موعظة وتذكر لاساتذة الحوزة العلمية الشريفة

| |عدد القراءات : 1722
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

موعظة وتذكر لاساتذة الحوزة العلمية الشريفة(1)

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق المبعوث رحمة للعالمين محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين .

 

اخترنا لبحثنا الاستدلالي موضوعاً هي المسائل الخلافية ولا نعني بها مطلق المسائل التي تعددت فيها اراء الفقهاء واختلفت لان ذلك يعني استغراق ابواب الفقه كلها اذ لا توجد مسائل تحقق فيها اجماع مطبق الا في الضر الضروريات حتى في مسألة تقديم ابن العم الأبويني على العم الأبي في الميراث التي ادعي فيها الاجماع والإطباق في الآراء فسميت (المسألة الاجماعية) يوجد من خالف فيها كسيدنا الأستاذ الشهيد الصدر (قده).

 

وإنما نريد بالمسائل الخلافية تلك المسائل التي اصبحت ساحة لسجال علمي عميق ودقيق بين الفقهاء وهي معدودة ويشار لها بالبنان في كتب الفقه ومثلها تعجّل في صقل المواهب وتختصر الطريق لان العمر أقصر من استيفاء الخوض في كل المسائل .

 

على أننا سنلاحظ في المسائل المختارة حيثيات أخرى فقد تكون ابتلائية يكثر السؤال عنها كمسألة من طُلّقت طلاقاً غير صحيح في المحاكم الرسمية وتزوجت آخر أو يستفاد منها في علاج مشكلة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية كالذي يعانيه شبابنا الجامعي من الضغط الجنسي فإذا استطعنا أن نثبت شرعاً جواز العقد المنقطع من الطالبة الباكر من دون أذن ولي أمرها في الحدود التي تسمح بها الزمالة الجامعية فسيكون حلاً مناسباً للطالب والطالبة الى أن ينهيا الدراسة الجامعية وهكذا.

 

وجرياً على سيرة سلفنا الصالح وهو ايضاً مقتضى الحركة العليمة المتنامية جيلاً بعد جيل أن نركّز في النقاش مع أساتذتنا وجملة استفادتي في الفقه والأصول من ثلاثة حيث حضرت عند كل واحد منهم حوالي (4-5) سنوات وهم سيدنا الأستاذ الشهيد محمد الصدر (قده) والسيد الأستاذ سماحة السيد السيستاني وشيخنا الأستاذ محمد اسحاق الفياض (أدام الله ظلهما الشريف) كما استفدت مدة عامين من بحث الأستاذ الشهيد الميرزا علي الغروي (قده) ونتوسع بالنقاش الى من عاصرناهم لكن لم نحضر عندهم وعمدتهم السيد محسن الحكيم والسيد ابو القاسم الخوئي والسيد الشهيد الصدر الأول (قدس الله أسرارهم جميعاً).

 

ولا يفوتني هنا أن اعظ نفسي بما نقل عن المرحوم الشيخ الأنصاري (قده) أنه دخل المسجد يوماً فوجد استاذاً يدرّس كتابه المكاسب وهو يشرح المطالب بعيداً عن مراد مؤلفه الأنصاري فجلس ناحية يبكي ولما سُئل عن السبب أجاب ان هذا الأستاذ حينما ناقش مطالبي فلأنه لم يفهمها فلعلي أنا حينما ناقشت الفقهاء العظام لم أكن أفهم مرادهم فتكون اساءة بحقّهم أقول :

 

ولكن عذري امام الله تعالى وامام فقهائنا العظام أنني اردت أن استفيد منهم واستنطق علمهم واوصل ذلك كله الى الفضلاء من طلبه العلم ليستفيدوا وليرتقوا في مراتب العلم وليواصلوا حمل الأمانة التي تفضّل علينا الله تبارك وتعالى بها وهي نشر فقه أهل البيت (سلام الله عليهم) وعلومهم ومعارفهم وان في هذا إدخالا للسرور على النبي وآله الأطهار (صلى الله عليهم جميعاً) فقد ورد عنهم (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) ويقول الإمام الباقر (ع) لأبان بن تغلب (أجلس في مسجد المدينة وأفت بالناس فاني احب أن يُرى من شيعتي مثلك)(2) وبالمقابل فقد كان يحزن الأئمة (سلام الله عليهم أجمعين) لموت العلماء وتعطيل حلقات العلم فلما مات أبان من تغلب قال الإمام الصادق (ع) (أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان) وكان اذا قدم المدينة تقوضت اليه الحلق وأخليت له سارية النبي (ص) وورد عن الإمام الصادق في عدد من كبار الفقهاء من أصحابه (بشر المخبتين بالجنة : بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي ومحمد بن مسلم وزارة اربعة نجباء امناء الله على حلاله وحرامه لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست) (3) وقال (ع) فيهم (هم أحبُّ الناس اليَّ أحياءاً وامواتاً)(4).

 

وورد عنهم عن جدّهم رسول الله (ص) أنه قال :

 

(من حفظ من امتي اربعين حديثاً مما يحتاجون اليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالماً) (5) ويريدون عليهم السلام (6) بالحفظ حفظ الدراية والوعي وليس فقط حفظ الرواية فتذكروا عظيم نعمة الله عليكم اذ يسرّ لكم هذا السبيل وزيّنه لكم ووفقكم له بلطفه.

 

وتذكروا انكم بوصولكم الى مستوى حضور البحث الخارج وممارسة الاستدلال الفقهي والتعاطي مع نصوص القرآن الكريم واقوال المعصومين (ع) صرتم تتلقون من المعصوم مباشرة بعد أن كنتم تتلقون من الفقهاء وتعملون برؤيتهم وهم مهما بلغوا من جلاله القدر لا يرقون الى درجة المعصوم وهذا التلقي المباشر من المعصوم شرف ما بعده شرف .

 

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من حفظة دينه وناشري الهداية والدعاة الى الله والادلاء على طاعته حتى يحشرنا مع الأنبياء والأئمة والصالحين وحسن اولئك وفيقا.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(1) الكلمة التي افتتح بها سماحة الشيخ اليعقوبي(دام ظله) بحثه الاستدلالي في الفقه يوم الأحد 2/شعبان/1427.

(2) معجم رجال الحديث 1/20.

 

(3) معجم رجال الحديث 7/223 - 225.

 

(4) معجم رجال الحديث 7/223 - 225.

 

(5)  الخصال للصدوق ، أبواب الأربعين وما فوقه ، باب 15 .

 

(6) معجم رجال الحديث 1/21 .