قصيدة هذي العمامةُ خيمةُ الشعراءِ
هذي العمامةُ خيمةُ الشعراءِ
بيضاءُ فوقَ السحنةِ البيضاءِ[1]
**
ما أطيبَ الكلماتِ يعقوبيَّةً
تجري لوجهِ محمدِ الوضَّاءِ
**
المرجعُ إنسانُ، لكنْ كلَّما
حدَّقتُ فيهِ رأيتُ وجهَ سماءِ
**
رجلٌ تتُبادلُهُ الحياةُ حِوارَها
فترى لديهِ طلاقةَ العلماءِ
**
وترى الثقافةَ غرفةً في رأسِهِ
مسكونةً بمآثرِ الآباءِ
**
أو ليسَ موسى كانَ أوَّلَ خطوةٍ
تُنجيهِ من دوامةِ الأخطاءِ
**
ومحمدٌ من قبلُ أدَّبَ روحّهُ
بشهي ما يُروى عن الادباءِ
يعقوبُ والدُ جدِّهِ ديوانُهُ
بيتٌ يشادُ بجنةٍ خضراءِ
**
من فرطِ ما شبكت به الأنهارِ
حَطّت فيهِ آمنةً طيورُ الماءِ
**
يا شيخُ تأذنُ لي أقولُ فإنَّني
لم أبصرنَّكَ من زمانٍ ناءِ
**
ودعتنيَ السنواتُ أن آتيْ إليكَ
ملفَّعاً بقصيدتي العصماءِ
**
لستُ الفرزدقَ كي أقولَ بحضرةِ
السجادِ ثمّ أعودَ للخلفاءِ
**
آتي إليكَ وفيَّ جرحٌ نازفٌ
هوَ فيكَ ينزفُ دونَ أيِّ مِراءِ
هوَ جرحُ نصرِ اللهِ، جرحُ الأمةِ
الكبرى، وجرحُ قوافلِ الشهداءِ
**
حسنُ الذي حَسُنَ الجهادُ بصوتِهِ
المنسابِ مثلَ الضوءِ في الأرجاءِ
**
حسنُ الذي لبنانُ لم يعثرْ على
شبِهٍ لهُ بسلالةِ الأبناءِ
**
حَسَنُ الذي عن غزَّةٍ لم يتَّخذْ
سدّاً، وظلَّ شعارَ كُلِّ فدائي
**
حسنُ الجنوبيُّ العراقيُّ الفلسطينيُّ
نجلُ الطينةِ السمراءِ
**
حسنُ المعمَّمُ بالجلالةِ والمقدمُ
بالبسالةِ والبصيرُ الرائي
**
حسنُ الذي لليومِ لم يرَ حُلمَهُ
متحقّقاً إلا على الأشلاءِ
**
حسنُ الذي في القدسِ شدَّ مصيرَهُ
ليصيرَ من أبوابِهِ الحمراءِ
**
حسنُ الذي انهدمتْ عليهِ بيوتُنا
حزناً، وقد صارتْ بيوتَ عزاءِ
**
حسن الذي.. يا شيخُ هل أصفُ
البطولةَ في رحابِك يا ابنَ كلِّ مَضاءِ
**
أرثيهِ أم في المدحِ أغسلُ غضبتي
هذا الكمالُ يجلُّ دونَ رثاءِ
**
السيدُ العلويُّ ساعةَ أنْ يموتَ
يصيرُ سقفَ حقيقةٍ علياءِ
**
والثائرُ النبويُّ لو مرَّت بهِ
الدنيا، تمرُّ بثورةٍ شمَّاءِ
**
والحوزويُّ إلى المَقاتلِ لو مشى
معَهُ ستمشي أمةُ الفقراءِ
**
والزاهدُ المأهولُ بالتقوى إذا
كتبَ الحروبَ بأحرفٍ ودماءِ
**
فالبندقيةُ في يديهِ قصيدةٌ
صوفيةٌ تُلقى لدى الزهراءِ
**
والموتُ لا يعنيهِ، أصحابُ الحسينِ
توسَّلوا بالسيفِ والرمضاءِ
**
أن يُرفعوا فوقَ الرماحِ لكي يعودوا
مُحدِقينَ بموكبِ الحوراءِ
**
ها أنتَ يا حسنُ اقترحتَ الطفَّ
في لبنانَ تحميها من الأعداءِ
**
تحمي الطفولاتِ البريئةَ، حينَ
إسرائيلُ ألغتْها من الأسماءِ
**
يا سيدي.. أُنبيكَ عن شيعيَّةِ
الصاروخِ، أم يغنيكَ عن أنبائي
**
أنتَ أدَّخرتَ الغاضبينَ وأنتَ جيَّشْتَ
الجيوشَ بليلةٍ شنعاءِ
**
وضحكتَ يومَ رأيتَ تلَّ أبيبٍ انقلبتْ
بما أرسلتَ تلَّ هُراءِ
**
يا سيدي.. لبنانُ تبكي غيرَ أنَّ
جنودَكَ الباقينَ في الهيجاءِ
**
سيجِّددونَ العهدَ حتى تَبدو
الأيامُ ضاحكةً لكلِّ بكاءِ..
[1] - قصيدة ألقاها الأديب النجفي جناب الدكتور مهدي النهيري معزياً باستشهاد القائد السيد حسن نصر الله ومستذكراً أعلام أسرة آل اليعقوبي يوم الخميس 29/ربيع الأول/1446 الموافق 3/10/2024.