كيف نستعيد دور العشائر في بناء العراق الجديد

| |عدد القراءات : 2272
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

 كيف نستعيد دور العشائر في بناء العراق الجديد العدد (43)

 كيف نستعيد دور العشائر في بناء العراق الجديد (*)

 

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) أي لتكون بينكم نسبة يعرف بها ويميز عن الآخرين الذين يشاركونه في بعض الصفات .

 

وقد حافظت القبائل العربية على هذه النسبة وصانتها وعززتها وصايا المعصومين فيوصي أمير المؤمنين ولده بقوله (صل عشيرتك فإنهم جناحك الذي بهم تطير) وقسم 8 جيشه في صفين على أساس العشائر لأنه ادعى للبأس والحماس والثبات وكذا قسِّم جيش المسلمين عندما واجهوا الفرس في القادسية وكانت للقبائل العربية دور مشهود كإشادة أمير المؤمنين 8 بقبيلة همدان بقوله :

 

 

ولو كنتُ بوّاباً على باب جنةٍ

   لقلتُ لهمدان ادخلوا بسلامِ

 

 

 

وامتازت العشائر بخصائص توارثها أبناؤها كالشجاعة والكرم وفي حديث خطبة ام البنين ام العباس و اخوته لأمير المؤمنين عليه السلام بواسطة اخيه عقيل ما يشير الى ذلك حيث قال علي عليه السلام لأخيه : (ابغ لي امرأة قد ولدتها الفحول من العرب كي اتزوجها لتلد لي غلاما ينصر ولدي الحسين بكربلاء ) فأرشده عقيل إلى فاطمة ام البنين . وقد اثبتت العشائر عبر التاريخ انهم مكون مهم في النسيج العراقي واثروا في حركة الامة واحداث القرن الأخير شاهدة على ذلك حينما تحمّلت العشائر بقيادة علماء الدين مقاومة الاحتلال الانكليزي في الحرب العالمية الاولى سنة 1914 – 1917 وفي ثورة العشرين المباركة عام 1920 التي اثمرت انهاء الاحتلال وإقامة الحكم الوطني بغض النظر عن انحرافه عن اهدافه لاحقا .

 

وقد التفت الأعداء خصوصا النظام البعثي البائد الى مصادر القوة في هذا الشعب التي حفظت هويته واستقلاله وحركته دوما لرفض الظلم والانحراف فوجدوها ثلاثة ( المرجعية – العشائر – التمويل الذاتي ) فوضعوا الخطط لاجتثاث منابع القوة هذه لدى الامة اما المرجعية فحاصروها وقيدوها واعدموا عدداً منهم كالشهيدين الصدرين ( قدس سريهما ) و قضوا على الحلقة الوسطية الفاعلة بين المرجعية والامة وهم الفضلاء والمبلغون والخطباء والشباب الرسالي فاعدموهم واعتقلوهم وشردوهم واما التمويل الذاتي فجففوه وأفقروا الطائفة بمصادرة اموال اثرياء الشيعة وسفروهم الى ايران بحجة تبعية جنسيتهم وحجّموا كل اصحاب الاموال من اتباع اهل البيت عليهم السلام .

 

ثم التفتوا الى العشائر فاعدموا عدداً من وجوهها المؤثرين كالمرحوم الشهيد راهي بن الحاج عبد الواحد ال سكر وغيره وصنعوا من بعض النكرات رؤساء عشائر وهميين وشتتوا ابناء العشائر بالانتماء الى الحزب البائد وكرسوا الجهل والتخلف فيها و عاقبوا كل من يتصل منهم بالمرجعية الدينية والحوزة العلمية و غيرها من الاساليب الشيطانية .

 

وجاءت الاحزاب اليوم لتمعن في ظلم العشائر وحرمانها فبالرغم من انها وصلت الى مواقع الحكم باصوات ابناء العشائر الا ان الاحزاب استأثرت بالمغانم ولم تعط للطليعة والنخب من ابناء العشائر الفرصة الكافية لادارة مفاصل الدولة فبقي التهميش والاقصاء للعشائر وهذا ما يدعونا الىاعادة النظر ومراجعة الحالة ووضع البرامج الكفيلة باستعادة العشائر دورها وثقلها الاجتماعي واعتقد انهم قادرون على بناء بلدهم وحل مشاكله افضل من الذين قدموا من الخارج بعد انقطاع عن بلدهم وشعبهم ازيد من عشرين عاما واعتقد ايضا ان للعشائر فرصة طيبة في حل المشكلة الامنية لامتدادها في الطائفتين ووجودها في كل المدن الساخنة حتى ان بعض ابناء العشيرة الواحدة من السنة وآخرين من الشيعة .

 

فالمطلوب انشاء كيان عشائري مستقل عن الاحزاب ويضم لجان متعددة تتكفل كل واحدة منها بتحريك وجه من اوجه النشاط المطلوبة كتثقيف العشائر وتوعيتها وتعليمها الاحكام الشرعية والمخالفات التي يتورط بها البعض وان تتخصص لجنة لمتابعة الحقوق السياسية واخرى اجتماعية فتسعى في الاصلاح والتوفيق بين المتخاصمين وحل المشاكل وتقريب وجهات النظر وهكذا .

 

ويحسن ان يكون المقر المركزي في النجف الأشرف لإعطائه زخما وقوة لاحتضان المرجعية له عن قرب ويقوم بمتابعات ميدانية في جميع المدن والقرى والأرياف .

 

لقد اعترف الأمريكان أنهم ارتكبوا آلاف الأخطاء في العراق وكان منها إهمال دور العشائر ( السنية والشيعية ) والاستخفاف بها باعتبارها وضعا منافيا للمجتمع المدني وقد غفلوا عن حقيقة ان العشائر تنظيمات لها خصالها الكريمة ودورها المؤثر فهي مكون مهم للمجتمع المدني وبسبب هذا الاهمال وغيره من الاسباب دفع الامريكان والعراقيون هذه الاثمان الباهضة وكان ظنهم انهم قادرون على تحقيق مخططاتهم وانجاز مشروعهم بالعراقيين الذين جاؤوا بهم من الخارج ففشلوا هذا الفشل الذريع .

 

لقد اصدرنا كتباً وخطابات و سبقنا استاذنا السيد الشهيد الصدر الثاني (قده) بكتابه (فقه العشائر ) وكلها تصلح ان تكون جزءا من هذه الحركة المباركة اذا نفِّذت ميدانيا .

 

ومن الآليات التي اثبتت جدواها في مثل هذا المشروع تأسيس مواكب او تشكيلات من الشباب الرسالي داخل كل عشيرة ليقوم بهذه النشاطات وستنتج من مجموع هذا الحركة اجواء ايمانية واعية وقادره على التأثير في مجمل الحياة في البلد، وستعّرف القائمين على المشروع بأصحاب الكفاءات والقادرين على العطاء .

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*) من حديث سماحة الشيخ مع وفود من رؤساء عشائر ووجهاء النجف الأشرف يوم 26/ع2 ويوم 29/ع2 و مع موكب السراج المنير من عشائر الناصرية يوم 15/ع2