كيف نفهم الاساءة الى أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وآله (خطاب المرحلة 105)

| |عدد القراءات : 1984
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

خطاب المرحلة 105

 

كيف نفهم الاساءة الى أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وآله (*)

 

قامت صحيفة دانماركية بنشر رسوم كاريكاتورية تسيء الى شخصية خاتم الأنبياء وسيد الرسل وأشرف الخلق أجمعين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)ثم تلتها صحف ومجلات أخرى في دول أوربية عديدة وأعلنت شركة أمريكية أنها ستطبعها على قمصان للبيع. ومما أدّى الى تفاقم المشكلة عنجهية رئيس وزراء الدنمارك ورفضه الاعتذار معتبراً ذلك من حرية التعبير عن الرأي هذا الصنم المقدس لديهم الذي يريدون أن يؤلهونه ليكون سلاحاً لتحطيم كل المقدسات والقيم الانسانية العليا التي اتفق عليها البشر كجزء من حركة (العولمة ) التي تعني عندهم تعويم كل الثوابت الاخلاقية والدينية والاجتماعية وتذويبها وتحطيمها وجعل الشعوب جميعاً خالية من المحتوى والانتماء ليسهل تطويعها وقيادتها بالاتجاه الذي يريدون ثم أقاموا ما يسمونه بمؤسسات المجتمع المدني تحت واجهات متعددة لتقود الشعوب بهذا الاتجاه.

 

ومن قبل هم أساؤوا الى القرآن الكريم والكعبة الشريفة والى الشعائر الاسلامية المباركة واليوم يشوهون صورة النبي الكريم محمد (ص) الذي بشّرت به دياناتهم وورد ذكره في كتبهم بكل ثناء وتبجيل فما الذي دفعهم الى ذلك؟

 

قلقهم من انتشار الاسلام الذي بدأ يغزوهم في عقر دارهم وتشير الاحصائيات الى تصاعد نسبة الغربيين –خصوصاً من النساء- الذين يعتنقون الاسلام حين وجدوا فيه الحياة الحرة الكريمة السعيدة فاعتقدوا ان تشويه صورة نبي الاسلام ينفّر شعوبهم من الايمان به والالتحاق بمسيرته.

 

ضعف الحكومات الاسلامية واستسلامها امام مشاريع الغرب مما جعلهم لا يكترثون لمشاعرهم ولا يعبأون بهم ولا يقيمون لهم وزناً حتى ان الرئيس الافغاني (المسلم!) وقف في ذروة الأزمة الى جنب رئيس الوزراء الدنماركي يبرر العملية بحرية الرأي التي يتمتع بها الغرب ونحن لا نفهمها! ثم تمتم بكلمات خجولة طالباً مراعاة حرمة الرموز الدينية وهؤلاء المهزومون الضائعون هم الذين جرأوا علينا عتاة الغرب وشذاذ الآفاق ومما يُذكر في المناسبة ان رئيس تحرير صحيفة أمريكية كان متحمساً لليهود والدفاع عنهم على عكس الموقف من المسلمين فقيل له هل انت يهودي أو أصلك يهودي أو صحيفتك يمولها اليهود؟ قال: لا قيل له فلماذا هذا الحماس والاندفاع لنصرتهم دون المسلمين الأحق بالنصرة؟ قال: لأنني إن أحسنتُ للمسلمين لم يشكرني ولا واحد منهم عبر الهاتف او البريد الالكتروني او أي شيء وإن أسأت لهم لم يعترض عليّ أحد بينما إن أحسنت الى اليهود بكلمة أشاد بعملي الآلاف وإن أسأت اعترض علي مثلهم فمصلحتي مع هؤلاء.

 

هذا هو حال حكام المسلمين اليوم ماتت مشاعرهم وذهبت نخوتهم وغيرتهم وأعماهم حب الدنيا والتشبث بالسلطة.

 

لقد أساء المسلمون؟! قبل غيرهم الى نبي الاسلام محمد (ص) حين شوّهوا تعاليمه وعرضوا الاسلام بهذه الصورة البائسة فيقتلون الابرياء من النساء والاطفال ويفجّرون أماكن العبادة ويخرّبون الديار لا لشيء سوى الحقد على البشرية والفرار من الذات المتمزقة يفعلون كل ذلك بإسم الاسلام وتحت شعارات الاسلام.

 

وهم بذلك يقدّمون أثمن هدية وأمضى سلاح الى العدو مجاناً لذا سوف لا يجد الأعداء صعوبة في تشويه صورة نبي الاسلام الذي لم تتعرف شعوبهم إلا من خلال افعال المنسبين اليه صدقاً أو كذباً فأي جريمة يرتكبها هؤلاء الحمقى والجهلة والمتحجرون في حق النبي الكريم (ص)؟

 

إن الصهيونية العالمية تسعى لدقّ اسفين بين الشرق المسلم والغرب المسيحي لإضعافهما وإشغالهما بهذه المواجهة حتى تتفرغ لإنجاز مشروعها في السيطرة على مقدّرات العالم وهي تحرّك عملاءها في كلا المعسكرين لإشعال هذه المواجهة.

 

إن الصحيفة نفسها تلقّت عام 2003 رسوماً تسيء الى السيد المسيح (عليه السلام) لكن رئيس التحرير رفض نشرها وكتب رسالة الى الرسام يذكر فيها أن هذه الرسوم تستفزّ مشاعر الكثيرين فما عدا مما بدا؟!

 

إن مشروع الصهيونية العالمية ستتراتيجي طويل ولا يُستبعد أن يكون أحد أهدافهم من دقّ الاسفين التمهيد لمنع الغرب المسيحين من الالتحاق بحركة الامام المهدي الموعود (عج) بحسب ما دلّت عليه الأخبار الشريفة.

 

وقد تنادى لدعم هذه الحركة رموز الاستكبار العالمي فالرئيس الامريكي بوش يبدي أثناء لقائه بالملك الأردني المسلم امتعاضه من ردود فعل العالم الاسلامي ويدعو حكوماته الى وقف هذه الحركة وشركة أمريكية تطبع الصورة على قمصان للبيع! ووزير ايطالي ينشر هذه القمصان ؟ والاتحاد الاوربي يهدد الدول التي تقاطع البضائع الدنماركية ويعتبر نفسه هو المستهدف؟ والبرلمان الاوربي ينعقد ويعلن تضامنه مع الدنمارك؟ والمنسق الاعلى للسياسة الاوربية يصل الى القاهرة ويلتقي بشيخ الازهر لمعالجة الازمة لكنه لا يعتذر عن الاساءة ! هذا غير قيام الصحف والمجلات في عدة دول في اوربا وغيرها بنشر تلك الصورة المسيئة! فهل يعقل ان هذه الحملة لهوجاء هي لمجرد حرية التعبير عن الرأي؟

 

وفي ضوء الالتفات لهذه الامور نستطيع تحديد واجبنا بعدة خطوات:

 

أن يعي المسلمون ان سلوكهم وتصرفهم ينعكس سلباً أو إيجاباً على الاسلام نفسه لعدم إمكان التفكيك بين النظرية والتطبيق فإن أي أيديولوجية إنما يتم التعرف عليها من خلال معتنقيها فعلى المسلمون أن يكونوا دقيقين في عرض صورة الاسلام النقية كما أوصانا الامام الصادق (ع): (كونوا لنا دعاة صامتين) (كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً) خصوصاً وإن تطور تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات اختزلت العالم كله في قرية واحدة بل في غرفة واحدة وتفاصيل هذه الفكرة في بحث (الاسوة الحسنة).

 

أن تأخذ الشعوب الاسلامية زمام المبادرة من حكوماتها وأن تفرض إرادتها على هؤلاء المهزومين وقد أثمرت حركتهم عن الانصياع تدريجياً لمطالبهم واضطر بعض المسؤولين في الحكومات للخروج مع التظاهرات تحت الضغط الشعبي وتحركت القيادات الاوربية لتطبيع الوضع من جديد وقدّمت الدول الاسلامية مشروع قرار الى الجمعية العامة للامم المتحدة وقّعته (57) دولة يدعو الى سن قانون يمنع الاساءة الى المعتقدات والرموز الدينية .

 

ان يتوحد المسلمون ويلتفتوا الى قواسمهم المشتركة وهي عظيمة واحداها حب نبيهم وكم كان جميلاً حين هبّ العراقيون في جميع مدنهم للانتصار لنبيهم الكريم (ص) وخلّفوا وراء ظهورهم الخلافات والتقسيمات التي حاول ان يزرعها الطائفيون والمصلحيون والمتحجرون وبقية قائمة الاعداء الطويلة.

 

ان يشخّص المسلمون أعداءهم بدقة ولا يكونوا كالثور في حلبة مصارعة الثيران كل همه على الخرقة الحمراء ولا يلتفت الى خصمه الحقيقي وهو الرجل الذي يطعنه بالخناجر حتى يقتله، فليس أعداؤهم المسيحيين حتى يقوم البعض في لبنان والعراق بتفجير الكنائس وحرقها والاعتداء على الابرياء وانما اعداءهم اولئك المستكبرون الذين يريدون الاستئثار بخيرات الشعوب واستعبادهم والويل لمن لا يقدم فروض الطاعة لهم، قبّحهم الله.

 

الاستمرار في حوار الحضارات وعرض المعادل الموضوعي الذي يقدمه الاسلام.

 

وتوجد عدة اصدارات تثري هذه النقاط وتشبعها بحثاً منها (نحن والغرب) و(الاسوة الحسنة للقادة والمصلحين) و(المعادل الموضوعي بين النموذج الاسلامي والغربي) و(نظرة في فلسفة الاحداث) و (سلسلة خطاب المرحلة).

 

الضغط على المعتدين بالمنطقة التي تؤلمهم وتسبب لهم الصداع وباللغة التي يفهمونها ومنها مقاطعة بضائعهم لذا رأينا ثورته حين طبقت الشعوب هذا السلاح الماضي ومنها فضح جرائمه إعلامياً وتنفير الشعوب منه. ومنها الدعوة لإقامة معرض لكشف زيف محرقة اليهود المدّعاة من قبل النازيين .

 

جعلنا الله وإياكم في زمرة الصالحين محمد وآله الطيبين الطاهرين وممن ينصرهم بنفسه ولسانه ويده وفكره وسلوكه والحمد لله رب العالمين وصلى اله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*) تقرير بتصرف لحديث سماحة الشيخ مع وفد مصلّي الجمعة ناحية الحر بكربلاء يوم 15/محرم/1427. ولحديث سماحته مع وفد ناحية الامام في قضاء المحاويل في محافظة بابل يوم 19/محرم/1427.