكره هنا، وهو متكون من عدة مقدمات:

1-       تواتر عن الفريقين قول النبي (J): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)([2]), يعني أن من لم يعرف الإمام الحق ويتبعه فإنه يموت على غير الإسلام وهو المعنى الوارد في الدعاء الذي اوله (اللهم عرفني نفسك) الى أن يقول: (أَللّهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِ)([3]), فالميتة الجاهلية تعني الضلال والابتعاد عن الدين.

2-       إن الفريقين يقطعون بأن السيدة فاطمة الزهراء (B) من أهل البيت (D) الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً بنص الآية الكريمة {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (الأحزاب: 33).

وقد تواترت الروايات في فضل فاطمة (B) وإنها سيدة نساء العالمين وريحانة رسول الله (J) وبضعةٌ منه ومهجة قلبه وأحب الناس اليه وان الله تعالى يرضى لرضاها ويغضب لغضبها([4]).

ومثل هذه المرأة الطاهرة المعصومة الكاملة التي سادت الخلق لا يمكن أن تموت ميتة الجاهلية لأنه خلاف هذه الأحاديث الشريفة، فلا بد أن تكون عارفة بإمام زمانها ومتبعة له.

3-       وحينئذٍ نسأل من هو إمام الزمان الذي اتبعته السيدة فاطمة الزهراء (B)؟ لا يخلو الأمر إما أن يكون هو خليفة السقيفة بحسب ما اختارت العامة، او أمير المؤمنين (A) بحسب ما تقول الشيعة، وإذا بطلت إمامة أحدهما يتعيّن الآخر لعدم وجود احتمال ثالث.

وقد أبطلت السيدة الزهراء (B) إمامة السقيفة بعدة مواقف منها ما روي ((أنّ عمر قال لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها، فانطلقا فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا عليّاً فكلَّماه فأدخلهما عليها، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط فسلّما عليها، فلم تردّ عليهما السَّلامَ، فتكلّم أبو بكر فقال: يا حبيبة رسول الله (J) والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي وإنك لأحبّ إليَّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أَنّي متّ ولا أبقى بعده، أفتراني أعرفكِ وأعرف فضلك وشرفك، وأمنعك حقّكِ وميراثك من رسول الله (J)؟ إلاّ أنّي سمعت أباكِ رسول الله (J) يقول: >لا نورّث، ما تركناه صدقة<.

فقالت (B): (أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (J) تعرفانه وتفعلان به؟) فقالا: نعم، فقالت: (نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله (J) يقول: رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟).

قالا: نعم، وسمعناه من رسول الله (J).

قالت: (فإنّي اُشهدُ الله وملائكته أَنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي (J) لأشكونّكما اليه)، فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه ومن سخطكِ يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق وفاطمة تقول: (والله لأدعونَّ عليكما في كلّ صلاة اُصليها، ثم خرج باكياً) فاجتمع الناس إليه فقال لهم: يبيت كلّ رجل معانقاً حليلته مسروراً بأهله، وتركتموني وما أَنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي))([5]).

فهل تصلح الإمامة لمن اغضب الله ورسوله (9) واستحق سخطهما؟ وقد تبرأت السيدة الزهراء (×) من إمامتهما، وإذا بطلت إمامة السقيفة فتعينت الإمامة الحقة بعلي بن ابي طالب (A)، وقد ذكرت المصادر أنها ماتت وهي واجدة عليهما([6]), وهي مرحلة أشد من الأذى والألم والحزن.

وقد رفعت خصومتها معهما الى الله تبارك وتعالى واشهدت رسول الله (J) على ظلمهما لها حينما قالت في خطبتها: (فنعم الحَكَم الله، والزعيم محمد (J))([7]).

 وهو ما عبرت عنه (سلام الله عليها) بوضوح في عدة خطب ودافعت عنه وحثت الناس على التمسك به ثم وبختهم على التقاعس عن الوفاء بالعهد وحذّرتهم من مغّبة ذلك في خطب مفصلة مذكورة في كتاب الاحتجاج وغيره.

نحمد الله تعالى على حسن توفيقه لنا بالسير على نهج الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (B) ونفخر باننا مع من يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها في صف واحد وخندق واحد وهو الذي يؤمن بولاية أمير المؤمنين (A) ويتبعه، وإنها لعمري من أعظم النعم الإلهية التي ترفع الرأس سمواً وتطأطئه تواضعاً لله تعالى وشكراً له وفي نفس الوقت نأسف لمن حُرِم من هذا الفضل العظيم فأثبتوا عليه ودافعوا عنه وادعوا الناس اليه شفقة عليهم وحباً لهم.



([1]) من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (K) مع حشد من طلبة وشباب كربلاء يوم السبت 7/جمادي الثاني/1444هـ- الموافق 31/12/2022م.

([2]) الإقبال بالأعمال الحسنة، ج2، ص252، وورد في صحيح مسلم بلفظ اخر: ينقل قول رسول الله (’): (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميته جاهلية) صحيح مسلم: 3/ ح1478.

([3]) مفاتيح الجنان: دعاء زمن الغيبة.

([4]) الفضائل الخمسة في الصحاح الستة: ج1/310، للسيد الفيروز ابادي والكتب المفصلة في سيرة الزهراء (B).

([5]) الإمامة والسياسة: ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني: 1/ 20.

([6]) مؤتمر علماء بغداد - مقاتل بن عطية: ١٨٧.

([7]) الاحتجاج: 1/ 97.