من المؤسف أن يلتفت أعداؤنا الى عناصر قوتنا قبلنا

| |عدد القراءات : 1609
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

من المؤسف أن يلتفت أعداؤنا الى عناصر قوتنا قبلنا

 

قبل سنتين أو أكثر بقليل تناقلت وسائل الإعلام نبأ عقد مؤتمر للأشراف في ايطاليا وهذا المصطلح يطلق عند أبناء العامة على السادة العلويين من ذرية رسول الله (ص) وشارك فيه ممثلون عنهم من عدة دول في العالم وفي حينها قُدر عدد السادة المنتشرين في أرجاء الارض كافة بثلاثين مليون شخص وهنا اقول من المؤسف حقاً ان يلتفت الاعداء الى عناصر قوتنا ومنها وجود ذرية رسول الله(ص) بما لهم من مكانة اجتماعية وقوة روحية ونحن غافلون عنها والمفروض ان نلتفت نحن اليها ونستقرأها ونشخصها لكي نعززها ونرسخها ونستثمرها اما الاعداء فالتفاتهم اليها يدعوهم الى دراسة كيفية سلخنا من هذه القوة وحرماننا منها او على الاقل تمييعها واضعافها وافراغها من محتواها وإذا استطاعوا تحويلها لحسابهم وتوجيهها لخدمة مصالحهم  فهذه غاية المنى بالنسبة لهم.

 

 واذا كان الفرد الواحد من ذرية رسول الله (ص) يمتلك ما اشرنا اليه سابقاً من قوة التأثير والنفوذ في المجتمع والقدرة على حل المشاكل والتوفيق بين الآراء وإيقاف الصراعات ونحوها فكيف لو استثمر وجود كل هذه الملايين منهم المنتشرين في كل أرجاء المعمورة؟

 

من هنا كان إنشاء (نقابة السادة العلويين) ضرورياً لتفعيل هذا الدور وإبراز هذه القوة للأمة ورعايتها وتنميتها وأنا لا أطالبها-وهي فتية في بداية تأسيسها-أن تقوم بكل المهام التي نتأملها منها لكنها يمكن أن تبدأ بالمتيسر والضروري وهو رعاية فقراء السادة ومساعدتهم وتزويج شبابهم ثم تؤدي خدمة أكبر وهي فضّ النزاعات وحل الخصومات بشفاعتهم وكذا التوسط في مشاريع الخير لأن شفاعة السادة ووساطتهم مقبولة ومن ثم يتوسع حتى الى المشاركة السياسية والتأثير في الحياة العامة ومن أولى بهم في حمل رسالة جدهم المصطفى (ص) وأنا متفائل بمستقبل هذه النقابة ليس على الصعيد الشيعي فقط ولا عموم المسلمين بل حتى عند غيرهم لأن محبتهم ومودتهم أجر رسالة النبي (ص) (قُل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القُربى) واستجابة دعوة جدهم إبراهيم الخليل (ع) (فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم) فبمجرد أن يسمع العالم غير المسلم فضلاً عن المسلم أن هؤلاء يرتبطون بلُحمة النسب برسول الله (ص) فإنه سيميل قلبه إليهم ويتأثر بهم ويوجد أكثر من شاهد على ذلك فيُروى ان سبايا الحسين (ع) لما أدخلوا على يزيد بن معاوية في قصره بدمشق ومعهم رؤوس الحسين واصحابه البررة وكان يزيد يظهر الأحتفال بالنصر والتشفي بهم كان رسول ملك الروم حاضراً فسأل عن هؤلاء الأسرى فقيل انهم عيال الحسين بن فاطمة بنت رسول الله (ص) فتعجب وأستنكر فعلهم وقال أنه يوجد عندنا أثر لحافر دابة عيسى (ع) في أرضنا فبنينا عليه كنيسة ونحج إليها كل عام وأنتم تفعلون كل هذا بابن بنت رسول الله (ص) وقال الآن علمت أنكم على باطل وتشهّد الشهادتين , ويروى ان ابا حنيفة امام المذهب الحنفي دخل على الامام الصادق(ع) وبيده قضيب فقال الامام (ع) هذا قضيب رسول الله (ص) فذهل ابو حنيفة وبالغ في الاهتمام به وراح يضعه على عينيه وصدره ويقبّله ويشمه فالتفت اليه الامام (ع)  وقال هلا فعلت بهذا -ومسك جلده الشريف – مثل هذا الاهتمام وهو من لحم ودم رسول الله وفيه ما لا يخفى على اللبيب.

 

فهذا الولاء والانشداد أمر فطري وهذا التأثير حالة واقعية وقد ركز عليه الأئمة عليهم السلام وعززوها ودعوا الأمة الى الالتزام بها وأضافوا لهذه القوة الروحية والاجتماعية بعداً آخرا وهو فرض نصف الخمس لهم بما يمثل ذلك من قوة مالية هائلة خصوصاً في العصور الحالية حيث انتعشت الحالة الاقتصادية ووجدت الثروات الهائلة وقد رفع التشريع الإسلامي من شأنهم حين نزههم عن قبول الصدقات من غيرهم لأنها (أوساخ الناس) كما عبّرت الأحاديث الشريفة وهو مثال لتقريب الفكرة بمعنى أن أخراج الزكاة من المال لما كان تطهيراً له بنص الآية الشريفة له (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) فهو يشبه إزالة الأوساخ عن المال والبدن ليكون نظيفاً وطاهراً.

 

وهذه التشريعات والامتيازات ليست بلا مقابل فلا بد أن يفهم السادة العلويون عظمة المسؤولية الملقاة عليهم ومطالبتهم بالمضاعفة من قبل جدهم (ص) بأن يكونوا أمناء على رسالته ومحافظين عليها ومدافعين عنها ومتمثلين بها، يروى أن الامام الحسين كان يذهب الى الحج ماشياً على قدميه تعظيماً للبيت الحرام وكان لا يسلك الطريق العام فقيل له في ذلك، فقال عليه السلام: أخشى أن آخذ من رسول الله أكثر مما أعطيه لأن هذا التكريم الذي ألقاه من الناس قد لا استحقه لأنني لم أقم بواجبي بمقداره، هذا وهو الحسين عليه السلام فماذا يقول غيره؟

 

فهذه الأمانة والمسؤولية أرجو أن تعطى أبعادها الكاملة من خلال نقابتكم كتنظيم لأنكم تعلمون أن أي عمل إذا لم يكن منظماً ولم يكن مجموعياً لا يؤدي دوراً كاملاً ومن هنا تأتي أهمية نقابة السادة في أنها تنظم عمل السادة وتستثمر هذا الوجود المبارك لأولاد رسول الله (ص) في إعطاء العمل الرسالي دفعة قوية وحيوية حاول أعداء الإسلام من جبابرة ومتسلطين وطواغيت وحاسدين (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) نزع هذه القوة من روح الأمة وجسدها فقتلوهم واستأصلوا حتى الرضعان وشردوهم في بقاع الأرض بعيداً عن مدينة جدهم رسول الله (ص) فقبورهم الآن في أفغانستان وإيران وجمهوريات وسط آسيا فضلاً عن العراق وسوريا واتبعوا أسلوباً آخر وهو تضليل الأمة وخداعها بأن ذرية علي وفاطمة عليهما السلام ليسوا أبناء رسول الله (ص) لأنهم بنو بنت وبنو البنت ليسوا أبناء وهم بنو علي الذي هو ابن عم رسول الله (ص) فالعباسيون أقرب منهم لأنهم بنو عم الرسول (ص) فقال مروان بن أبي حفص:

 

                أنّى يكون وليس ذاك بكائنٍ                لبني البنات وراثة الأعمامِ

 

ويروي الصدوق عن الإمام الرضا (ع) أنه بات متألماً من هذا القول.

 

وقال ابن المعتز العباسي:

 

                ونحن ورثنا ثياب النبي            فكم تجذبون  بأهدابــها

 

                لكم رحمٌ يا بني  بنــته             ولكن بنو العم أولى بها

 

                قتلــنا  أمـــية في دارها            ونحن  أحـــق بأســلابها

 

وهذا هو تفكيرهم الضحل وأهدافهم التافهة فهم لا يفقهون معنى وراثة النبي (ص) وخلافته وقد ردّ أئمة أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم باستدلالات متينة وحجج دامغة حفظت لهذا الحق قوته وبقاءه وأشرنا اليها في كتاب (دور الأئمة في الحياة الاسلامية).

 

فمشروعكم هذا- أيها الأخوة- مبارك ويستحق أن تكرّسوا له أنفسكم حتى يتوسع بنشاطاته ويأخذ مساحته اللائقة بشأنه وسيوفقكم الله تبارك وتعالى ويسدد خطاكم ويُنجح مساعيكم لما فيه خير الأمة.