خطاب المرحلة (753) ولاية أهل البيت (ع) حصن الإسلام وأعظم أركانه

| |عدد القراءات : 3
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

ولاية أهل البيت (^) حصن الإسلام وأعظم أركانه([1])

إمامة أهل البيت (^) وولايتهم أعظم أركان الإسلام وأسسه، قال الإمام الباقر (×): (بني الاسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية)([2]).

وقد أكّد القرآن الكريم هذا المعنى حيث جعل الولاية كمال دين الإسلام وتمام نعمة الله تعالى به وأمر الله رسوله (’) بتبليغ هذا الأمر وان يأخذ البيعة من الأمة عليه، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 3) وأمر جماعة المؤمنين أن يتبعوا أهل البيت (^)قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119) وأوجب مودتهم وجعلها أجراً للرسالة قال تعالى: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (الشورى: 23) وبلّغ رسول الله (’) ذلك كله بأوضح بيان وأقوى حجة، قال (’): (إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي وإني سائلكم غداً عنهم)([3]), وقرن (’) في حديث الثقلين بين القرآن والعترة وأخبر عن عدم افتراقهما إلى يوم القيامة.

وإذا كانت الولاية بهذه المرتبة السامية العظيمة وإن وجود الإسلام وديمومته وصيانته من التحريف والبدع والضلالات منوط بوجودهم (^) وممارستهم لدورهم في قيادة الأمة، فإن تضييع الولاية وعدم التمسك بها يضيّع الإسلام النقي الأصيل ويصيب الدين بالتشوه، وهو ما أخبر الله تعالى عن وقوعه وأنه سيحصل فور وفاة النبي (’) {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران: 144)([4]).

وحذّرَ منه النبي (’) وبيَّن معالمه، قال (’): (وهو -أي علم الميراث- أول شيء ينتزع من أمتي)([5]), وقال (’): (فإني أمرؤ مقبوض وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما)([6]).

وهذا ما حصل فعلاً حينما حرموا السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (÷) من ميراثها، ثم سرى التحريف والتشويه حتى إلى الصلاة، روى البخاري بسنده عن الزهري قال: ((دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً مما أدركت -أي على عهد رسول الله (’) كما في حديث آخر- إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيِّعت))([7]).

لقد كانت الأيام التي تلت وفاة النبي (’) عصيبة على أهل البيت (^) ليس فقط من أجل الظلم الذي وقع عليهم خاصة، بل لما يرونه من المخالفة الصريحة لكتاب الله تعالى وسنن نبيه (’) فيما يمس أصول العقيدة وأحكام السيرة وسياسة الأمة وينذر بمستقبل مظلم ترجع فيه الأمة إلى جاهليتها، قال الإمام الباقر (×): (لما قبض رسول الله (’) بات آل محمد (’) بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم، ولا أرض تقلهم، لان رسول الله (’) وتر الأقربين والأبعدين في الله)([8]).



([1]) من لقاء سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من زوار الأربعينية من تركيا واوزباكستان يوم الأربعاء 16/صفر/1466هـ- الموافق 21/8/2024م.

([2]) الكافي: ج٢/ ص١٨.

([3]) رواه الطبري في الذخائر ص25، وابن حجر في الصواعق ص102 وص136، والسمهودي في جواهر العقدين.

([4]) راجع قبس قوله تعالى {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (آل عمران: 144) في تفسير من نور القرآن.

([5]) سنن الدارقطني: 4/67/ ح1، سنن ابن ماجه: 2/908/ ح2719، سنن البيهقي: 6/209، المستدرك للحاكم: 4/332.

([6]) سنن الدارقطني: 4/84/ ح45، سنن البيهقي: 6/208 وغيرهما.

([7]) صحيح البخاري: 67 كتاب 9 مواقيت الصلاة، باب 7/ ح529، 530.

([8]) بحار الأنوار: ج٢٢/ ص٥٣٧.